Al-Quds Al-Arabi

الخوف ما زال يأسر الأغلبية... وليس في وسعنا أن نواجه إثيوبيا بلعنة الفراعنة... ومواجهة بين وزير الإعلام والبرلمان

انتهى الفرح وربحت السلطة الصورة الحلوة ... والمومياوا­ت تقبع في متحفها الأنيق

-

عظيمة يا مصر

حبســت الأنفاس ولمعت الأعين.. هذا يوم مشــهود يفرح الأحبــاب ويخيف الأعداء.. واســتقبال الرئيس السيســي للمومياوات الملكيــة يثبت أنه خير خلف لخير ســلف، هكذا لخص وائل الســمري في "اليوم الســابع" مشــاعره تجاه الحفل الملكي مكملاً: حبســت الأنفاس، ولمعت الأعين، هذا يوم مشــهود من أيام مصر العظيمة، مصر القادرة، مصر المنيرة، مصر القوية الجميلة الصابرة، مصر حاضرة العالم، صانعة الحيــاة، مصر الضاربة فــي عمق التاريخ بســجل حافل من الإنجازات الإنســاني­ة، هنا علمنا العالــم الزراعة، هنا علمنا العالم العلم، هنا قسمنا الزمن، وهنا أحيينا الموت، هنا عشنا نحمل بين أضلعنا الحياة، في عروقنا يجرى النيل حرا حالما، في عيوننا يشــرق رع بالنــور والخير والــدفء، في قلوبنا نقيم العدل ونرعاه، هنا نفتخر ونقــول إننا أحفاد المصريين القدمــاء، نحن الذيــن حفرنا الجبــال لنخلد أســماءنا في التاريخ، نحن الذين صنعنا وعي العالم وصغناه، وهنا علمت مصر آباء العالم من فلاســفة وحكماء وعلمــاء، وهنا عرفنا الإله الواحد الصمد الماجد. مصر تحدثت عن نفســها، تحدثت عن حلمها، تحدثت عن حاضرها بكل فخر، مثلما كانت تتحدث عن ماضيها بالفخر ذاته، مصر التــي في خاطري وفي دمي، أصبحت اليوم أمام عيني، مسكونة بالسحر، يرعاها التناغم، مشــهود لها بالدقة والإتقان، كل شــيء في مكانه، كل شيء جميل، كل شــيء يكاد من فرط الجمال يذوب، كل شيء يكاد يهتف «تحيا مصر». نقلت مصر مومياوات 22 ملكا من ملوكها الأوائل، ولأن مصر الآن تعرف قدرها، وتعرف موقعها، لم يكن ليعبر هذا الحدث الفريد كأي حدث، لكننا استثمرنا هذا اليوم لنقول للعالم رسالة محددة، رســالة تخيف الأعداء، وتفرح الأحباب، رســالة تؤكد أن مصر عادت وبقــوة، مصر آتية لا ريب، مصر تنهض لتصل الماضــي بالحاضر، وتصل الأمجاد القديمة بالإنجازات الحديثة.

وماذا بعد؟

ومن بين من شــد انتباههم الحفل الملكي سليمان جودة في "المصــري اليوم" الذي أكــد أن اهتمــام العالم بالموكب وضع على كاهلنا مســؤولية تختلف عن مسؤوليات ما قبل انطلاق الموكب، من متحــف التحرير إلى متحف الحضارة. هذه المســؤولي­ة الجديدة هــي تقديم خدمة ســياحية لكل سائح ســيأتي لا تقل في جودتها عن مستوى حفل الموكب، الذي بدا عاليا في كل جوانبه.. إنها مســؤولية طارئة بوقع ظلال الحفــل الباقية.. وهذه هي الفكرة التي يجب ألا تغيب عــن الدكتور خالــد العناني، باعتباره المســؤول عن ملف السياحة مع ملف الآثار. إن سياحًا كثيرين سيأتون زائرين للمرة الأولى بتأثير مما تابعوه في الثالث من إبريل/نيسان على الشاشات، وســوف يأتون ليحصلوا على خدمة طول الرحلة لا تقل عن مســتوى ما شــاهدوه فــي وقائع الحفل الفخم.. وهــذا بالضبط ما يضع علينــا تحديا لا مفر من أن نكون على قــدره، بمثل ما كنا على قدر الليلــة الرائعة. إن صناعة السياحة تبدأ من التعليم المستمر في المدارس.. كما حدث لدى الإســبان ذات يوم، ولا يزال يحدث عندهم.. ثم تمر بالتدريب على مســتوى الكوادر في منشآت السياحة، وتنتهي بالتســويق فــي أركان العالــم.. ولا يتقدم مقصد سياحي على باقي المقاصد إلا اعتمادا على حظ أكبر يصادفه في هذه العمليات الثلاث: التعليم والتدريب والتســويق. أما التســويق فقد تكفل به حفل الموميــاو­ات، ولم تعد أنت كمقصد ســياحي مصري في حاجة إلى تســويق تقول فيه ماذا عندك يميزك عن سائر المقاصد. وأما التدريب فهو قضية شديدة الإلحاح علينا، والسبب أن عناصر كثيرة عاملة في الســياحة تركت المجال في ما بعد 25 يناير/كانون الثاني، فلما استردت السياحة عافيتها لم ترجع هذه العناصر معها، ولكن دخلت عناصر جديدة ليست مُدرَّبة بالقدر المطلوب.

نحن والإنكليز

مــن بــن الفرحين بالحــدث عبد المحســن ســامة في "الأهرام": "شــعرت باعتزاز وكبرياء أثناء متابعتى موكب الموميــاو­ات الملكية، خــال الاحتفالية الأســطوري­ة، التي أعدتها وزارة الســياحة والآثار، ووزيرها النشيط الدكتور خالد العناني. الرئيس عبدالفتاح السيسي، حفيد الأجداد العظماء، كرم الأجداد بما يليق بهم، في استقبال أسطوري مميز، حينما ذهب إلى متحف الفسطاط ليستقبلهم بنفسه، على طريقــة اســتقبال الرؤســاء والملوك فــي الزيارات الرسمية، وأطلقت المدفعية 21 طلقة، احتفاء بقدومهم وسط حشود المســتقبل­ين. هذه الاحتفالية الأســطوري­ة لها عدة مدلولات، أولها، وأهمها: تنشيط ذاكرة المصريين بتاريخهم، وحضارتهــم، وأمجاد أجدادهم، فالحضارة ليســت بعيدة عنا، وإنمــا نحن الذيــن صنعناها، وعرفناهــا، منذ آلاف السنين. ثانيا: لفت انتباه العالم إلى كنوز مصر السياحية، والأثرية، اســتعدادا لاســتقبال النصيب العادل لمصر من حركة الســياحة العالمية، فور انتهاء جائحة كورونا، قريبا إن شاء الله. ثالثا: الاستعداد للحدث الأعظم، وهو افتتاح المتحف الأكبر في العالم، خلال المرحلة المقبلة، بعد الانتهاء من كل أعماله، الجــاري العمل فيها حاليا، ليكون لدى مصر أكبر 3 متاحف، هي: المتحف الكبير فــي منطقة الأهرامات، ومتحف الفســطاط، والمتحف المصري، بالإضافة إلى أكبر متحف مفتوح في العالم في الأقصر. يبقى دور المصريين في الاهتمام بزيارة متاحفهــم، وآثارهم، العظيمة، من أجل بث

روح الوعي، والانتماء، في الأجيال الجديدة. وأكد الكاتب، أنه شــاهد طوابير طويلة من الشعب البريطاني يصطفون ســاعات طويلة، في انتظار دورهم لزيــارة معرض «توت عنخ أمون»، وأتمنى أن أشــاهد تلك الطوابير من المصريين أمام المتاحف المصرية في كل مكان".

بينما العطش يقترب

تصريح عجيــب لآبي أحمد، رئيس الــوزراء الإثيوبي، وصفه الدكتور نادر نور الديــن محمد في "المصري اليوم"، بأنه لا يخاطب عقلا ولا علما ولا منطقا، يدَّعي فيه أن إثيوبيا ستخزن، هذا العام 13.5 مليار م3 من مياه الأمطار، وأن هذا لا يمثل سوى 5٪ فقط من مياه أمطار النيل الأزرق. ووجه الكاتب كلامه لآبي أحمد قائلاً: أولا: أن الأمطار لا يُخزَّن منها أبدا، وبهذه المليارات، كما أن السد الإثيوبي مُقام على النيل الأزرق، وليس على مناطق هطول الأمطار، وسيخزن خصما من مياه النيل الأزرق، وبنســبة 28٪، من مياهه، ونرجو أن يبهرنــا آبي أحمد بشــرحه للعالم، كيف ســيخزن هذه المليارات من الأمطار، وبأي وســيلة لحصاد الأمطار؟ علما أن منطقة السد ليســت منطقة لغزارة الأمطار، التي تسقط بعيدا عنه، وعلى طول ألف كم. ثانيًــا: أن ادعاء آبي أحمد إدانة كاملة لإثيوبيا لأنه يدّعــي أن 13.5 مليار م3 من المياه تمثل 5٪ فقط من أمطار حوض النيــل الأزرق، وعلى ذلك يكون إجمالي أمطار النيل الأزرق 270 مليار م3، يذهب منها إلى النيل الأزرق 49 مليارا، وتستفيد إثيوبيا وحدها بباقي حصة المطر، البالغة 221 مليار م3، ثم تدّعي أنها لا تســتفيد شيئا من موارد النيل، وهنا نســأل عبقريته: لماذا لا يخزن الـ13.5 مليار، المزمع تخزينها هــذا العام من الأمطار، التي تســتفيد منها إثيوبيا وحدها بحجم 220 مليار م3، ويترك لمصر والســودان الباقــي، الذي يذهب إلــى النيل الأزرق، والذي لا يتجاوز 49 مليارا فقط؟

أولى بالمعروف

تابع الدكتــور نادر نــور الدين كلامه ردًا على تمســك إثيوبيا بالوســاطة الافريقيــ­ة فقط دونا عــن غيرها، قال لي الكاتــب الإثيوبي المبرمــج، في مواجهــة على فضائية دولية، إن الســبب هو إيمان إثيوبيا بــأن «الأقربون أولى بالمعــروف».! قلت إن ذلك يصلح عند إخــراج الزكاة فقط، وليس للعلاقــات بين الدول، ومع ذلــك فإثيوبيا توزع هذا المعــروف بالعداء مع كل جيرانها، فهــي التي خاضت حربًا لسنوات مع جارتها، إريتريا، المملكة القديمة، وملكها، الذي كان لا يُظلــم عنده أحــد، وهو الذي اســتضاف المهاجرين الأُوَل في الإســام وليس إثيوبيا، فهذه هي الجارة الأولى التي أصابها المعروف الإثيوبي بالأطماع والحرب. معروف إثيوبيــا وصل إلــى دولة الصومــال، الجــارة، بالتدخل العسكري عدة مرات بأوامر اســتعماري­ة، واحتلالها إقليم أوجادين الصومالي العربي من المســتعمر الفرنسي، لينال الصومال من المعــروف الإثيوبي جانًبــا. ويصل المعروف الإثيوبي إلى جارتها الثالثة، كينيا، عبر إقامة ثلاثة ســدود على نهر أومو المشــترك وقطع المياه عن شمال كينيا، وتملُّح بحيــرة توركانــا، التي يصب فيهــا النهر، وبمــا أدى إلى تضرر مئتي ألف كيني، بعــد أن وعدت جارتها بأن حصتها من مياه النهر لن تنقص كوبا واحــدا. كُتب علينا التصدى للمهاترات والدبلوماس­ــية غيــر الصادقة التي تمارســها إثيوبيا مع جيرانها، بدون أن تــدرب حجم العلم والعلماء في مصر ومدى انتشــارهم على مستوى العالم، بل لا تدري عن الصندوق المصري للمساعدات الافريقية، الذي لا تمتلك إثيوبيا مثيلًا لــه، بل تمتلك فقط محاولات الخبثاء للوقيعة بجهالة بين مصر وعمقها الافريقي.

ليست بمفردها

بعــد تحليل دقيق لكلام الرئيس بشــأن أن حقوق مصر المائيــة "خط أحمــر" رأى أحمد عبد التواب فــي "الأهرام"، أن التعليقــا­ت المتأنية جــاءت من بعض الخبــراء، عندما وضعوا يدهم على مــا يتجاوز الكلمات المباشــرة، ويصل إلى المعاني الأخطر المقصودة غير المعلنة، ولكنها تدخل في تضاعيف الكلام، وهي المعاني المهمة التي توارت في القراءة المتســرعة التي التقطت إشــارة واحدة من جملة المطروح. وكانت أولى ملاحظات المدققين، أن الرئيس لم يذكر إثيوبيا صراحة، وإنما كانت إشــارته عامة إلى أن أحداً لا يستطيع المساس بحق مصر في مياه النيل، أي أن الكلام يسري على إثيوبيا وعلى آخرين. ثم إنه، وتأكيداً على المعنى نفســه، قال إن هذا المســاس خط أحمر، وإن له تأثيراً على استقرار المنطقة بأكملها، ثم أكدّ باللفظ أن لا أحد يســتطيع أن يأخذ قطرة مــن مياه مصر، وحذّر من يريــد أن يجرب إذا جرَّب، وأضاف المعنى الأكثر أهمية بــأن لا أحد بعيد عن قوتنا، أي أن الموقــف المصري، أو أثره بمعنــى أدق، قد لا يقتصر على إثيوبيا وحدها. ثم إنه لم يقل كلمة واحدة عن السلاح، ولم يستبعده بكلمة واحدة، وهذا يعني احتمال أن يكون وارداً، ولكن الأهــم أنه طــرح إمكانية أن تكون هنــاك احتمالات أخرى إذا اســتمرت هذه المفاوضات العبثية، وإذا ما دخلنا في مرحلة المســاس بحق مصر، وترك الباب مفتوحاً لتوقع هذه الاحتمالات، وكيف تكون. وبعد كل هذا الوضوح حذّر الرئيس من الأعمال العدائية، لأنهــا أمر قبيح وله تأثيرات طويلة على الشــعوب، وقال إن التفاوض هو الخيار الذي بدأته مصــر، وإننا نأمل فــي التوصل إلى اتفــاق قانوني

مُنصِف ومُلزِم يحقق المكاســب للجميع. بعض المتســرعي­ن يقطعون بأن إثيوبيا ارتبكت من كلام الرئيس، لأنه يعرض واقعاً معقــداً، وقالوا إن هذا هو ســبب تأخرهــا في الردّ، ولكنهم يغفلون عــن أن إثيوبيا مجرد واجهــة في الأزمة، وأنها تنتظر تعليمات الخطوة التالية.

وقت ضائع

انطلقت مفاوضات كينشاســا -عاصمــة الكونغو- التي يتابعهــا الدكتــور محمــود خليل فــي "الوطــن" بين مصر والســودان وإثيوبيــا.. ولا أحــد يعلم إلى ماذا ســتنتهي. اســتبقت وزارة الخارجية الإثيوبية المفاوضات ببيان دعت فيه مصر والســودان إلى التخلــي عن اتفاقيــة 1959 التي تُحدّد حصــص الدولتين في المياه بما يعــادل 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان. تحدّثت وزارة الخارجية الإثيوبية عن تهديد مصر لها، ونســيت أن الســد الذي تبنيه هو أكبر تهديد وجودي تواجهه مصر في تاريخها الحديث والمعاصــر. العمل يجري، كما أعلنت الســلطات في أديس أبابا، للتحضير للملء الثاني، وخرجت رئيسة الدولة لتعلن أن الملء ســيتم في موعده )يوليو/تموز 2021(، قُبيل ســاعات من انطلاق المفاوضات. هذه التصريحات المتزامنة مع الاجتماعــ­ات التي انطلقت فــي الكونغو مؤخــراً تطرح سؤالاً حول جدوى المفاوضات مع دولة يفكر مسؤولوها بهذه الطريقة؟ كلام إثيوبيا واضــح.. إنها ترفض فكرة الحصص، وترى أن النيــل الأزرق الذي يمدّ نهر النيل بما نســبته 85% مــن مياهه نهر إثيوبــي من حق أديس أبابــا أن تجلس على شاطئه، وتقسّم مياهه على الدول الثلاث، كيف شاءت وشاء لها الهوى، ســنوات طويلة من المفاوضات استهلكتها إثيوبيا في المماطلة والمراوغة من أجل تمرير الوقت والارتفاع بالسد، وفرض أمر واقع. في العام الماضي، حجزت إثيوبيا 5 مليارات متر مكعب مياه وراء الســد، وحين اســتوضحت مصر الأمر أعلنــت أديس أبابا أنها لم تفعل، وبعدها بـ48 ســاعة احتفل مسؤولوها بالانتهاء من الملء الأول للسد.

خديعة على الأرجح

تابع الدكتــور محمود خليل، هذا العام تريد إثيوبيا أن تمر بالملء الثانــي )13.5 مليار متر مكعــب(، وإذا أفلحت في ذلك فقــد قُضى الأمر الذي فيه تســتفتيان، وأصبحت كل من مصر والســودان رهينتين في يد أديس أبابا، فليس في مقدور أحد تغييــر الوضع على الأرض بعد الملء الثاني، حيث ســتُصبح أديس أبابا المتحكــم الأول في الأمر، وحتى لو فرضنا أن هناك اتفاقية وقّعت لتنظيم المراحل التالية للملء أو التشغيل، فمن يضمن لنا أن تلتزم إثيوبيا بها؟خبرتنا مع إثيوبيا تقول إنها لا تريد الالتزام بشيء.. إن كلمة «مُلزمة» التي تصف بها حكومتا القاهــرة والخرطــوم أي اتفاقية يتم التوصــل إليها، تُكهرب المســؤولي­ن في أديس أبابا، لأنهم ببساطة لا يريدون الالتزام بشــيء. كان مــن الممكن أن نطمئــن إلى المفاوضــا­ت لو أنها انطلقت من خطوة تأسيســية تتمثل في تأجيل الملء الثاني، لحين التوصّل إلى اتفاق مرضٍ بين الدول الثلاث، لكن ما حدث كان العكــس، انطلقــت المفاوضات بالتزامن مــع تصريحات إثيوبية رسمية تُعرب عن إصرار أديس أبابا على إنفاذ خطوة الملء الثاني فــي موعدها، طبعاً مــرور إثيوبيا بهذه الخطوة يعني تحول الســد إلى أمر واقع، ويضيّق فرص التعامل معه، كما يشير إلى ذلك الكثير من الخبراء، الأمر الذي يضع دولتي المصب في حارة ســد. مفاوضات كينشاسا تتم في أجواء غير مواتية، بســبب التصريحات الإثيوبية المستفزة، ولست ممن يرون أن هذه التصريحات هدفها الرأي العام الداخلي هناك.. التجربة تقول إن تصريحات مســؤولى أديس أبابا جادة في إملاء إرادتها وفرض الأمر الواقع.

على ساقين

أكد ســيد علي في "البوابة نيوز" على أنــه عندما نتحدّث عن التنميــة الاقتصادية في معزل عن الإصلاح السياســي، فكأننا نقف طــوال الوقت على قدم واحــدة، ولهذا فقد حان الوقت لتطبيق برنامج للإصلاح السياسي لأمة طال انتظارها وشــوقها لهــذا البرنامج، خاصــة أن الأمــة المصرية كانت الحارس الأمين على مؤسســات الدولة وحمايتها، وسيثبت التاريخ أنه بين هذا المصير الذي لقيته ثورات الربيع العربي، كانت مصر هي التي نجت، وشــدد الكاتب على أن هذه الأمة قادرة على تصحيح أخطائهــا، لأن أصحاب الولاء الصادق، والانتمــا­ء الصحيح لا يجيدون التمثيــل، همهم إظهار الحق والعدل والعمل، والدولة المصرية قوية بما يكفي لبدء التحول نحــو الديمقراطي­ة وقوة الدولة باختصار شــديد هي قدرتها على إنفاذ إرادتها، عبــر مختلف أجهزتها، على كل مواطنيها، وعلى امتداد ترابها الوطني، وكذلك قدرتها على بسط الأمن، وكذلــك الوفاء بتعهداتهــ­ا والتزاماته­ا الإقليميــ­ة والدولية. وحتي في معمعــة 25 يناير/كانون الثانــي 2011، لم يحدث فراغ ســلطة، وانتقلت الســلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المســلحة، الذي ملأ فراغ الرئاسة والبرلمان والدستور، وأدار - بكفاءة منقطعة النظير - عدة اســتفتاءا­ت وانتخابات في أنحاء البلاد كافة، وباستثناء عام 2012 ـ 2013 الذي حكم فيه الإخوان، فإن القول بضعف الدولة وهشاشتها، والزعم بأنها في خطر هو مجرد مخاوف أو تخويفات لا دليل على صحتها. كما لا يجوز اتخاذ الأوضاع الإقليمية تبريرا لتأجيل التحول الديمقراطي، فالدولة في مصر لا تُقارن بما يسمى دولا من باب المجاز في المنطقة.

قوى معطلة

خلص سيد علي إلى أن مصر في سباق تلهث لتعويض ما عجز الســابقون عن تحقيقه، خاصة في هذا الزمن الذي لم يعد حجم الدولة كافيا ليصنع لها مكانة، بدون ظل يضاعف هذا الحجم في عالم لا يرى إلا الظل الذي يصنعه إعلام وقوة ناعمة، وشــدد الكاتب على أن تاريخ مصر القريب والبعيد يشــهد على أن قوتها فــي الإقليم والعالم تكمــن في قواها الناعمة: إبداعا وفنا وصحافة وأدبا وســينما وموســيقى وغناء ومسرحا وأزهر وكنيسة والرأي العام الواعي. وربما تكون الظروف مهيــأة تماما لتطبيق مواد دســتور البلاد، وحل الأحــزاب الدينية القائمة، من أجل إرســاء أســاس إقامة حياة سياســية وحزبية نزيهة تقوم على فصل الدين عن السياســة، حفاظا على قدسية الدين ومكانته، وحماية للسياســة من تلاعب من يوظفون الدين في السياسة. وهو في الوقت نفســه تطبيق لنصوص دستور 2014، فتجارب الشعوب في كل أنحاء العالم تقول، إنه لا ديمقراطية في ظل خلط الدين بالسياسة، وإن أوروبا لم تعرف طريق التطور والديمقراط­ية إلا عندما قامت بالفصل بين الدين والسياسة. وهناك من يؤمن بأن التعليم هو بوابة المستقبل، ولم يحدث في العالم كله أي تجربة إصلاحية، إلا وكان التعليم أساسا لها؛ فهو مفتاح التقدم، وتحديــث أجهزة الدولة ديمقراطيا واقتصادا.

سحر المومياوات

لم يمر عماد الدين حسين، كما أخبرنا في "الشروق"، يوم الحدث الكبير بمحل أو متجــر إلا ولاحظ جميع المتواجدين يتأهبون لمشاهدة مومياوات الفراعنة، يقول الكاتب، حينما هممت بدخول شــقتي، وأنا واقف أنتظر المصعد، كان خفير المنزل جالســا أمــام تلفزيون صغير ينتظــر بداية انطلاق الموكب. تابع الكاتب: للموضوعيــ­ة لم أكن أتخيل أن يكون الاهتمام بهذه الصورة لدى العديد من القطاعات الشعبية، لكن حينما شاهدت ذلك، أدركت أن الرسالة وصلت لغالبية المصريين تقريبا، الذين شــاهدوا عمليــة النقل، والإخراج التلفزيونـ­ـي ما بين المتحف المصري فــي التحرير، ومتحف الحضارة في الفســطاط، يجمعون تقريبا على أن العملية كانت مبهــرة إلى أقصى درجــة ممكنة، في ظــل الظروف الراهنة، مــع بعض التحفظــات على لقطة هنــا أو هناك، خصوصا بســبب التداخــل الإخراجي ما بين أوركســترا نادر عباس، وفقرات أخرى في التوقيت نفســه، أو تصميم الرقصــات في متحف الديــر البحري في الأقصــر.. ميدان التحرير كان في أبهى حلة بعد كشــف الغطاء عن المســلة والكباش الأربعة، والأضواء الســاطعة والمعبرة في الوقت نفسه، وخط ســير موكب المومياوات من أمام المتحف حتى خروجه مــن الميدان في اتجاه كورنيش النيل، كان شــديد الرقــي والإبهار، ومتحف الحضارة الذي اســتقبل توابيت 22 ملــكا وملكة، تم تصميمه على أحــدث طرق حفظ الآثار، بصورة أفضل كثيرا مما كان موجودا في المتحف المصري.

ماذا عن المستقبل

بناء على نصيحة صديق قرّر عماد الدين حسين أن يكون أول مقال له بعد الشــفاء من فيروس كورونا، ســيكون في الاتجاه نفســه، حول حفل نقل المومياوات الملكية، وهو ما فعله بالفعل، حيث تابع كلامه، فــي هذه الليلة قدّمت مصر للعالــم أفضل صورة ممكنة عن نفســها. صوة تتحدث عن النظــام والنظافــة والدقة والحضارة والرقــي، وقبل ذلك وبعده عن الحضارة الإنســاني­ة وليــس العنف والإرهاب والتطرف والفســاد والاســتبد­اد. إن الحكومــة، لم تبخل بأي شــيء لتجهيز متحف الحضارة، الذي بدأت فكرة نقل المومياوات إليه من أربع ســنوات تقريبــا، ورعاه الرئيس السيســي الذي حضر افتتاحه قبل أيــام قليلة. نجحنا في إبهار العالم، خصوصا أولئك المفتونــن بالآثار الفرعونية الكبيرة، وهو تراث إنساني وحضاري عظيم ليس له مثيل تقريبا. نحتاج إلى النجاح في إبهار العالم بواقعنا، وليس فقط بماضينا. نحتاج إلى تعليم وبحث علمي مختلف يقدم لنــا خريجين على إطــاع كامل على علــوم العصر المتقدم. نحتاج إلى تنظيم إداري حديث يستطيع استغلال الكفاءات الموجــودة، وركن العناصر الســلبية والمعوقة، نحتاج إلى التنــوع حتى تتلاقح الأفكار. مبــروك لمصر هذه الاحتفالية المبهرة، التي جعلتنا ننسى «أسبوع الآلام» الذي بدأ بجنوح الســفينة إيفر غرين في القناة، ثم تصادم قطاري سوهاج، وانهيار عقار شــرق القاهرة. نتمنى المزيد من هذه الأحداث التي تجعلنــا نفخر بأننا مصريون، مثلمــا رأينا في تعويم الســفينة الجانحة. ولم تكن مصادفــة أن يكتب العديد من النجوم والفنانين والسياســي­ين والشخصيات العامة على صفحاتهم على مواقــع التواصل الاجتماعــ­ي، عقب نهاية الاحتفال ليلة السبت، فخور «أنني مصري.»

غرس وردة ورحل

احتفــى مصطفى عبيد فــي "الوفد" بجنــدي مجهول ترك مشــروعاً عظيماً، الدول الناضجة تمجد أبطالها، ولا تُنكر الأمم الراشــدة أفضال بنيها الُمجتهديــن. تُكرمهم، وتُخلدهم، وتُعدد حســناتهم. تُذكرهم وتُشيد بخصالهم وتعتــرف بما قدمــوه، وتُحييهم ذكرا بعــد موتهم، فكما

يقول الشاعر أحمد شوقي «فالذكر للإنسانِ عُمر ثانِ». من هنا، فقد سعدت بلفتة رئيس الدولة المصرية إلى مجهول يعرفــه ويعرف فضلــه عندما أعلن قبل أيــام عن مدينة الدواء الجديدة. ذكر الرجل أن الاعتراف بالفضل يدفعه للإشــارة إلى جندي مجهول في المشــروع العصري، هو اللواء صلاح الشاذلي الضابط في المعاش الذي رحل عن دنيانا قبل سنوات في حادث سيارة. لقد وضع هذا الرجل أســس المشــروع، بتعاون مثالي بين الحكومة والقطاع الخــاص، ثُم لبى نــداء ربه، ولم يعرف أحــد بما فعل أو قدم من دراســات، لكن الإنصاف دفع رئيس الجمهورية إلى تقديم الشــكر للراحل، والدعوة لتخليد اسمه. قبلها كان للدولة موقف مشــابه في تخليد اســم المذيعة صفاء حجازي، على محطة «مترو الزمالك»، وهو ما دفع مُحبي الثرثرة للتجادل حول ماهية الدور الذي لعبته مُذيعة في خدمة الوطن، لتســتحق إطلاق اسمها على محطة عامة. لكن الحقيقة كشفت أن هذه الإعلامية كان لها دور مجهول في تحدي سلطة الإخوان خلال سنة حكمهم، وأدت دورا في مســاندة الشــعب المصري فــي 30 يونيو/حزيران، وهو ما ظل مجهــولا حتى وفاتها، فلم يُعــرف دورها إلا من خلال إطلاق اســمها على المحطة. وهذا النبل يؤكد أن مصر لا تنسى جنودها الباسلين في كل موقع، وأن الدولة المصريــة تعي جيدا فكرة رد الجميــل. إن لم تُكرم الدولة المصرية رجلا غير معروف للعامة، لا يحوز منصبا، تجاوز الســبعين من عمره عندما تعهد بإتمام دراسات مشروع مدينة الدواء كافة، وعمل بنبل ولم يطلب مكافأة، ثُم عاد لمولاه في حادث سيارة مفاجئ، فمن تُكرم؟

من حقهم الغضب

نتحول نحــو الهجوم على المواجهة بــن وزير الإعلام والبرلمان، حيث أكد الدكتور محمد حسن البنا في "الأخبار" على أن ســبب غضب رئيس وأعضاء مجلس النواب على الوزيــر أســامة هيكل، لأنه أرســل للمجلــس بتاريخ 13 فبراير/شــباط كتابا يطلب فيه إرجــاء نظر التقرير الذي أعده نواب ضده لمدة أسبوعين، لتمكينه من إعداد رد على ما جاء فيه، وبناءً على التماســه تم منحه مهلة لمدة شــهر ونصف الشهر، وليس أســبوعين فقط، وتم إدراج التقرير مرة أخرى في ملحق جلســة الثلاثــاء الماضي 30 مارس/ آذار. وتم إبلاغ الوزير هيكل للحضور من خلال المستشــار علاء الدين فؤاد، وزير شــؤون المجالــس النيابية، إلا أنه ورد اعتذار ثان من الوزير عن حضور الجلسة أيضا. وهنا انتفض الدكتور حنفى الجبالي قائلا: "هيئة مكتب المجلس تستشــعر أن هناك تحججــا ومماطلة ومضيعــة للوقت من جانب الوزير، من دون احترام وتقدير منه لســلطات المجلــس وتعطيله عن ممارســة دوره الرقابي المنصوص عليه دستوريا". وما بين غضب مجلس النواب، وإصراره على اســتجواب الوزير، أبدى نواب المجلس عدم رضائهم عن أداء الوزير هيــكل. قالت النائبة فريدة الشوباشــي عضو لجنــة الثقافة والإعــام: وزير الدولــة للإعلام له مخالفات عــدة، تجعل هناك تحفظا علــى أدائه، ولكن ما أصابها بالصدمة أنه لم يحترم التزامه بالمثول أمام مجلس النواب، عندما تم اســتدعاؤه واعتــذر، ثم أعطاه المجلس مهلة لفترة تصل لـ45 يوما، ولم يأت بحجة وجود ارتباط لديه. وهذه مماطلة غير مقبولة، رغم أنه كان أمامه فرصة للرد علــى تقرير اللجنة، الذي رفض بيانه الذي أدلاه أمام المجلس في أول انعقاده. كمــا أنه لا يوجد ارتباط أكبر من الحضور أمام مجلس يمثل الأمة والشعب المصري، مشيرة إلى أننا لا نــرى أي أداء لهيكل في الوزارة، وكأنه لا يوجد وزير لها منذ بداية توليــه وحتى الآن. ربما نعود للقضية الأصلية من جديد.

كل عام وأنتم بخير

أكملت الحكومة كما اشار محمد الهواري في "الأخبار" اســتعدادا­تها لقــدوم شــهر رمضــان الكــريم، بتوفير كميات كبيرة من الســلع الغذائية واللحــوم والدواجن والأسماك، بما يغطي احتياجات المواطنين في هذا الشهر الكريم، مما يســاهم في خفض الأسعار لتكون في حدود إمكانيات الأســرة المصرية. توفير الكميــات الكبيرة من الســلع الغذائيــة تم من خــال الإنتاج المحلــي، خاصة من مزارع القوات المســلحة ومنافذها والمزارع الســمكية الجديدة، وإنتاج الشــركات المصرية، إضافة لاســتيراد كميات كبيرة مــن اللحوم الحمراء، والزيــوت والفول، لتوفيرها بأســعار مقبولة للمواطنين، قبل وخلال شــهر رمضان لذا فإن المواطنين لا يســعون إلى تخزين السلع في المنازل نظراً للثقة التي تمت خلال السنوات السابقة، حيث ظلت الأســواق مليئة بالســلع طوال شهر رمضان وبعدهن وأصبح المواطن مقتنعاً بســهولة حصوله على الســلع وانخفاض أســعارها، إضافة إلى دعــم الدولة في إنتــاج الخبز وزيــادة حصص المخابز مــن الدقيق. وشــهر رمضان شــهر خير وبركــة على مصر وشــعبها والشعوب العربية والإســامي­ة كافة، لذا فإن استقباله بالبهجة وأداء الفروض ولمة الأســرة، يجب أن يكون مع الحفاظ علــى التباعد والاجــراء­ات الاحترازية، في ظل اســتمرار جائحة كورونا، كما أصبحــت الطاقة متوافرة من الكهربــاء والمنتجات البتروليــ­ة والغاز، مع ضرورة ترشيدالاسـ­ـتهلاك. شــهر رمضان الكريم مناسبة دينية ينتظرها المصريون والمسلمون سنوياً.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom