Al-Quds Al-Arabi

اردوغان: رسالة الضباط تتضمن «تلميحات انقلابية» ولا نية للانسحاب من اتفاقية مونترو

- إسطنبول – «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

فــي أول تعقيب له على رســالة وقــع عليها عشــرات الضبــاط المتقاعديـ­ـن مــن القــوات البحرية التركية، اعتبــر الرئيس التركي رجب طيــب أردوغان أن الرســالة تتضمن «تلميحات انقلابية» مشــدداً على عدم وجود نية للحكومة التركية في الوقــت الحالي لتقييم الانســحاب من اتفاقيــة مونترو «رغم امتلاك تركيا الحق في ذلك .»

والسبت، نشر 104 أميرال متقاعد من القوات البحرية التابعة للجيش التركي رســالة نددت بسياســات الحكومــة اتجاه الجيــش تضمنت سلسلة تحذيرات كان أبرزها ما يتعلق باتفاقية مونترو وقناة إسطنبول، في خطوة غير مسبوقة أثارت ردود فعل واســعة من الحكومة والجيش والأحزاب السياســية المختلفــة والمواطنين في البلاد بعدما اعتبرت الرســالة بأنها بيان يحمل «بصمات الانقلابيي­ن .»

وقــال أردوغــان فــي مؤتمر صحافــي عقب ترؤســه قمة أمنيــة فــي القصر الرئاســي في العاصمة أنقرة لتقييم التطورات الأخيرة: «بيان الضباط المتقاعدين ناجم عن نوايا سيئة، وليس من مهام الضباط المتقاعدين نشر بيانات تتضمن تلميحات انقلابية» فــي تأكيد على التصريحات المختلفــة التــي صدرت عــن المتحدثين باســم الحكومة والحــزب الحاكم بأن الرســالة تحمل «تلميحات انقلابية .»

وأضــاف: «مثل هــذه الخطــوات وإن كانت صادرة عن ضباط متقاعدين، تعد إساءة كبيرة لقواتنا المسلحة الباسلة» مشدداً على أن «جميع الهجمات التي اســتهدفت الديمقراطي­ة في تركيا جــاءت عقب مثل هذه البيانــات » وتابع: «لم نر هــؤلاء الضباط إلى جانب شــعبنا عندما نفذت

منظمة غولن الإرهابية المحاولة الانقلابية».

وبينمــا توعــد أردوغــان بـ»اتخــاذ كافة الإجــراءا­ت اللازمة» قال: «لا يمكــن تقييم بيان الضباط المتقاعديـ­ـن في إطار حرية التعبير التي لا تشــمل توجيه عبارات تهدد الإدارة المنتخبة» مضيفاً: «سيظهر لنا من سيحاول استغلال هذه المســألة لأغراض سياســية، وسنتحاســب مع هؤلاء في صناديق الاقتراع».

لا نية للانسحاب من الاتفاقية

وفيمــا يتعلق بتحذيــر البيان الانســحاب مــن اتفاقية مونتــرو، قال أردوغان : «مناقشــة اتفاقيــة مونترو لا يكون عبر نشــر بيانات إنما عبر الفعاليات الأكاديمية» مشــدداً على أن لا نية في الوقت الراهن للخــروج من اتفاقية مونترو، بالقول: «نولي أهمية للمكتســبا­ت التي حققتها تركيا من اتفاقية مونترو، وسنواصل الالتزام بها إلى حين تحقيق الأفضــل». معتبراً أن «معارضي مشــروع قناة إســطنبول الذي يعزز الســيادة الوطنيــة لتركيا، هم مــن أكبر أعــداء أتاتورك والجمهورية .»

توقيف 10 ضباط

والاثنين، أوقفــت قــوات الأمــن التركية 10 مشــتبهين، وأبلغت آخريــن بالحضــور لتقديم إفاداتهم فــي إطــار تحقيقــات النيابــة العامة بالعاصمــة أنقــرة، حول البيان الــذي فتحت تحقيقــاً موســعاً بشــأن الموقعــن عليه بتهمة «الاتفاق على ارتــكاب جرائم ضد أمــن الدولة والنظام الدســتوري» كما جرت عمليات تفتيش واســعة في منازل عدد من الموقوفين والمشــتبه بهــم. وحســب الموقــع الرســمي للتلفزيــو­ن التركــي، فــإن التحقيقــا­ت الأولية قــادت إلى تحديد هويــة الضباط والعناصــر التي بادرت لتنظيم الاتصــالا­ت بين الضبــاط الموقعين على البيان، مشــيراً إلى أن تحقيقات النيابة العامة مــع الموقوفــن تهدف فــي المرحلــة الأولى إلى تحديد الجهات التي بــادرت لتنظيم إصدار هذا البيان، سواء من الشــخصيات الموقعة عليه أو شــخصيات أخرى عملت بالخفــاء، وما إن كان للمشــتبه بهم أي ارتباطات أخــرى مع أطراف داخلية أو خارجية.

وأشــار الموقع إلى أن التحقيقات تتركز أيضاً على أن فكــرة البيــان وتنظيمــه والحث على التوقيع عليه انطلقت مــن دائرة محصورة بين الضباط المتقاعدين في القوات البحرية أم أن لهم ارتباطات أخرى مع ضباط موجودين في الخدمة العسكرية بالقوات البحرية أو الوحدات الأخرى بالجيــش، لا ســيما القوات البريــة أو الجوية. كما تنطلق التحقيقات مــن اعتبار أن البيان من حيث العنوان واللغة المســتخدم­ة فيه وتوقيت نشره مستوحى بشكل كامل ويتطابق مع بيانات الجيش الســابقة التي مهدت لانقلابات عسكرية شــهدتها البلاد، للتأكد ما إن كان البيان الجديد يمهد لأي محاولة انقلابية.

وأوضحــت مصــادر تركيــة أن قــراراً اتخذ بتجريد الضبــاط الموقعين على البيان من بعض حقوقهــم، وأبرزها حقوق الإقامة في الســكنات العســكرية، وإنهاء خدمــات الحماية الخاصة الموفرة لهم، حيــث كان دولت بهتشــيلي زعيم حــزب الحركــة القوميــة، دعا إلى نــزع الرتب العسكرية من الموقعين على البيان، بالإضافة إلى وقف رواتب التقاعد الخاصة بهم وفرض أقصى العقوبات عليهم.

وعقب يوم من بيان شــديد اللهجــة لوزارة الدفاع التركية أدان البيــان المذكور وأكد وقوف القوات المسلحة إلى جانب الرئيس والديمقراط­ية في تركيا، قال وزير الدفاع خلوصي أقار إنه «من الواضــح أن بيان الضبــاط المتقاعدين لا يؤدي ســوى إلى الإضرار بديمقراطيت­نا، ويؤثر سلباً على معنويات أفرادنا، ويسعد أعداءنا.»

اعتبر وزيــر الخارجية مولود جاوش أوغلو، أن البيان «يســتحضر انقلاباً عسكرياً» واعتبر فــي تصريحــات تلفزيونية، الثلاثــاء، أن قناة إســطنبول لا تؤثر على اتفاقيــة «مونترو» وأن الاتفاقية ليس لهــا تأثير على مشــروع القناة، وقــال: «البيــان جــاء بأســلوب اســتحضار الانقلابات كما كان في السابق » وتابع: «يلوحون بالعصا من تحت عباءتهم، لــو كانوا على رأس مهامهم لكان بيانهم بمثابة مذكرة )عسكرية( إلا أنهم متقاعدون .»

وكان فخــر الديــن ألطــون، رئيــس دائرة الاتصال في رئاســة الجمهورية التركية، شــدد على أنــه «ليس فقط مــن وقّعوا، بــل أيضاً من شجّعوهم على ذلك، سيمثلون أمام القضاء. في حين اعتبر إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركيــة، أن البيــان «يذكر بزمــن الانقلابات العســكرية» وقال: «عليهم أن يدركــوا أن أمتنا الموقــرة وممثليها لن يقبلــوا على الإطلاق بهذه العقلية.» وقبــل أيام، أقرت الحكومــة التركية خطط شق «قناة إسطنبول» وهو مشروع ضخم لشق قناة مائية تربط بحر مرمرة بالبحر الأسود على موازاة مضيق البوســفور الذي يعتبر أيضاً أحد أهم ممرات التجارة البحرية العالمية، حيث

يصر أردوغــان على المشــروع رغــم المعارضة الداخلية لأســباب تتعلق بتعزيــز مكانة تركيا وحماية مضيق البوســفور مــن المخاطر البيئية وتعزيــز دور تركيــا في طرق التجــارة العالمية وغيرهــا من الأســباب. وقبل أيــام، أثير نقاش واسع في تركيا حول إمكانية لجوء أردوغان إلى الانسحاب من اتفاقية مونترو.

لكــن معارضــي المشــروع يعتبــرون أنــه، وبمعــزل عن تأثيــره البيئي، يمكــن أن يقوّض اتفاقية «مونترو» التي تضمن حرية عبور السفن المدنية مضيقي البوســفور والدردنيل في السلم والحرب، كما تنظّم عبور السفن البحرية التابعة لدول غير مطلة على البحر الأســود. ومن شأن القناة الجديدة أن تتيح عبور الســفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود الاتفاقية.

وتطبق تركيا في سياستها تجاه عبور السفن الدولية المضائق المتحكمة فيها «اتفاقية مونترو» التي وقعت عام 1936 لتنظيم الملاحة في المضائق التركية، وما زالت هذه الاتفاقية ســارية المفعول حتى الوقت الحاضر، حيث تعطى هذه الاتفاقية لتركيا الحقوق الكاملة لممارســة ســيادتها على المضائق وإدارتهــا وإعادة تحصينهــا، وتقييد مرور الســفن الحربية التي لا تتبــع دول البحر الأســود تقييداً أشــد. كما تمنح الاتفاقية تركيا الحق في منع مرور ســفن الدول التي تكون معها في حالة حرب.

وتنــص الاتفاقية على منع عبور أي ســفينة حربية تتجاوز حمولتها 15 ألف طن، ولا يســمح بوجود أكثر من تســع ســفن حربية في الممر في وقــت واحــد، وألّا تزيد حمولتهــا مجتمعة عن 15 ألف طــن، ويمنع مرور حامــات الطائرات، ويســمح للغواصات بالمرور في المضائق شريطة أن تكــون ظاهرة على الســطح، وعلى أن تقصد الترسانات للصيانة. ولتركيا الحق في منع مرور الســفن الحربية بالكامل في المضائــق، إذا كان مرورها يهدد أمن الدولة التركية.

 ??  ?? الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom