Al-Quds Al-Arabi

الأردن: تدخُّل الأمير حسن ينزع فتيل الأزمة ويُلزم الأمير حمزة باحترام «النهج الهاشمي»

ترافق مع نصائح من "جهات دوليّة" بانتظار نتائج التحقيق مع عوض الله

- لندن - «القدس العربي»:

يمكن اختصار المشهد الأردني أمس بهذه الجملة: أوكل عاهــل الأردن الملك عبد اللــه الثاني إلى عمــه ولي العهد الأســبق الأمير حســن بن طلال التعامل مع موضوع ولي العهد الســابق الأمير حمزة، وفق مــا أعلن الديوان الملكي الأردني الإثنين، وذلك بعد إصرار الأمير حمزة على أنه لن يلتزم بأوامر من الجيش.

"الالتزام بنهج العائلة الهاشــمية"، هــذه العبارة التي اســتند إليها نبأ الإنفراج الجديد في أزمة الأمير حمزة بن الحســن وبتوقيع وبصمة المخضرم وكبير العائلة ســنا الأمير حسن بن طلال، ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة؟

طبعاً لا يمكــن معرفة التفاصيل بعــد لأن التزام الأمير حمزة بـــ "النهج الهاشــمي" يعني ضمناً قبــول التزام ما يصدر من أوامر ملكية بعد الآن.

والأهــم قبول مــا ســبق أن طالبه به رئيــس الأركان اللواء يوسف حنيطي بعنوان "وقف التواصل الذي يضر بمصالــح الدولة". واضــح أن الأمير المخضرم حســن بن طلال دخل باســم "مجلس العائلة" لمعالجة "خلاف عائلي" وضمن التقاليد المرعية. الأوضح أن الأمير حسن بخبراته العريضــة قد يكــون الوحيــد المؤهل ليس فقــط لمعالجة الإشكال، ولكن لضمان عدم تكراره.

مبكراً تم الإعــان عن الانفراج بالشــكل "العائلي" من أزمة الأمير الشــاب الذي صرح أمــس الأول بأنه "ينتظر الفرج"، وقال التصريح الرسمي إن الأمير حمزة قبل تدخل عمه المخضرم وسيلتزم بالمسار الذي حدده "جلالة الملك"، مؤكداً التزام النهج الهاشمي. تبقى طبعاً تفاصيل الالتزام مرتهنة بأصحابها، فالســلطات العليا في المملكة حرصت على "لفت نظر" الأمير أكثر من أي ســلوك آخر، و"تفاهمات العم حسن" برزت في اللحظة المواتية ورحب بها الأردنيون أملاً باحتواء الأزمة في بعدها الأميري على الأقل. وبالتالي سياســياً ووطنياً تنزع تفاهمات العم المحنك "فتيل أزمة"، لكن فــي الحيثيات قد تبــرز خيارات أصبحــت "مطلوبة للجميع" الآن على الأرجح، ومن بينها سيناريو يقضي بأن يوقف الأمير الشــاب كل نشاطاته التي "تغضب القصر" أو "تنتقد كبار المســؤولي­ن"، خصوصاً في عمق بنية العشائر الأردنية تجنباً لإثارة الحساسية، أو أن ينتهي الأمر بهدنة تنهي عزلة الأمير وبإمكانيــ­ة مغادرته البلاد لاحقاً. طبعاً تلــك جزئيات "حل" تبقــى طي الكتمان، لكــن جهد الأمير حســن واســتناداً إلى مصادر غربية مطلعة جداً، لم يكن الوحيد، فعدة جهات "دولية" مهتمة جداً بالأردن ووضعه الداخلي تدخلت خلف الستارة في نصائح لاحتواء حادثة الأمير حمزة، خصوصاً أن الحديث الرســمي عن نشاطات مقربين منه لم يثبت وجود علاقة قطعية بينه وبن متهمين آخرين كبار بالتآمر مع "جهات خارجية".

الولايات المتحدة والحكومة البريطانية من أبرز المهتمين بالتطــورا­ت الأخيرة في الأردن، وقد ثبــت للمراقبين بأن الاتهامات العلنية للأمير حمزة من جهة الحكومة الأردنية "زادت مــن شــعبيته" عملياً، فيمــا تكثر مظاهــر التنديد بالرواية الحكومية عن "مؤامرة الزعزعة".

قال ديفيد روس في صحيفة «التايمز» إن التنافس داخل العائلة المالكة في الأردن يهدد بزعزعة اســتقرار حليف مهــم للغرب. وقال إن العواصم العالميــة والعربية من واشــنطن إلى لنــدن ومن رام اللــه إلى الرياض ســارعت كلها للوقوف خلف الملك عبد الله الثانــي حتى في الوقت الذي اشتكى فيه أخوه غير الشقيق، من وضعه تحت الإقامة الجبرية.

ويقول إن التضامن الدولي أكد أهمية الأردن كحليف اســتراتيج­ي في منطقة مضطربة. فقد وقع الأردن اتفاقية سلام في 1994، وكان نقطة شن الغــارات من حرب الخليج ومــا بعدها. وفي الآونة الأخيــرة كان قاعدة للقوات الأمريكيــ­ة والبريطاني­ة الخاصة في الحرب ضــد تنظيم الدولة رغم مخاطر الإرهاب المحلي. وتعتبر المملكة الهاشمية الأردنية مهمة وذات تأثير في العالم العربي نظرًا لاســتقبال­ها ملايين اللاجئين الفلســطين­يين والسوريين. وهي الوصي الرسمي على الأماكن الإسلامية في القدس.

محدودية

وقالــت الصحيفة إن رد الملك يظهر محدودية قبوله للنقد حتى من أحد أفراد عائلته. ومثل الأمراء السعوديين الذين تم سجنهم والأميرة لطيفة، ابنــة حاكم دبي، يزعم الأميــر حمزة أنه ضحية نظام لا يتســامح مع أي صوت معارض. ويبدو أنه أزعج الملك المتخرج من الأكاديمية العســكرية «ساندهيرســ­ت» من خلال التقرب للعشائر الأردنية. واتهم هو وعدد من أفراد دائرته المقربة بمحاولات تقويض استقرار وأمن الأردن.

ودرس الأمير حمزة في مدرسة هارو وأكاديمية ساندهيرست وجامعة هارفــارد، وكان الابن المفضل لوالده الملك حســن الذي كان يشــير إليه «بنور عيني». وبالمقارنة فعبد الله /59 عاماً/ وهو أكبر أبناء الملك حســن متزوج من الملكة رانيا الفلســطين­ية، 50 عاماً، ووالدته إنكليزية، الأميرة منى الحســن. وعندما قرر تجريد الأمير حمزة /41 عاماً/ من ولاية العهد عام وضد رغبة والــده، كان قراره ضربة لوالدته الملكــة نور التي كانت تحضّره للملك.

والمفارقة أن العائلة المالكة ســتحتفل بمرور مئة سنة على إنشاء الحكم الهاشــمي في الأردن ولكنها تعيش حرب تنافس خرجــت للعلن. وجاءت هذه التطورات بعد توجيه الحكومة الاتهامات لولي العهد الســابق بالتآمر مع «جهات أجنبية» للإطاحة بالملك عبد الله الثاني، وهو ما أدى لصدمة في الشرق الأوسط كما يقول روز وجسار الطاهات في تقرير مطول آخر.

وقال أيمن الصفدي وزير الخارجية ونائــب رئيس الوزراء إن الأمير حمزة وعــدداً آخر تورطوا فــي «مؤامرة خبيثة» وتم الاتفــاق عليها في «ســاعة الصفر». وقال إنه تم اعتقال 16 شــخصاً علــى علاقة بالمؤامرة،

ومنهم عضو في العائلة المالكة ووزير سابق. وتضيف الصحيفة أن المزاعم كشفت عن انقســام داخل العائلة المالكة بين أخوين غير شقيقين من أبناء الملك حسين الذي حكم الأردن أربعة عقود وتوفي في 1999.

وجاءت الاتهامات بعد ساعات من شريط فيديو قال فيه الأمير حمزة، إنه تحــت الإقامة الجبريــة. وتم اعتقال مدير مكتب الأميــر تحت تهديد السلاح في منطقة دابوق في عمان. وتحدث الصفدي عن التحقيقات التي كشــفت عن جهات أجنبية وأن المتورطين تحركوا مــن التفكير للتخطيط للعمــل. وقال إن جهة أجنبية اتصلت مع زوجة الأمير حمزة، بســمة بني أحمد وعرض تحضيــر طائرة لتهريب الزوجين خارج الأردن. وكشــفت صحيفة «معاريف» الإســرائي­لية أن عميلاً ســابقاً للموســاد وهو روي شابونشــكي متورط في المؤامرة. ووصف شابونشــكي نفســه بصديق الأميــر حمزة ولكنه نفــى أن يكون عمل مــع المخابرات الإســرائي­لية أو مخابرات أخرى. وقال «اتصل بي في نهاية الأسبوع الأمير حمزة ووصف الوضع المتحرك في عمان وعبر عن قلق على ســامة عائلته» و»كان ردي هو دعوة زوجة الأمير وأولادها للإقامة ببيتي في أوروبا». ونفى معرفته بمحاولة انقلابية مزعومة.

المؤامرة

وزعــم الصفــدي أن المخابرات الأردنيــة كانت مطلعة علــى المؤامرة وأعلمت الملك بها، مشيراً إلى أن «جلالته قرر أن الحديث مباشرة مع الأمير حمزة هو أفضل طريقــة وحلها داخل العائلة». وأكــد الصفدي أن الأمير لــم يتهم أو توجه إليه اتهامــات وطلب منه التوقف عن نشــاطات تؤثر على اســتقرار وأمن البلاد. ورفض على ما يبدو وســرب شريطاً تحدث فيه وضعه في الإقامة الجبرية وانتقد الفســاد والعقم والديكتاتو­رية في البلد. وعبر بعض الأردنيــن عن دعمهم للأمير حمزة في هاشــتاغ أمير القلــوب. وكان حمزة المفضل لدى الملك حســن والملكة نــور. ونظر إليه على أنه صغير وغير مجرب ليخلف والــده الذي توفي عام 1999، وتمت تسمية عبد الله، ملكاً الذي عينه ولياً للعهد قبل أن يجرده منها عام 2004 ويعين ابنه حسين بن عبد الله، 26 عاماً مكانه. وردت الملكة نور /69 عاماً/ والتي توزع وقتها بين عمان وواشــنطن دي ســي وبيركشاير بتغريدة وصفت فيهــا الاتهامات الموجهة لابنها بأنها افتراء شــرير. لكن الولايات المتحدة وبريطانيا سارعتا إلى تقديم الدعم الكامل للملك عبد الله الثاني. وقال جيمس كليفرلي، الوزير في الخارجية البريطانية لشــؤون الشرق الأوسط «تعتبر المملكة الهاشمية الأردنية شريكاً مقدراً لبريطانيا، وندعم الملك عبد الله بشكل كامل.»

 ??  ?? مارّة أمام محلّ يرفع صورة الملك عبد الله الثاني في سوق تجاري في العاصمة الأردنيّة عمّان أمس
مارّة أمام محلّ يرفع صورة الملك عبد الله الثاني في سوق تجاري في العاصمة الأردنيّة عمّان أمس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom