Al-Quds Al-Arabi

خبراء: الظروف الاقتصادية غير ملائمة لتحرير الدينار التونسي

-

■ تونس - الأناضول: لم تجد دول عربية مثل العراق والســودان والمغرب، وقبلها مصر، سبلاً لحل أزماتها النقدية والمالية والاقتصادي­ة ســوى التعويم الجزئي أو الكامل لعملاتها.

وفــي تونس، تزايد الحديث خلال الســنوات الثلاث الماضية عن تعــويم جزئي أو كامل للعملة المحليــة «الدينار» فــي وقت تواجــه فيه البلاد صعوبــات اقتصادية وماليــة، وتذبذباً في وفرة النقد الأجنبي.

وشــهدت قيمة الدينار التونســي تذبذباً في ســنوات ما بعد الثــورة، حيث تدهــورت قيمته أمام الدولار الأمريكي واليــورو الأوروبي بصفة ملحوظة.

وحســب بيانات للبنك المركزي التونسي، كان ســعر الدولار في حدود 1.40 دينارا نهاية 2011، ثم بلغ سعر الدولار 1.56 دينارا نهاية 2012، وظل سعر الصرف أقل من دينارين حتى 2015.

وفي 2016 سجل الدولار 2.14 وواصل الصعود إلى 2.78 بحلول نهاية العام الماضي، فيما كســر حاجــز 3 خــال وقت ســابق مــن 2019 قبل أن يتراجع لاحقا.

وقال ســليم بســباس، وزير المالية الأسبق،

أن بلاده «ليســت في ظروف تخول التوجه نحو تحرير ســعر الصرف». وأضاف أن «نظام تحرير ســعر الصرف بحاجة إلى متطلبات، ولا يمكن في أزمة اقتصادية ومالية اللجوء إلى هذا الخيار».

من هذه المتطلبات، حســب الخبير التونســي «وجــود وفرة فــي المدخــرات المقومــة بالعملة الأجنبية» حتى يكون البنــك المركزي قادرا على ضخ حاجة الســوق من النقد. وأضاف «حالياً، لا بد من توخي الحذر في اســتعمال أية آلية ضمن أدوات السياسة النقدية في البلاد».

لكنه أشار إلى وجود إيجابيات في حال القيام بتعويم العملة، في حال توافر الشروط المطلوبة. وأضــاف «تونس شــهدت هشاشــة اقتصادية، وتحرير ســعر الصرف ســيؤدي إلــى مزيد من اســتنفاد الاقتصاد التونســي، وتخارج العملة الصعبة».

وفي ما يتعلٌق بالسياسة النقدية للبنك المركزي التونسي، قال أن الأخير توخى منذ عامين سياسة تهدف لزيادة احتياطات النقد الأجنبي.

وحتى مطلع العام الجاري، ســجل احتياطي النقد الأجنبي في تونس مستوىً قياسياً جديداً، وبلــغ 23.1 مليار )8.25 مليــار دولار( بما يغطي كلفــة 161 يوماً الواردات، وفــق بيانات المركزي التونسي.

وقال بســباس «هذا الاحتياطي أعطى أريحية للنظام البنكي» وأضاف «السياســة النقدية كان لهــا آثار إيجابيــة على كبح الطلــب على العملة الصعبة، وساهمت في طمأنة السوق». تعويم ضمني في المقابــل، يرى رضا الشــكندال­ي، أســتاذ الاقتصــاد الجامعــة التونســية، أن الدينار تم تحريره ضمنيــاً دون إعلان منذ 2016، مع إصدار قانــون البنك المركــزي، والاتفاق مــع «صندوق النقد الدولي» حــول قرض منحه للبلاد. وأضاف أن سياسة تحرير ســعر الصرف تمت عندما ترك البنــك المركزي تحــركات الدينار وفــق العرض والطلب.

وفي رأيه فــإن دولة كتونــس تعتمد بدرجة كبيرة على الاســتيرا­د فإن هذه السياســة يمكن أن تمــس قيمة العملــة، وهو ما يؤثــر على كلفة الواردات ويقفز بالتضخم.

وبالنسبة إلى الوضعية الحالية في تونس، أكد الخبير أن سياسة تحرير سعر الصرف لا تتضمن إيجابيات «إذ ليس هناك قطاعات مســتقرة على

مستوى الصادرات».

أما بالنسبة للسياســة النقدية للبنك المركزي التونســي، فقد اعتبرها سياسة خاطئة وقال أنها ساهمت في تضرر الاقتصاد التونسي.

وتابع القول «الضرر وقع منذ 2016 مع تطبيق السياسة النقدية الحذرة وسياسة الصرف المرنة )تحديد ســعر الصرف بالعــرض والطلب( وهو شرط من شــروط صندوق النقد الدولي لحصول تونــس على قرض». وفي أبريل/ نيســان 2016، حصلت تونس على قرض مقســم على شرائح من صنــدوق النقد الدولي بقيمــة إجمالية 2.8 مليار دولار.

وقال رضا الشكندالي أن الدينار التونسي لم يجد في نفسه القوة أمام العملات الأخرى محليا، باعتبار أن البلاد ما تزال في فترة انتقالية، حسب الشكندالي، في إشــارة إلى الدولار واليورو على وجه الخصوص.

وختم بالقول «الاقتصاد المتماسك يعطي وفرة كبيرة للعملة الصعبة، لكــن الاقتصاد في مرحلة انتقالية، لا يمكــن أن يعطي فائضا في الصادرات بالتالــي الوقــت غير ملائــم لتنفيــذ أي تعويم جديدة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom