Al-Quds Al-Arabi

تقرير الخارجية الأمريكية: تحسن حقوقي متزايد في المغرب وقلق على متابعة صحافيين

- الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل:

ســجل التقريــر الجديد لــوزارة الخارجية الأمريكيــ­ة برســم ســنة 2020 تراجــع مزاعم التعذيــب فــي المغرب وعــدم التبليــغ عن أي حالة اختفاء أو قتل تعســفي، وأقر بالخطوات الإيجابيــ­ة التي بذلتهــا الربــاط للحماية من العنف القائم على النوع، بهدف دعم ضحايا هذا النمط من السلوك. كما ســجل الجهود المبذولة من أجل تحســن الأوضاع في السجون لمعالجة مشكلة الاكتظاظ عبر التخفيف من وقع جائحة وباء كوفيد-19، من خــال الإفراج عن النزلاء في وضعية صعبــة، والقيام بفحــوص مكثفة للفيروس، وكذا إجــراء فحوص طبية عامة في السجون.

التقريــر الواقع في 45 صفحــة الذي اطلعت عليــه "القدس العربي" يعرب، فــي المقابل، عن القلق بخصــوص تقييد حرية التعبير والتجمع في المغرب، ويتطرق إلى حالات بعض النشطاء الحقوقيــن والإعلاميي­ن، أمثال عمــر الراضي وسليمان الريسوني والمعطي منجب.

وأفادت بيان للســفارة الأمريكية في الرباط نشــرته على موقعها الرســمي أنها تتابع وضع حقوق الإنســان في كافة أنحاء البلاد، وتعمل على نحــو وثيق مــع الحكومــة المغربية، ومع

شركاء آخرين كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني من أجل تحضير تقرير كل سنة. كما ذكرت أنها ترحب بانخراط المغرب البناء في هذه العملية التشاورية.

وقال التقرير الســنوي إنه كانت هناك أمثلة قليلــة على التحقيقــا­ت أو الملاحقات القضائية لانتهاكات حقوق الإنســان من قبل مســؤولين أمنيــن أو غيرهم، مما ســاهم فــي الإفلات من العقــاب. لكنــه في المقابــل أكد أنه لــم ترد أي تقارير عن ارتكاب السلطة المغربية لعمليات قتل تعســفية أو غير قانونية، كما لم يقع الإبلاغ عن أي حالات اختفاء.

وذكر أن أنباء التعذيــب تراجعت في المغرب خلال الســنوات الأخيرة، رغم اســتمرار تلقي المؤسســات الحكومية المغربية والمنظمات غير الحكومية لتقارير عن إساءة معاملة الأشخاص في مراكز الاعتقــال الاحتياطــ­ي. وكمثال على ذلك، نشــر المجلس الوطني لحقوق الإنســان تقريراً عن 20 مزاعــم من قبل متظاهري الحراك بأنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاحتجاز. واعتبر التقرير أن هذه المزاعم التي أوردها تقرير لمنظمة العفو الدولية لا أساس لها من الصحة.

أمــا بخصوص شــروط الســجون ومراكز الاحتجاز، فذكر تقريــر الخارجية الأمريكية أن أوضاع السجون تحسنت على مدار العام 2020، لكنها في بعض الحالات لم تفِ بالمعايير الدولية.

وقــال إن المرصد المغربي للســجون ، منظمة

غير حكومية تركز على حقوق السجناء، واصل الإبلاغ عن أن بعض الســجون كانت مكتظة ولا تســتوفي المعايير المحلية والدوليــة. بينما في السجون الجديدة يُحتجز المتهمون والمحكومون بشــكل منفصل، بخلاف ما هــو عليه الحال في السجون القديمة.

ونقل عن مصــادر حكوميــة ومنظمات غير حكومية قولها إن الاكتظاظ في السجون يرجع أيضًا إلى حد كبير إلى عدم الاستفادة من الكفالة أو نظــام الإفراج المؤقت، والتراكم الشــديد في القضايا والافتقــا­ر إلى العدد الكافي من القضاة للتعامل معها، مما يقلل من مدة عقوبات السجن في جرائم معينة.

وأفادت "المديريــة العامة لإدارة الســجون وإعــادة الإدمــاج" ـ وفــق تقريــر الخارجية الأمريكية ـ أنه لا يوجــد تمييز في الوصول إلى الخدمات أو المرافق الصحية على أساس الجنس بالنسبة للسجينات، اللائي يمثلن ما يزيد قليلاً عن 2 في المئة من نزلاء الســجون. وأفاد بعض المســؤولي­ن أن النزلاء غالبًا ما يجدون صعوبة أكبر في الوصول إلى المتخصصين الصحيين مثل أطباء التوليد وأمراض النســاء مقارنة بالطب العام. وزعمت المنظمــات غير الحكومية المحلية أن الســجون لا توفر الوصــول الكافي للرعاية الصحية ولا تلبــي احتياجات المحتجزين ذوي الإعاقة.

أمــا بخصــوص الاعتقــال والاحتجــا­ز التعســفيي­ن، فأوضحــت التقريــر أن القانون المغربي يحظر ذلك، وينص على حق أي شخص فــي الطعن أمام المحكمة في شــرعية اعتقاله أو احتجازه. لكــن مراقبين قالوا إن الشــرطة لم تحترم دائما هــذه الأحكام ولم تراع الإجراءات القانونية بشكل منهجي، خاصة أثناء المظاهرات أو بعدهــا. وطبقــاً للمنظمات غيــر الحكومية والجمعيات المحلية، فقد اعتقلت الشرطة أحياناً أشخاصاً بدون مذكرة توقيف أو أثناء ارتدائهم ملابس مدنية.

وعند الحديث عن الاعتقال السياســي، أفاد التقريــر أن القانــون المغربي لا يعــرّف مفهوم السجين السياسي ولا يعترف به، وأن الحكومة المغربيــة لم تعتبر أيــا من الســجناء معتقلين سياسيين، وقالت إنها وجهت اتهامات أو أدانت جميع الموقوفين بموجب القانون الجنائي.

وأفــردت الخارجية الأمريكية فــي تقريرها الســنوي الخــاص للعــام 2020، حيــزا وافرا لحرية الصحافة والإعــام في المغرب، فتطرقت إلى حالة الصحافي سليمان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة "أخبــار اليوم" المغربية المتوقفة عن الصدور، الذي اعتقلته قوات الأمن بدعوى اعتدائه جنسياً على شاب مثلي، مشيرة إلى أن اعتقاله أثار انتقادات من نشطاء المجتمع المدني الذين زعمــوا أن الاعتقالات كانــت ذات دوافع سياسية.

الحالــة الثانية هــي حالــة الصحافي عمر الراضي الذي أصدرت في شــأنه منظمة العفو الدوليــة تقريرًا يزعــم أن الســلطات المغربية استخدمت برمجيات تجسس لاستهداف هاتفه المحمول، ووجهت إليه تهمة تلقي أموال أجنبية بهدف تقويض الأمن الداخلــي للبلاد، والقيام باتصالات مــع عملاء دولة أجنبية لاســتهداف الوضع الدبلوماسـ­ـي. وإلى جانــب ذلك، توبع الراضي فــي قضية أخرى تتعلــق بالاغتصاب وهتــك العرض مــن طــرف زميلة لــه. وكان الصحافي نفســه قد حكم عليه في آذار/ مارس من العام الماضي بالســجن أربعة أشهر وغرامة مالية بتهمة نشــر تغريدة انتقــد فيها القاضي الذي أصدر أحكامًا بالسجن في حق نشطاء من حركة حراك الريف.

وأورد تقرير الخارجية الأمريكية أن منظمات حقــوق الإنســان المحليــة والدوليــة انتقدت الملاحقــة الجنائيــة للصحافيين والناشــري­ن وكذلــك دعاوى التشــهير، قائلــة إن الحكومة تســتخدم هذه القوانين في المقــام الأول لتقييد الحقوقيين والصحافيين المســتقلي­ن ووســائل التواصل الاجتماعي.

وتطرق التقرير أيضا إلى حالة سبعة أعضاء من "الجمعية المغربية للصحافة الاســتقصا­ئية" )من بينهم المعطي منجب وهشــام المنصوري( الذيــن توبعوا بقبول أمــوال أجنبية مخصصة لأعمال تهدد الأمــن الداخلي وســامة أراضي البلاد. واتهم الأشــخاص السبعة بتهديد الأمن الداخلي للبــاد والاحتيال وإدارة جمعية تقوم بأعمال غير مصرح بها وقبول أموال أجنبية غير مصرح بها.

وقال التقريــر إن الســلطات عرّضت بعض الصحافيين للمضايقــة والترهيب، بما في ذلك محاولات تشــويه سمعتهم بإشــاعات مؤذية عن حياتهم الشــخصية، وأفــاد صحافيون أن الملاحقات القضائية الانتقائية كانت بمثابة آلية للترهيب، ووفقًا لمنظمة "مراســلون بلا حدود"، فقد قامت الحكومة بترهيب نشطاء وصحافيين، وغالبًا مــا تقدمهم إلــى العدالة فــي قضايا لا علاقة لهــا على ما يبدو بالصحافة أو النشــاط السياسي.

من جهة أخــرى، جاء في تقريــر الخارجية الأمريكية أن الحكومــة المغربية لم تقم بتعطيل الوصول إلــى الإنترنت، لكنهــا فرضت قوانين تنظم وتقيّد الخطــاب العام والصحافة. وينص قانون الصحافــة على أن الإعــام الإلكتروني يعــادل الصحافــة المطبوعة. وتســمح قوانين مكافحــة الإرهــاب للحكومة بمراقبــة المواقع الإلكتروني­ة. لكن الحكومة المغربية لم تحجب أو تصفِّ أي مواقع سياسية أو اجتماعية أو دينية خلال العــام 2020. ومع ذلك، ضغط مســؤولو الأمن على النشــطاء لإزالة المحتوى الحساس. وتقــول منظمات دوليــة إنه كان هنــاك تدفق لمنافــذ الإنترنت الموالية للحكومة التي نشــرت معلومات كاذبة وتشهيرية عن المعارضين.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom