Al-Quds Al-Arabi

تضمين حصّة كردستان في موازنة2021 بداية لحسم خلافات بغداد وأربيل

بارزاني: لم نحصل على كل ما نسعى إليه... وطالباني يدعو لتقوية البيت الكردي

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

يُنــذر تصويت مجلــس النــواب العراقي، على قانــون الموازنة الماليــة الاتحادية 2021، بعد مخاضٍ عســير، ببداية جديدة في العلاقة النفطيــة والمالية والسياســي­ة بــن الحكومة الاتحاديــ­ة فــي بغــداد ونظيرتها فــي إقليم كردستان العراق، لما تضمنه القانون من اتفاقٍ يقضي بتسليم أربيل وارداتها النفطية ونصف إيرادات منافذها الحدودية، إلى بغداد.

القانون الذي مُرر في ساعة متأخرة من ليلة أول أمس الأربعاء، لاقى ترحيباً برلمانياً واسعاً، بعد أن تمكنت القوى السياســية المختلفة، على تضمين مطالبها في موازنة 2021، على رأســها الأحزاب الكردستاني­ة.

وارتفعــت حصــة إقليــم كردســتان مــن الميزانيــ­ة من 12.67 ٪ إلــى 13.9 ٪، في ظل توافق سياســي علــى أن يســلم الإقليم 460 ألف برميــل نفط يوميا، يُســتقطع منها نفقات النقل والتشــغيل والانتاج والاستهلاك المحلي، ليتبقى منهــا نحو 250 ألف برميــل، فضلاً عن تسليم 50٪ من الإيرادات غير النفطية والمنافذ الحدودية، إلى الحكومة الاتحادية.

جولات تفاوض

الاتفاق الأخير بين بغــداد وأربيل جاء ثمرة لجولات تفاوضية قادها نائــب رئيس حكومة إقليم كردســتان العــراق، القيــادي في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» قوباد طالباني.

ودعــا رئيس إقليــم كردســتان نيجيرفان بارزاني، جميع الأطراف إلــى الالتزام بقانون الموازنة، فيما أشاد بالوفد التفاوضي الكردي.

وقــال بارزانــي، في بيــان أصــدره عقب التصويت علــى موازنة 2021: «أهنئ شــعب العراق وأشــد على أيدي رئاســة وجميع كتل مجلــس النــواب، وإن جهود رئيــس الوزراء مصطفى الكاظمــي لتخفيف الخلافات وتحقيق الاتفاق، هي محل تقدير وشكر.»

وأضــاف «لغرض حــل المشــاكل وتحقيق الاستقرار والعمران ومســتقبل أفضل يحتاج العراق إلى التعاون المشــترك والعمل المشترك وعلينا جميعاً أن ندعم هذا الاتجاه.»

وتابع: «أشــد بصورة خاصة على يد قوباد طالباني، رئيس وفــد الحكومة المفاوض، الذي خــاض مع أعضاء وفد إقليم كردســتان بنفس طويل وبنجاح محادثات صعبة. أشد على أيدي الكتل الكردســتا­نية التي تعاونت وتعاضدت فيما بينها ومع وفد الحكومة على تثبيت حصة إقليم كردستان في الموازنة العراقية.»

بداية جديدة

وعبر عــن «أملــه أن تلتزم الأطــراف كافة بهذا القانون، ويمكــن أن تصبح المصادقة على الموازنــة بداية جيــدة وحافزاً علــى حل بقية مشاكل إقليم كردســتان والحكومة الاتحادية، وســيؤدي تنفيذ القانون إلى تعزيــز العملية السياسية والتعايش وترســيخ حق المواطنة للجميع، وســيفتح الباب على حوار مثمر لكل الأطراف لنعمل جميعنا معاً من أجل اســتقرار وإعمار وتقدم البلد».

كذلك، قــال رئيس حكومة إقليم كردســتان العراق، مســرور بارزاني، فــي بيان صحافي، إنــه «بدعم غالبية أصــوات الكتــل البرلمانية الكردســتا­نية، أقر البرلمان الاتحــادي قانون الموازنــة، ويحدونــا الأمل بأن يمهــد ذلك إلى التعافــي مــن حقبــة التحديــات الاقتصادية العصيبة في العراق وإقليم كردستان».

وأضاف: «وهنــا، لا يســعني إلا أن أتوجه بخالص شــكري للفريق المفــاوض في حكومة إقليم كردســتان على المثابرة في عمله الشاق منذ أشــهر عديدة، كذلك أشــكر الكتل الكردية في البرلمان الاتحادي على مــا بذلته من جهود مضنية».

وزاد: «لقــد كان هذا القانون تســوية وكان ضرورياً للعراق وإقليم كردســتان، لم نحصل على كل ما نسعى إليه، لكن هذا القانون يتوافق مع المبادئ الرئيسية للدستور الذي لم نتراجع عنه، حيث تم الاعتــراف بحقوق وواجبات كلا الجانبين، ونحن نشجع على ما أُحرز من تقدم، ويسرنا ما تم تحقيقه.»

تعزيز الثقة

وعبّر، عن أمله في تطبيق بنود القانون، لافتاً إلى أن «المســتحقا­ت الاتحادية تعود أخيراً إلى حكومة إقليم كردســتان، فإن تطبيق القانون كاملاً من شأنه أن ينصف كلا الحكومتين بشأن خلافات المستحقات المالية منذ عام 2004، حيث سيعزز قانون الموازنة آلية جديدة بين ديواني الرقابــة المالية الاتحــادي والإقليمــ­ي، وهذه الخطوات بدورها ســتعزز الثقــة والتعاون، وهما مــن المبادئ الضروريــة التي ينصب جُل عملنا على تحقيقها».

وأشــار إلــى، أن «لقــد تحدثت مــع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وشكرته على دعمه، كما شددت على ضرورة الإيفاء بهذه الالتزامات وإرسال المستحقات المالية في أقرب وقت ممكن، وذكّرته أيضاً أن هذه البلاد، والشعب العراقي، يمكــن أن يحققوا الأفضل من خــال العمل مع كردســتان وعبرها» مبينا «كذلــك تحدثت مع نائــب رئيس الحكومــة قوبــاد طالباني، وقد أثنيت عليــه وعلى الفريق المفاوض، على ما كل بذلوه من عمل مضنٍ».

ولفت إلــى أن «اليوم، أعــاد قانون الموازنة بصيصاً مــن الأمل حيال العلاقــة مع الحكومة الاتحاديــ­ة، وبالرغم مــن أن القانون لا يمكنه البت في اللائحة الطويلة من المشــاكل أو إنهاء ظلم الماضــي، لكنني آمل أن يســهم في تحقيق المزيد من الثقة بين مواطني إقليم كردستان».

إلــى ذلــك، اعتبــر «الاتحــاد الوطنــي الكردســتا­ني» قــرار التصويت علــى الموازنة العامة، «بداية مهمــة لتصحيح العلاقات» بين حكومة الإقليــم والحكومــة الاتحادية و«حل المشــاكل المتعلقة برواتب موظفي الإقليم دون اســتقطاع». وقال الرئيس المشــترك للحزب، لاهور شــيخ جنكي في بيــان: «بعد محاولات وضغوط كبيــرة، أثمــرت جهودنــا وحققت أهدافها بتثبيت حصة الإقليم في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2021».

وأضــاف أن «هــذه الخطــوة هــي بدايــة مهمــة لتصحيح العلاقات بــن حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية وحل المشــاكل العالقة بين الجانبين بضمنها توفير رواتب موظفي الإقليم دون اســتقطاع وإنقــاذ المواطنين من شــظف العيش والمعاناة، الذين ينتظرون الأفق المزدهر منذ مدة طويلة» موضحاً «نأمل أن تلتزم حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية بالاتفاقية المبرمة بينهما».

في الأثناء، استعرض رئيس الوفد الكردي المفاوض، تفصيــات الحــوارات المكثّفة التي أجراهــا مــع الســلطات والقوى السياســية العراقية في العاصمة الاتحادية بغداد.

قوبــاد طالباني قــال في كلمــة متلفزة، إن «اقرار قانون الموازنــة والتصويت على حصة الإقليــم فيــه، كان نتيجة لحــوارات طويلة وسلسلة من الاجتماعات» مشددا على أن «هذا المكسب لا يحســب له وحده بل لكل من شارك فيه».

وأضاف أن «القانون الــذي أقر كان نتيجة لحوارات طويلة واجتماعات عدة، واليوم حين نصل إلى النتيجة. أحب أن أعلن أن هذا المكسب ليس مكســبا لقوباد طالبانــي وحده، وليس مكســبا لشــخص أو جهة واحدة، هو مكسب لجميع من شــارك في اقرار الموازنــة بدءا من رئيس الجمهورية إلى أعضاء مجلس الوزراء الاتحادي، ورئاســة مجلس النــواب والكتل الكردستاني­ة في مجلس النواب».

وأشــار إلى أن «كان هذا بتعــاون بين كتل تحالف الأمل والحــزب الديمقراطي والاتحاد الوطني فــي مجلس النواب، وبشــكل خاص الأعضاء الكرد في اللجنة المالية الذين كان لهم جهد كبير في هذا المشروع».

ووجه قوباد طالباني، الشــكر إلى الجهات والقوى السياســية في إقليم كردستان، حيث أشار إلى دعم رئيس الإقليم ورئيس الحكومة الذين كانا على تواصل يومي معنا، وللأطراف السياســية في الإقليم التي سخروا جهودهم لتوحيد الصف وتمرير الموازنة.

وتابع: «أشــكر الوفد التحــاوري لحكومة إقليم كردســتان، وكل من وزيــر المالية آوات شــيخ جناب، ووزير التخطيط دارا رشــيد، ووزيــر الإقليم خالد شــواني، وأوميد صباح وأمــانج رحيــم وعبدالكريم خســرو، الذين واصلــوا الليــل بالنهــار في الاقليــم وبغداد للوصول إلى هــذه النتيجــة.» ولفت إلى أن «إقــرار الموازنة ليس نهايــة للطريق، إنما هي بداية لطريــق جديد، وآمل أن يكــون إقرارها مدعاة لتحســن العلاقات بين حكومة الإقليم

والحكومة الاتحادية والقوى السياســية، وإن تكــون مدعاة لفتــح صفحة جديــدة والعمل بشــكل جديد بين حكومة الإقليــم والحكومة الاتحادية».

وزاد: «هنــا أكدنــا، أننا بالعمل المشــترك والتنســيق والتعاون نســتطيع التغلب على الصعــاب وتجاوز التحديــات، ونحن نطمئن جميــع الجهات، أننــا ملتزمــون بتطبيق هذا القانون، وندعــو الوزارات المعنيــة في إقليم كردســتان إلــى التواصل مع الــوزارات ذات الصلة في بغداد لإبداء الاســتعدا­د لتنفيذ هذا القانون».

وختم طالباني بالقول: «آمل أن يكون إقرار الموازنة يوما جديدا فــي العلاقات بين حكومة إقليــم كردســتان والحكومــة الاتحادية، آمل أن يكون هــذا النموذج من التعــاون والعمل المشــترك بيننا وتمكننــا من تحقيــق نتيجة بتغلبنا على الحساســية السياسية بيننا، أن نكرر هــذا النموذج في إقليم كردســتان، وأن نعمل على تقوية البيت الكردي وأن نســتفيد من هذه التجربة في العمل المشــترك بيننا في اقــرار الموازنة، ونتغلب علــى الخلافات بيننا ونغلب مصلحة شــعب كردستان على المصالح الحزبية، وعند ذلك أنا متأكد أننا سنســتطيع أن نتغلب علــى الصعوبات وتجاوز التحديات التي تواجهنا .»

وتنتظــر القوى السياســية الكردية، إيفاء المركز والإقليم بالتزاماته­ما فــي تنفيذ البنود الواردة في الموازنة، خلال الأشهر المقبلة.

رئيــس كتلــة «التغييــر» الكردســتا­نية، يوســف محمد، عدّ الاتفاق بــن بغداد وأربيل بأنه «خطوة فــي الاتجاه الصحيــح» مطالبا

بـ«تطبيــق الالتزامــ­ات خلال الأشــهر المقبلة ليكون بادرة حســن نية تجــاه حل الخلافات الموجــودة بينهما خاصة فيمــا يتعلق بكيفية اســتخراج وتصدير النفط والغاز في الإقليم وفيما يخــص موازنة الإقليــم، وإيجاد حلول جذرية للمشــكلات الموجــودة». وأوضح، في بيان صحافي، أن «إقــرار قانون النفط والغاز في المستقبل القريب سيكون له الأثر الإيجابي تجاه حلحلة الخلافات الموجودة بين الحكومة الاتحاديــ­ة والإقليم، كمــا أن الموازنة تضمنت بند يخص مراجعة جميع العقود مع الشركات النفطيــة بما يحقق أعلى منفعة وتنســجم مع مبادئ الدســتور فــي كل أنحــاء العراق، مما يمثل فرصــة جيدة للإقليم بإعــادة التفاوض والتوازن في بعض العقــود التي أبرمت أثناء حصول الضائقة المالية في الإقليم .«

 ??  ?? عراقي يحصي نقودا في محل لصرف العملات في الناصرية
عراقي يحصي نقودا في محل لصرف العملات في الناصرية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom