Al-Quds Al-Arabi

الرئيس التونسي يتجه لإعادة مشروع المحكمة الدستورية إلى البرلمان ... ودعوات لإبعادها عن التجاذبات السياسية

- تونس«القدس العربي» من حسن سلمان:

رجح خبراء في الدســتور التونسي أن يعيد الرئيس قيس ســعيد مشــروع قانــون المحكمة الدســتوري­ة إلى البرلمان، بهدف إعادة مناقشــة بعــض الفصول المثيرة للجــدل، في وقــت دعا فيــه البعض إلى إبعــاد المحكمة وأعضائهــا عــن منطــق المحاصصــة والتجاذبــ­ات السياسية.

وكان الرئيس قيس ســعيّد استقبل، الاثنين، عدداً من خبراء الدســتور، من بينهم أمين محفوظ وصغيّر الزكــراوي، حيــث تمــت مناقشــة مشــروع القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، وتمّ التركيز على "الدور الأساســي للمحكمــة الدســتوري­ة فــي إرســاء دولة القانون بعيداً عــن الاعتبارات السياســية، والتأكيد على ضرورة أن تتوفر في هذه المحكمة كل الشــروط لتحقيــق مقاصدهــا، ومن بينهــا الحيــاد والكفاءة، حتــى لا تكــون امتــداداً لأية جهــة سياســية"، وفق الرئاسة التونسية.

وجــاء الاجتمــاع بعد أيام مــن مصادقــة البرلمان التونسي على القانون الأساسي للمحكمة الدستورية )أعلى سلطة قضائية في البلاد(، وسط خلافات بين عدد من النواب حول الشخصيات المقترحة لعضوية المحكمة، فضلاً عن اعتماد مبدأ التناصف )المساواة( بين الرجال والنشطاء بالنسبة للأعضاء.

ولم يستبعد الخبير في القانون صغير الزكراوي، إمكانيــة لجــوء الرئيــس ســعيد إلى إعادة مشــروع القانــون المتعلّق بتنقيــح قانون المحكمة الدســتوريّة إلى البرلمان "مــن أجل قراءة ثانيــة وتصويت مُعزّز، وهذا من الصلاحيات الدستورية للرئيس".

وأضــاف، فــي تصريحــات صحافيــة: "خــال اجتماعنــا مــع الرئيــس، ناقشــنا موضــوع التنقيح المتعلق بالمحكمة الدســتوري­ة وما يعتريه من نقائص وثغــرات وتوقيــت المصادقــة عليــه، ويبــدو هنــاك خلفيــات تحرك بعــض الأطراف السياســية في هذا المشــروع، وتم التأكيــد على أن يتم التعامل وحســم النزاعات والخلافات تحت ســقف الدســتور. ويبدو أنّ تنقيــح القانون فيــه أهداف قانونية وسياســية. ولذلــك، ركزنــا خاصــة علــى أنــه يجب أن تشــمل المحكمــة الدســتوري­ة أصحــاب الكفــاءات الذيــن يتمتعــون بالحياديــ­ة، لأنه طيلة الخمس ســنوات تم رفض العديد من الكفاءات. ولأن المحكمة الدســتوري­ة تســاهم في إرســاء دولة القانون والمؤسســا­ت ولا

يجــب التلاعــب بهذه المؤسســة التي ترمي لإرســاء دولة القانون".

فيمــا أكــد الخبير الدســتوري أمين محفــوظ، أنه لمس لدى الرئيس ســعيد "حرصاً شديداً على توفير الرئيس التونسي قيس سعيد الضمانــات الدســتوري­ة وعلــى ضــرورة احتــرام الفلسفة التي تم على أساسها سنّ مشروع القانون، والتــي تهدف أساســاً إلــى أن تكون المحكمــة هيئة قضائيّة تتكون من ذوي الكفاءة".

وأضــاف: "تم التــداول فــي مســألة المحكمــة الدســتوري­ة، وطلب منّــي رئيــس الجمهورية تقديم الفلســفة التــي علــى أساســها تمّــت المصادقة على القانون الأساســي في سنة 2015 والمتعلّق بالمحكمة الدســتوري­ة بصفتي آنذاك رئيــس اللجنة التي أعدّت مشــروع القانــون وبيّنت لــه أنّ الفلســفة التي يقوم عليهــا هــذا القانون هــو محاولــة أن تكــون المحكمة الدســتوري­ة حجــر الزاويــة لتمكــن تونــس مــن أن تصبــح دولة قانون، وهذا هو المعمــول به في الدولة التي اعتمدت محكمة دســتورية مثل ألمانيا والنمســا وغيرهــا من الدول.. وخاصة احترام نص الدســتور الذي ركّز علــى أن المحكمة هيئــة قضائيّة تتكون من ذوي الكفــاءة، يعني تركيز الدســتور علــى الكفاءة، وبالتالــي لا يمكن التلاعــب مع الكفــاءة حتى لا يقع التلاعــب بالمحكمة الدســتوري­ة مثلما وقــع التلاعب بهيئات أخرى".

واعتبر محفوظ أن "مســألة التخفيف في الأغلبية المطلوبــة لنيــل ثقة مجلــس نواب الشــعب والمجلس الأعلى للقضاء غير كاف ولا يوفر الضمانات الكافية لتمرير الكفــاءات إلى المحكمة الدســتوري­ة. ومن هذا المنطلق، كان هناك حرص شــديد لرئيس الجمهورية على توفير هذه الضمانات الدستورية وعلى ضرورة احترام هذه الفلسفة المعمول بها في عديد الدول مثل ألمانيا، أيــن يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدســتوري­ة من طرف البرلمان بأغلبية الثلثين".

وأضــاف: "ويجــب علــى كل طــرف أن يتحمــل مسؤوليته، إما في اتجاه دعم فكرة توفير الضمانات والفلســفة التي تقــوم عليها المحكمة الدســتوري­ة أو تحمل المســؤولي­ة في اتجاه توفير الأغلبية وإمكانية مرور بعض الترشــحات التي ربمــا لا تتوفر فيها هذا الشرط الأساسي، وهو الكفاءة".

وتنتهــي، اليــوم الأربعــاء، مهلــة تقــديم الطعون فــي قانــون المحكمــة الدســتوري­ة، للهيئــة الوقتيــة لمراقبة دســتورية مشــاريع القوانين، من قبل رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو 30 نائباً بالبرلمان.

وفــي حال لم يتــم تقــديم أي طعون فــي القانون المذكــور، فعلى رئيــس الجمهورية أن يختــم القانون ويوصي بنشــره في الجريــدة الرســمية خلال مدة لا تتجــاوز أربعة أيام، وفق الفصل 81 من الدســتور التونسي.

وكان النائــب عــن حركــة النهضــة، ســمير ديلو، اســتبعد نجاح البرلمان فــي التصويت علــى أعضاء المحكمة الدســتوري­ة في الجلســة المقررة فــي الثامن من نيسان/أبريل المقبل، مشيراً إلى أن الوصول إلى أغلبيــة الثلثين المطلوبة يبدو صعباً ضمن التجاذبات السياســية التــي يعيشــها البرلمــان، مضيفــاً: "عدم وجــود محكمة دســتورية أفضل من وجــود واحدة تفتقر للمصداقية والمشروعية".

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom