Al-Quds Al-Arabi

«السيمولاكر» السردي في «مثالب هوميروس» لصلاح بوسريف

-

■ فــي إطار أنشــطتها الثقافيــة الافتراضية، نظمــت المكتبــة الوســائطي­ة فــي الربــاط يــوم الخميس 18 مــارس/آذار 2021، لقــاء ثقافيا مع الشــاعر صلاح بوســريف، حول عمله الشعري الــذي يحمل عنــوان: «مثالب هوميــروس» الذي يتألف من كتابــن ضخمين، الأول بعنوان فرعي هــو «نكايــة في الآلهــة» والثانــي بعنــوان آخر: «هــولاس الأقيانــو­س» مــع مداخلتــن نقديتين حــول هــذا العمــل، واحــدة قدمتها شــخصيا، والثانية قدمها الشــاعر والناقــد الفني عز الدين بوركة. وقد ارتأيت أن أدون هذه المداخلة تعميما للفائدة.

ثمة حقيقــة ينتهي إليها كل مــن تأمل وتمعن فــي التجربــة الشــعرية لــدى المغربــي صــاح بوســريف، تتمثل في كون هذه التجربة تشــكل حالة خاصة في المشهد الشعري العربي برمته.. حالــة مفصليــة لأنها تفصــل بين تجربتــن، إن شئتم بين شعريتين: شــعرية القصيدة من جهة، وما يمكن تسميته بشعرية الأفق من جهة أخرى. والشاعر بذلك، أســهم بوعي عميق في تأسيس ميثاق تخييلي جديد في الشعرية العربية. ميثاق يَعْتبِــرُ خير الكلام ما قام بين الشــعر والنثر، كما جاء فــي الأثر عند أبي حيــان التوحيدي. ميثاق لا يفصل بين لغة صالحة للشعر وأخرى للنثر.

والحــق أن الشــاعر صــاح بوســريف انتبه إلــى هــذا الأمــر مبكــرا، الشــيء الــذي جعله لا يحيد عن الطريق الذي اختــاره كمخاطر بالمعنى النيتشــوي، زاده المشاكســة والاختراق. نلمس هــذا بوضــوح منــذ عملــه الشــعري الموســوم بـ«حامــل المــرآة» حتى آخــر أعماله «أنــا الذئب يا يوســف» مــرورا بـ«شــرفة يتيمــة» بأجزائها الثلاثــة، و«رفــات جلجامــش» الحائــز جائــزة المغرب للكتــاب )صنف الشــعر(، و«يا هذا تكلم لأراك» و«مثالب هوميروس» بجزأيه.

هي أعمال كتبت بنفس ملحمي هوميروســي، لا نظيــر لــه في الشــعر العربــي، نفــس يجعلها متواشــجة فــي وشــيجة خاصــة ومختلفــة، وراشــحة بعمق فلســفي يُرشِّــحُها لأن تشــكل ملحمــة متفــردة فــي الشــعر العربــي الحديث. «مثالــب هوميــروس» بوصفــه عمــا شــعريا ضخما، يَدْخلُ في هذا المشــروع الشــعري الذي لا يفصــل بــن الشــعر والنثــر، والــذي يعتبــر الاختراقــ­ات الفنيــة والجماليــ­ة دفعــا للشــعر إلــى مضائقه بتعبيــر أبي نواس، وإلــى التخوم والكتابة الحدودية بلغة فيليب ســولرز. والأكيد أن هــذا العمــل يحفــل بمجموعــة مــن الإبدالات الفنية، التي تجعل منه أيقونة شعرية. لكن لضيق هذه الفســحة النقدية، سنكتفي بنسق فني مائز شــكل قطب الرحى في «مثالب هوميروس» كما في باقي الأعمال الشــعرية الأخرى لدى صلاح بوســريف، ألا وهو «تسريد الشــعر» و»تشعير السرد».

في هــذا العمــل، يتخلّق الســرد شــعرا، من

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom