Al-Quds Al-Arabi

باحث إسرائيلي: أهمية الاتفاق الصيني - الإيراني تكمن في «التوقيت والتصريح»

- آفي بار - ايلي – –

■ تشوشــت اســتعدادا­ت عيد الفصح، الســبت الماضي، بتقارير دراماتيكية عن اتفاق استراتيجي تم التوقيع عليه بين الصين وإيران، أساسه تعاون أمني واقتصادي بين الدولتين لمدة عشرين سنة.

ربما في لحظة تغيرت أجواء العيد وغطت الموائد المكتظة غيوم كئيبة. ولكن بعد مرور 72 ساعة ظهرت الصــورة معقدة أكثر وأقل صلة بإســرائيل تتعلق أكثر بالمصالح الاقتصادية للدولتين.

هذا الاتفاق لم ينزل على إســرائيل مثل الرعد في يوم صاف، فقد ســبق أن تسربت مسودة مبادئ هذا الاتفاق في تموز لصحيفــة «نيويورك تايمز» من قبل الإيرانيين الذيــن ضغطوا من أجل التوقيع عليه. هذا في حين أن الصين ترد على المســألة ببرودها المميز أو بتجاهل تكتيكي.

إضافة إلى ذلك، قال د. ايال بروفر، الباحث الكبير في معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إنه لم يتبين حتى الآن ما إذا كان الحديث يدور عن اتفاق ملزم أو عن «خريطة طريق»، حســب تعبير المتحدث الإيراني، أو عن «اتفاق إطار»، مثلما تراه الصين. على أي حال، الاتفاق ما زال غير مفصل.

الفهم الأولي الذي يمكن اســتنتاجه من «الاتفاق» هو أن أهميته تكمن في توقيته في المقام الأول. اختير هذا التوقيت على خلفية الطريق المســدود في مسألة استئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني، وأيضاً بعد بضعة أيام على القمة المخيبة للآمال التي عقدها في ألاســكا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكــن، مع نظيره الصيني يانغ زايشــي، وهي قمة تم استغلالها بالأســاس لتبادل اللكمات العلنية بين الدولتين العظميين.

«كان للطرفــن مصلحة في التوقيــع على الاتفاق

بسبب اســتبدال الإدارة في الولايات المتحدة، ولأن الإدارة الجديــدة لــم تظهــر حتــى الآن أي علامات حقيقية على استعدادها لتليين مواقفها من الصين أو من إيران»، لخص د. عوديــد عيران )الباحث الكبير فــي معهد بحوث الأمن القومي( الادعاء بأن أســاس قوة الاتفاق يكمن في المجال التصريحي. «قد تشتري الصــن من إيــران كل مــا الأخيرة مســتعدة لبيعه لهــا، حتى بدون اتفاق لمدة 25 ســنة وبدون الالتزام

بالمجالات الأخرى»، أضاف عيران.

مع ذلك، تعلم تجربة الماضي أن الصين تعودت على أن «تســخن على نار هادئة» سلســلة من التحالفات المخطط لها والتي تســتلها في الوقتالذي يناســبها. مثلاً، عندما ينضغط الطرف الثاني ويكون ظهره إلى الحائط، سيكون مستعداً لتقديم تنازلات بعيدة المدى التي فائدتها بالنسبة للصين تحول التعاقد إلى صفقة مجدية.

«اســم اللعبــة بالنســبة للصين هي اســتغلال اقتصادي. ليــس لها أصدقــاء، ولا تتــم رؤيتها إلا حسب حجم الأرباح»، قال بروفر. وحالة إيران، التي تعاني من تدهور اقتصادي متسارع بسبب العقوبات الغربية وأضرار كورونا، غير مختلفة.

هنا تدخل إلى الصورة مســألة مضمون الاتفاق، )الذي ما زال جزء منه غير مكشــوف(. وحسب ما تم نشره، فإن الاتفاق يتضمن صفقة لبيع النفط الإيراني

للصين لمدة 25 ســنة بسعر أقل من سعر السوق. وفي المقابل، هناك تعهد صيني «لاستثمار» نحو 400 مليار دولار في البنى التحتية في إيران.

المكسب الصيني واضح بحد ذاته: منطقة مصادر الطاقة التي تعتمد الآن بالأســاس على الســعودية ودول الخليــج )بعد العقوبات، زادت الصين بشــكل كبير اســتيراد النفط من الســعودية على حســاب إيران(، وتحديد أســعار النفط لفتــرة طويلة )على الأقل فــي قناة إيران( اســتناداً إلى أســعار أقل من أســعار الســوق؛ وإمكانية )نظرية( لتطوير صيني ذاتي لحقــول الغاز أو النفط )وهــي عملية ليم تعتد إيــران علــى الموافقة عليهــا(؛ وضمــان موطئ قدم اســتراتيج­ي في إطار الخطة الأساســية الإمبريالي­ة «حزام طريق الحرير»، التي أساســها سيطرة الصين على منشآت بنى تحتيةأاجنب­ية كرافعة استراتيجية اقتصادية. هكذا يمكن للصين أن تخلق ممر بنى تحتية كاملاً، بين الغرب والصين، المعقل الاستراتيج­ي الذي أقاموه في ميناء غفيدار جنوبي باكســتان، وســكة الحديد التي ستقام من هناك إلى الهند، بعد أن صادرت إيران قبل سنة ونصف من الهند حقها في مد سكة حديد من ميناء شــبهار جنوبي إيران إلى باكســتان، وتنفيذ مشروع )بمبلغ 400 مليون دولار(، ونقلته إلى الصين.

ما الذي ربحتــه إيران من كل هــذه القصة؟ أحد الأجوبة على ذلك وجده بروفــر في النظرة الحديثة للصين تجــاه معضلة الاتفاق النــووي بين الولايات المتحدة وإيــران. في البيان الرســمي حول الاتفاق، أظهــرت الصين بصورة عرضية دعمهــا لموقف إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة، أي بدون وقف خرق الاتفاق والاستمرار في المشروع النووي )خلافاً لموقف الولايات المتحدة(.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom