Al-Quds Al-Arabi

اجتماعات وزارية تركية أمريكية متلاحقة في محاولة لبناء أرضية للقاء يجمع اردوغان وبايدن

- إسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

تتســارع الاجتماعــ­ات على المســتويا­ت الوزاريــة المختلفــة بين المســؤولي­ن الأتراك والأمريكيـ­ـن في محاولة لحصــر الخلافات وبناء أرضية تمهــد لأول لقاء يجمع الرئيس الأمريكي جو بايــدن بالرئيس التركي رجب طيب اردوغــان قد يجري علــى هامش قمة المنــاخ المقررة نهاية أبريل/نيســان الجاري عبر الاتصــال المرئي، أو فــي لقاء خاص في وقت آخر تحــدده الاتصالات التمهيدية التي يظهر أنها تتقدم في بعض الملفات وتتعثر في أخرى.

ومنذ تولي بايدن الرئاسة الأمريكية أبدى فتوراً لافتاً فــي إجراء أي اتصالات مع تركيا، وطوال الأشــهر الماضية جــرى اتصال واحد فقط علــى مســتوى وزراء الخارجية وآخر على بين مستشــار اردوغان ومستشار الأمن القومــي الأمريكي، في حين لم يجر أي اتصال أو لقاء بــن بايدن والرئيــس التركي رجب طيب اردوغان.

ونهايــة الشــهر الماضــي، التقــى وزيرا خارجيــة البلديــن لأول مــرة علــى هامش مشــاركتهم­ا في اجتماعــات وزراء خارجية حلف شمال الأطلســي في بروكسل، وحسب بيــان لــوزارة الخارجيــة الأمريكية حض بلينكن أنقرة على «عدم الاحتفاظ» بمنظومة إس 400، كمــا انتقــد انســحاب تركيــا من «معاهدة إســطنبول» الاتفاقيــ­ة التي تكافح العنف ضد المرأة، مثيراً ملف «حقوق الإنسان في تركيا». ونقل عــن الوزير الأمريكي قوله: «ليس سراً أن لدينا خلافات مع تركيا، كما أنه ليس ســراً أن تركيا حليف طويل الأمد وقيِّم وأعتقــد أن لدينا مصلحة قويــة في الحفاظ على ارتباطه بحلف شمال الأطلسي.»

إلى ذلك، كشــف وزيــر الخارجية التركي عــن أنه أوضح لنظيــره الأمريكي أن «صفقة شــراء المنظومــة الدفاعيــة تمــت وانتهى الأمر»، لافتــًا إلى إمكانية تشــكيل مجموعة عمل مشــتركة بين البلدين بهذا الخصوص، واعتبر أن تركيــا لديها موقف إيجابي لتأمين حاجتها مــن المنظومات الجوية، مســتقبلاً، من حلفائها. وصف جــاوش أوغلو لقاءه مع بلينكن بـ«البناء»، كاشفاً عن اتفاقه معه على عقد اجتماع شــامل بين البلدين، دون تحديد مســتواه أو موعده. وبينما لفت إلى أنه «تم

نقاش بعــض القضايا بشــفافية ووضوح»، أشــار إلى وجــود خلافات بــن البلدين في بعض القضايا تؤثر سلباً على علاقاتهما منها دعم الوحــدات الكردية في ســوريا ووجود فتح الله غولن في الأراضي الأمريكية.

والخميس، بحــث وزير الدفــاع التركي، خلوصــي أكار، مــع نظيره الأمريكــي، لويد أوســن، ملفات أمنيــة إقليميــة والتعاون الثنائي في المجــال الدفاعــي، وذلك في أول اتصال بــن الوزيريــن. وأوضحــت وزارة الدفاع التركيــة أن الوزيرين أكدا على أهمية العلاقــات الاســترات­يجية، وتطويــر وجهة نظر مشــتركة حيال الأمن الإقليمي والعالمي، وشددا على ضرورة «حل المشاكل بما يتوافق مع روح الشراكة الاســترات­يجية والتحالف بين البلدين»، وجددا إلزام بلديهما «التعاون والتنســيق الوثيق في إطار تعزيز العلاقات الثنائية العسكرية».

وقبيــل ذلك بيــوم واحد، بحثــت وزيرة التجارة التركيــة روهصار بكجان، مع ممثلة التجــارة الأمريكية كاثرين تــاي، الخطوات الجديــدة التــي ســيتم اتخاذها لتســهيل التجارة وزيادة حجمها بين أنقرة وواشنطن، ووصفت الوزيــرة التركية اللقاء الذي جرى عبر الفيديو كونفرانس بـ«المثمر»، مشــيرة إلى أنهما تبادلتــا خلاله وجهات النظر حول القضايــا العالمية والثنائيــ­ة، وقالت: «قيمنا علاقاتنا الاقتصاديـ­ـة الراهنة وأظهرنا إرادة قويــة لتعزيز التجارة بــن تركيا والولايات المتحدة».

وارتفــع حجــم الصــادرات التركية إلى الولايــات المتحدة رغم وباء كورونا بنســبة 13.5 بالمئة في 2020، ليصل إلى 10.1 مليارات دولار، كمــا بلغ حجم التبــادل التجاري بين البلدين العام الفائت 22.1 مليار دولار، ويقول البلدان إنهما يســعيان لرفع حجــم التبادل التجــاري بينهما إلى 100 مليون دولار، إلا أن الخلافات السياسية كثيراً ما أثرت على مسار التقــدم لتحقيق هذا الهدف الــذي بات محل ترغيب وترهيب من قبل الإدارة الأمريكية في التعامل مع تركيا.

وتقول مصادر دبلوماسية تركية إن هذه الاتصالات تهدف بدرجة أساســية إلى بناء أرضية مشتركة تمهد لعقد لقاء بين اردوغان وبايدن، معتبرة أن لقاء دون تنسيق ودون ملفــات تفاهم يمكن الإعلان عنها ســيكون مجرد لقاء شكلي، بينما اللقاءات الوزارية الحالية تعمــل على تبادل وجهــات النظر

والبحث فــي إمكانية إنهاء بعض الخلافات والتوصل لبعــض التفاهمــا­ت التي يمكن أن يعلن عنهــا اردوغان وبايــدن في حال لقائهما.

وتشــير بعض التوقعات إلــى إمكانية أن يجري لقاء، ولو قصيراً، على هامش مشاركة الرئيســن المقرر انعقادها فــي 22 و23 أبريل ومزمع عقدها عبر الاتصال المرئي، حيث وجه بايدن دعوة رســمية لاردوغان للمشاركة في القمة، حيث أعرب بايدن في نص الدعوة عن أمانيه الطيبة لاردوغان والشعب التركي كما أعرب عن تضامنه مــع ذوي ضحايا جائحة كورونا، وعموم الشعب التركي.

ومنذ وصول بايدن إلــى البيت الأبيض، بدأت إدارتــه في توجيه انتقــادات مختلفة إلــى تركيا فــي ملفات مختلفــة أبرزها ملف منظومــة إس 400 الدفاعيــة الروســية، والصراع في شرق المتوسط، إلى جانب ملف حقوق الإنسان وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي وحقوق المثليــن وغيرها الكثير من الملفات، وســط برود كبير فــي العلاقة بين البلدين، حيــث ردت الخارجية التركية بلغة حادة على العديد مــن تصريحات وبيانات الإدارة الأمريكية التي وجهت فيها انتقادات

لتركيا.

لكــن بعض التطــورات الإقليمية يمكن أن تدفــع الجانبــن الأمريكــي والتركي لوضع بعض الخلافات جانباً للتنسيق في التحديات التي يمكن أن تســتجد في الأسابيع المقبلة، لا ســيما التطورات الجارية في شرق أوكرانيا والتهديدات الروســية بالتدخل عسكرياً في حال اقتــرب الناتو من مناطق الاشــتباك­ات بين الحكومة الأوكرانية والمتمردين المدعومين من روسيا، وســط أنباء عن حشود عسكرية روسية كبيرة هناك.

ويعتقد أن اتصال وزيــر الدفاع الأمريكي بنظيره التركي جاء في إطار تنسيق المواقف لمواجهــة التحديــات المســتجدة فــي الملف الأوكراني، حيث وعلى الرغــم من العلاقات التركية الروســية المتقدمــة، إلا أن تركيا ما زالت ترفض بشــكل قاطع الاحتلال الروسي للأراضــي الأوكرانيـ­ـة وســعت تعاونها مع أوكرانيــا في المجالات العســكرية والدفاعية لا ســيما بيع كييــف طائرات مســيرة بدأت الأخيرة في استخدامها على خطوط التماس مع روســيا وهو ما أغضب موســكو، ليبقى الباب مفتوحاً أمام كافة السيناريوه­ات خلال الأسابيع المقبلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom