Al-Quds Al-Arabi

شبح المجاعة يخيّم على نيجيريا مع زيادة العراقيل أمام منظمات الإغاثة بسبب هجمات الجماعات الجهادية

-

■ مايدوغوري - أف ب:يخيّم شــبح المجاعة على نيجيريا في غياب أي مؤشرات على احتمال انحســار التمرّد الإسلامي المســتمر منذ عقد في شمال شرق البلاد، بينما تزداد صعوبة الوصول إلــى المحتاجــن للمســاعدا­ت، حســب عناصر منظمات الإغاثة.

وقال أربعة مســؤولين رفيعين فــي منظمات إنســانية دولية أن تدهــور الوضع الأمني يعيق اســتجابته­م للأزمة، في ظل استهداف الموظفين الإنســاني­ين بشــكل مباشــر، بينمــا يواجهون تشــكيكاً وقيوداً يفرضها الجيــش، وهو ما نفته الحكومة.

وحذّر أحدهم من أنه «لا يمكننا التدخل بشكل فعلي هنــا، طالمــا أن الجيش يخســر المزيد من الأراضي...لــم يعد أحد يعمل بطاقتــه الكاملة» جراء انعدام الأمن.

وشهدت منطقة بحيرة تشاد، التي تضم أجزاء من نيجيريا، زيادة بنسبة حوالى 60 في المئة في العنف المســلّح، ما أدى إلى مقتل 4801 شخص، في أعلى حصيلة مرتبطــة بالجماعات الجهادية في افريقيا، حســب «المركز الافريقي للدراســات الإستراتيج­ية» التابع لوزارة الدفاع الأمريكية.

ومن الُمرجّح أن يرتفع عدد الأشــخاص الذين يعانــون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بشــكل طارئ في شمال نيجيريا، بمقدار الضعف تقريباً حسب الأمم المتحدة.

وأفادت مارغوت فان دير فيلدين، من «برنامج الغذاء العالمي» في بيان بشــأن نيجيريا واليمن وجنوب الســودان «بلغنا نقطة تحوّل كارثية». وتابعت «عندمــا نعلن المجاعة، يعنــي ذلك أننا خسرنا العديد من الأرواح. إذا انتظرنا للتأكد من ذلك، فسيكون الأشخاص قد ماتوا بالفعل».

وبالنســبة للأشــخاص الأكثر تضرراً، توزّع السلطات المحلية الغذاء والنقود وغير ذلك، لكن جزءً كبيراً من عملية إيصال المساعدات في شمال شــرق نيجيريا يتم من قبــل الأمم المتحدة و150 منظمة غير حكومية محلية ودولية.

ولا يســمح للموظّفين الإنســاني­ين بالعمل إلا في المناطق الخاضعة لســيطرة الحكومة، حيث يحتاج 8.7 مليون شــخص إلى مســاعدات هذا العام.

ويقدّر بأن 1.2 مليون آخرين لا يمكن الوصول إليهم، إذ يعيشــون في مناطق خاضعة لسيطرة «بوكو حــرام» أو تنظيم «الدولة الإســامية في ولاية غرب افريقيا» المنافس.

وقالــت عاملــة إغاثــة أخــرى ذات خبــرة واســعة في منطقة الشرق الأوســط إن الوضع «أكثر صعوبة من ســوريا، حيــث يمكن الاتصال والتفــاوض مع بعــض المجموعــا­ت». وأضافت «لوجســتياً، لا توجد في نيجيريا طرقات يمكننا حتــى أن نســلكها للوصــول إلــى المجموعات الجهادية».

مــن جهته، أشــار مايــرو ماندرا، المســؤول الحكومــي لولايــة بورنــو، إلــى عــدم اتفاقه مــع تعريــف المنظمات الإنســاني­ة لمــا «لا يمكن الوصول إليه». وقــال «نذهب إلــى كل مكان... بعض المواطنين، حتــى وإن منحناهم إذنا، فإن سفاراتهم ومنظماتهم لا تسمح لهم بالتوجه )إلى مناطق معينة( لذا فلديهم قيودهم الخاصة بهم».

وبات عمال الإغاثة «هدفاً مبرراً» بشكل متزايد بالنسبة للمتمرّدين، حسب عنصر إغاثة ثالث.

وفي مطلع مــارس/آذار هاجــم «تنظيم الدولة الإســامية في ولاية غــرب افريقيا» بلــدة ديكوا واستهدف بشكل مباشــر أحد مراكز الأمم المتحدة التســعة في البلاد، حيث يقطــن ويعمل موظفون إنسانيون.

وتعرّضــت ثلاثــة مراكز أخــرى لهجمات منذ 2019، بينما أطلق مســلّحون العــام الماضي النار على مروحيــة تابعة للأمم المتحــدة. وتم خطف وإعدام عمال إغاثة في هجمات على غرار تلك التي يتعرّض لها مدنيون وموظفون حكوميون.

وقال عامل الإغاثة الثالث أن «رواية المتمرّدين هــي أن عناصر الإغاثة ينشــرون المســيحية في أوساط الســكان وينشــرون القيم الغربية التي تتناقض مع نهج )هــذه الجماعات( الأصولي في فهم الإسلام».

وبعــد هجــوم ديكــوا، علّقــت الأمم المتحدة الرحلات الجوية إلى المنطقة وغيرها من المواقع.

ويؤثر ذلك على المنظمــات غير الحكومية التي تعتمــد على رحــات الأمم المتحــدة الجوية، في ظل طرقات غير آمنة وعــدم توافر رحلات جوية تجارية.

وعندمــا يتعرّض الجيش لهزيمــة في المناطق الخاضعة لــه، لا يعرقل ذلك إيصال المســاعدا­ت فحســب، بل يعــزز أيضــا الرواية بــأن الدولة و»حلفاءها» غير قادرين على مساعدة السكان.

بدورهــم، ينهــب المتمــرّدون الإمــدادا­ت من المنظمات غير الحكومية ويوزعونها على السكان قائلين لهــم «أنظروا مــاذا كانوا يخفــون عنكم. نحن نتشارك معكم» هذه الإمدادات، حسب عامل الإغاثة الثالث. وتابع «عمــال الإغاثة عالقون في هذه المعركة للسيطرة على القلوب والعقول».

ولا يجبر انعدام الأمن وحده عمال الإغاثة على الانسحاب.

وقال عنصر إغاثة رابع «تحــوّل نقل النقود أو الوقود مثلا إلى كابوس» في إشــارة إلى القيود المشددة التي يفرضها الجيش.

وعندما تتعرّض شاحنات الأغذية إلى هجمات على الطرقات والنهب على أيدي المتمرّدين، يشكك الجيش فــي المنظمات غيــر الحكوميــة ويتّهمها بـ»إطعــام المجموعــا­ت المســلحة» ما يتســبب بتأخيرات.

وقال المصدر الإغاثي الرابــع «احتجنا مؤخرا لشهرين لنتمكن من إيصال إمدادات إلى مونغونو )منطقة مكتظة بالســكان(. يعني ذلك أن الاطفال ســيحرمون من حصصهــم... هنــاك الكثير على المحك».

لكن ماندرا يرد على ذلك بالإشارة إلى أن قوات الأمن منشغلة ولا يمكنها «ترك ما تقوم به من أجل مساعدة موظفي الإغاثة».

وتابــع «إذا كنتــم تعلمــون أن الحصول على

موافقة سيســتغرق شــهرين، فلماذا لم تتقدموا بطلــب قبــل ثلاثــة أشــهر؟... عليكــم احترام الأشــخاص الذين تعملون معهــم. يعتقدون أن بورنو هي مقديشو. نيجيريا دولة مستقلة.»

ونفى الناطق باســم الجيش الجنــرال محمد يريما أيضا بأن يكون عناصــر الإغاثة يواجهون صعوبات ناجمة عن انعدام الأمن والقيود، مشيراً إلى أن قوات الأمــن «توفر بيئة تمكّــن» الهيئات الإغاثية من القيام بعملها.

وقال المسؤول الحكومي يريما عبر الهاتف «لم نثنهم قط عن العمل. نســمح لهــم بالعمل ونوفر الأمن لهم». وارتكبت المنظمات الإنســاني­ة أخطاء منذ بدأت الاســتجاب­ة للنزاع، وهو أمر تعترف هي نفســها به. وكان هناك غياب للتنسيق ومحاسبة محدودة ميدانيــاً، فيما قامت بعض المنظمات غير الحكومية بأنشطة دون أخذ الحساسيات الثقافية فــي الاعتبــار. وفــي يناير/كانون الثانــي عيّن الرئيس النيجيري محمد بخاري قادة عســكريين جدد في محاولة لتعزيز الاستجابة المسلّحة.

ويتســاءل بعض عناصــر الإغاثة بشــأن إن كان ذلك كافيا. وتعــد نيجيريا، أكبر مُصدِّر للنفط في افريقيا، من بين كبــرى القوى الاقتصادية في القــارة، إلا أن أكثر من 40 في المئــة من مواطنيها البالغ عددهــم نحو مئتي مليون يعانون من الفقر الُمدقع.

وســأل عامل إغاثة «هل نسدي للحكومة خدمة حتى لا يكــون عليها أداء مهمتهــا؟ علينا الضغط على الحكومة للقيام بالمزيد».

 ??  ?? حي عشوائي في بلدة إيلورين في ولاية كوارا النيجيرية التي تتعرض لهجمات الجهاديين
حي عشوائي في بلدة إيلورين في ولاية كوارا النيجيرية التي تتعرض لهجمات الجهاديين

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom