Al-Quds Al-Arabi

روسيا تواجه ضغوطاً أمريكية في سوريا بعد فشل مساعيها في قمة الدوحة

- دمشق «القدسالعرب­ي» من هبة محمد:

في تصريح روســي رســمي يحمل دلالات عسكرية وسياســية ويشير إلى ضغوط مكثفة على موسكو، كشــف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن النزاع في ســوريا يبدو في وضع مجمد واســتمرار­ه على هــذا النحو يهدد بانهيار الدولة الســورية. وأشــار خلال مشــاركته في أعمال منتدى «فالداي» الدولــي للحوار في موســكو أمس الأربعــاء، إلى أن القرار الأممي لا يشــترط صياغة دســتور في ســوريا قبل تنظيم الانتخابات، وأن هنــاك اتفاقاً على أن تتضمن الجولة المقبلة للجنة الدســتوري­ة الســورية عنصراً جديداً يميزها عن كافة الجولات الســابقة، مضيفاً أن موســكو تعمل عبــر اتصالاتها مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرســن وممثلي الحكومة والمعارضة السوريين، على دفع الأطراف للتقارب.

وقال: «الاجتماع المقبل للجنة الدســتوري­ة الذي كان مقرراً قبل حلول شــهر رمضان ولا نزال نأمــل في إمكانية إجرائه في موعــده، يتوقع أن يكون جديداً نوعياً، لأنه للمرة الأولى تم الاتفاق على يعقد رئيسا وفدي الحكومة والمعارضة خلاله لقاء مباشراً فيما بينهما».

وأضاف لافروف أن بيدرســن عبر عن ترحيبه بهذا الاتفاق، «الذي ساعدت روســيا في التوصل إليه ونأمل بأن يتحقق». وكان بيدرسن قد أكد الثلاثاء أنه يعمل على إجراء اتصالات من أجل تنظيم جولة سادســة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.

ويقول وزير الخارجية الروســي إن النزاع في ســوريا، في وضع مجمد قد يهدد بانهيار الدولة الســورية، وهو ما ترجمه الباحث السياســي فراس فحام بمجموعة إشــارات تدلل على إفلاس خيارات موســكو حيث قال «لم يعد أمام روسيا ما تفعله» فعلى الصعيد الميداني اصطدمت بالانتشار العسكري التركي والأمريكي شمال غربي سوريا وشمال شــرقها، مما أفقدها القدرة على الحسم العسكري.

وعلى الصعيد السياســي لم تتمكن روسيا من فرض فتح معابر تكون بمثابة متنفس للنظام الســوري، ولم تحدث أي اختراق في ملف تعويم النظام عربياً، كما أنها لم تحصل على نتائج مرضية من قمتهــا الثلاثية مع قطر وتركيا، فضلاً عن تصاعد الضغط الأمريكي.

ويبدو أن التصريحات الروســية تشــير حســب رؤية فحام، إلى تهديدات مبطنــة بانهيار الدولة الســورية، بالتالي مفاقمة الوضع الإنســاني وموجات لجوء جديدة غير مرغوبة بالنســبة للدول المانحــة وخاصة أوروبا، وتخويف

مبطن بتفشــي الحالة الميليشيوي­ة جراء غياب مؤسســة عسكرية رسمية، مما يعني تهديد الخليج وإسرائيل بالميليشيا­ت الإيرانية.

وأشــار لافروف خلال مشــاركته في أعمال المنتدى الدولي في موسكو، إلى أن القرار الأممي لا يشــترط صياغة دســتور بســوريا قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة صيف العام الجاري، وحول ما تقدم اعتبر الخبير في الشؤون الروسية السورية من موســكو د. محمود حمزة، تصريحات وزير الخارجية الروسية، بانه اســتمرار من القيادة الروســية في تجاهل حقيقة ما يجري في سوريا من كارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية، معتبرًا أن موسكو تحاول إلقاء اللــوم على الغرب والدول التي تقوم بمقاطعــة النظام، متجاهلة السبب الرئيسي في انهيار الدولة والاقتصاد السوريين.

وقال الخبير السياســي لـ«القدس العربي»: «الكلام الروسي غير دقيق، لأن قرار مجلس الأمن 2245 لعام 2015 ينص على أن تشــكل هيئة حكم انتقالية في سوريا وتشــكل حولها مجالس، وهذه الهيئة هي المكلفة بالإشراف على صياغة دســتور، على أن تليها انتخابات برلمانية ورئاســية، وهذه تسلسلية وترتيب قرارات مجلس الأمن».

الحديث الروسي، هو منطق النظام الســوري نفسه، لأن النظامين الروسي والسوري، مقتنعان بأن اللجنة الدســتوري­ة عديمة الجدوى وهي «لذر الرماد فــي العيون، ويجب على النظام أن يجري انتخابات وكأن شــيئاً لم يحدث في سوريا والمهم أن يثبت الأسد عبر مسرحية جديدة انتخابه على جثث الضحايا والمشردين والدمار بدعم روسي كامل».

الخطاب الروسي حسب رؤية د. محمود حمزة، أصبح مملاً ومعيباً، فروسيا لا ترى حتى اليوم الأسباب العميقة لما يجري في سوريا والمشكلة الحقيقية تكمن في النظام وبشار الأسد وعائلة الأسد، وهم سبب المشكلة.

وقال «لا يمكن أن تحقق موســكو مصالحها في ســوريا ولا أن تحل مشــاكل ســوريا وأن يكون هناك اســتقرار فيها، بوجود الأســد.. هذه الحقيقة الكبرى التي يتجاهلها الروس ويحاولون دائما أن يلتفوا على الحقائق وعلى القرارات الدولية وعلى مصالح وطموحات الشــعب الســوري، لأنهم يرون بشار الأسد ونظامه.. شرعيين».

وحول وصف النزاع في سوريا بالمجمد، تساءل حمزة في حديثه مع «القدس العربي»: «هل يقصد لافروف أنه يجب أن يكون هناك صراع عسكري حتى يكون الوضع غير مجمد، لقد انتهت العمليات العســكرية بشكل عام، وهو ما صرح به لافروف نفسه وقال قبل أشــهر إن الوضع في سوريا أصبح هادئاً، لكن المشكلة تكمن في أن الوضع الاقتصادي منهار والدولة منهارة، وهذا كله بسبب سياسية هذا النظام الاستبدادي الفاسد وبالتالي هناك نهب ومافيات وتجار حرب نشأت بين عائلة الأسد ومخلوف».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom