Al-Quds Al-Arabi

محادثات «غير مباشرة» بين واشنطن وطهران في فيينا الأسبوع المقبل

- لندن - «القدس العربي» - ووكالات:

بعد إجرائها اجتماعا على مســتوى المساعدين والمديرين السياسيين لوزارات الخارجية، اتفقت القوى الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني على عقــد محادثات الأســبوع المقبل فــي فيينا، ســتتضمن محادثات للجنة المشــتركة مع واشــنطن، ولكن بغياب إيرانــي. والهدف من هذه الاجتماعات، حســب دبلوماســي أوروبي رفيع، التوصل إلى آلية لرفع العقوبــات المفروضة علــى إيران مع عــودة جميع الأطــراف للالتزام بالاتفاق النــووي الموقع عام 2015 قبل شــهرين، أي قبــل الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وقال بيان صدر بعد اجتماع للجنة المشتركة للاتفاق النووي الإيراني، إن المشاركين ســيجتمعون في فيينا "ليحددوا بشكل واضح إجــراءات رفع العقوبات وتطبيق )الاتفاق( النووي، بما في ذلك عبر عقد اجتماعات لمجموعات الخبراء المعنية".

واســتبعدت طهران إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن، لكن وجود إيران والولايات المتحدة في العاصمة النمساوية سيساعد في تركيز جهود إعادة الجانبين إلى الالتزام بالاتفاق النووي.

ورحبت واشنطن بالأمر ووصفته بأنه "خطوة صحية للأمام". وقال

مصدر دبلوماسي أوروبي:"ستكون إيران والولايات المتحدة في المدينة نفسها، لكن ليس في الغرفة نفسها". وذكر دبلوماسي غربي أنه سيجري اتباع أسلوب الدبلوماسي­ة المكوكية.

وقــال وزير الخارجيــة الإيراني محمــد جواد ظريف علــى تويتر: "الهدف: الإســراع بإنهاء رفــع العقوبات وإجــراءات نووية بما يؤدي لرفــع كل العقوبات، يلي ذلك وقف إيران لكل الإجراءات التصحيحية... لن يعقد اجتماع إيراني - أمريكي. لا ضرورة لذلك" . كما اعتبر مســاعد وزير الخارجية الإيراني للشــؤون السياســية، عباس عراقجي أنه "لو أرادت ســائر أطراف الاتفاق النووي إجراء مشاورات ثنائية أو متعددة الأطراف مع أمريكا حول الإجــراءا­ت التي يجب على أمريكا أن تتخذها، ســواء في فيينا أو في أي مكان آخر، فهو أمــر يعود لهم وبطبيعة الحال فقد سبق وأن جرى مثل هذا الأمر".

كما قال نيد برايس المتحدث باســم وزارة الخارجيــة الأمريكية، أمس الجمعة، إن المحادثات ســتكون قائمة على مجموعات عمل يشكلها الاتحاد الأوروبــي مع باقي المشــاركي­ن من الــدول الموقعة على الاتفــاق النووي بما يشــمل إيران. وأضاف برايــس في بيان: "لا نزال فــي المراحل الأولى ولا نتوقع انفراجــه فورية لأننا أمام مناقشــات صعبة، لكننــا نعتقد أن

هذه خطوة مفيدة"، مشــيرا إلى أن واشــنطن لا تزال منفتحة على إجراء محادثات مباشرة مع طهران.

وذكر برايس أن "المســائل الأساســية" المطروحة للنقــاش في فيينا ســتكون "الخطوات النووية التي سيتعين على إيران القيام بها من أجل معاودة الالتزام ببنود خطة العمل الشاملة المشتركة )التسمية الرسمية للاتفاق النووي(، وخطوات تخفيف العقوبات التي ستحتاج الولايات المتحدة لاتّخاذها من أجل معاودة الالتزام كذلك".

وقال المســؤول في الاتحاد الأوروبي إن المحادثات ستســعى لوضع قوائــم للتفاوض تضم العقوبــات التي يمكن للولايــات المتحدة رفعها والالتزاما­ت النووية التي على إيران الوفاء بها. وأضاف أن تلك القوائم "يجب أن تتلاقى في مرحلة مــا. وفي النهاية نحن نقترب من ذلك بطرق متوازية. أعتقد حقا أن بإمكاننا تحقيق ذلك في أقل من شهرين".

وعقدت إيران والصين وروســيا وفرنســا وألمانيا وبريطانيا، أطراف اتفاق 2015 النووي، الجمعة، محادثات افتراضية لمناقشة كيفية تحقيق تقدم في هذا الشــأن. وقال دبلوماســي­ان إن الجولة الأولى من المحادثات قد تستغرق عدة أيام، وقد تليها جولتان أو ثلاث في الأسابيع التالية لمناقشة القضايا المعقدة.

■ أعلــن الاتحــاد الأوروبي أمس الجمعة أنه ســيعقد اجتماعات في العاصمة النمســاوي­ة فيينا الثلاثاء المقبل تحضره «جميع الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي بما فيهــا الولايات المتحدة» لبحث عــودة الاتفاق النووي مع إيران.

رغــم تأكيــد مســؤول أوروبــي لصحيفة «واشــنطن بوســت» الأمريكية أن المحادثات بين واشــنطن وطهران ستكون «غير مباشرة» فإن حضور البلدين هذا الاجتماع ســيكون الحادثــة الأولى من هذا النوع فــي عهد الرئيس الأمريكــي جو بايــدن، وهذا يعنــي أن المســاعي الدولية للتقريــب بين أمريكا وإيــران قد آتت ثمارهــا أخيرا، وأن الطرفين باشــرا النزول عن شــجرة النزاع التي ساهمت سياســات الرئيس الأمريكي الســابق دونالد ترامب في وصولها إلى ذروتها، مع اغتيال الجنرال قاسم سليماني

في بداية الســنة الماضية، والقصف الإيراني على قاعدة «عين الأسد» الأمريكية في العراق.

تتركــز المفاوضات عمليا علــى قائمتين، الأولى تتعلق بالالتزامـ­ـات النوويــة التــي ســتتعهد إيــران بتنفيذها، والثانية تتعلق بالعقوبات التي ستقوم الولايات المتحدة الأمريكيــ­ة والاتحاد الأوروبــي برفعها، وبمــا أن القوى الدوليــة المؤثرة، بما فيهــا الصين وروســيا، إضافة إلى الطرفين الرئيسيين، واشنطن وطهران، ستحاول تعديل هاتــن القائمتــن، فإن ما ســيحصل ســيكون عبارة عن اتفاق نووي جديد.

تحاول طهران الاســتفاد­ة من اســتراتيج­يات الإدارة الأمريكيــ­ة الجديــدة التــي أثــارت قلــق الصــن وغضب روســيا، وقد ســاهم التقارب الصينــي ـ الإيراني، الذي تصاعد مؤخرا مع إعلان «اتفاقية التعاون الاستراتيج­ي»

بين البلدين، في دفع الأمريكيين لإعادة ترتيب أولوياتهم، ولجأوا إلى ما ســموه «الاصطفــاف التكتيكي» مع بكين، لضمان تعاونها لاحتواء البرنامج النووي الإيراني.

إضافة إلى إعلان رفض العــروض الجزئية الأمريكية فقــد حرّكــت طهــران أوراقهــا الكثيــرة، وخصوصا في مناطق نفوذها العربية، فشهدنا تصعيدا كبيرا في اليمن، واستعصاء سياســيا وتهديدات بالعودة للحرب الأهلية في لبنان، واســتمرار اســتهداف قــوات «التحالف» في العراق، والإصرار على وجودها السياســي والعســكري في سوريا.

رغــم إصــرار واشــنطن علــى إقفــال الملــف النــووي الإيرانــي، وإعلانهــا عــن ســحب جــزء مــن قواتهــا من الســعودية والخليج العربي، فالواضح ان إدارة بايدن لا تريد إعطاء انطباع بتراجع كبير لاهتمامها بقضايا العالم العربــي، وخصوصــا فــي مناطق نفــوذ إيــران، وهو ما ظهر في مشــاركتها في اجتماع لتمويل تداعيات الكارثة الســورية، وفي محاولاتها لإنهاء الحــرب اليمنية، وفي علاقاتها مع العراق ولبنان.

كان الاتفــاق النــووي الــذي عقده الرئيــس الأمريكي الأســبق باراك أوباما مع إيــران، قد عزز قــدرات طهران المالية والعسكرية وفتح لها المجال للتدخل عربيا، وإذا لم تتطــرق مفاوضات الدول الكبرى حــول الاتفاق النووي إلــى تدخلات إيــران في الســاحات العربيــة، وهي على الأغلب لن تفعل، فهل ســتؤدي العــودة للاتفاق النووي إلــى تعزيز جديد لقــدرات إيران ونفوذهــا العربي، أم أن أمريكا والاتحــاد الأوروبي قد تعلّما مــن «درس أوباما» وسيجدان طريقة لجعل الاتفاق النووي رافعة لتسويات سياسية عربية؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom