Al-Quds Al-Arabi

معرض «ذكريات معلقة»: لقطات يحكيها تراث منسي

- القاهرة ـ «القدس العربي» من محمد عبد الرحيم:

فــي حي الدرب الأحمر العريق بالقرب من شــارع )تحت الرَبْع( وســط قاهرة المعز لديــن الله الفاطمي، يقع شــارع «الخياميــة» حيث العديد من الــورش المتخصصة في إنتــاج هذا الفن. بدأ الأمر بصنع الخيام وتزيين الميادين في الاحتفالات الدينية، إلا أنه تطور بعد ذلك، بحيث لا يقتصر على الخطوط والتشــكيل­ات والنقوش الإســامية، بل تواصل وامتد إلى التراث القبطي والفرعوني، ليشمل الروح الحضارية المصرية ككل. ورغــم اندثار هــذه المهنة/الفن في الوقــت الحالي، حيث تقتصر علــى بعض الفنانين الذين توارثوا المهنة، إلا أنهم يحاولــون الصمود، وينتجون أعمالاً فنية جديرة بتاريخ هذا الفن القديم، وعدم اختصاره في تكرار مقيت ـ دونما إبداع ـ على سرادقات العزاء والدعاية الانتخابية، حيث لا فارق بينهما.

ويأتــي معــرض «ذكريــات مُعلقة» الذي أعــدّه الفنان ســيف الرشــيدي، والُمقام في غاليري )أوبونتو( فــي القاهرة، محاولاً الاحتفاء بهذا الفن، الــذي يُجاهد الاندثار، من خــال أعمال مجموعة من الفنانين يســتعرضون مواهبهم في تشــكيل لوحات وأعمال من المنســوجا­ت المعهودة في فن الخيامية، نذكر منهم .. أشــرف هاشــم، عاطف كمال، هاني عبد القادر، حســام الفــاروق، معتز نصر، مصطفى عبد المجيــد، مصطفى الليثي، وطارق الصفتي.

فن الخيامية

ارتبــط هذا الفن بداية بتصنيع الخيام، ومــن ثمّ إصلاحها، خاصة خيام الحُجاج في طريقهم إلى الأراضي المقدسة ـ حُجاج المغرب العربي بوجه خاص ـ ثم ارتبطت الخيامية بعد ذلك بكســوة الكعبة، التي كانــت تزينها خيوط الذهب والفضــة، حيث كانت تقوم مصــر بتصنيعها حتى فترة ســتينيات القرن الماضي وإرســالها إلــى أرض الحجاز في موكب مهيب يعرف باسم )المحمل(. ثم تطور هذا الفن ليصبح من المعلقات على الجدران.

وتأخذ هــذه التقنية مراحل عدة، فيبدأ الفنان برســم التصميم الذي ســيختاره على قمــاش التيل المصــري المميز باللــون العاجي، بوضــع التصميم الذي ســيختاره لعمله الفنــي، ونقله علــى ورقة )الباتــرون(، حيث تتم خياطتــه على القماش الذي ســيُطرّز، وبعدها توضع بودرة مخصّصة لطبع الرسم على القماش كي تُجرى عملية التطريز في وحدات القماش الملونة، وخلالها يقوم الصانع الذي يُعرَف باسم «الخيامي» بعمل أكثر من وحدة من التصميم نفسه، ثم تتم خياطتها مع بعضها بعضاً.

لقطات من بدايات القرن العشرين

بــدأ المعرض ببعــض الصور الفوتوغراف­ية بالأبيض والأســود لفنانــي الخيامية في بدايات القرن الفائت، مقارنة ببعض الفنانين الآن، وفي المكان نفســه. إضافة إلى صور توثيقيــة لرحلة المحمــل المصري إلى أراضــي الحجاز، والاحتفــا­ل الكبيــر المرافق لهذا الحــدث المقدس، حتى أنه في بعض الســنوات حــرص الخديوي عبــاس حلمي الثاني بتقدّم المحمل بنفسه.

من رايات الأولياء إلى تحية الثوار

ومــن اللافت فــي بعض المعلقات في المعــرض وجود راية قديمة تحمــل لفظ الجلالة ورســوله، وهي خاصة بأحــد محافل الموالد الشــهيرة في مصر، الخاصــة بآل البيت، بخلفيتهــا الخضراء الشــهيرة، والمنتمية لبدايات القرن العشــرين، وصــولاً إلى مُعلقة للفنان هاني عبد القادر تجسد أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011 .. ميــدان التحريــر ومبانيه ومعالمه الشــهيرة، عربات الشــرطة واصطياد الثوار، القتلى، عربات الإســعاف والإطارات المشــتعلة، دون نسيان العبارات الشهيرة في ذلك الوقت، مثل )يسقط النظام( و)إرحل(.

الخطوط والأشكال

وتأتــي الأعمال المختلفة، ما بين التشــكيل بالخط العربي، كما في لوحة الفنان طارق الصفتي والفنان معتز نصر. والتشكيل اعتماداً على الجسد الإنساني، والمستمد إيقاعه مــن التراث الفرعوني، لكن في شــكل مــن الرقص الحداثي، كما في عمــل الفنان لويس بارتليمي. ثم التشــكيل من خــال عالم الطبيعــة، حيث الزهور والطيــور والحيوانات، والأقرب إلى التشــكيل الفارسي منه إلى العرب، كما في أعمالهم التراثية المعروفة بهذه الرسومات، وذلك في أعمال كل من طارق الصفتي ومصطفى الليثي.

وفي الأخير لا تقل هذه الأعمال فناً ومهارة عن أعمال التصوير، فالرســم هنا بالخيوط بديــاً عن الفرشــاة، ففــي كل لوحة نرى التناســق اللوني، إضافة إلــى الإيقاع والحركة والتكوين، ومن التكرار المقصود نصل إلى الحالة الدرامية للوحة، أو الُمعلقة.

 ??  ??
 ??  ?? من أعمال الفنان طارق الصفتي
من أعمال الفنان طارق الصفتي
 ??  ?? من أعمال الفنان هاني عبد القادر
من أعمال الفنان هاني عبد القادر
 ??  ??
 ??  ?? من أعمال الفنان مصطفى الليثي
من أعمال الفنان مصطفى الليثي
 ??  ?? من أعمال الفنان لويس بارتلمي
من أعمال الفنان لويس بارتلمي
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom