استناداً إلى تحليلات الأشهر الأخيرة: هل باتت إيران ناضجة للعمل «مباشرة من أراضيها» ضد إسرائيل؟
■ من أســبوع لأســبوع تتحــول المعركة التي تجــري بين إســرائيل وإيــران من حرب ســرية غير مباشــرة وباردة، إلى معركة مباشــرة علنية وحارة أكثر فأكثر. على مدى السنين كان دارجاً في إسرائيل الافتراض بأن إيران ستفضل دوماً العمل من أراض أخرى، مثل ســوريا والعراق أو اليمين، ولكن أحداث الأشــهر الأخيرة ترفع إلى الســطح مسألة هل باتت إيران ناضجة للتجرؤ والعمل ضد إسرائيل مباشرة من أراضيها.
منذ أكثــر من ثلاثة عقود تثبت للاســتخبارات الإســرائيلية فكر يقضــي بأن الحــرب الإيرانية – العراقية الطويلــة 1988( )1980 خطت إلى الأبد صدمة في الوعــي الإيراني ورغبة في الامتناع عن مواجهات مباشــرة. فالصواريــخ العراقية التي كانت تســقط كل يوم على طهــران فتهرب ملايين الإيرانيين إلى المدن البعيدة، خلفت ندبة عميقة في الذاكرة الوطنية ودفعــت الإيرانيين لتبني مفهوم أمني يعتمد على الحرب بواســطة مبعوثين كي لا يكشفوا مدنهم المركزية لعمليات الرد من العدو مرة أخرى.
ومنذئذ، بنت إيران بعناية شبكة من الميليشيات والمنظمات في كل المنطقة، من حزب الله في لبنان، عبر الميليشــيات الشــيعية في العراق وســوريا وحتــى الحوثيــن في اليمــن، ليشــكلوا ذراعها الطويلة للعمل ضد إسرائيل والولايات المتحدة أو كل عدو آخر. لقد حرص علي خامينئي، الذي شغل منصب رئيس إيران في سنوات الحرب مع العراق، على أن يبقي طوال حكمه كزعيم أعلى على سياسة حذرة في استخدام القوة، التي تتطلع إلى الامتناع عن المواجهة المباشرة مع دولة أخرى.
ولكن شــيئاً ما تغير في الســنتين الأخيرتين: هجمة الطائــرات المســيرة على منشــآت النفط
لأرامكو فــي الســعودية )أيلــول 2019( وهجمة الصواريخ على القاعدة الأمريكية في عين الأســد )كانون الثاني 2020( ونار الصواريخ على سفينة – بملكية إســرائيلية جزئيــة )آذار 2021( أطلقت كلها من الأراضي الإيرانية. بأسلوب الإدارة المليء من جانب خاميئني، مــن الصعب أن نضع الإصبع علــى أمر واضــح صــدر لتغيير السياســة. ومن الواضح أن رجال الحرس الثوري يفسرون أقواله في السنوات الأخيرة كتغيير في روح القائد.
أجمل الجيش الإسرائيلي مؤخراً أعمال المعركة بين الحروب تجــاه إيران براحة كبيــرة. فمقابل أكثر من 100 عملية إسرائيلية ناجحة في السنتين – الأخيرتــن وجد الإيرانيــون صعوبة في تنفيذ ردود ونجحوا جزئياً فقط في حالات قليلة: ضربة الســفينتين بملكية إســرائيلية، وهجمات سايبر غير متطــورة وعديمــة المعنى على بنــى تحتية ومواقع إسرائيلية. رغم سلسلة نجاحات الأعمال الإسرائيلية: من الجو والبحر وعمليات سرية في – البر يبقى الإنجاز الشــامل للمعركة بين الحروب محدوداً. فقد نجحت بالفعل في أن تبعد الإيرانيين عن الحدود في الجولان ودحرتهم شــرقاً، ومنعت غيــر قليل من نقــل وســائل القتال إلى ســوريا ولبنان. وحسب التقارير، مســت أيضاً بالتمويل الذي حولته إيران إلى حزب الله بواسطة ناقلات النفــط. وواضح أن المعركة بــن الحروب وحدها – لن تتمكن من إخراج الإيرانيين من ســوريا هذا ســيكون ممكناً تحقيقــه فقط بخطوة سياســية – لتوافقأمريكي روسي.
كمــا أن المعركة بين الحروب لا توقف مشــروع حزب الله في دقــة الصواريخ، وجهد تطوير قدرة تركيــب وإنتاج صواريــخ دقيقة علــى الأراضي اللبنانية. لقد نشــر أنه فــي العملية الأخيرة التي نسبت لإسرائيل في الشــهر الماضي ضد السفينة الإيرانية «شهر اكورد» في البحر المتوسط أصيبت خلاطة وقود صلبة للصواريخ، مثل الخلاطة التي
أصيبــت بحوامات متفجرة في بيــروت قبل نحو ســنتين. وهذه العمليات قد تؤخر مشروع الدقة، ولكنهــا لا توقفه. علــى كفة الإنجــازات، يحصي الجيش الإســرائيلي أيضاً تحســن الــردع؛ فثمة تهديــدات واضحة نقلت إلــى الحوثيين في اليمن منعت فقــدان طائرات مســيرة وصواريخ جوالة نصبت هناك ضد إسرائيل. كما أن نصر الله وضع على الرف حالياً مخططاتــه للانتقام لموت لبناني في ســوريا في الصيف الماضي. ولكن النجاحات الإسرائيلية لم تسحق التصميم الإيراني على الرد على سلســلة العمليات التي يعزونها لإســرائيل، وعلى رأســها تصفيــة رئيس البرنامــج النووي محســن فخري زاده. من غير المســتبعد أن تكون إيران تتطلع إلى شن هجمة على إسرائيل مشابهة – لتلك التي أسقطت منشآت النفط السعودية وابل من الطائرات المسيرة والصواريخ الجوالة بضربة واحدة شــلت نصف إنتاج النفط لكبرى الشركات أرامكو. وهم يحاولون بــا انقطاع مراكمة قدرات كهذه في ســوريا والعراق واليمــن أيضاً، ولكنهم يجدون صعوبة فــي اســتخدامها. وحدد رئيس الأركان افيــف كوخافــي إحباط هــذه القدرات، للصواريخ الجوالة والطائرات المســيرة، في رأس سلم أولويات الجيش الإسرائيلي.
ينبغي أن تفترض إســرائيل بأن فشل إيران في تنفيذ هجوم كهذا مــن إحدى المناطق المجاورة لنا، كفيل بأن يدفعهم للعمل مباشــرة مــن أراضيهم. فالتنسيق الوثيق مع القوات الأمريكية في العراق والخليــج، إضافة إلى الشــراكات الإســرائيلية الجديدة في العالم العربي، يمكنها أن تســاعد في إحباط مثل هــذا الهجوم. ولكن ســيناريو تبادل الضربات مباشــرة بين إســرائيل وإيران، والتي بــدت في الماضــي شــبه خيالية، أصبــح مؤخراً سيناريو محتملاً.
معاريف 2021/4/2