Al-Quds Al-Arabi

اضحك للصورة

-

المستحيل تحقق

منذ أن حفرها المصريون بســواعدهم، شاء الله أن يكون بحر القنال مســرحاً لاختبار صلابة هذا الشعب وقدرته على تجاوز التحديــات التي يواجهها.. اللافــت كما يرى الدكتور محمــود خليل في "الوطــن"، أن رحلة التحديــات بدأت منذ اللحظة التي ضرب فيها أول معول في حفر قناة الســويس، في أحد أيام شــهر رمضان. يومها وقف ديلسبس يخطب في العمال قائلاً: «باسم شــركة قناة السويس البحرية الكونية، وبمقتضى قــرارات مجلس إدارتها، نضــرب الآن أول ضربة فأس على هذه الأرض، لفتح مداخل الشرق إلى تجارة الغرب ومدنيتــه، ونحن متّحــدون هنا في إخــاص واحد لصالح مساهمي الشركة ومصالح الأمير النبيل محمد سعيد، منشئها الكريم والمحسن إليها صنعاً». شارك في حفر قناة السويس، كما تذكر كتب التاريخ نحو 20 ألف مصري، البعض يقول إنهم كانوا أكثر من ذلك بكثير. فالاتفاق المبرم بين سعيد وديلسبس ألــزم الحكومة المصرية بتقديم أربعة أخمــاس العمال، الذين تحتاج الشــركة إليهم، ولــو بلغ عددهم عشــرين ألفاً. نجح المصريون فــي إنجاز المهمة، ودفع جيل منهم ثمناً غالياً، وقدّم تضحية كبرى من أجل إتمام المشروع، الذي صبّت عوائده في حجــر الأجيال التالية من المصريين. كانــت القناة على موعد مع تحدٍّ آخر أثبت فيه المصريــون كامل قدرتهم على الإنجاز. واللافت أنه جاء أيضاً في شــهر رمضان. ففي اليوم العاشر من هذا الشــهر الكريم عام 1393 هجرية )6 أكتوبر/تشــرين الأول 1973( تمكن المصريون من إنجاز المهمة التي كان يصفها العدو بالمســتحي­لة، فعبــروا القناة واقتحمــوا خط بارليف وســطروا ملحمة حرب أكتوبر التي أثبت فيها المصري قدرته على القفز على محنه وأزماته والعبور من شــاطئ اليأس إلى شاطئ الرجاء. أكثر ما نحتاجه في مصر هو الثقة في أنفسنا وقدراتنــا.. فليكن هذا الإنجــاز مقدمة لإطــاق طاقات هذا الشــعب، وفتح الطريق أمام ما يمتاز به أهله من قدرات، فهم قادرون بأنفسهم - لو مُنحوا الفرصة - على حل مشكلاتهم. وإلــى جوار الثقة في النفس نحن أيضــاً بحاجة إلى الصدق مع أنفســنا، فالصدق مــع النفس هو الطريــق الأقصر لحل المشــكلات، وهو الضمانة الكبرى لعدم تكرارها. القناة قناة المصريين وكل إمكانيات هــذا البلد هي ملك لأهله، وكل إنجاز أو تطوير لهذه الإمكانيات مردوده على الشــعب، لذلك علينا أن نحافظ على ما نملكه بمنتهى القوة والعزيمة والإصرار.

الفراعنة وصلوا

منذ بدء الأزمة في قناة الســويس ظلت الأســئلة المهمة تلاحق محمد أمــن في "المصري اليوم": "كــم يوما تأخذها السفينة حتى يتم تعويمها؟ كان هذا الوقت مخصوما ليس من دخل القنــاة، ولكنها أيام مخصومة من اهتمامنا بســد إثيوبيا، والعد التنازلي يتســارع نحو الملء الثاني. كانت عين البعض على قناة السويس، ماذا يحدث لو طال الوقت؟ هل فكرة البديل كانت قائمة في ذهن من يعبرون القناة؟ هل تم تســويق الأزمة على أنها خطأ من هيئة القناة، وليس من كابتن المركــب؟ يقول محمد أمين إنه طيلــة أيام الأزمة التي دامت أســبوعاً، كانت عيناه مصوبتان على ســد إثيوبيا، الذي يســمى خطأ ســد النهضة.. لأنه لم يُبن للنهضة ولكن للمكايدة.. إثيوبيا كان يمكن أن تلجأ لتوليد الكهرباء ببناء محطة كهرباء بأقل مما بنت به الســد وأكثر أمانا، إن كانت تريــد الكهرباء ولكنها كانت تريــد أن تضع مصر في "خانة اليك"، "كناية عن الورطة" وتستفز الدولة المصرية للأسف. فكرتي كانــت تقوم على أن الوقت المقبــل، ينبغى أن يكون لصالح علاج أزمة سد إثيوييا.. كما أن وقت الدولة المصرية ينبغي أن يكون لمواجهة الخطر سلما وحربا".

ما حك جلدك مثل ظفرك

ذكّرنا محمد أمين أنه في الماضي الســحيق كان الفرعون يهرع إلى أقصى الأرض ليفك أســر النيــل، ولا يعود حتى يعود النهر يتدفق مــرة أخرى.. ونحن أبناء الفراعنة، ولن نسمح بتعطيش مصر التي قال عنها هيرودوت إن مصر هبة النيــل.. والإرادة المصرية، التي حررت الســفينة الجانحة هي الإرادة نفســها التي ســوف تحرر النهر، ولن تنام لنا عين حتى يحدث ذلك. نحن الشــعب المنقوش على جدران معابده منــذ القدم «إذا انخفض منســوب النهر فليهرع كل جنــود الفرعون، ولا يعــودون إلا بعد تحريــر النيل، مما يقيد جريانه»، وهي العبارة المنقوشــة على جدران مقياس النيل في المنيل.. وهي رســالة لنا جميعــا أحفاد الفراعنة.. ولســنا أقل من أجدادنا الذين حافظوا على النهر، وقدسوه وأقســموا ألا يلوثوه.. فهو شريان حياة المصريين منذ آلاف السنين.. وسيظل النيل يجري، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، مادامت فينا عروق تنبض بالدماء، إذا استنفدنا كل أدوات السياســة والدبلوماس­ية، الدرس المستفاد الآن هو: «ما حك جلدك مثل ظفرك». وقد تابعت أشقاء يقولون كلاما مــن باب «برو العتــب » وهم يشــاهدون ويتفرجون فقط، سواء في أزمة السفينة، أو أزمة سد النهضة.. فحين يقولون إنهم مستعدون للمساعدة قولوا لهم كتر خيركم.

كلام قديم

تســربت أنبــاء تتحدث عن شــروع إســرائيل في بدء خطــوات عملية لمشــروع قناة بن غوريــون، لوصل ميناء

أشدود الإســرائي­لي على البحر المتوســط مع ميناء إيلات على البحــر الأحمر، واســتحداث ممر مائــي ينافس قناة الســويس. بدوره أكد مرســي عطا الله فــي "الأهرام"، أن مثــل هذا الكلام ليــس بالأمر الجديد، فقد حــدث مرارا من قبل، ولم يكــن ذلك الأمر غائبا عن ذهــن مصر وتخطيطها للحفاظ على قناة الســويس كممر مائي خارج المنافسة، مع أي مشروعات جديدة يحتمل قيامها مستقبلا، في إطار فهم مصر واســتيعاب­ها لما تحت أيديها من معلومات موثقة، يزيد عمرها على مئة عــام، وضمنها وثيقة أمريكية تم الكشــف عنها مؤخرا، وتشــير إلى ضرورة إنشــاء ممــرات بحرية بديلة بين البحر المتوســط والبحــر الأحمر، يتم من خلالها كســر احتكار قناة الســويس، كممر تجــاري إجباري يمر فيــه ما يزيد على 12٪ من حجم التجــارة العالمية، ويمثل أفضل وأســهل جســر للتواصل بين أوروبا وآسيا. وأشاد الكاتب برد الرئيس السيســي، حول ما يتردد عن مشروع قنــاة بن غوريون، حيث أكد أن مصــر لا تمانع في حق أحد أن يخطــط لخدمة مصالحه، لكن الأهم هو مســؤوليتن­ا في أن نحتفظ بقناة الســويس ـ من خلال استمرار تطويرها ـ لكي تظل فوق المنافسة المشــروعة في حركة النقل الدولية. بمثل هذا الثبات والهدوء، جاء رد الرئيس السيســي على سؤال يتعلق بمخاطر أزمة السد الإثيوبي في حال استمرار امتناع إثيوبيا عن التوصل لاتفاق ملزم ومحدد، بشأن ملء وتشغيل السد، وقال السيسي بوضوح وإيجاز: إن مصر لن تسمح بالمســاس بأي نقطة من المياه، وإنه ينبغي عدم فهم كلامه كتهديد أو وعيد، ولكن أي نقصان في حصة مصر من المياه يضعنا أمام خيارات تؤثر في أمن واســتقرار المنطقة بأسرها.

ضيف ثقيل

اعتادت قناة الســويس كما قال أسامة الغزالي حرب في "الأهرام"، على أن تستقبل وتستضيف السفن التي تمر من خلالها مرور الكرام ويدفعون الرســوم المســتحقة عليهم! هكذا كانت القناة دائما..، ولكن ســفينة الحاويات العملاقة إيفر غيفن وصلت يوم 23 مارس/آذار، إلى منتصف القناة، ثــم لأمر ما غيــر مفهوم، يخضــع الآن للبحــث والتحقيق الدقيق، اســتدارت وجنحت لتقطع المجرى الملاحي بالكامل من الشــاطئ إلى الشــاطئ، وتمنع حركة مئات السفن عبر القنــاة، أي أنها لم تمر أبدا مرور الكرام، ولكنها ـ بجســمها شــديد الضخامــة ــ اســتحالت ضيفــا ثقيلا علــى قناة الســويس، وتمددت مغلقة مجرى القناة بالكامل لأول مرة منذ ســتة وأربعين عاما، عندما أعــاد الرئيس الراحل أنور الســادات افتتاحها في 5 يونيو/حزيران 1975، لقد شــكّل جنوح إيفــر غيفن تحديا كبيــرا، بدت أبعــاده وتأثيراته الخطيرة في تعطل ما يزيد على 320 ســفينة، من كل أنحاء العالــم ظلــت منتظرة حل المشــكلة، بما كانــت تحمله من البضائع بدءا من البترول )الذى تزايدت التوقعات بارتفاع أســعاره، وحتى الخراف التي حملتها ســفن أخرى للنقل، وتعين رعايتها وتغذيتها فــي رحلتها الصعبة(. غير أن من حقنا وواجبنــا أن نفخر بالجهود الرائعــة والجبارة التي بذلها عشرات المهندسين والفنيين والعمال المصريين لتعويم الســفينة العملاقة، التي كانت تبذل على مدار الســاعة بلا انقطاع في أعمال «التكريك» حول السفينة، على نحو علمي مدروس. وكما جاء في تحليــل مطول على موقع "نيويورك تايمز" فإن تحريك إيفــر غيفن كان "نقطة تحول في واحدة مــن أكبر وأعقد عمليــات الإنقاذ في التاريــخ الحديث، بما حملته من تأثيرات حساسة في نظام التجارة العالمي».

ليتهم يجربون

أشــاد جمال حســن في "الأخبار" بتصريحات الرئيس السيســي التــي توعــد خلالها مــن يعتدي علــى نصيب المصريين من المياه: "شــعرتُ بالعزَّةِ والفُخارِ وأنا أســتمع لرســائل الرئيس القويَّة؛ وهــو يُؤكِّد أن ميــاه النيل خطٌ أحمر ويُشــدِّد على أن أي مســاسٍ بحصتنا، سيكون له رد فعلٍ يُهدِّد اســتقرار المنطقة بالكامل؛ لأننا أصحاب حقٍ ولا نُهدِّد أحدًا. السيســي خاطب العالم؛ قائلًا: العملُ العدائي قبيــحٌ، ومعركتنا معركةُ تفاوضٍ، ونكســب أرضا كل يومٍ؛ لأن تفاوضْنــا يُحقِّق مكاســب للجميع، وخلال الأســابيع القليلة المقبلة، ســيكون هناك تحــرُّكٌ إضافي لمصر في هذا الملف.. ونتمنَّى أن نصل إلى اتفاقٍ قانوني مُلزمٍ بشأن ملء وتشغيل السد. الرئيس السيسي وجَّه أيضًا رسائل طمأنةٍ لجميع دول العالم، التي حَبست أنفاسها، خلال أزمة جنوح الباخرة البنميَّة العملاقة في قناة الســويس.. ذلك الحدثُ الفريد والاســتثن­ائي الذي أصاب قلب العالم بالشلل لمدة 6 أيامٍ، وتنفَّس العالمُ الصعداءَ بعد نجاح الســواعد المصريَّة فــي إعادة تعويم الباخرة، بالتأكيد إعــادة تعويم الباخرة إيفر غيفــن، التي تبلغ حمولتها 223 ألف طنٍ، ويصل طولها إلى 400 مترٍ، وارتفاعها بما عليها 60 مترا، يُعدُّ عملًا بطوليا، بعد أن ذهبت كل التوقعات العالميَّة إلى أن الأزمة قد تستمر ثلاثة أشــهرٍ. كم كانت رائعة تلك الجولة التفقُّديَّة التي قام بها الرئيس السيســي للممر الملاحي، لقناة السويس، على ظهر الباخرة ســيناء؛ ليُؤكِّد للعالم أجمع أن حركة الملاحة البحريَّة عــادت لطبيعتهــا، وحرص الرئيــسُ أيضا على توجيــه التحيَّة لأبطــال هيئة قناة الســويس، لجهودهم الخارقة في إنهاء الأزمة بأقل الخسائر. كما حرص الرئيس على توجيه الشــكر لكل الــدول الصديقــة، التي عَرضت المساعدة والمساندة في أزمة جنوح الباخرة".

استعانت هيئة قناة السويس بأحمد عزت، مشرف قسم عنبر بناء الســفن واللحام في قسم تحركات الإسماعيلي­ة، وصاحب أشــهر صورة لعمال قناة الســويس، تم تداولها بعد نجــاح التعويم. الصورة التي انتشــرت بشــكل كبير وذاع صيتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وســائل الإعــام العالمية، ظهر فيها عزت، خــال المرحلة الأولى من تعويم الســفينة البنمية الجانحة إيفر غيفن، وهو متكئ في زي العمل، وعلى وجهه ابتســامة مرتاحة، تعتريها أمارات الثقة التامة فــي تحقيق الإنجاز الكبيــر، بينما كان العالم يترقب متوترا، تبعات اســتمرار غلق الشريان الاقتصادي الأهم لســتة أيام تواليا. يقول عزت لـ "الشــروق" بصوت مفعم بالثقة والسرور "الحمد لله نجحنا في إدخال القاطرة إلــى الخدمة مــن جديد، بعــد إصلاح العطل، و24 ســاعة عمل". وعن صورته التي انتشــرت على وســائل التواصل الاجتماعي قــال عزت "توقيــت الصورة كانــت في بداية عملية التعــويم قبيل الفجر، بعد ما انتهيت من شــغلي في تجهيز القاطرة ودخولها الخدمة. ردود فعل واسعة وكبيرة وإشادة حصل عليها عمال هيئة قناة السويس، وعلى وجه الخصوص أحمد عــزت، عن صورته التي ظهــر فيها وهو يتكئ ســعيداً أثناء عملية تعويم السفينة الجانحة، حظيت الصورة بانتشار هائل لما عبرت عنه من ثقة واعتزاز بقدرات العامل المصري، يقول عزت عن ذلك "إحنا المصريين بنعدي الأزمة بالنكتة، وردود الأفعال اللي كانت بتحفزنا دي على رأســنا، لكن أصحاب التعليقات المعادية ميستاهلوش إننا نتكلم عليهــم". بمجرد أن نجحت عملية التعويم، أشــارت تقارير إلى أن نجــاح العملية لم يكن بجهد العمال المصريين فقط، وإنما بفضل القاطرة الإيطالية والهولندية، لكن عزت قال، إن القاطرة الإيطالية لم تعمل من الأســاس في عملية الســحب، أما القاطرة الهولندية "فساعدت بنسبة 20% بعد ما كنا عومنا الســفينة بنسبة 70٪، يعني بها أو من غيرها مصر هي اللي عملت كل حاجة.

الإجراءات الاحترازية

نتحول نحو الاستعدادا­ت للشهر الكريم بصحبة محمود عبد الراضي في "اليوم السابع": "يعود المصلون مرة أخرى لأحضان المســاجد في رمضان لأداء صلاة التراويح، التي توقفت في المســاجد في العام الماضي بسبب وباء كورونا، لكــن تعود فرحة الركع الســجود مرة أخــرى بأداء صلاة القيــام، خلال الأيام القليلــة المقبلة، بعدما قــررت اللجنة العليا لإدارة أزمة فيروس كورونا الســماح بأداء الصلوات في المســاجد، وكذا صــاة التراويح خلال شــهر رمضان، بشــرط تطبيق جميع الإجراءات الاحترازيـ­ـة، مع الالتزام بالتخفيف فــي صلاة التراويح، بحيــث لا تزيد عن نصف ســاعة. الكرة الآن، أصبحت في ملعــب المواطنين، خاصة في ظل الإجراءات التي تتخذهــا الحكومة، بعدم التضييق على المواطنين، لاسيما في المناسبات، وبات الحذر مطلوبا، والالتزام بالإجراءات الاحترازيـ­ـة أمرا ضروريا، من خلال الالتــزام بارتــداء الكمامات واســتعمال كحــول التعقيم والتباعد بين الأشــخاص قدر المســتطاع. ومع دخول شهر رمضان الكريم، وما يصحبه مــن عادات المصريين بالتزاور والتراحم والترابط، يتطلب الأمر عدم الزحام والحيطة في التواجد داخل المنازل، وعدم التجمع قدر المستطاع، لاسيما أننا نعيش ـ برفقة العالم كله ـ ظروفا اســتثنائي­ة خاصة، تتطلب منا التعامل بالحيطة والحذر، والمحافظة على أنفسنا وعلى من حولنا. مع الأجــواء الرمضانية الخالصة، ينبغي علينا ممارســة الطقوس الدينية والاحتفاء بالشهر الكريم، بدون ضرر ولا ضرار، لنعبر هذا الشهر الكريم بسلام وأمان. نتمنى التزام المواطنين بتعليمــات الحكومة والمتخصصين من أهل الطب، بعدم إقامة موائد رمضانية، مع عدم السماح بالاعتكاف أو صلاة التهجد في المساجد، والتأكيد على حظر إقامة أي تجمعات كبيرة في الأماكن المغلقة، مثل ســرادقات العزاء، أو الاحتفالات في دور المناســبا­ت، هذا العام، لحين انتهــاء هذه الظروف الاســتثنا­ئية الخاصــة، على أمل أن تزول الغمة في القريب العاجل، ويأتي رمضان المقبل لتعود الحياة لطبيعتها كما كانت من ذي قبل".

القسوة مطلوبة

يرى ســامح فوزي في "الشروق"، أن أحد أهم المشكلات الســائدة هي غيــاب المتابعــة، على المســتويي­ن الفردي والعام، وهو ما ينجم عنه كوارث بمعنى الكلمة. وإذا كان المرء حرا في الشــأن الخاص، لكنه بالتأكيد ليس حرا في الشــأن العام. غياب المتابعة إشــكالية في بعض الأحيان إلا أنني لســت مقتنعا بأن أجهــزة الإدارة المحلية لا تتابع ما يجري على الأرض، ولا تتوفــر لديها معلومات، بل هي على دراية بما يحدث، ولكنها لا تفعل شيئا إزاء المخالفات، أو تقصر عملها على أمور شــكلية، والسبب هو الفساد. لم تبن مئات الآلاف من العقارات المخالفة، ولم يتغير نشــاط جراجات العمارات، ولم تســتولِ المحلات، خاصة المقاهى على أرصفة الشــوارع بعيدا عن عيون موظفي المحليات، بل هم شــركاء فــي هذه المخالفــا­ت، وضالعــون في هذا الفساد. المصانع غير المرخصة التي انتشرت في العمارات نموذج علــى تواطؤ المحليات، اســتيقظنا عليها في كارثة عمارة الطريق الدائري، ثم عمارة جســر السويس، التي أودت بحيــاة مواطنــن أبرياء. والمصانــع غير المرخصة

مجــرد مثال، لأن هنــاك الكثير من الأنشــطة المحيطة بنا غير مرخصــة، وتنجم عنها أضــرار ومخاطر، من مصانع بير الســلم التي تصنع مواد غذائية بلا رقابة، أو تأكد من صلاحية منتجاتها، إلى التكاتك التي تنتشــر في كل مكان، ويقودها في بعــض الأحيان أطفال، أو أشــخاص لديهم معلومات جنائية. تابع الكاتب: المشــكلة ليست فقط في ما يتردد منذ عقود عن فساد المحليات، التي وصفها يوما أحد كبار أركان نظام مبارك، وهو الدكتور زكريا عزمي في قلب مجلس الشــعب، بأن فســاد المحليات للركب، ولكن تبدو في بعــض الأحيان في عدم قدرة المحليــات، إذا رغبت في مواجهة المخالفات، وهو ما يتطلب مراجعة الإطار القانوني لعملهــا، والصلاحيات والإمكانات المتاحة لها. ودلالة على ذلك ما ذكره اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية من أن البناء المخالف ظل يستشــري مثل السرطان لسنوات، ولم يوقفه إلا صلابة موقف الرئيس السيســي، وتحويل المخالفين إلى النيابة العسكرية.

النوع الراقي

ســؤال طرحه أســامة غريب في "المصري اليوم": "هل تفضل أن تكون إنسانا في ميانمار، أو في سوريا أو اليمن، حيث حقوق الإنسان في المأكل والمشرب والمأوى والكرامة لا وجود لها؟ أم أن الأفضل أن تكون قطا مدللا في السويد أو فنلنــدا؟ تابع الكاتب كلامه: البشــر درجــات، هناك النوع الراقي والنوع متوســط الرقي، كما أن هناك النوع الرخيص. وليس الرقي ودرجته أو الرخص ومداه متوقفا على الثروة، أو ما يحوزه الإنســان من أدوات ووســائل الراحــة، ولا متوقفا على درجة تعليمــه وحدود معارفه. كذلك لا يرتبط بإيمانه أو كفره. النوع الراقي من البشــر هو الذي وفرت له دولته حياة كريمة ومحترمة، بدون أن يضطر إلى الكذب. وهذا النوع من البشــر لا يوجد إلا في المجتمعات التــي تدعم الصدق وتكافــئ عليه. لكن هناك مجتمعات أخرى النــاس فيها كذابــون بالفطرة، البيت يعلمهم الكذب حتى يضمن لهم السلامة والأمان، والمدرسة تعلمهــم الكذب حتى تضمن لهم التفــوق والحصول على الشــهادة. هكذا هو الأمر حتى أن النــاس هناك أصبحوا يقدمون ما يسمى الكذب الاستباقي، الذي لا تدعو الحاجة إليه، فإذا سألت الواحد: ماذا فعلت بالأمس؟ فإنه يحكي لك أشــياء مغايرة تماما لما فعلــه، وذلك على الرغم من أن الإجابة الحقيقية ليســت مزعجة لأحد.. لكنه يكذب على سبيل الاحتياط، لأن التجربة علمته أن الصدق في الغالب سيلحق به الأذى.

كذابون بالفطرة

الحقيقــة التــي توصــل إليها أســامة غريــب، هي أن المجتمعات التي يردد الناس فيها الأكاذيب ليل نهار ليســت بالضرورة مجتمعات واقفة على حافة الغضب والثورة، أو يحلم الناس فيها بالتحرر والانعتاق والدخول في منظومة المجتمعات الراقية. التجربة دلت علــى أن هناك مجتمعات كذابة وسعيدة في الوقت نفسه، وأهلها لا يجدون غضاضة في ترديد وعيــش الأكاذيب في البيت والنادي والمدرســة والصحيفة. كذلك يحســن أن يفيــق الموهومون من ترديد واعتنــاق أن الكذابــن والمنافقين يعانون مــن الكوابيس الليليــة لأن ضمائرهــم تتحــرك عنــد المســاء وتأخذ في محاســبتهم ومســاءلته­م فتجعل الأرق يصاحبهم والنوم يجافي عيونهــم.. هذا غير صحيح، فالكذابون والأوغاد هم أكثر الناس تمتعــا بالنوم الهادئ، بعــد أن ماتت الضمائر ولــم تعد تقــوم بوظيفتها المؤرقــة. لقد أنتجت البشــرية كما أشــار الكاتب من أجــل الكذابين علما ســموه «التنمية البشــرية» وظيفته أن يقنع الناس بــأن الخداع والمراوغة هي فنون عصرية يحســن اكتسابها، حتى يحبك الأصدقاء وينجــذب إليك الجنس الآخــر، ويعتمد عليك الرؤســاء، وصارت كتــب الأونطة والرياء تــوزع بكميات كبيرة لأنها أصبحت تــؤدي وظائف حيوية مهمة، فهي تصلح بديلا عن العدالــة الاجتماعية، عندما تؤكد للقطيــع أن الفرصة آتية وما عليك ســوى انتظارها واغتنامها قبل غيــرك، كما أنها تصلح بديلا آمنا للأديان التي قد تأخذ معتنقيها في ســكة التحرر والبحث عن العدل أو في ســكة التطرف والإرهاب. لهذا يمكننــي أن أتفهم من كان يأمل أن يكــون كلبا من نوع الكانيش يعيش في بيت ناس طيبين في سويســرا، بدلاً من البهدلة مع بني البشر في البلاد العِرّة.

حلم الفلاحين

أكد المستشار بهاء أبو شــقة في "الوفد" على أن مشروع تطوير الريــف المصري هو الأضخم في مصــر، وينفذ على ثلاث مراحــل، الأولى تبدأ بـــ1500 قرية، ولهــذا فإن هذا المشــروع - كما قال الرئيــس عبدالفتاح السيســي - أن تطوير القرى، لا يتوقف على جهة دون الأخرى، إنما يحتاج إلى جهد الحكومة والمجتمع المدني والمواطنين. وهذا يتطلب تكاتف وتضافر كل الجهات المنوط بهــا تنفيذ هذا التطوير الخاص بالريف. وهذه المشروعات التي يجري تنفيذها في القرى والكفور والنجوع ستوفر فرص عمل كثيرة للمقاولين المحليين، والاســتفا­دة مــن الصناعة المحليــة. وهذا يعني تحســن وتشــجيع الاقتصاد، من خلال كل ما يتم إنتاجه داخل الدولة. والمعروف أن برنامــج تطوير وتنمية القرية المصرية يهــدف إلى تطويــر جميع القــرى المصرية البالغ عددها 4741 قرية، وتوابعها البالغة نحو 36 ألف عزبة وكفر ونجع، وهذا التطوير يقوم على تحســن جودة حياة أهل القرى خاصة، بمشــاركته­م الفعلية حتى يتحقق لكل قرية النصيــب العادل من الخدمات العامــة والمتنوعة في البنية التحتية، وتشــمل هــذه الخدمات مياه الشــرب والصرف الصحي والطــرق والاتصــال­ات والمواصــا­ت والكهرباء والنظافة والإســكان، وتحسين مســتوى الخدمات، التي تضم الصحة والشــباب والمرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة والثقافة والتدريب. كما تتم زيادة مستوى الدخول بزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل وتنويع مصادر الدخل والاســتفا­دة مــن التنميــة الاقتصادية زراعيــاً وصناعياً وتجارياً وســياحياً وخدمياً. وهذا الأمر يحتاج بالفعل إلى المشاركة المجتمعية والشــعبية لمواطني هذه القرى، خاصة أن رؤية كل قرية تختلف عن الأخرى، في ما يتعلق بالهموم والمشــاكل والاحتياجا­ت الفعلية. وهذا الأمــر يحتاج إلى استنهاض المجتمع بقياداته ومواطنيه للمشاركة في تنمية المجتمع. وتســعى الحكومة إلى تحســن جودة الحياة في الريف والحضر، وزيادة الرقعــة المعمورة. ولذلك تم تنفيذ نحو 31 ألف مشــروع جديد، والباقي يتم خلال الســنوات التالية.

أنا محدود الدخل

تلقى علاء عريبي في "الوفد"رســالة من شــاب يحلم بامتلاك شــقة جاء فيهــا: "تحيــة طيبة وبعــد، مقدمة لســيادتكم من أحمد... أقيم في حــي المطرية في القاهرة، حاصل على بكالوريوس تجارة، ومقيم في شقة مع والدي عبارة عن غرفتين وصالة، ووالدي موظف بسيط على قد حاله، يعمل مدرســا )مدرس عملي وليــس نظريا(، وأنا مقبل على الزواج من إحــدى قريباتي، وفي أمس الحاجة إلى وحدة ســكنية، وظروفنا الصعبــة تجعلني غير قادر على التقدم لحجز وحدة ســكنية ضمن مشــروع إسكان الشباب، ســواء كان إسكان محدودي الدخل، أو الإسكان الاجتماعــ­ي، لعــدم مقدرتي على تســديد مقــدم الحجز أو تســديد القســط الشــهري، فهما أكبر بكثير من دخلي الشــهري، ولا تتناســب مع شــاب مبتدئ فقير. الرئيس السيســي أكد أكثر من مرة أن الأولوية للشباب، وأنه مع تحقيق مطالبهم المشروعة، خاصة محدودي الدخل منهم، وأنا بفضل الله من محدودي الدخل، ولا نمتلك أنا ووالدي، ربنا يديم عليه الصحة، أموالا زائدة، كما يقولون: الجاي على قــد الرايح، بالكاد مــا يدخل لنا ينفــق على الطعام والشــراب والفواتير والمواصلات، فهل رسالتي هذه من الممكن أن تلفت انتباه الدكتــور مدبولي رئيس الحكومة، أو الدكتور الجزار وزير الإســكان، ويبحثا حالتي ويأمرا بتخصيــص وحدة ســكنية ضمن الوحــدات المخصصة للشباب أصحاب الظروف القاسية، رجاء أستاذ علاء أن ترفع صوتى إليهما، وتطالبهما ببحث حالتي، ومساعدتي في الحصول على شــقة أتزوج فيها، ولســيادتك­م جزيل الشــكر، مقدمه لســيادتكم/ أحمد".. رســالة ابننا احمد نرفعها إلى الدكتور مدبولي رئيس الوزراء، وإلى الدكتور الجزار وزير الإسكان، ونأمل مساعدتهما.

متى يختفي هذا العذاب؟

وكأن الزمــن يقف بنــا ولا يتحرك إلى الأمــام، تمضى الســنوات وندور حول النقطة نفســها التــي أصبحت في عُــرف العالم من مخلفات الماضي التــي تعداها الجميع، بل وأدانهــا وجرّمها ونعتها بالقســوة والوحشــية. تواصل درية شــرف الدين في "المصري اليوم" كلامها قائلة، مسألة ختــان البنات، أي اقتطاع جزء من أجســادهن التي خلقها الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم وفي أحسن صورة، فقرر البعض أنها تحتاج إلى تعديل، وأوردوا أسبابا ملفقة لا ســند لها من الدين، أي دين، وقرروا الولاية على أجساد الفتيات الصغيرات، وعلينا أن نبحث وراءهم: هل تســبب هذا الهجوم الإرهابي اللاإنســا­ني في إصابة الفتاة بعاهة مستديمة تســتحق عقاب الفاعل؟ أم مجرد جروح عميقة لا تندمل تأثيراتها النفســية طوال العمر؟ أم إحساس بالمهانة والانكســا­ر وكراهيــة للذات وللأهــل وللمجتمــع الظالم صاحــب القلب المتحجر؟ مشــروع قانون جديــد مقدم من الحكومة بتعديل قانون العقوبات في شــأن تغليظ عقوبة ختان الإنــاث، وصل المشــروع إلى البرلمــان ووافق عليه وأحاله إلــى مجلس الدولــة لمراجعته قبــل الموافقة عليه نهائيا. يبدو الأمر طيبا، فســنة وراء ســنة تجاهد الجهات المعنية بشؤون المرأة في مصر ومنها المجلس القومي للمرأة، والمجلــس القومي للطفولة والأمومــة، والجمعيات الأهلية المهتمة بشؤون المرأة، وقطاع كبير من نساء مصر ورجالها، يجاهدون ضــد تلك العادة المذمومة، التي انقرضت في بلاد كثيرة واســتمرت عندنا للأسف حتى الاَن، ومعنا السودان والصومــال وإثيوبيــا وموريتانيا. الأمر يبــدو طيبا على المستوى الرســمي والبرلماني، أما المستوى الشعبي خاصة فــي الصعيد وفي الأريــاف، فإن الأمر يحتــاج، إلى جانب تغليظ العقوبــات، إلى نشــر الوعــى والتحذير وعرض صحيح الديــن في ما يخص هذا الفعل القاســي. وقد أورد الشيخ الجليل علي جمعة، الرأي الصحيح في تلك المسألة، وعرضها أمام البرلمان وهو ما يجب أن تســير عليه البرامج الدينيــة في الإذاعــة والتلفزيــ­ون والإعلام مــن جانب، والعقوبات الرادعة من جانب آخر، لعل وعسى يختفي يوما ما هذا العذاب وتجاربه الأليمة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom