Al-Quds Al-Arabi

خفض قيمة الدينار العراقي يثير تساؤلات ومخاوف حول إمكانية التعويم الكامل

-

■ بغداد - الأناضول: أدى قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي مع نهاية العام الماضي إلى إثارة بعض التســاؤلا­ت والمخاوف التــي ترى أن ذلك ربما يكون تمهيدا لتعويم كامل للعملة الوطنية.

فقد خفض البنك المركزي العراقي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ســعر صــرف الدينار أمام الدولار بنســبة 24 في المئة، بهــدف إدارة أفضل للمدفوعــا­ت وللأزمة الاقتصادية التي تعيشــها البلاد.

وبلغ ســعر صرف الدولار 1470 دينــاراً إلى الجمهــور، و 1460 ديناراً للمصــارف العاملة في البلاد، مقابل 1182 ديناراً قبل التخفيض.

وكانت المرة الســابقة التي خفضت فيها قيمة الدينار في أواخر عام 2015 عندما رفع ســعر بيع الــدولار إلى 1182 ديناراً مقابــل 1166 ديناراً في السابق.

ويعاني الاقتصاد العراقي من انكماش بلغ 11 فــي المئة في 2020 أدى إلــى تفاقم نقاط الضعف الاقتصادية التي يعانيهــا منذ فترة طويلة، وفق ما ذكــره «صندوق النقد الـــدولي» في تـــقرير حـديث.

ويعتمد العــراق في 92 في المئــة من عائدات الميزانية على صادرات النفط.

ومــع تزايــد الصعوبــات الاقتصاديـ­ـة التي يشــهدها العالم نتيجة جائحــة كورونا وظهور ســالات جديدة، يرى البعض أن لجوء العراق إلى التعويم يعد خيارا مقبولا.

ولكن الخبير الاقتصادي منــار العبيدي يرى أن سياسة التعويم ليست ذات فائدة حقيقية في اقتصاد العراق الذي يعــد اقتصاداً ريعياً، يعتمد على إيرادات النفط بشكل كبير.

وأوضح في مقابلة أن سياســة التعويم الكامل تتطلب تنويع الاقتصاد لخلــق حالة من التوازن في العرض والطلــب، إلا أن هذا يعــد صعباً في العراق لوجود لاعــب واحد فقط في هذه المعادلة وهو البنك المركزي العراقي.

وقال أن تخفيض قيمة الدينار مؤخراً أدى إلى ارتفاع مســتوى التضخم ليصل إلــى 4 في المئة، بسبب انعكاس فروقات أسعار الصرف وتكاليف الــواردات، علــى المســتهلك النهائــي. وأضاف «أتوقع اســتمرار صعود أسعار المستهلك للشهور اللاحقــة». وتابع القول «الدينار مــن المتوقع أن يحافظ على سعره في حدود 1500 مقابل الدولار

لفترة قد تصل إلى أكثر من ســنة، وإذا تحســن الوضع الاقتصادي فمن الممكن رفع قيمة الدينار.»

بدوره، اســتبعد عامر الجواهري، استشاري التنميــة الصناعية والاســتثم­ار، حدوث تعويم كامل حتى عام 2022، لما له من تداعيات سياسية واجتماعيــ­ة يصعب علــى الواقــع الاقتصادي والسياسي العراقي تحملها الآن.

وأضــاف أن التعــويم الكامــل ســتكون له انعكاسات سلبية على القدرة الشرائية للمستهلك العراقي وبخاصة الفئات المتوسطة والفقيرة.

وحول ما إذا لجأت البلاد إلــى التعويم، يرى الجواهري، أنه ســيكون تعويم مُدار مرة أخرى وليس تعويماً حراً، وخاصة لأن البنك المركزي هو

من يعطي العمــات الأجنبية للراغبين، وبالتالي هو الوحيــد القادر علــى أن يحافــظ على قيمة الدينار.

فــي فبراير/شــباط الماضــي، تجــاوزت احتياطيــا­ت البنك المركزي العراقــي من العملة الأجنبية تجاوزت 55 مليار دولار.

ويقول بعض معارضي خيار التعويم أن واقع الفســاد المالي والإداري يزيد من صعوبة تطبيق التعويم الكامل وتحقيق أهدافه، مما ســيقود إلى الفشل بل وزيادة تأزم المشهد الاقتصادي.

فالخبير الاقتصادي أســامة التميمي يرى أنه من المفترض أن يقود التعــويم إلى تحفيز الناتج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ويضيف «لكن العصابات الفاســدة ســتواجه هذه الآلية برفع أسعار السلع المحلية.»

وأشار إلى أنه من الصعب الاتجاه إلى التعويم الشــامل، لما يحتاجه من وجــود دولة تملك قوة القانون ، «وهذا ليس متوفرا الآن .»

وأكــد أن تخفيض العملة الأخيــر دون تعويم مكّن الحكومة من تجاوز أزمة كبيرة كان يمكن أن يتعرض لها العراق.

وتابــع «اســتطاعت الحكومة مــن خلال هذا التخفيض توفير الرواتب، وتسيير أمور الدولة، وتحجيم الأمــوال المهربــة إلى الخــارج، حيث أصبح الدينــار يحقق هامشــا اقتصاديا ضعيفا للمـهربين .»

 ??  ?? زبون يريد تغيير هذه الرزمة الضخمة من الدنانير العراقية بدولارات قليلة في محل صرافة عملات في بغداد
زبون يريد تغيير هذه الرزمة الضخمة من الدنانير العراقية بدولارات قليلة في محل صرافة عملات في بغداد

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom