Al-Quds Al-Arabi

«فورين بوليسي»: هل ستلغي إدارة بايدن أمر ترامب المتعلق بملاحقة محققي «الجنائية الدولية»؟

-

في تقرير حصري، قالت مجلة «فورين بوليسي» إن إدارة الرئيــس جوزيف بايــدن تخطط هذا الأســبوع لإلغاء الأمر الرئاسي الذي أصدره دونالد ترامب وفرض فيه عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.

وسيؤدي القرار كما يقول كولام لينتش وروبي غريمر، إلى إزالة مصدر توتر بــن الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا. وقالا إن التحرك المتوقع ســيخفف من حــدة العداء الأمريكي تجاه المحكمــة ومقرها في هيــغ، والتي تصادمــت مع إدارة دونالد ترامب بســبب محاولاتها التحقيق في جرائم ارتكبها الجنود الأمريكيــ­ون في أفغانســتا­ن، والإســرائ­يليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إلا أن التحرك الأمريكي لن ينهي التوتر بين المحكمة وإدارة بايدن التي تعتقد مثل ســابقتها أن المحكمة تفتقد الصلاحية للتحقيق في أمريكيين وإسرائيليي­ن. ولم تصادق لا أمريكا أو إســرائيل على وثيقة إنشاء المحكمة الدولية فــي 1998. وقال مصدر على معرفة بالأمر، إن التحرك قد يحدث هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل، إلا أن مسؤولاً حذر من أنه لم يتخذ بعد أي قرار رسمي بهذا الشأن.

ضغط منظمات

وجاء التحرك المتوقع بعد أشــهر من الضغــط على إدارة بايدن من منظمات حقوق إنســان وحكومات أوروبية وبعد مغادرة ترامب البيت الأبيض. ووقعت في شباط/ فبرابر أكثر من 80 جماعة حقوقية على رســالة مفتوحة إلى إدارة بايدن وتدعو فيها إلى إلغاء قرار ترامــب الذي وصف بأنه «خيانة لإرث الولايات المتحدة في إنشــاء مؤسسات العدالة ». ويأتي القرار في وقت صادقت فيه المحكمة على سجن أمير الحرب من جمهورية أفريقيا الوسطى بوسكو ناتغنادا والذي صدر بحقه حكم 30 عامًا بسبب الجرائم التي ارتكبها في النزاع الإثني ما بــن 2002- 2003. ولعبــت الولايات المتحــدة دوراً مهماً في اعتقال ناتغنادا وتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية. وهو مثال يقول الخبراء عن دور الولايات المتحدة في تعزيز حقوق الإنسانية العالمية والمحاسبة.

وقال تود بوتشولد، السفير الســابق للعدالة الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية: «في الأمور العادية، كانت وزارة الخارجية تمجد القرار وكنا فرحين بدورنا ». و»نظراً للعقوبات

فالحديث عن دورنا تنقصه المصداقية». واتخذت إدارة ترامب موقفــا عدوانيا من المحكمــة الدولية وتعاملــت مع جهودها للتحقيق بجرائم حرب في المناطق الفلســطين­ية وأفغانستان إهانة لســيادة البلدين. وأصدر ترامب فــي حزيران/ يونيو 2020 عقوبات اقتصادية واســعة ضد مسؤولين في الجنائية الدولية شــاركوا في التحقيقات «بوجود حليف دون موافقة ذلــك الحليف». وصدر القرار التنفيذي 13928 بعد أشــهر من إصدار قاض قراراً بالتحقيــق في مزاعم جرائم حرب ارتكبها الجنود الأمريكيون ورجال المخابرات في أفغانستان.

وجاء بعد قرار الولايات المتحدة إلغاء تأشــيرة سفر فاتو بن ســودا المدعية العام للمحكمة الجنائيــة الدولية. وأعلن وزير الخارجية مايك بومبيو في أيلول/ سبتمبر العام الماضي عن سلســلة من العقوبات المالية وحظر الســفر على بنسودا ومســاعدها البــارز فاكيســكو موتشوتشــك­و لدورهما في «محاولات غير شرعية لتعريض الأمريكيين لصلاحيتهما» أو اختصاص المحكمة. وهدد بمعاقبة أي شخص يقدم معلومات للمحققين في الجنائية الدولية.

ورفض التأكيد

وتقول المجلــة إن قرار ترامب صدر في ظــل حالة طوارئ وطنيــة خاصة وســتنتهي صلاحيته في حزيــران/ يونيو. ويطالب المناصرون لحقوق الإنسان بإلغاء الأمر الآن وإرسال رســالة للعالم عن التزام الولايات المتحدة بالمحاسبة الدولية ضد المذابح. وقال الخبير في حقوق الإنســان ريتشارد ديكر: «يمكنهم ترك الإجراء حتى يستنفد وقته، ولكنه لا يمثل عودة قوية للتعدديــة التي يحاولون الحديث عنهــا مع أصدقائهم وحلفائهم. وستخفض من مصداقيتهم كداعمين للعدالة عندما يتم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». و»لو قامت الإدارة بإلغاء الأمر، فهي تستحق الثناء». وتتعرض إدارة بايدن لضغوط، فهي مطالبة بحلول 5 نيسان/ أبريل الرد على دعوى قضائية تتحدى دستورية الأمر الرئاسي لترامب. وفي تشرين الأول/ أكتوبر.

قدمــت «مبادرة العدالــة للمجتمعــا­ت المفتوحة» وأربعة أســتاذة قانون دعوى قضائية ناقشــوا فيها أن قرار ترامب انتهك جوهر الدستور الأمريكي وحرية التعبير. وقال جيمس

غولدســتون، المحامي الســابق في الجنائيــة الدولية «قرار ترامب الرئاســي هو هجوم على مؤسســة رئيســية للعدالة الدولية ويتناقــض مع هدف إدارة بايــدن المعلن وهو تأكيد الدعم الأمريكي لحقوق الإنســان في العالــم. وحان الوقت لإلغاء القرار».

ورفــض متحدث باســم الخارجية التأكيد فيمــا إن كانت الإدارة قد اتخذت قــراراً بإلغاء القــرار، ولكنه اعترف: «مع أننا لا نتفــق مع الجنائيــة الدولية وتحركاتهــ­ا فيما يتعلق بالوضع في أفغانســتا­ن والمناطق الفلسطينية. إلا أن الإدارة تقوم بمراجعة العقوبات المتعلقة بالأمر الرئاسي 13928 حيث سنقرر الخطوة المقبلة». وصدر قرار إنشاء المحكمة بمؤتمر في روما عام 1998 وأصبحت فاعلة عام 2002. ووقّع الرئيس بيل كلينتون على ميثاق المحكمة في كانون الأول/ ديسمبر 2000، لكن جــورج دبليو بوش خرج من الاتفاق في أيار/ مايو 2002 خشــية ملاحقة المحكمة الأمريكيين وحلفاء الولايات المتحدة. ولم يتبن بوش أو خليفته باراك أوباما المحكمة بشــكل كامل، لكنهما وجدا طرقــاً للعمل معها، وبخاصة فــي القضايا التي ناسبت المصالح الأمريكية.

وفي 2005 امتنعــت الولايات المتحدة عــن التصويت في مجلــس الأمن الدولــي في قــرار يفوض التحقيــق بجرائم جماعية في دارفور، غربي الســودان. وفي 2011 عبّرت إدارة أوبامــا عن دعمها للتحقيــق بجرائم ارتكبت فــي ليبيا. لكن الولايات المتحدة لم تصادق أبدا على ميثاق المحكمة. وحتى مع التحول الكبير عن إدارة ترامب، لا تزال إدارة بايدن متمسكة بالنقد السابق للمحكمة. ففي بداية الشهر الماضي، انتقد وزير الخارجيــة أنتوني بلينكن قرار الجنائيــة الدولية المضي في التحقيق بجرائم إسرائيلية في المناطق الفلسطينية.

وقال بلينكن: «تعارض الولايات المتحدة بشــدة وتشــعر بخيبــة أمل عميقــة من هذا القــرار». وقــال: «لا اختصاص للجنائية الدولية في هذا الموضوع، وإســرائيل ليست عضواً فــي الجنائية الدوليــة ولم توافق علــى اختصاص المحكمة. ولدينا قلق جدي حول محاولات الجنائية تطبيق اختصاصها على إســرائيل». وأثنى ناشطو حقوق الإنسان على تحركات بايدن السريعة، مثل إلغاء ما عرف بـ»حظر دخول المسلمين» إلى الولايات المتحدة، لكنهم انتقــدوا بطء الإدارة في اتخاذ قرار يلغي الأمر الرئاسي الصادر ضد الجنائية الدولية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom