الصين وروسيا تساعدان أمريكا اللاتينية باللقاحات بعد تخاذل الجار الشمالي
عادت واشــنطن لتتخلى مجدداً عــن جارتها اللاتينيــة في الأزمة الحالية الناتجة عــن جائحة فيــروس كورونا، كما فعلــت في الأزمة الاقتصادية عام 2008، وتســتغل الصين وروســيا هذا الوضع لتعزيز نفوذهما عبر توزيع اللقاح والمساعدات المالية.
وتحولت أمريــكا اللاتينية ضمن المناطق العالمية التي تشــهد أعلى نســبة من المصابين والوفيات بفيروس كورونا، ولاسيما البرازيل التي يتجاوز عدد الوفيات ثلاثة آلاف يومياً مؤخراً. وبدأت قطاعات الصحة تنهار بشــكل كبير في بعض دول أمريكا اللاتينيــة، ويوجد تأخير في اللقاح بسبب الصعوبات في الحصول عليه. وتجاوزت نسبة الإصابات
في أمريكا اللاتينيــة والكاريبي 25 مليوناً يــوم الجمعة الماضي، بينما الوفيات أكثــر من 700 ألف، في حين أن الســاكنة هــي 600 مليون في المجموع.
وحاولــت دول المنطقة الحصول علــى اللقاحــات الأمريكية بحكم إنتاجها لثلاث لقاحات، وهي موديرنا وجونســون آند جونســون ثم فايزر. وتجد الصمت من طرف الولايات المتحدة، سواء في عهد الرئيس الســابق دونالد ترامب، أو الحالي جو بايدن، وبالكاد منحت الولايات المتحدة اللقاح وبشكل محدود إلى جارها الجنوبي المكسيك.
في هذا الصدد، تتوجه كل الدول بدون اســتثناء إلى الصين وروسيا للحصول على لقاح ســبوتنيك 5 الروسي وسينوفارم الصيني، علاوة على لقاح أســترازنيكا. وقد وقعت المكســيك اتفاقية لشراء 24 مليون حقنة من لقاح ســبوتنيك 5 الروســي و35 مليون من لقاح ســينوفارم الصيني. وتحذو دول أخرى حذو المكســيك، مثل البرازيل التي تراهن على أســترازينيكا وســبوتيك، رغم الاتفاقية الضخمة مــع فايرز التي تتأخر في تســليم اللقاحــات بحكــم الأولوية التي تعطــى للمواطن الأمريكي، بينما تفضل دول مثل الأرجنتين وفنزويلا اللقاح الروســي، وذهبت دول أخرى إلــى اللقاح الصيني لضمان التلقيح أو شــراء كل اللقاحات كما فعلت كولومبيا، حيث اقتنت ســتة لقاحات مطروحة في الســوق. ورغم علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، راهنت التشيلي علــى اللقاح الصيني ســينوفاك، اللقاح الثاني الــذي تروجه الصين، ونجحت في تلقيح أكثر من ثلثي شــعبها لتكون ضمن الخمس الأوائل في العالم حالياً.
ويعلق روبر إيفان فليــس، الخبير في العلاقات بين أمريكا اللاتينية والصين، أن بكين تلعــب بذكاء «فقد قدمت مليــار دولار كقروض لـ 11 دولة من أمريكا اللاتينية لتشــتري بها اللقاح الصيني ســينوفارم أو ســينوفاك». ويؤكد هذا الخبير تكرار سيناريو أزمة -2009 2008حيث
وجدت منطقة أمريكا اللاتينية في الصين المنقذ الرئيســي من خلال رفع الاستثمار ورفع القروض بنسب معقولة على حساب الولايات المتحدة التي لم تقدر على تقديم مساعدات ملموسة.
وجاء في جريدة «بوث دي أمريكا» بالإســبانية، قلق واشــنطن من استغلال روســيا والصين للجائحة في منطقة أمريكا اللاتينية لتعزيز نفوذهما كثيراً، بل ورهان موســكو على التبخيس من صورة الولايات المتحدة كجار لا يقدم المساعدة في الوقت المناسب.
وتذهب الكثيــر من الصحف في تحاليلها أن صورة الولايات المتحدة تأثرت كثيراً خــال العقدين الأخيرين، وهو ما يفســر وصول أحزاب يسارية معادلة لواشنطن إلى السلطة في عدد من دول المنطقة، لكن هذه المرة المواطن البسيط هو الذي يرى بعين القلق كيف تأتي الصين مجدداً لدعم المنطقة، بينما الجار الشــمالي القوي والغني تخلى عن واجباته الإنسانية.