Al-Quds Al-Arabi

خبيران في لندن: يجب على العالم محاسبة النظام السوري على جرائمه ضد الإنسانية

-

■ لندن - الأناضول: دعا خبيران في الشأن السوري مقيمان في لندن، المجتمع الدولي لمحاسبة نظام بشار الأسد، لوقف القتل ومنع وقوع جرائم جديدة ضد المدنيين. وبمناســبة مرور عقد على الحرب الأهلية التي يعاني منها ملايين الســوريين، وفي حديث مع أنس التكريتي، الرئيس التنفيذي لـ «مؤسسة قرطبة» للدراســات، ومقرها لندن. قال إنه «يجب على العالم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاســبة نظام بشار الأســد، لمنع وقوع كوارث جديدة ضد المدنيين في سوريا.»

وشدد على أنه «يجب على العالم أن يتوافق على اتخاذ إجراءات كافية لوقف توجهات الأنظمة المارقة، مثل نظام الأســد». وأضاف: «هذه إدانة شــديدة للمجتمع الدولي والحكومات والــوكالا­ت الدولية، لأنهم تركوا كارثة بحجم الأزمة الســورية لتتوسع وتتعمق على مدى عقد من الزمان دون أي عواقب لمن ارتكبوا هذه الجريمة الكبيرة ضد السوريين.»

ضرورة إيقاف هجمات النظام

وأشار التكريتي إلى أنه «يجب أن تكون الأولوية القصوى الآن لضمان منع نظام الأســد من مواصلة هجماته على البلدات والمدن السورية، وأن يتمكن السوريون من العودة إلى منازلهم الآمنة».

ودعا إلــى تطبيق إجراءات قضائية ضد مجرمي الحرب في ســوريا، قائــا إن الضحايا فــي حاجة إلــى «تعويضات بأي طريقة مناســبة». وأضاف «يجب ألا تذهب معاناة الشــعب الســوري سُدى، فهو لم يرغب في الحصول إلا على الحرية والإصلاحات والعدالة». واستطرد التكريتي قائــاً «بدون ذلك لن يكون هناك نهاية للمأســاة التي عصفت بســوريا وملايين الســوريين خلال الســنوات العشــر الماضية». وطالب باتخاذ «إجراءات لمنع وقــوع مثل هذه الكوارث ضد المدنيين الأبرياء مرة أخرى، ســواء كان ذلك على مســتوى القانون الدولي أو السياســة أو المصالح الاقتصادية أو الأمن».

ونــوّه إلى أن «الحكومات في أنحاء العالم يجب أن تدعم هذه الجهود لتقديم المســؤولي­ن عن جرائم الحرب والأعمال الوحشية في سوريا إلى العدالة». وأضاف أن «الحكومات الأوروبية، على وجه الخصوص، تتخذ موقفا غريبا للغاية فيما يتعلق بســوريا؛ فبينما تدعي التمســك بالقيم الإنسانية، يتم منع السوريين الفارين من إراقة الدماء من الوصول إلى بر الأمان في أوروبا». ولفت إلى أنه «غالبا ما يتم إعادتهم إلى حيث يمكن أن يُقتلوا، وعندما تُبذل جهود لمحاسبة النظام السوري، فإنهم يفشلون في توفير الدعم اللازم لتلك الجهود».

الدور التركي

وأشاد التكريتي، بدور تركيا قائلاً «تركيا الوحيدة التي فتحت حدودها لملايين اللاجئين الســوريين وســمحت لهــم بالحصول على ســكن وعمل وأشكال مختلفة من المساعدات». واعتبر «تبني أوروبا لموقف عدائي تجاه تركيا لا يمكن تفسيره، خاصة أن أنقرة تقوم بما كان يجب أن تفعله أوروبا منذ وقت طويل».

وأشار عبد الله فالق، المدير التنفيذي لمركز التفاهم البريطاني-التركي، في لندن، على أن «قرار تركيــا بالترحيب بأعداد كبيرة من اللاجئين مبني على العقيدة والرحمة الإنسانية والتضامن وكذلك على القانون الدولي». وقال «تســتضيف تركيا حاليا أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض». ولفت إلى أن «استضافة اللاجئين في تركيا ليس بالأمر الجديد، إذ رحبت الإمبراطور­ية العثمانية باليهود الذين طردوا من إسبانيا عام 1492».

وتابع «من المهم الإشــارة إلى هذه الخلفيــة حيث فتحت تركيا حدودها للترحيب بهؤلاء الفارين مــن الاضطهاد وإيوائهم، خاصة من ســوريا». واســتطرد «للأســف، لا يمكن قول الشــيء نفســه عن الــدول الأخرى، وبالتحديد دول الاتحاد الأوروبــي، التي لديها اتفاق على دعم تركيا مالياً

لاستضافة اللاجئين، ولكن الاتفاقية لم تتحقق إلى حد كبير».

وقال فالــق، إن الأمم المتحدة، أقــرت «بالدور المميــز لتركيا في تقديم المســاعدة للاجئين. ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يســتمر على هذا النحو. المجتمع الدولي في حاجة إلى التحرك والعمل بسرعة لمساعدة السوريين». وشدد على أن القوة والضغط الحقيقي «يجب أن يمارس على الجناة؛ بشار الأسد ونظامه، لوقف القتل والتدمير في سوريا». وتابع: «يجب أن يحاكم بشار الأسد وأتباعه على الجرائم ضد الإنسانية. وبالتوازي مع ذلك، يجب إرساء أسس المجتمع المتحضر؛ سيادة القانون، والأمن والأمان، والعدالة، والحرية، والإجراءات القانونية». ولفت إلى أنه «قد تبدو هذه مهمة شاقة بالنظر إلى الوضع المأساوي في سوريا اليوم، ولكن لا بديل عنها».

وأشــار فالق، إلى أن «الشعب الســوري يصرخ من أجل حل دائم، ومن واجــب المجتمع الدولي وجميع الخيرين في جميع أنحاء العالم مســاعدة السوريين في وقت الحاجة». واعتبر أن «معاناة السوريين استمرت لفترة طويلة ولم يعد بإمكان المجتمع الدولي أن يقف مكتوف الأيدي».

جرائم ضد الإنسانية

وأشــار فالق، إلى أن «أعمال القتل والاعتقــا­ل الجماعي والتعذيب في ســوريا تحمل «طابعاً ممنهجاً» ولا تقل عن جرائم ضد الإنسانية. وبيّن أن «تقديم الجناة إلى العدالة أمر ممكــن». وقال فالق، «لدينا أمثلة على جناة آخرين تم ملاحقتهم واعتقالهم ومحاكمتهم لارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مثل: راتكو ملاديتش، ورادوفان كاراديتش وســلوبودا­ن ميلوسيفيتش» في إشارة إلى ثلاثة من كبار قادة الإبادة الجماعية في البوسنة. وأضاف: «هناك تطورات في دول أخرى مثــل محنة الروهينغا )في ميانمار( ونفس الشــيء ممكن في ســوريا بشــرط وجود عزم قوي على ملاحقة بشــار ونظامه». وأشــاد فالق بجهــود الحكومتين الكنديــة والهولندية في هذا الصدد، واعتبرها «خطوة في الاتجاه الصحيح، وينبغي دعمها».

وحث دول أخرى على تصعيد الأمور على وجه الســرعة، قائلا «عليهم الالتزام بمبدأ القانون الدولي بعدم الإعادة القســرية، كما تفعل تركيا، أي رفض الإعادة القســرية للاجئين أو طالبي اللجوء إلى بلد يتعرضون فيه للاضطهــاد». وتابع: «إن النهــج العام الباهت وغير المتســق الذي تتبعه معظم الــدول الأوروبية تجــاه محنة اللاجئين الســوريين في حاجة إلى تغيير». وأوضــح أن الأوروبيين يعبرون «عن قلقهم بشــأن اللاجئين من ناحيــة، ولكنهم من ناحية أخــرى يمنعونهم من الوصــول إلى الأمان في أوروبــا». وأضاف: «الأقوال يجــب أن تقترن بالأفعــال. تركيا تفعل ذلك بالضبط».

«بي كا كا/ يب ك»تحدٍ كبير

واعتبــر فالق، أن «تحقيق الســام رحلة طويلة محفوفــة بالتحديات والعقبات. ومن الواضح أن الجماعــات الإرهابية مثل )بي كا كا/ يب ك( عازمة على إحداث الاضطرابات وزعزعة الاستقرار في المنطقة». وأضاف: «يجب تقديم مرتكبي الإرهاب والعنف إلى العدالة. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف عن عنفهم ودوافعهم السيئة». وقال «نحن في حاجة إلى أن نكون متســقين عند التعامل مع المتطرفين والإرهابيي­ن، سواء كانوا من بي كا كا أو ي ب ك، أو داعش». واستطرد «في نهاية المطاف السلام سيحل بالمنطقة، وعلينا أن نبقى حازمين في السعي إلى مثل هذا المستقبل».

وحذر من أن المنظمات الإرهابية كانت وستظل «عاملا مزعزعا لاستقرار المنطقة بأســرها، ومبررا لتعطيل مختلف العمليات الحاسمة، بما في ذلك العدالة الانتقاليـ­ـة وعودة اللاجئين والنازحــن المدنيين». واختتم كلامه قائلاً: «الخراب الذي تســتمر المنظمات الإرهابية في نشره، وكيف تستغل الأنظمة المختلفــة وجودها )المنظمــات الإرهابية( لتحقيــق مصالح ذات طبيعة مدمرة، تضيف ســببا إلى الأسباب التي تؤكد وجوب القضاء عليها من أجل إحداث أي شعور بالاستقرار أو الأمن».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom