رسائل وزيارات وحراك دبلوماسي بين موريتانيا والجزائر والمغرب وبوليساريو
تشــهد العواصــم المغاربيــة نواكشــوط والربــاط والجزائــر هــذه الأيــام نشــاطاً ديبلوماســياً مكثفــاً غيــر مســبوق، جعــل المراقبين يتحدثون عن احتمال وجود وساطة موريتانيــة فــي نــزاع الصحراء الذي يشــهد تعقيــداً، منــذ أن حرر المغرب منفــذ الكركرات الحــدودي فــي تشــرين الثانــي / نوفمبــر الماضي، وتخلت جبهة بوليســاريو عن وقف إطلاق النار وأعلنت الحرب على المغرب.
وتتزامــن حالياً أحداث عدة، بينها رســالة مــن الرئيــس الغزوانــي ينتظــر أن يســلمها الخميس في الرباط وزير الخارجية الموريتاني إســماعيل ولد الشــيخ أحمد للعاهل المغربي، ووصــول وزيــر الداخلية الجزائــري صلاح الدين دحمون اليوم الخميس إلى نواكشــوط محملاً برسالة من الرئيس تبون، وإنهاء وفد صحراوي بقيادة بشير مصطفى السيد زيارة
مطولة لموريتانيا سلم فيها رسالة من إبراهيم غالــي للرئيس الغزوانــي والتقــى فيها قادة الأحزاب الموريتانية المساندة للبوليساريو.
وتأتي هــذه التحركات أيامــاً قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة قضية الصحراء المقرر في شهر نيسان/ إبريل الجاري.
وبدأ كبار الساســة والمحللــن الموريتانيين يتوقفــون عند هــذا الحراك بقــراءات مختلفة مجمعــة على مســألة الوســاطة التــي تحتاج للمزيد من العناصر المؤيدة لوجودها.
وقــد قلــل مصــدر مهتــم بهــذا الشــأن ومراقب له، فضل عدم ذكر اســمه، من أهمية الحــراك، مفســراً رســالة الرئيــس الغزواني للعاهــل المغربي بأنها "رســالة رمزيــة اعتاد رؤســاء موريتانيا إرســالها للمغرب كلما زار نواكشــوط وفد رســمي صحــراوي، حفاظاً على حياد موريتانيا".
وقال: "أما زيــارة وزير الداخلية الجزائري فهــي تدخــل ضمــن الســعي لإظهــار قــوة العلاقات مع موريتانيا، أمام نظر المغاربة".
وأكــد شــنوف مالكيــف، مديــر موقــع "اشــطاري" الإخباري، أن "هذه الحراك يظهر عودة موريتانيا إلــى موقعها الطبيعي كنقطة الوصل بين كل الأشقاء رغم اختلافهم".
ويرى إسماعيل يعقوب، الخبير في قضايا الســاحل والصحراء، أن "القراءة السياســية لوجود الوزير والقيادي الصحراوي البشــير مصطفــى الســيد فــي نواكشــوط تحتمــل عنوانــن هما: رغبة موريتانية في التدخل بين المغاربــة والصحراويين قد لا تظهر للعيان في الوقت الحالي، وتنسيق موريتاني صحراوي كبير يتعلق بالحالة الأمنية على طول الحدود الموريتانية الصحراوية".
وأضاف: "البوليســاريو قلقة جداً على ما يبدو، من تعاطي الموريتانيين شــبه الطبيعي مع تغيير الجيش المغربي لمواقعه على شريط الكركرات/بولنوار، ويتجنبون في معركتهم بشــكل معلــن كل اشــتباك مــع المغاربــة قد يفهم منه حشــر للجيش الموريتاني أو إحراج للقيــادة الموريتانيــة، وقد أرســلوا رســائل عســكرية بطعــم السياســة في ذلك الشــأن مؤخــراً )قصــف أخيــر لمعبــر الكــركارات
بقــوة خاصــة(، والموريتانيــون حــذرون جــداً مــن ملامســة لوحــة المفاتيــح اللفظية والدبلوماسية والأمنية الملغومة بين البلدين الشقيقين".
وتابــع الخبير إســماعيل يعقــوب تحليله قائــاً: "فإمــا أن يظهــر الحيــاد الموريتانــي الفعال متزامناً مع قرار مجلس الامن والسلم الإفريقــي الأخيــر الداعي لوقف إطــاق النار والعودة للمفاوضات واستعادة دور الاتحاد الإفريقــي والــذي لقــي ترحيبــاً صحراويــاً واســتهجاناً مغربيــاً، فتقــوم موريتانيــا بوســاطة طويلة النفس بين البلدين تصب في اجتراح أرضية جديدة للتفاوض، وتســتخدم أوراق الضغــط علــى الطرفــن مثــاً )معبــر الكركــرات مــع الســلطات المغربيــة ومعابــر لحفيره والحمره وآغوينيت، وابير تيغيسيت مع البوليســاريو(، وكذلك ورقة مرور الجدار المغربي العازل من داخــل الحدود الموريتانية على أكثر من نقطة، وهو شــيء غير مســتبعد بالمرة خصوصاً مع قرب اجتماع مجلس الأمن لمناقشــة القضيــة في شــهر نيســان / إبريل الجاري، وحاجــة الطرفين لديناميكية جديدة وأجنــده جديدة، وإما أن تزيــد موريتانيا من اســتنفار جيشــها والنأي عن الصــراع، وهو ما سينجم عنه إغلاق تام لحدودها الشمالية مع الصحراويــن والمغاربة على حد الســواء مغــالاة فــي الحيــاد، ممــا ســيدفع الطرفين للاحتراب بقــوة والتفاوض بقــوة والتدويل بحدة".
وختم الخبير تعليقــه بقوله: "يبقى الموقف الموريتاني الرســمي )بفعاليتــه أو إيجابيته(
من حالة الحــرب الصحراويــة المغربية، أحد أكبر الآمال لدى المجتمع الدولي في إســكات البنادق والجلــوس وجهاً لوجــه مجدداً بين أطراف النزاع في الصحراء الغربية".
وفــي هــذا الخضم، قلــل الإعــام المغربي الخاص خلال الأيام الأخيرة من شــأن زيارة الوفــد الصحــراوي لموريتانيــا، ومؤكــداً أن "حكومة الجزائر هي التي تدفع الصحراويين لزيــارة موريتانيــا لإظهــار قــوة علاقتهم مع موريتانيا ولإثارة غضب المغرب".