Al-Quds Al-Arabi

الفنان المغربي سعيد أوحدو يقتنص صيغة جديدة لتحديث أسلوب الخط العربي

-

■ يُعبّــر الفنان ســعيد أوحــدو بنماذج حروفية وأشــكال زخرفية، من نسيج مجاله الإبداعي، اعتمادا علــى فضاء يعج بطقوس تعبيريــة دائمة التكوين، وإضفــاء مفردات فنية وتركيب خطي يســتحوذ بشــكل كبير على معظم بنائه الفضائي، وفق تعددية فنية متناســقة، ووفق مفارقات لونيــة، إذ تلعب التقنية المســتعمل­ة دورا محوريــا في إيجاد صيغة جديدة لتحديث أســلوب الخط، وهو ما تفصح عنــه التراكيب المختلفة والألــوان الفارقيــة والخامات، حيــث تبرز قدرتــه التحكمية في الفضاء، ومهارته في الإنجاز.

كمــا أن الربط بــن العناصر المكونــة لأعمالــه، والربــط بين مجموعة من المفــردات المتباينة، والاستخدام­ات التحولية، وبسط نوع من الانسجام بين شكل الخط والأشــكال الزخرفية والتركيبات المختلفة؛ يشــكل ضربا من العمل الفنــي، وتوجهــا صريحــا نحو أســلوب خطي حديث، يقود إلى عوالم تُوجّــه الطريقة التعبيرية لدى المبدع ســعيد أوحــدو. فإن كان يتخذ من الخط مقوما أساسيا لبعث الجديد، فإنه في الآن نفسه يروم عملية تشــكُّل البناء الفني، عن طريق وحدة الشــكل والكتلة الواحدة، قياســا بأهمية الحرف في تحديــد المكونات الأســلوبي­ة ذات القيمــة الفنية التــي تكتنز العديد مــن الــدلالات البصرية، التي تحتمــل التأويلات الجمالية المتعددة فــي أعماله على اختلاف أشكالها.

فســحرية الخط تتجســد في عمليــة التثبيت المحكــم والمنظم داخــل الفضاء، باحتــرام عفوي لبعض أشــكاله، وهو مــا يحيل إلــى أن المبــدع غالبا مــا يرتهن لقــوة التوظيــف الجمالي للخط والزخرفــة، أكثــر منــه لاختزال المساحات وخوض غمار الحروفية المعاصرة. كما أن الشحنات التراثية والنقاط وطرائــق التركيــب، تزكي هــذا الطرح في غياب تصبيب الألوان، والتخفيف من عملية التنظيــم الفارقي، وهي عناصــر وإن كانت تدعم القاعدة الخطية بالأساس؛ فإنها تقترب إلى حــد ما من العمل الحروفــي. ويتبدى أن هذا التأطير يأتي في ســياق التجربة الفنية للمبدع سعيد أوحدو، وأيضا في نطاق البعد الرؤيوي، الذي يقــارب به الصيغة الجديدة لتحديث أســلوب الخط وفــق العمل الفني، الممزوج برهانات المادة التشكيلية التي يقوم عليها العمل الفني ككل. الشــيء الذي ينتج بعض المقومات الفنيــة، التي تترصد المنطق الخطي في نطــاق فني. وهو مــا يفصح عن درجة من الوعي الفني للتعبير بهذه المقاربة، بل إن الرؤية البصرية تُظهر أن البناء الخطي في عمومــه، محاط بثقل الزخــارف أحيانا،

وإن اللــون حاضر في المرتبــة الثالثة مضمر في جوهر الشــكل، ما ينم عــن عملية الأخذ من مجــال تراثي أصيــل، باجتهادات تجعل أعمال المبدع مثقلة بالإيحاءات والإشــارا­ت والرمزية، كعناصر فنية يقتحم بها فضاءات الحداثة وعوالمها الإبداعية الجديدة، وبذلك يبني الفنان سعيد أوحدو أعماله الإبداعية وفق مستحدثات تقنيــة فــي الــرؤى التعبيرية، ووفق أدوات نصية، يمزج خلالها التركيــب الخطــي بالزخــارف وبعض الألوان، في بؤرة واحدة وكتلة واحــدة، ويوظفها بتدرج دقيــق ومنظم، وبمقــدرة أدائية عالية، مســتعينا بصيغــة فنية تتخذ أبعادا جمالية وثيقة الصلة بالمنجــز الخطــي الحديث، حيث يتخذ من التعبير الخطي والفضاء الفني مادة جمالية للتعبير بإلهام فني عميق الدلالة. وهو يتخذ من المســاحة أبعادا تحيط بها أحيانا زخــارف مغلقة. وهي تشــكل في مجملها مجموعة عناصر في إطار تتماثل حينــا، وتتباين حينا آخر في نطاق وحدة الشــكل، بتمثيل للمقومــات الإيجابيــ­ة للعمــل الخطــي، لينتــج المبــدع من ذلك جماليات وقيــم تعبيرية صرفة، وبذلــك تتراءى أعمالــه مرصعة بنشــوة التراث الثقافي الأصيل، بمنمنماتــ­ه القديمــة، ومقترنــة بصيغــة التحديث بمقصدية ربط الأداء الخطي بالمادة التشكيلية.

إن هــذا الأســلوب يجعل من تجربة المبــدع بــؤرة لتقاطعات خطية وفنية، ما يوحي بأنه يبني منجزه على مقصديات ذات الصلة بالصيغة الحديــة للخط، وإبراز الملامح الجماليــة للحرف العربي داخل الفضــاء اللونــي، في نطاق وحدة الشكل والبناء والتصور.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom