Al-Quds Al-Arabi

منصور عباس... بين وعده للناخبين والحفاظ على مبادئ الحزب

- جلال البنا

■ من يتابع الإعلام في إســرائيل يأخذ انطباعاً بأن مصير دولة إسرائيل، وللدقة حكومة إســرائيل، متعلق بهذا الرجل، النائب الــذي أنهى بصعوبة ســنتين من النشــاط البرلماني، ومشــكوك على الإطلاق بأن يكون قد نجح في إجازة مشــروع قانون خاص له. ولكن من يتعمق بالإمكانيا­ت التي يقف أمامها النائب رئيس «راعم»/ الموحدة )الإســامية( منصور عباس، سرعان ما سيفهم بأنه يسير إلى اللامكان.

بداية، من المهــم وينبغي التمييز بين الطريق البرلماني الذي يعرضــه – أي رغبة أكثر من 70 في المئة من الجمهور العربي في إســرائيل المعنيين برؤية ممثليهم يندمجون ويؤثرون على كل ائتــاف وكل حكومة، وبين عباس الأيديولوج­ي ورجل الحركة الإسلامية الجنوبية التي تندمل على شك كبير بالسماح له بأن يكون جزءاً من ائتلاف برئاسة نتنياهو مع الشركاء الحاليين. بعد أن أنهى مؤسس الحركة الإسلامية الشيخ الراحل عبد الله نمر درويش قضاء عقوبته كسجين أمني في بداية الثمانينيا­ت أصبح رجلاً براغماتياً، أقام علاقات مع الكثير جداً من القيادات الدينيــة اليهودية، بل وأيد بعد اتفاقات أوســلو أن تســجل حركته كحزب إســرائيلي وأن تتنافس في انتخابات الكنست. ومعنى الأمر - اعتراف كامل بســيادة إســرائيل، بل وبقبول اللعبة الديمقراطي­ة الإسرائيلي­ة، مما أدى إلى انشقاق كبير في الحركة، التي أصبحت حركة جنوبية وأخرى شــمالية أخرجت عن القانون قبل بضع سنوات.

ولكن مجلس شــورى الحركة الإســامية، )الموازي لمجلس حكماء التوراة(، هو الذي يفترض أن يتخذ القرارات في نهاية المطاف، ويفترض بمنصور عباس أن ينفذها. ومع ذلك، له تأثير لا بــأس به على ما يجري في المجلــس، ويمكن القول إن الرجل

يقرر النبرة هناك. ومع ذلك، بات واضحاً أن المجلس ســيصعب عليه إرساله ليوصي بنتياهو لتشكيل الحكومة، وإذا ما حصل الأمر، يمكن القول بيقين إن الحركة الإسلامية الجنوبية تعرّض وجودها السياســي للخطر، بل ومؤسســاته­ا الدينية وغيرها في كل البلدات العربية في إســرائيل. والســبب بسيط جداً – الأغلبية الساحقة من الجمهور العربي يعارض نتنياهو، ويرى فيه مسؤولاً عن سلسلة من القارات والقوانين ولا سيما قانون كمينتس أكثر من قانون القومية، الذي يمس بهم.

دون أي صلــة بمصاعب الجلوس فــي حكومة تضم النائب بتسلئيل ســموتريتش وشــريكه ايتمار بن غبير، مع خوض مفاوضــات مع نتنياهــو، ففي نظر الجمهــور العربي تعدّ هذه خيانة للقيم وللأيديولو­جيا، ولا ســيما بعد أن صنف نتنياهو وكثيــر من أعضاء حكومتــه الجمهور العربي كأعــداء الدولة وكمن يعملون كطابور خامس بهدف «تصفية دولة اليهود.»

حتى لــو كان قانون القوميــة يلذع الجمهــور العربي في إسرائيل، كان يمكنهم –بتقديري- أن يتجاوزوه أو يتعايشوا معه لو كانــت معاملة الحكومة ولا ســيما رئيســها على مدى الســنين معاملــة احتــواء انطلاقاً مــن رغبة حقيقيــة لدمج الجمهور العربي فــي الدولة ومؤسســاته­ا وقيادته. ورغم أن حكومة نتنياهو استثمرت الميزانيات الأكبر لردم الفجوات بين المجتمع العربي واليهودي، فإن الجمهور العربي يتوقع معاملة مختلفة – أولاً وقبل كل شيء لمعالجة مواضيع السكن، والعمل، وتوسيع أراضي الحكم المحلي للبلدات العربية.

إن إرادة منصور عباس تنشأ عن إرادة الكثيرين في الجمهور العربي للتأثير على ما يجري في السياســة الإسرائيلي­ة، وأن يكونوا جزءاً منها. ليس مع وقف التنفيذ وليس من الخارج. لا غرو أن الليكود بعد حملة الانتخابات ضاعف قوته في المجتمع العربي، رغم أنه توقع أكثر بكثير.

إسرائيل اليوم 2021/4/1

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom