Al-Quds Al-Arabi

لبنان «رهينة نخبة سياسية متناحرة» تحتجزه ولا تريد حلاً يعرّض مصالحها للخطر

- لندن «القدس العربي»:

قال المعلق في صحيفة «فايننشال تايمز» ديفيد غاردنر إن لبنــان بات رهينة نخبته السياســية، مشيراً إلى أن البلد يســارع نحو الانهيار في وقت يرفض فيها سماسرة السلطة تشكيل حكومة.

وقال إن لبنان قد يغرق مثل ســفينة التايتانيك ولكن دون نــاجٍ، إلا في حالة واحــدة وهي اتفاق السياســيي­ن المتناحريـ­ـن علــى تشــكيل حكومة تســتطيع التعامل مع أزماتــه المتصادمة. وأضاف غاردنر أن تعليقاً كهذا عن انهيار لبنان ليس جديداً لكن ما يميــزه أنه صادر عن رئيــس البرلمان نبيه بري، الوسيط النافذ والمحوري في الحرب الأهلية ما بــن ‪1990 1975-‬ والموالي لســوريا ويحتفظ بمنافذ مع إيران والولايات المتحدة حتى الآن.

ويعتبر بــري، حليفاً لحزب اللــه الذي تدعمه إيــران، وهــي الجماعة العســكرية التــي تحمل الســوط في لبنان الذي يغــرق. وكان في الحقيقة يردد كلامــاً لوزير الخارجية الفرنســي إيف جان لودريــان في كانون الأول/ديســمبر عندما قال إن «لبنان هــو التايتانيـ­ـك ولكن دون أوركســترا». ورغم عدم وجــود حكومة قريبــة إلا أن كلام بري المحذر هو خطوة نحو تحول المسؤولية من الجوقة الحاقدة من رجال الميليشيات الذين ارتدوا البدلات والعائلات الطائفيــة و»الأوليغارش» والمصرفيين الذيــن يزعمون أنهم قادة ســفينة لبنــان، لكنهم قضوا العامين الماضيــن يصرخون على كرة الثلج لكي تحيد عن طريقهم.

وكان بري يتحدث أمام جلســة نادرة للبرلمان، وهو مؤسسة بلا أسنان لم يمرر مرة ميزانية ولمدة 11 عاماً، لكن شــروطه وامتيازاتـ­ـه تجعل النواب ينفقون أموالا ضخمة للحصول على مقعد فيه.

وفي هذه المناســبة صادق البرلمان على ميزانية اســتيراد الوقود من احتياطي الدولارات المتبخر والخزانة المنهوبة. وبعد تحذيــر وزارة الطاقة أن قطع التيار الكهربائي المســتمر قد يتحول لانقطاع دائم في أســابيع. وصادق البرلمــان ظاهريًا على قانون لاستعادة )بعض( الأموال العامة المسروقة، ولكنه يظل حبــرًا لأن البرلمان لــم يفعل أي وكالة لمتابعة تطبيقه.

وفي نوبة غضب غير عادية، قال النائب، جميل السيد، حليف حزب الله وبشار الأسد على عتبات قاعــة البرلمان «ما حــدث هو مهزلــة، نحن نكذب على أنفســنا وعلى الدول المانحــة ونكذب عليكم » أي الشــعب اللبنانــي. ويعرف الســيد الذي كان مديراً مرهوب الجانب للأمن العام، أســرار الدولة

والمتلاعبي­ن بالدمى فيها.

وكان من الواضح أن لبنان يســير بسرعة نحو الانهيار، وأصبح عاجزاً بسبب أزمة مالية مركبة من الديون وفيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت في الصيف الماضي الذي قضــى على ما تبقى من حياة للاقتصاد اللبناني.

وخسرت العملة اللبنانية نسبة 90 من قيمتها، ومنع المودعون الذين وضعوا أموالهم بالدولار من حســاباتهم من أي نظام مصرفي أقرض نسبة 70 مــن أرصدته إلى دولة مفلســة ومصرف مركزي لا قــدرة له على إعــادة المال. وتقلــص الاقتصاد في العام الماضي بنسبة 25 حسب تقديرات صندوق النقــد الدولــي. ويقدر البنــك الدولي ان نســبة 55 من ســكان لبنان يعيشــون تحت خط الفقر. ووصلت نســبة الانكماش في هذا العام لـ 10 من مجمل الناتج القومي العام. ولأن الاقتصاد يتراجع بسرعة متواترة فلن نعرف حجم المشكلة.

ولبنــان دون حكومة منــذ الكارثة فــي المرفأ، والتــي أطيح بســابقتها بعــد ثورة شــعبية ضد الطبقة السياســية قبل عام ونصــف العام. وعقد الرئيس اللبناني ميشــيل عــون، زعيم أكبر حزب مســيحي ويدعمه حزب الله 18 لقاءً عبثياً مع سعد الحريري، نجل رئيس الوزراء الأسبق الذي اغتيل عــام 2005. ويتأثر عون بصهــره الدولفين جبران باسيل الذي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه بسبب الفســاد وعلاقاته مع حزب الله ويصر على حكومة غير عملية وليســت تكنوقــراط. ويرفض عرابو السلطة في لبنان التعاون بجدية مع خطط الإنقاذ التي عرضهــا عليهم صندوق النقد الدولي. وعبرت الــدول المانحة بقيادة فرنســا والولايات المتحــدة وبريطانيا عن اســتعداده­ا لتقديم الدعم لحكومة تلتزم الإصلاح، إلا أن الطبقة السياســية ترفض تشكيل واحدة، خوفاً من فضح اختلاساتها العامة. ويريد حزب الله شراء الوقت وانتظار ماذا ســيحدث بين إدارة جوزيف بايــدن وإيران فيما يتعلق بملف الأخيرة النووي. وهو لا يريد تعريض تحالفه المسيحي للخطر أو يخاطر بسلطته.

وقال مسؤول على اتصال دائم مع عون إنه «غير مســتعد لتقديم أي تنازل على الإطلاق» طالما ظلت العقوبات على باســيل. ولكنك «لا تستطيع العثور على حل لأزمتنا دون صندوق النقد الدولي» و «هو جواز سفرنا إلى المجتمع الدولي والأسواق المالية». وقال حليــف لرئيس الــوزراء المكلــف وبطريقة أكثر قتامة «هــم يقومون باحتجــاز البلد كرهينة ويقولون: دعنا نرى لو اســتمررنا لمدة أطول، ولا أحد يعرف نقطة الانهيار».

 ??  ?? هوة كبيرة بين مطالب اللبنانيين وهمومهم وبين زعمائهم
هوة كبيرة بين مطالب اللبنانيين وهمومهم وبين زعمائهم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom