Al-Quds Al-Arabi

5 استنتاجات من تصويت الوسط العربي في الانتخابات الإسرائيلي­ة الأخيرة

- سيون حيلاي 2. سقوط القائمة المشتركة: زمن إعادة النظر في المسار .3 يتدفقون لليكود؟ حملة «أبو يئير» ونصف مقعد لليكود

■ مع أن معدلات تصويــت العرب كانت متدنيــة، وحملة الانتخابات كانت غافية نســبياً، إلا أنه لا شــك بأن نتائج انتخابات الكنيست الـ 24 ألقت الأضواء على الوســط العربي وجعلت ممثليهم في الكنيست لاعبين أساسيين في السياسة الإســرائي­لية – ومنهم كفيلون أيضاً بأن يحسموا فيما إذا كانت ستقوم حكومة وبرئاسة أي زعيم.

وقبل أن ينجح رئيس “راعم”/الموحــدة، منصور عباس، في اللحظة الأخيرة بعبور نســبة الحسم، أصبح الشــخصية الأكثر عرضة للغزل في الســاحة السياســية ولأول مرة هناك إمكانية حقيقيــة في جلوس حزب عربي داخــل الائتلاف أو على الأقــل أن يؤيده من الخارج، بهذا الشــكل أو ذاك. بالمقابل، فإن القائمة المشــتركة، التي تعرضت لضربة قاســية في صندوق الاقتراع بعد الانقســام مــع «الموحدة» ما زالــت تدرس خطأها وتوضح بأنها ليست في جيب يئير لبيد أو جيب أي شخص آخر.

في الوقت الــذي لا يزال فيه مصير الحزبين العربيين الناجحين غامضاً في مسائل عديدة، وبعد أن شاهدا كيف تدفق عشرات الآلاف من ناخبيهم إلى أحزاب أخرى أو ظلوا في البيت، يمكن أن نستخلص عدة استنتاجات جوهرية عن التغييرات السياســية الجارية في الوسط العربي، ونقول: هــذه الانتخابات وضعــت مواطني إســرائيل العرب فــي مفترق طرق. اختيارهم إلى أين يتقدمون كفيل بأن يحســم شــخصية رئيس الوزراء التالي بل والمصير السياسي للدولة.

1. التحول في أوساط ناخبي «راعم»: نزعة المحافظة وخيبة الأمل من القائمة المشتركة

«عرب إسرائيل اليوم يريدون أن يكونوا أكثر انتماء من أي وقت مضى، هويتهم الفلســطين­ية مهمة ولكن يوجد فارق بين الفلسطينيي­ن الذين هنا فــي داخل الخط الأخضر وأولئك الذين خلفــه، حول كيف يمكن الحصول على الحقــوق كمواطنــي دولة» شــرح د. اريك رودنتســكي، باحث في برنامج المجتمع العربي في إســرائيل في المعهد الإسرائيلي للديمقراطي­ة. «لقد أصبح الخطاب مدنياً أكثر. شــخصت “راعم” هذه الإمكانية الكامنة، وتأتي كحزب أصيل، كالتيار المركزي العربي الإسلامي المحافظ، وتقول إنه لن يستطيع أحد أن يســلبنا هويتنا، ولكنهم قد يحرموننا الحقوق إذا لم نحرص نحن على أنفسنا».

في داخل الوسط العربي من يشــير إلى التحولية المحافظة للناخبين. يدعــي د. ميخائيل ميلنشــتاي­ن، وهو باحــث كبير في معهد السياســة والاســترا­تيجية في المركز متعدد المجالات في هرتســيليا ورئيس منتدى الدراســات الفلسطينية في مركز ديان، بأن نجاح “راعم” في الانتخابات ينطــوي على ميل محافظ: «من صوت له يريد أن يندمج ويؤثر في المبادئ المهمة وألا يكــون مقيداً بالمعارضــ­ة، ومن جهة أخرى، هــذا الجمهور ذو التفكير المحافظ على نحو خاص، وكل الوسط البدوي سار معهم، يأتي مع هوية جد مختلفة عن المصوتين للأحزاب في اليســار، فهم ليسوا علمانيين حديثين أو ميالين للغرب.

وتشــير الصحافية ناهد درباس، إلى عاملــن آخرين لنجاح «راعم»: خيبة الأمل من القائمة المشــتركة، وعمل ميداني مكثف نجح في أن يحمل بعضاً من المصوتين السابقة للمشتركة للتصويت لـ”راعم” هذه المرة.

إن مراكــز التأييد لـ”راعم” غيــر محدودة، وتضم مناطق وســكاناً متنوعين في الوســط: في الأســبوع القادم سينشــر بحــث يحلل نتائج الانتخابــ­ات في المجتمع العربي، ووجد أن معاقل قــوة “راعم” كانت في

بلدات المجتمع البدوي في الجنوب، وفي الشــمال، وفــي الأحياء والمدن المختلطــة التي يعيش فيهــا جمهور من أصل بدوي )مثــل الجواريش في الرملة( وكذا في جنوب المثلث ولا ســيما – في كفر قاســم، عرش الحركة الإسلامية.

في الانتخابات السابقة نجحت القائمة المشتركة في اجتراف 15 مقعداً، ولكنها بدون “راعم” هبطت هذه المرة إلى 6 فقط. «انقســام “راعم” عن المشتركة مس بالمشــترك­ة، فقد عاقب الجمهور العربي الأحزاب وامتنع عن التصويــت لأنه غضب من هذا الانقســام – وأراد أن تتنافس كل الأحزاب معاً» شــرحت درباس. وعلــى حد قولها، فــإن انفصــال الممثلين العرب قلص قوتهم في الكنيســت ودفــع الكثير من الناخبين إلــى عدم الاقتناع بالتصويت. والنتيجة: نسبة التصويت من 45.6 في المئة في الوسط مقابل نسبة تصويت عامة فوق 67 في المئة بقليل.

يشــير الخبراء إلى الضربة التي تعرضت لها أحزاب القائمة )الجبهة بقيت مع 3 مقاعد، وحركة التغيير مع 2، والتجمع مع 1( وهو تحطم سيجبر المشتركة على إعادة النظر في المسار. «هذا درك أسفل في كل الأزمنة، هناك عرب في «ميرتس» الآن أكثر مما في التجمع، مما يطرح الســؤال إذا كانت ســتقوم حكومة بتأييد «راعم» في المدى البعيد بينما تجلس المشتركة في الخارج » قال رودنتسكي.

وثمة ســبب آخر لســقوط المشــتركة: لم تنجح في تحقيــق ما يكفي من مصالح الوســط العربــي. «لقد عملوا أساســاً بكثير من الشــعارات والأيديولو­جيا والأفكار الوطنية قبل المشــاكل المدنية» شرح ميلنشتاين. «هذا انتهى، لا جدوى منه، هذا هو الجيل القديم. والآن بعد فشل المشتركة فــي جلب البضاعــة، يريد الجمهــور العربي تمثيلاً فــي الحكومة يحقق إنجــازات ذات مغزى». وعلى حد قوله، بقيت القائمة المشــتركة ســائدة فــي البلدات التي كان فيهــا معدل التصويت متدنياً مثــل أم الفحم، بؤرة الاحتجاج ضد وباء الجريمة والعنف المتصاعد في المجتمع العربي.

يقــدر الخبراء على أســاس معطيــات لجنة الانتخابــ­ات الأولية بأن الليكــود زاد قوته في المجتمع العربي، ولكن -بشــكل متواضع- من نحو نصف مقعــد. والمعنى: ظهــور رئيس الــوزراء في إطار حملــة أبو يئير ونشــاطه في أرجاء الوســط زاد معدل التأييد له ولا ســيما في البلدات البدوية في الجنوب، ولكن ليس أكثر بكثير من ذلك. يقدر رودنتسكي بأن نتنياهو أوضح في الأســبوع الأخير من الانتخابــ­ات، بأنه لا يعتزم إقامة حكومة مع “راعم”، وهذه أخرجت الهواء من أشرعة المقترعين. والنتيجة: نسبة التصويت الأدنى في الوسط العربي منذ عشرين سنة.

يعتقد رودنتسكي بأنه غير قليل من الناخبين في الوسط ممن يعتقدون أن نتنياهو مناسب للمنصب «ولكن توجد مشكلة من عدم الثقة بالحكومة، وبخطة القضاء على العنف في المجتمع العربي، التي وعد نتنياهو بالعمل عليها، ولكهم لا يؤمنون بأنه سينفذها» قال. «في نهاية المطاف، لم يحصل الليكود إلا على نصف مقعــد، ولكن هذا لا يزال أكثر بكثير مما حصل عليه الليكود في أي وقــت. يعتقد غير قليل من الجمهــور العربي بأن نتنياهو مناســب كرئيس للوزراء، ويعتبر مثل اريك شــارون كمن يمكنه أن يأتي بخطة، ولكنه في نهاية الأمر حصل من الوســط على نحو 20 ألف صوت. وبالتالي لم تنجح خطته».

تقدر درباس بأن من صوت لليكود من الوسط هم من المجتمع الدرزي،

وقالــت. «كل الأحزاب اليهودية معاً حصلت علــى نحو 70 ألف صوت من العرب، ولتفكيك القائمة المشتركة دور في هذا. إذا ما عادت المشتركة لتتحد فإني أؤمن بأن المقترعين سيعودون إلى هناك.»

.4 «راعم» في الائتلاف؟ استقبلوا «شاس المجتمع العربي»

في الوقت الذي يغازل الطرفان حزب «راعم» فإن احتمالات جلوسه في الائتلاف– مع نتنياهو أو مع لبيد – تبقى متدنية نســبياً. «فقد قال اليمين، على مدى طريقه، إنه لن يسير مع الأحزاب العربية، وسيقف نتنياهو قبل كل شيء على رأس حزب يميني، وسيتعين عليه العمل وفقاً لمصوتيه، فهو لا يريد أن يفقد المقاعــد الكثيرة هذه التي يتلقاها مــن اليمين الصهيوني ليسير مع عباس» قالت درباس.

وعلى حد قولها، مع أن حــزب «راعم» يفحص الإمكانيات مع الكتلتين، إلا أنه سيسير مع من يعد بتحقيق الخطة للقضاء على العنف في الوسط، وإلغاء قانــون القومية، وإعطــاء حرية تصويت بالنســبة للقوانين في موضوع حقوق المثليين. بالنســبة للشــرط الأخير، يقــدر حزب «راعم» بأن عباس سيصطدم بمعارضة شــديدة من كتلة التغيير. بالمقابل، حتى لو أوصى في النهايــة بنتنياهو، فالتقدير هــو أن الخلافات الداخلية في كتلة اليمين لن تســمح للحكومة بالبقاء على مــدى الزمن، وعملياً تضمن انتخابات خامسة.

مقابل الاحتمــال­ات الطفيفة لإقامة ائتلاف مع لبيد، يقدر رودنتســكي

بأن هناك احتمالاً بأن يرتبط “راعم” بمعســكر اليمين: «المعســكر الثاني أكثر انسجاماً، فهناك نتنياهو والموالون له، باستثناء الصهيونية الدينية ويمينــا المعارضين. وهؤلاء ســيحصلون على منصب وزيــر، و”راعم” ســيحصل على ما يريد – معالجة المشــاكل الملحة. إذا ما صمد هذا سنتين على الأقل، فســيكون هنا تغيير، وإذا ما اعترفوا بقرى النقب، ســيبدأون بضخ الأموال للخطط في المجتمع العربي. في نهاية المطاف، سنرى أن هذه سياســة في أفضل صورها. و“راعم” مســتعد لأن يكون «شاس المجتمع العربي».

.5 سيناريو انتخابات خامسة:فوضى وأزمة ثقة

إذا بقيــت «راعم» خارج الائتلاف ولم تقبل أي من الكتلتين شــروطها، يتعاظم احتمال انتخابات خامســة. في هذه الحالة، سيكون التأثير على الوســط هداماً وستحتدم التوترات بين الدولة والعرب. «إذا رأينا هبوطاً في هذه الانتخابات في معدلات التصويت، فســيفهم الجمهور العربي بأن الحكومة لا تريدهم في الانتخابات القادمة، وســتكون معدلات التصويت متدنية أكثر فأكثر، وســيبدأ إحباط كبير في المجتمع العربي الذي سيفهم أنه لــن يحدث تغيير في الجريمة، وفي مســاعدة الجيل الشــاب والبنى التحتية» قدر ميلنشــتاي­ن. «يمكن لهذا أن يلحق ضرراً كبيراً بثقة المجتمع العربي للحكومة». معظم الخبراء يقدرون بأن ليس لـ«راعم» مصلحة في انتخابات خامسة.

يديعوت 2021/3/31

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom