Al-Quds Al-Arabi

«نيويورك تايمز»: أحداث السبت الدرامية في الأردن حطمت صورته كواحة للاستقرار في المنطقة

- لندن «القدسالعرب­ي» من إبراهيم درويش:

أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير أعده مراســلوها رنا صويص وآدم راســغون وباتريــك كينغزلي، عن حالة الانقســام التي تعيشــها المملكة الأردنيــة الهاشــمية، حيث تعيش صدمة الصــدع بين الملــك وولي العهد السابق. وجاء فيه أن الصدع في العائلة المالكة خرج للعلن وشــائعات حول محاولة انقلابية فاشــلة وأحاديث عن دســائس القصر أثرت على صــورة الأردن كحاجز في هذه المنطقة من العالم المضطرب. وأشار التقرير إلى أن الأردن ظل «واحة» استقرار في الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي اندلعت فيه الحروب في ســوريا والعراق وظــل الأردن آمناً وحليفــاً للولايات المتحدة يعتمــد عليه وعازلاً ضد الهجمات على إسرائيل ومحاوراً رئيسياً مع الفلسطينيي­ن.

لكن هذه الصورة انقلبت رأســاً على عقب حيث خرج الصدع الطويل بــن الملك عبد الله الثاني وولي العهد السابق إلى العلن. وفي يوم الأحد اتهمت الحكومة الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشــقيق للملك بمحاولة «زعزعة أمن الأردن» وقدمــت مزاعم أوضح حــول تورطه في الانقلاب المزعوم وأكثر مما كشــفت في يوم السبت. وأشــارت الصحيفة لتصريحات وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي الذي اتهم الأميــر حمزة بالعمل مع وزير المالية السابق باســم عوض الله وأحد أفراد العائلة الشــريف حســن بن زيــد لاســتهداف «أمن واستقرار البلد».

«3 متورطين»

ولمــح الصفدي إلــى أن الثلاثــة متورطون في انقلاب ضد القصر فشــل وقــد حظي بدعم خارجــي. وأشــار إلــى اتصالات بــن الأمير وعوض اللــه وأعلن عن اعتقال 14 شــخصاً. وزعم الصفدي أن الأمير حمزة نسق مع عوض الله طوال يوم الســبت واتهمــه بالتحريض وجهــود تعبئة المواطنين ضــد الدولة بطريقة هددت الأمن القومي. وجــاءت الاتهامات بعد

يوم من محاولة الأمير حمزة إبعاد نفســه عن المؤامرة، وأكد في شريط فيديو أنه وضع تحت الإقامة الجبريــة ونفى علاقته بــأي محاولة انقلاب ولكنه اتهــم الدولة بالفســاد والعقم والديكتاتو­ريــة. ودخلت والدتــه الملكة نور، أرملة الملك حســن بن طلال، الســاحة عندما أصدرت بيانــاً قالت فيه إن ابنهــا هو ضحية «افتراء شرير .»

وقالــت الصحيفة إن التنافــس بين العائلة الذي ظل تحت الســطح فالاتهامــ­ات المتبادلة كانــت عرضًا كثيفًا فوق العــادة وغير متوقع. ونقلــت الصحيفة عــن جــواد العناني، وزير الخارجية والاقتصاد الســابق قوله «الطريقة التي تكشــفت فيهــا، اعتقــالات وفيديوهات كانت صادمــة». وقال إن العائلــة المالكة طالما احتفظت بخلافاتها لنفســها و»قدمت صورت عن الجبهة الموحدة، لكن أحداث اليوم السابق )السبت( هشـــمت الصـورة وخـرج الخـلاف إلى العـلن .»

وتقــول الصحيفة إن أولاد الملك حســن، من زوجاته الأربع، والــذي حكم لأربعة عقود وعقد اتفاقية سلام مع إســرائيل، طالما تنافسوا على التأثيــر، لكن الملك عبد اللــه الذي تولى العرش بعد وفاة والده فــي 1999 لم يحدث أن تعرضت سلطته للتحدي بهذا الشكل. ويشترك الملك عبد الله والأمير حمــزة بالتنشــئة، فكلاهما درس وتدرب في الأكاديميا­ت العســكرية والجامعات الغربيــة، مــع أن حمــزة كان ميالاً للدراســة الأكاديميـ­ـة حيث تخرج من هارفــارد عام 2006 ونظر إليه بأنه ملك المســتقبل، حتى قرر والده تعيين ابنــه عبد الله، قبل أســابيع مــن وفاته خليفة له. ويمثل الملك والأميــر فرعين مختلفين من العائلة، فعبد الله هو ابن زوجة الملك حسين الثانية، وهي انكليزية، منى الحســن، أما حمزة فوالدته، أمريكية - سورية وهي الرابعة. وقدم حمــزة، وهو عميــد بالجيش نفســه كمعارض للفســاد والرجل الذي ســيقود البلاد في طريق مســتقل. وأدت الأزمــة التي اندلعت الســبت بالولايات المتحــدة والدول الحليفة بالشــرق الأوسط والتي ترى في الملك عبد الله حليفاً مهماً في مواجهة الإرهاب للتعبير عن دعمها له.

فموقع الأردن قريباً من ســوريا والأراضي الفلســطين­ية المحتلة يجعله عمــاداً في الأمن الإقليمي. وهو عنصر مهم في أي تسوية سلمية بين الفلسطينيي­ن والإســرائ­يليين نظراً لوجود عدد كبير من الفلسطينيي­ن فيه ولكونه حارساً ووصياً للأماكن المقدســة في القدس. وتحتفظ الولايات المتحدة بقــوات ومقاتلات في الأردن وتقيم علاقــات وثيقة مع المخابــرا­ت الأردنية ومنحتــه في العــام الماضي 1.5 مليــار دولار كمســاعدات، حســب أرقام وزارة الخارجية الأمريكية.

وتقول الصحيفة إن الخلاف لم يســتهدف الرأي العام الأردني فحســب، بل وواشنطن، فالأميــر حمزة بــث فيديــو بالعربيــة وآخر بالإنكليزي­ة. وبالنســبة للكثير مــن المراقبين فإن الصــدع بين الملــك وولي العهد الســابق أكد هشاشــة البنيــة الاجتماعيـ­ـة التي تكمن خلف صــورة الهدوء. فالبلــد يواجه عدداً من التحديــات من انتشــار فيــروس كورونا إلى معاناة الاقتصاد وتدفق أكثر من 600.000 لاجئ سوري إلى أراضيه، وهو واحد من الدول التي تأثرت كثيرًا بالحرب الأهلية السورية. وهناك قطاع مهم من ســكان الأردن وعددهم تســعة ملايين نســمة يتحدرون من أصول فلسطينية وأبناء العائــات التي فرت من فلســطين في 1948 و1967 أما البقية فهم شــرق أردنيون فتم استيعابهم في بنية الدولة ويعتبر دعم قبائلهم للدولة وشرعيتها مهماً.

حمزة والقبائل

وجاء الحادث الأخير على خلفية محاولات الأميــر حمــزة بناء علاقــات وثيقــة مع هذه القبائل. وكان الملك عبد الله قد عين الأمير حمزة ولياً للعهد في 1999 وجرده منها في 2004 وعين ابنه حسين بن عبد الله ولياً للعهد. وبدا الأمير حمزة في السنوات الأخيرة حريصاً على بناء صــورة مختلفة له. وأثار ضجة بعد لقاءات مع قادة العشــائر حيث انتقد فــي 2018 الحكومة واتهمها بالفســاد ودعا للتحــرك العام. وقال متحسراً «يا بلدي». لكن أياً من هذه المواقف لم تجهز الأردنيين لأحداث ليلة السبت الدرامية. فمن النــادر أن تتحرك العائلــة ضد واحد من أفرادها، لكنها يوم الســبت قالت إن المسؤولين تحدثوا مع الأمير حمزة وســط شــائعات عن

أردنيون يستعدون لاستقبال شهر رمضان وسط تفشي الوباء وصدمة الصدع بين الملك وولي عهده السابق

إحبــاط محاولة انقلابية. ويقــول العناني إن الأردنيين صدموا مما حــدث و»أي واحد يقول لك إنــه لم يصدم لا يقول الصــدق». وتتابعت الأحداث لاحقاً عندما أصدر الأمير حمزة شريط فيديو قــال فيه إنه ممنوع من مغــادرة البيت وإن عــدداً من أصدقائه اعتقلوا واشــتكى من قطع الاتصالات عنــه. ونفى أن يكون جزءاً من «مؤامرة أو منظمة شــنيعة أو جماعة مدعومة من الخارج». واحتوى الشــريط على نقد لقمع حرية التعبير.

ومع أن الحكومة تلاحق المعارضة السياسية كما فعلــت عام 2020 عندمــا اعتقلت مئات من المدرسين الذين طالبت نقابتهم بزيادة رواتبهم إلا أن اعتقال مســؤول بارز مثــل عوض الله، الذي يعمل مستشــاراً للأمير محمد بن سلمان وحسن بن زيد الذي عمل في السابق كمبعوث للســعودية يعتبر أمراً نــادراً. ولكي تبدد أي علاقــة لها بما يجــري على الســاحة الأردنية سارعت الحكومة الســعودية إلى التضامن مع الملــك وأعلن عن اتصال الملك ســلمان بالعاهل الأردني.

لكــن الحكومــة الأردنية قامت يــوم الأحد

وأثارت التكهنات حــول مؤامرة أجنبية، وزاد من التشــوش الحــرب الكلامية بــن أجنحة العائلة المالكة، أولاً من الملكة نور التي قالت في تغريدة إنها تصلي «من أجــل أن تظهر العدالة للضحايــا الأبرياء من هذا الافتراء الشــرير» «بارك اللــه فيهم وحماهم». وجاء الرد من فرع آخر من العائلة المالكة، الأميرة فريال وهي عمة الملك وأخيه غير الشقيق في تغريدة اتهمت فيها الملكة نور وأبناءها بالطموح الأعمى و»بالوهم والزائــف والعبثــي» وختمــت التغريدة قبل حذفها بالقول «اكبروا يا أولاد.»

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom