Al-Quds Al-Arabi

اليمن: مأرب تواجه معركة كسر العظم بين القوات الحكومية وميليشيا الحوثي مع الدفع الدولي نحو مفاوضات السلام

«أنصار الله» يتجنبون قصف المنشآت النفطية بهدف الاستيلاء عليها بعد إسقاط المحافظة

- تعز ـ «القدس العربي» من خالد الحمادي:

تواجه محافظة مأرب اليمنية، 170 كيلو متر شــرق صنعاء، تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، هو الأعنف منذ مطلع شــباط/ فبراير الماضي، حين بــدأت ميليشــيا جماعة الحوثي بشــن هجمات عســكرية مكثفة عليها من عدة محاور في محاولة منها لاســقاط محافظــة مأرب في قبضتها، لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك الحلم الذي طال انتظاره من قبلهم.

وقالــت مصــادر سياســية إن التصعيــد العســكري الحوثي على محافظة مأرب يزداد عنفــاً كل يــوم مع تســارع الجهــود الدولية لوقف إطلاق النــار في اليمن ودعوة الجانبين الحكومي والحوثي إلى الجلــوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن، والتي يقودها المبعوث الخاص للأمين العام للامم المتحدة إلى اليمن ما رتن غريفيث وبدعم كبير من المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ.

وذكرت لـ«القدس العربــي« أن «التصعيد العسكري الحوثي يأتي في اطار تسارع الخطى لتحقيق مكاسب عســكرية نوعية في مأرب او حدوث اختــراق في جدار جبهة مــأرب، التي وقفت سداً منيعاً أمام تحقيق طموحاتهم هناك، وذلك قبيــل الجلوس إلى طاولــة المفاوضات مع الجانب الحكومــي لوقف اطلاق النار الذي تطالب به الأمم المتحدة وتدفــع نحوه القوى الدولية».

ووصفت معركة مأرب بأنها «معركة كســر العظم» للجانبين الحوثــي والحكومي، حيث أن «ســقوط محافظة مأرب في أيدي الحوثيين يعني ســقوط رمزية ما تبقّى مــن الدولة، كما أن ســيطرة الحوثيــن على منابــع ومصافي النفط في مأرب سيعني الكثير وفي مقدمة ذلك حصولهم على امتيازات كثيرة في هذه الحرب محليا ودوليا بقبضهم على مصدر تمويل كبير لهذه الحرب سيســهم في اطالة أمدها إلى أجل غير مسمى».

وأشــارت هذه المصادر السياســية إلى أن الحوثيين يعوّلون كثيــرا على منابع ومصافي النفط فــي مأرب خلال المرحلــة المقبلة، بدليل أنهــم لم يســتهدفوا هــذه المنشــآت النفطية بالقصف المدفعي والصاروخي رغم أن مواقعها علــى مرمــى نيرانهــم، وذلك للحفــاظ على سلامتها والاســتفا­دة منها في حال سقطت في أيديهم.

وقالت: «يراهــن الحوثيون على اســقاط مدينــة مــأرب، مركــز القيــادة السياســية والعســكري­ة للســلطة المحلية، وعند سقوطها عســكريا يعتقدون بأنهم سيســتولون على المنشآت النفطية دون قتال وبالتالي يطمحون إلى الاستفادة منها مستقبلا.»

وكان التصعيد العســكري الحوثي الراهن على محافظة مأرب انطلق في 7 شباط/فبراير الماضي، بعد هدوء نســبي فــي المواجهات بين الجانبين خلال الشــهور الماضية، والذي يبدو أن جماعة الحوثي اســتغلت فترة الهدوء في الاعداد العسكري والتأهيل والتدريب والحشد الكبير بالاكراه للمقاتلين مــن كافة المحافظات التي تسيطر عليها بالاضافة إلى اجبار السكان على دفع مبالغ مالية كبيرة كل حســب وضعه المــادي لتمويل جبهات القتــال الحوثية تحت

مسمى «المجهود الحربي».

وقال مصدر عســكري حكومــي لـ«القدس العربــي» ان التصعيد العســكري للحوثيين يأتي في اطار مســاعيهم الحثيثة نحو تحقيق أي مكاســب عســكرية ومحاولتهم المستميتة للسيطرة على مدينة مأرب، و«هي أبعد من عين الشمس عليهم» على حد تعبيره.

وأوضــح أن «الحوثيــن يضخــون اعدادا

مهولة من المقاتلين اليافعين، في أنساق عديدة، الذين لم يحضوا بالتدريب العســكري الكافي لخوض معارك ساخنة من هذا النوع وبالتالي دفعوا بهــم إلى المحــارق في مــأرب، ولا يهم الجماعة الأعداد الكبيــرة الذين يلقون حتفهم كل يوم في جبهات القتال.»

وقدّر عــدد المتوفين مــن المقاتلين الحوثيين في جبهات القتــال في محافظة مأرب بأكثر من 1000 مقاتــل، منذ بداية التصعيد العســكري الحوثي الأخير، أي منذ مطلع شباط )فبراير( الماضي، مؤكــدا أن الحوثيين اعترفوا بأكثر من 700 قتيل، بينما الرقم أكثر من ذلك بكثير.

وذكر أن جبهــات القتال من الجبال والتلال امتلأت بالقتلــى الحوثيين لدرجة أنها اصيبت بتلــوث بيئي من الروائــح الكريهة والذين لم تأبه بهم الجماعة ولــم تحرص على الحصول على جثثهم لمواراتهم الثرى أو تســليم جثثهم لأهاليهــم، وبالــذات البســطاء مــن الناس، وتحرص فقــط على تبادل جثــث المقاتلين من الأســر الهاشــمية أو ما يطلق عليهم شــعبيا بـ «القناديل» بينما يتركوا جثث الآخرين الذين يطلقون عليهم «الزنابيل» للكلاب الضالة.

وفي الوقت الذي كشــف فيــه عن الحجم الكبير للخسائر البشرية للحوثيين أوضح أن القوات الحكومية تقاتل بامكانيات عســكرية متواضعة مقارنــة بقــدرات الحوثيين الذين ورثوا كافة العتاد العســكري والمعدات الثقيلة لجيش الدولــة الســابق الــذي كان يخضع بالولاء للرئيس الراحــل علي عبدالله صالح، الــذي كان حليفــا للحوثيين قبــل اعدامه من قبلمهم نهاية 2017 .

وقال: «رغم تواضع الامكانيات العســكرية لقوات الجيــش والوطنــي وخذلانهم من قبل التحالف العربي بعدم دعم بالســاح النوعي المطلــوب، الا أن معركــة مأرب تعد بالنســبة للقوات الحكومية ورجال القبائل هناك معركة مصيرية، والتي شــهدت التفافا وتعاضدا من قبل الجميــع، والذين يــرون أن الموت واقفين فــي ميادين المعركــة خير ألف مــرة من الموت منبطحين في زنازين الحوثيين.»

 ??  ?? قوات حوثية أثناء جنازة لمقاتليهم الذين قضوا أثناء معارك مأرب
قوات حوثية أثناء جنازة لمقاتليهم الذين قضوا أثناء معارك مأرب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom