مساعٍ روسية لتشكيل ميليشيات للنظام السوري من العشائر العربية في الحسكة

أبدت روســيا اســتعدادها لدعم تشكيل ميليشــيات محلية عشائرية بعد تلقيها طلباً من زعماء عشائر على ارتباط بالنظام السوري، في مركز محافظة الحسكة ومدينة القامشلي، وفق مصادر محلية وأخرى خاصة لـ«القدس العربي».

وأفاد رئيس الهيئة السياســية في محافظة الحسكة، محمود الماضي، بأن الوفود العســكرية الروسية أجرت مؤخراً أكثر من اجتماع مع شيوخ عشــائر في القامشلي لغرض تشكيل الميليشــيات، ومنها الاجتماع الذي عقد في قرية جرمز بديوان شيخ عشيرة «طي» محمد عبد الرزاق الطائي، وكذلــك الاجتمــاع مع الشــيخ حميد الأســعد، أحد وجهاء عشــيرة «بني سبعة».

وأوضــح لـ «القدس العربــي» أن العشــائر تريد من هذه الميليشــيات مواجهــة «قســد» بعد اســتقطاب الأخيــرة للكثير من شــباب المنطقة من خلال التجنيد الإجباري والإغراء بالرواتب العالية مقارنة بالرواتب التي يعطيها النظام لميليشــيات «الدفاع الوطني» في حين أن مصلحة روســيا من كل ذلك، الوصول إلى مناطق إنتاج النفط، لمســاعدة نظام الأسد على تدارك انهيار اقتصاده، وفق الماضي، الذي رجح فشــل المساعي الروسي الهادفة إلى تشكيل هذه الميليشيات.

وعــزا الماضــي تقديره إلى عدم انصيــاع أبناء العشــائر لرغبة وجهاء وزعماء عشيرتهم، واقتصار الدعم الروسي على الوعود فقط، مشيراً إلى أن الروس تعهدوا بتقديم عدد محدود من السلاح والذخائر فقط. وأشار رئيس الهيئة السياسية إلى تخوف أبناء الحسكة من سيطرة النظام على المنطقة، وخصوصاً الشباب منهم، لأن غالبيتهم من المطلوبين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية.

وحول طريقة تعاطي «قســد» مــع التحركات الروســية، قال الماضي، «قســد تبــدو متخوفة إلــى حد ما من محاولة روســيا زيــادة نفوذها في الحسكة وريفها، ولذلك عمدت إلى زيادة المضايقات على وجهاء العشائر الذين اجتمعوا بالروس، واعتقلت عدداً من كوادر «حزب البعث» وهددت

باعتقال كل من يتحرك لتشكيل ميليشيا في الحسكة وريفها».

وفي المقابل، يعتقد المتحدث الرسمي باسم «مجلس القبائل والعشائر السورية» المعارض، مضر حماد الأسعد، أن حظوظ نجاح روسيا والنظام الســوري بتشكيل الميليشيات في الحســكة تبدو كبيرة، نظراً للامتعاض والغضــب الشــعبي الواســع من سياســيات «قســد». وقــال لـ«القدس العربــي»: إن أهالــي المنطقــة وخصوصــاً العــرب باتوا عرضــة للضغط الاقتصادي والأمني من قبل «قسد» ولذلك توجهوا نحو النظام الموجود أصلاً فــي المنطقة، وروســيا على أمل التخلص من ســيطرة الميليشــيات الكرديــة. وأَضــاف حمــاد الأســعد، أن روســيا التــي تعثرت مســاعيها الســابقة الهادفة إلى تشكيل ميليشــيا تتبع لها بشكل مباشر، بسبب ما يبــدو اعتراضاً أمريكياً، تحاول الآن من خلال وجهاء العشــائر تشــكيل ميليشيات على أنها تابعة للنظام.

وحســب المتحدث العشائري، فإن روســيا وجدت نفسها خاسرة في الحســابات الاقتصادية الســورية، وتأتــي هذه المســاعي لتعويض هذه الخســائر، حيث تعتقد أنــه بزيادة نفوذهــا في المنطقة تســتطيع تأليب العشــائر على «قسد» والحضور الأمريكي. وعن موقف «مجلس العشائر والقبائل الســورية» من تحركات روسيا، شــدد حماد الأسعد على رفض المجلــس لانضمام أبناء العشــائر العربية لتشــكيلات «قســد» وروســيا والنظــام» قائــاً: «نرفــض رفضــاُ قاطعاً اســتخدام أبناء العشــائر في صراعات على النفوذ والمكاسب، وندين تجاوزات كل الأطراف بحق أبناء العشائر، وندعوهم إلى الحياد، حتى لا يكونوا وقوداً لمعارك تبدو قادمة بين «قسد» والنظام وروسيا».

ولفــت حمــاد الأســعد، إلــى احتماليــة زيــادة «قســد» المضايقــات والاعتقــالات ضد أبناء العشــائر، ممن أبدوا اســتعدادهم للانضمام إلى الميليشــيات المدعومة روسياً. والواضح أن العشــائر العربية باتت محط أنظار الأطراف الدولية الفاعلة في الشــأن الســوري، حيث تسعى كل من روســيا وإيــران والولايات المتحدة لاســتمالتها، وهذا ما يظهــر جلياً في منطقة الجزيرة الســورية، التي تعتبر المنطقة الأغنــى بالثروات الباطنية والزراعية والحيوانية في سوريا.