Al-Quds Al-Arabi

«فورين بوليسي»: «البنتاغون» يستخلص الدروس من استخدام الطائرات التركية المسيّرة في الحرب بين أذربيجان وأرمينيا

-

نشــرت صحيفة «فوريــن بوليســي» مقالاً لمراســلها في البنتاغون وشؤون الأمن القومي جاك ديستش، عن الدروس التي تعلمها الجيش الأمريكي من حرب أذربيجان لاســتعادة إقليم ناغورنو قرة باغ.

وقال إن أذربيجان في الوقت الذي ســيطرت على الأجواء فــي الحرب ضد أرمينيــا في الخريف الماضــي وانتصرت فيها معتمدة على الطائــرات التركية المســيرة «الكاميكاز» اتضح للإســترات­يجيين العســكريي­ن الأمريكيين أمر واحد: لقد أصبح من الســهل تصيّد وقتل الجنود أكثر من أي وقت آخر وبطريقة رخيصة.

ومع انتشار الطائرات المسيرة الرخيصة في ميادين الحرب حول العالم، يمكن قتل أي جنــدي لتركه موقعه لفترة قصيرة من أجل الذهاب إلى الحمام. وقال العقيد ســكوت شــو، قائد مجموعة الحروب غير المتكافئة الذي سينهي مهمته في القيادة: «يمكن مشاهدة دبابات ومدافع ضُربت بطائرات مسيرة».

وما بدا واضحــاً بعد هزيمة أرمينيا في الخريف الماضي، هو أن أمريكا لم تعد تتمتع بتفوق لا مثيل له ضد المنافسين لها مثل الصين - وهو أمر قبله المسؤولون الدفاعيون منذ وقت - لكن الدول الفقيرة تســتطيع الحصول على تفــوق جوي من المواد المتوفرة لديها.

سلاح رخيص وفتاك

وقال: «ما يظهر من ذلك النزاع أن دولة ليست لديها ميزانية عســكرية كبيرة قادرة على القيام بحرب عســكرية مشتركة. ولست في حاجة لأن تكون الولايات المتحدة أو روسيا، وسعر الدخول في حرب مشتركة هو أقل مما يعتقد، ولست في حاجة إلى ســاح الجو الأمريكي المتدرب بدرجــات متفوقة وقدرات باهرة من أجل القيام بعمليات أرض- جو أو جو- جو.»

وفي الحرب التي اســتمرت ستة أسابيع، نشرت أذربيجان طائرات «بيرقدار تي بي 2» التركية لتخفيض مســاحة المعركة وتدميــر القوات المســلحة الأرمينيــ­ة، وكذا خــط الإمدادات اللوجيســت­ي الذي لم يصل بعد إلى الخطــوط الأمامية. وفي الوقت الذي اســتعادت فيه أذربيجان مســاحات واسعة من المنطقة المتنازع عليها، لعبت أشــرطة الفيديــو الدعائية التي

صورت القوافــل الأرمينية المدمــرة ومخــازن الذخيرة دورًا في التفوق العســكري الجديد. وفي الأيــام الأخيرة للحرب، اســتعرض رئيس أذربيجان إلهام علييف قائمة من الدبابات والعربــات الأرمينية المدمــرة، بما فيها 250 دبابــة و50 عربة للمشاة وأربعة صواريخ روسية الصنع من نوع أس- 300.

وفي منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، نسب علييف الانتصار في الحرب للطائــرات التركية المســيرة التي دمــرت معدات عسكرية أرمينية بقيمة مليار دولار. لكن لا يعرف كيفية ترجمة هذه الأرقام إلى حقائق. ويقول «شو» إن حرب التضليل تجعل من الصعوبة فهم مــا حدث في الواقع. وليس من واضحاً أيضاً للخبراء الدور الذي تلعبه الطائرات المســيرة في حرف مسار الحرب. ولكــن بعضهم يقول إن الحرب فــي ناغورنو قره باغ تعنــي أن الوقت الذي كانت فيه الولايــات المتحدة تعتمد على «الصدمة والترويع» الذي طبع بداية غزو العراق، قد مضى بلا رجعة. وبدلاً من ذلك على الولايــات المتحدة التحضير لحرب الضربة القاضية أو القتال التدريجي كحروب الاســتنزا­ف في الماضي.

وحوش طائرة

ويعلق مايكل كوفمان، الباحث العلمي البارز في مؤسســة «سي أن إي» والباحث في مركز ويلسون: «من ناحية أساسية، يخبرون أنفسهم أنهم ســيكونون من خلال التقارب والصدمة والترويــع قادرين على خلــق أثر ضد أعدائهــم، ونعرف من دروس التاريــخ أن هذا لن يحدث». ويتوقع شــو أن الحروب الآليــة عن بعد قــد تنتقل مــن الأجواء، ويمكن في المســتقبل قيــام الجيوش الأضعف بنشــر عربات مســيرة في الحروب البرية والبحرية. وقال شــو: «لو جاءت من الســماء فستأتي في النهاية من البر وتدريجياً مــن البحر» و»هذه الأنظمة غير المســيرة ستنتشــر ليس لأنها رخيصة ولكنها ستصبح أصغر وأصغر». وبدأ المخططون الدفاعيون الأمريكيون بالتحرك في هذا الاتجاه. وقام وزير الدفاع الســابق مارك إســبر بمحاولة الوصول لهــدف دونالد ترامــب وبناء 355 ســفينة للبحرية واستثمر كثيراً في البحث والهندسة المتعلقة بالسفن المسيرة. ولا يعرف عن خطط إدارة جوزيف بايدن بشأن البحرية، لكنها

مع قوات المارينز أصدرت هذا الشــهر خطة طريق لاســتخدام الأنظمة المسيرة.

ويقول شــو إن الطائرات المســيرة باتت أكثــر فتكاً وباتت تشــبه الدبابــات، وهي وحوش طائــرة تخلف دمــاراً كبيراً ومن الصعب تدميرها وهي في الجــو مقارنة مع الجنود الذين يُقتلون على الأرض. وفي الوقت نفسه، أصبحت عملية مراقبة ســاحة المعركة أرخص. وهذا يعني أن الجيــش الذي لم يغير طلاء الوجه والتمويه منذ أكثر مــن عقدين يواجه خطر القتل والتدمير من عدو أضعف.

وهذا يمثــل تحدياً لطرق المنــاورة الأمريكيــ­ة في الحرب، وحتى أســلوب الاتصالات الذي اعتمدتــه أمريكا في حروبها، وبالتحديد في العراق وأفغانستان عبر راديو «أف أم» يحتاج لتعديل، في وقت باتت فيه الدول مثل روسيا ماهرة في تحديد وضرب الوحدات التي لا تنتبه لمجال الطيف المغناطيسي. وقال شــو: «نريد أن نفكر بتمويه أكبر من هــذا». وأضاف: «يمكنك إخفاء العربة في أي مكان تريد، ولكنك لا تستطيع إخفاء الآثار التي تقود إلى مكانك وكتل الطين أو أي شيء آخر. ونفس الأمر ينســحب على آثار الأقــدام. وعلى المســتوى التكتيكي علينا البحث عن طرق لإخفاء حركاتنا وموقعنا ومقرنا الرئيسي.»

وســتغلق وحدة شــو التي أرسلت مستشــارين لمواجهة التهديدات النابعة من القنابل المصنعة محليًا في العراق وحرب المعلومات في أوروبا، وذلك كجزء من إعادة ترتيب بدأها وزير الدفاع الســابق إســبر العام الماضي. لكن شو مشغول بتقديم إيجازات للجنرال بول فرانك، قائد قيــادة التدريب والعقيدة في الجيــش الأمريكي حول مــا تعلمه هو وقــادة الوحدة من تحليل ســاعات طويلة للقطات فيديو عن الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا.

وطلب من مــؤرخ كتابة ســجل كامل عن تاريــخ الوحدة. ويأمــل أن تظل الدروس التي تم تعلمها خلال العشــرين عاماً من تجربــة الوحدة في العراق وأفغانســت­ان جزءًا من تجربة الجيش الأمريكي، في وقت يحرف فيه نظره عن حروب الشرق الأوســط ويركز على الصين الواثقة من نفســها، والتي أربكت الخطــط الأمريكية بتطويــر صواريخ دقيقة. وطالما اســتمتع الجيــش الأمريكي بالتميز فــي المواقع الثابتــة، وعليه إعادة تطوير نفسه وتحريك العجلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom