Al-Quds Al-Arabi

سيارات «بوكو حرام» المهربة تقلق أمن السودان

-

■ الخرطــوم ـ الأناضــول: بصــورة لافتة انتشرت تجارة سيارات «بوكو حرام» في الآونة الأخيــرة في الســودان، رافقتهــا ملاحقة أمنية كثيفة فــي العاصمة الخرطــوم وبقية الولايات. وارتبط اسم ســيارات «البوكو» بظهور جماعة «بوكو حرام» في دول مجاورة، التي كانت سببا رئيسيا بتهريب تلك السيارات إلى السودان عبر حدوده الغربية مع لبيبا وتشاد والنيجر.

وعادة ما تدخل تلك الســيارات إلى السودان من غيــر لوحات، ويتــم اســتخدام بعضها في ارتــكاب جرائم، في مرحلة ما قبل تســجيلها في الإدارة العامــة للمــرور، الأمر الــذي يجعل أمر توقيف مُرتكبيها في غاية الصعوبة.

ويســتغل المهربون إدخال تلك السيارات إلى السودان، بالاســتفا­دة من أجواء الأزمة الليبية خلال الســنوات الماضية التي فتحت الباب على مصراعيه أمامهم.

وعادة ما تدخل هذه السيارات من ليبيا مرورا بالصحراء الكبرى والولايات الحدودية )ولايتي غرب دارفور والشــمالي­ة( عــن طريق التهريب، ولاحقا يخضع عدد منها للإجراءات الرسمية، بما فيها الفحص الأمني والترخيص.

تاجر ســيارات «البوكو» ياســر يونس )25 عاما( قــال إن «الســيارات التي تأتــي من دول الجوار حالتها جيدة وغير مستهلكة».

وأضاف: «الســيارة عندما تصل الســودان تخضع لإجــراءات رســمية تتمثــل في فحص الإنتربول، والأدلة الجنائية، والجمارك» مشيرا

إلى وجود إقبال كبير من قبل المواطنين على هذه السيارات.

وفي 7 مارس/ آذار الماضي، وجه وزير التجارة والتموين السوداني، علي جدو «بضرورة الفصل بين عمليات جمع الســاح والاستيراد غير المقنن للعربات، التي هي من اختصاصات وزارته التي تعكف الآن علــى وضع الضوابط الكفيلة بإيقاف أي استيراد غير مقنن للسيارات.»

وأوضح المتحدث باســم الوزارة، حســن أبو عوف، في تصريحات إعلامية حينها أن «وزارته لن تســمح بدخــول المركبات والعربــات للبلاد بطرق غير قانونية .»

وأضاف «كل مــن يخالف ضوابط اســتيراد السيارات يعرض نفســه للعقوبات الواردة في قانون تنظيــم التجارة والمتمثلة فــي المصادرة والغرامة أو العقوبتين معا.»

وفي فبراير/ شباط الماضي، كشف مسؤولون ســودانيون عن أرقــام مقلقة بخصــوص تلك السيارات، حيث أحصت السلطات المختصة 300 ألف سيارة «بوكو» في ولاية الخرطوم لوحدها، ما ينعكس سلبا على الأمن والازدحام المروري.

وطبقا للمقرر والمنســق الفنــي للجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة، الفريق عبد الهــادي عبد الله عثمان، فــإن «الظاهرة أضرت بالبــاد كثيرا في النواحي الأمنية والسياســي­ة والاقتصادي­ة .»

وأشــار عثمان في تصريحــات إعلامية في 7 مارس/ آذار الماضي، إلى أن «تلك الســيارات من الناحية الاقتصادية، متهالكة وتحتاج لقطع غيار تستجلب بالعملة الصعبة، ما يعد عبئا اقتصاديا على الدولــة، كما أن الطرق المعبــدة غير مؤهلة لتحمل تدفق هذه الكميات».

وأشار منســق ومقرر اللجنة إلى «وجود 300 ألف ســيارة بوكو غير مقننة في ولاية الخرطوم مما تسبب في خلق أزمة مرورية بالعاصمة».

وأضاف «بدخول هذه السيارات عبر حدودنا ينظر إلينا العالم باعتبارنا مكبا للنفايات؛ فمنها سيارات مطلوبة للإنتربول ومعظمها مسروقة».

ونبه إلــى المراحــل التي ســتخضع لها هذه الســيارات والتي تبدأ بمرورها على قسم سرقة السيارات والإنتربول ثم الأدلة الجنائية.

الخبير الاقتصــاد­ي الصديق الصادق المهدي، أكد في تصريحــات متزامنة مع تصريحات وزير التجــارة والتمويــن الســابقة، أن «دخول هذه السيارات يعتبر مصدر خلل وخطر كبير، ويجب على الدولة وضع الضوابط له وتشديد الحراسة على الحدود والمعابر».

ولفت إلى أن «البلاد حديثة الخروج من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ومن ثم يجب ألا تســمح بهذه الممارسات غير القانونية».

وكانت اللجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة منحت المواطنين مهلة شــهرين بدأت في 1 ينايــر/ كانــون الثاني الماضــي، وانتهت مطلع آذار/ مارس الماضي، كفرصة أخيرة لتقنين ســياراتهم. وتنشط تجارة ســيارات «البوكو» بشــكل لافت في إقليم دارفور غربي الســودان، علــى الحدود مــع ليبيــا ودول غــرب أفريقيا. وســبق وأن أبلغت الشرطة الدولية «الإنتربول» السلطات الســوداني­ة بدخول سيارات مسروقة من دول الجوار عبر إقليم دارفور.

وتمثل دارفور بيئة جاذبة لانتشار التنظيمات المتطرفــة نظرا لتفشــي الفقــر، والاضطرابا­ت الأمنية، والنزاعات القبلية، وهذا الأمر يثير قلق السلطات الســوداني­ة ويجعلها متحفزة ضد أي تهديد محتمل.

كما أن وصول مئات من عناصر «بوكو حرام» إلى غرب تشــاد، يشــكل تهديدا آخر للسودان، الذي يســعى لتعزيز التعاون الأمني والعسكري مــع ليبيــا وتشــاد من خــال قوات مشــتركة علــى الحــدود المفتوحة بــن البلــدان الثلاثة، فالتنظيمات المتشــددة تســعى لإقامة إمارة في الساحل الأفريقي تمتد من موريتانيا إلى دارفور، مســتغلة ضعف جيوش المنطقة، واستنزافها في حروب مع تنظيمات متمردة وأخرى انفصالية.

لكن الهجرة غير النظامية وأنشــطة التهريب والجريمة المنظمة تشكل أيضا هاجسا للخرطوم، بســبب الحدود الطويلة والمفتوحة، وانتشــار الســاح في دارفور، الذي يقدر حجمه بمليوني قطعة سلاح، حسب تقديرات غير رسمية.

و«بوكو حرام» هو تنظيم مســلح في أفريقيا، تأســس في يناير/ كانون الثانــي 2002، وأعلن في مارس/ آذار 2015 ارتباطــه بتنظيم «الدولة الإســامية» وينشــط في عدد من الــدول مثل نيجيريا والكاميرون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom