Al-Quds Al-Arabi

«إيكونومست»: حادثة «إيفرغيفن» في قناة السويس ركزت الأنظار على المشاريع الضخمة غير المفيدة للسيسي

-

نشــرت مجلة «إيكونومســ­ت» تقريراً قالت فيه إن الأزمة التي تســببت فيها ســفينة الحاويات العملاقة التي جنحت عن مســارها في قناة السويس ألقت الضوء على المشاريع العملاقة التي بدأت فيها حكومة عبد الفتاح السيسي وغيرها مما نفذها حكام مصر السابقون.

وقالت «مثل بيت يرفض التحرك، وقفت ســفينة إيفرغيفن على الباب. وفي 29 آذار/مارس وبعد ســتة أيام من إعاقتها لخط التجارة الحيوي، تم تصحيح مسار السفينة التي تشبه ناطحة سحاب وســارت في الطريق الصحيح مســتخدمة محركها الخاص. ولكنها لم تبتعد كثيــراً، فقد عامت في البحيرات القريبة من القناة».

ولم يكن هذا ما أرادته مصر قبل ســبعة أعوام عندما وعدت بحركة ملاحية قوية في القناة. وبعد توليه السلطة في عام 2014 أمر عبد الفتاح السيســي بعملية إنشاء تفريعة للقناة بكلفة 8 مليارات دولار، خاصة أن القناة كانت مصممة للتعامل مع حركة الملاحة من اتجاه واحد. وقام العمال بتوسيع أجزاء من القناة وحفــروا تفريعة أخرى قريباً من امتدادها المركزي، مما أدى لخلق تفريعة بطول 72 كيلومترا تســمح للســفن المبحرة في الاتجاه المعاكس المرور جنباً إلى جنب. لكن المكان الذي علقت فيه سفينة «إيفرغيفن» العملاقة كان يسمح بمرور سفينة واحدة. وقال المسؤولون إنه لم يكن هناك مبرر لحفر تفريعة ثانية على طول القناة. لكن حادثة الســفينة ذكرت أنه حتى عملية القيام بتوسيع محدود لم تقم على تفكير جيد.

وقالــت المجلة إن حــكام مصر لديهم ميل نحو المشــاريع الضخمة. ففي الخمســيني­ات من القرن الماضي، أمر جمال عبد الناصر ببناء الســد العالي في أســوان والذي حد من فيضانات النيل وجلب الكهربــاء للمناطق الريفية. وتقول الحكايات المحلية إن ناصــر بنى برج القاهرة الذي كان أعلى من الهرم الكبير لإغاظة أمريكا. فبعدما حاولت «ســي آي إيه» رشــوته من أجل تبني سياسة خارجية محبــذة، قام بإنفاق المال على مشــروع لا فائدة منه ويمكــن رؤيته من الســفارة الأمريكية. وكان المشروعان كل بطريقته صورة عن مصر المســتقلة. لكن المشاريع الضخمة في العقود الأخيرة كانت نتاجاً لسوء تخطيط. ففي عام 1997 بدأ حسني مبارك العمل على قناة توشكا بطول 310 كيلومترات من أجل ري الصحراء الغربية. وكانت الســلطات تأمل بنقل خمس ســكان مصــر من منطقة النيل المزدحمة إلى «الوادي الجديد» وبعد عقدين لا يزال المشــروع غير مكتمل ولا يعيش في المنطقة سوى نسبة 1 أو أقل من سكان مصر.

واتبع السيســي الخط نفسه، وبدأ أولاً بتوسيع القناة وقدمه على أنه «هدية مصر للعالم». وكان من المفترض أن تكون هدية لميزانية مصر. وزعم المسؤولون أنها ستضاعف الموارد المالية السنوية من القناة إلى 13 مليار دولار، لكن العائدات لا تزال ثابتة تقريبًا وتصل إلى 5.8 مليار دولار، وبزيادة 7 قبل توسيعها. وبسبب انخفاض أسعار النفط فإن نقله عبر رأس الرجاء الصالح كان أرخص، مع أن الرحلة أطول. وعرضت هيئة قناة السويس تخفيضات لجذب السفن.

ولم يمنع الفشــل في توسيع القناة السيسي من بناء عاصمة إدارية جديدة في الصحراء. وكلفت المرحلــة الأولى 27 مليار دولار. ويأمل ببدء عملية نقل مؤسســات الحكومة في تموز/يوليو. وهناك عدد من الأسئلة حول قابلية المدينة للحياة، فالمياه نادرة والشقق مرتفعة الأسعار. ويقول النقاد إن الأموال التي أنفقت على المدينة الجديدة كان يجب إنفاقها لتعمير البناء الفقير في القاهرة «القديمة» لكن هذا ليس مشروعاً ساحراً يجذب إليه المســتبدي­ن، ولا حتى زوارق السحب، ولكنها في النهاية تقوم بالمهمة، في إشارة للعملية الدولية التي أدت لتغيير مسار السفينة الجانحة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom