Al-Quds Al-Arabi

الوجه الجديد لملوك الطوائف!

-

أعــادت انتخابــات الكنيســت الصهيونــي الأخيــرة تذكيرنــا بملــوك الطوائــف فــي الأندلــس، وهــم يتســاقطون تباعــاً فــي شــرك ملوك إسبانيا، بعدما تنازلوا عن تلاحمهم وترابطهم، وقرروا اللجــوء إلى تحالفــات واهمة مع خصومهــم، على أمل البقاء والثبات ودرء المخاطر.

فعلــى قاعــدة «عــدو عــدوي صديقي» ذهــب ملوك الطوائف نحــو الإطاحة بتاريخ أســافهم وأمجادهم، لينســجوا تفاهماتهــ­م البائــدة، ويســلحوا جيوشــهم ويدعمون حصونهم، فســقطوا سقوطاً مريعاً، وخارت حصونهم ليعلن ملوك إســبانيا نهاية الحكم الإسلامي لإســبانيا وتوحيــد إســبانيا الشــعب والأرض. مــا أشــبه اليوم بالأمس، مع قــرار نتنياهــو تغيير خريطة الخصوم، واشتراح جبهة مســاندة له أصبحت تعرف بـ»بيضة القبان» في المشــهد السياســي الإســرائي­لي، ليحرر ذاته من ســطوة مناهضيه، ويخلق لذاته شــبكة أمان تســاهم في بقائه في عرشه، وهروبه من المقصلة السياســية، وملفــات الفســاد. وبجهد اســتخبارا­تي واضــح، وصل معســكر نتنياهــو إلى خاصــرة رخوة قادرة على كســر المحظور، والدخــول في التحالف معه مقابل إغراءات وهمية، ووعود براقة سيرى أصحابها زيــف حقيقتها ومرامهــا. ولعل الأكثر إيلامــاً في الأمر أن يقرن اســم الخاصرة الرخوة بالإســام والعروبة، وأن يصدر عن مملكــة الطوائف الجديدة تلويث واضح للأسرى الفلســطين­يين، بوصفهم صراحة بالإرهابيي­ن مقابل حزمــة أكاذيب لا طائل منها. وعليــه فإن تقهقر القائمة العربية المشــتركة من 15 مقعداً إلى 6 مقاعد في الانتخابات الأخيــرة، لهو بمثابة الدليــل الأوضح على النتائج الكارثية لولادة مملكة طوائف جديدة، على بعد آلاف الأميال من شواهد التاريخ، التي قادت إلى الهلاك والانهيار.

اليوم تقــف فلســطين التاريخية حزينة لمــا آلت إليه الأمــور، ليس فقــط أمــام انحســار القائمة المشــتركة فحســب، وإنمــا لقــرار البعــض الواضح، ومع ســبق الإصرار والترصد، بعدم الاستفادة من دروس التاريخ وعبــره. منصــور عباس، حليــف «أبو يائيــر» الجديد،

يحتاج لأن يعيــد قراءة كتب التاريــخ ليعي تماماً حجم الطامــة التي تنتظــره وفصيلــه المتحالف مــع نتنياهو المــأزوم. عليه أن يــدرس ملياً مصير التحالفات الهشــة القائمــة على المصالح والأكاذيب، عله يقتنع بأن أدوات النصب والحيلة التي تبناها حليفه الجديد، إنما ستعني تكرار التاريــخ ووصول المقصلة المعنوية والسياســي­ة والأخلاقية إلى رقبة المتخاذلين الأنداد. إن إعادة إنتاج ممالــك الطوائف، هــذه المرة فــي فلســطين التاريخية، يشكل طوق النجاة لغارق ملّ خصومه فاخترق الحلقة الأضعــف بحثاً عن الخلاص. فهل نــرى مراجعة جادة في الوسط العربي بكل مكوناته، أم انشطاراً متواصلاً في عالم العمل السياســي العربــي في دولة الاحتلال؟ الأيام هي الحكم!

اليوم تقف فلسطين التاريخية حزينة لقرار البعض الواضح، ومع سبق الإصرار والترصد، بعدم الاستفادة من دروس التاريخ وعبره

 ??  ?? د. صبري صيدم*
د. صبري صيدم*

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom