Al-Quds Al-Arabi

بعد أن سوغ لنفسه «حضن نتنياهو»: منصور عباس يغني «الحب تحت نافذة سموتريتش»

- عودة بشارات

■ يتبين مــن ردود وســائل الإعلام على خطاب منصور عباس، أن الكثيرين يعتبرونه نوعاً من مــد اليــد للمجتمع اليهــودي. في الحقيقــة، يدور الحديث عن مــد اليد لإيتمار بن غبير وبتسلئيل سموتريتش، على أمل أن يوافقا على إدخاله تحت ســقف نتنياهو. هذا لم يمنع الأمير المطلوب وده، سموتريتش، من رمي بادرة حسن النية من قبل عباس في سلة القمامة.

قال الشــاعر العربــي: «إذا أنــت أكرمت الكــريم ملكتــه... وإن أنــت أكرمــت اللئيم تمــردَ». إن تحمس عباس يمكــن رؤيته وهو يغني أغنية «حب تحت نافذة ســموتريتش». أشارت الصحف إلى أن الاتصالات بين «راعم» والليكود هــي التي أدت إلــى الخطاب الذي نتحدث عنه. من يعرف، ربمــا جميع الحملة الانتخابيـ­ـة، بما فــي ذلك الهجــوم المخجل لـ»راعم» ومؤيديــه على القائمة المشــتركة بذريعــة أنهــا لا تحتــرم القيــم «المحافظة» للمجتمــع العربــي، كان نتيجــة للاتصالات بين «راعــم» والليكــود. لأن نفس أســاليب التحريض والشــيطنة من مدرســة الليكود اتُّبعت في الشــارع العربي، مثل نشر إعلان لصــور صحافيين عــرب مســتقلين يرفرف فوقهــم رمــز الشــيوعية، وكأنهــم يقولون انظروا كيف نســي اليســار أن يكون عربياً. ولكــن تحمس عبــاس في جهوده لتســويغ نفســه للانضمام إلى معســكر بيني لا يمثل أي شــيء مقابل تحمــس الصحافيين اليهود الذيــن أرادوا بجموعهــم تغطيــة الخطاب. فقد نســوا الانتقادية والتحقيق والشــك في البيت. وجميعهــم أثنوا علــى الخطاب أمام عباس ومن ورائه. ولكن، أيها الأصدقاء، لماذا هذه الضجة؟ بالإجمال، هذا الشــخص يريد الارتباط مع رئيس حكومــة متهم بمخالفات جنائية. فهل تحتفلون على ذلك؟ حقاً؟ عفواً، لقد تحولتم إلى مهزلة.

هل أنتم متحمســون من خطاب شخصية عامة، حتى لا تتذكر أصلها الفلسطيني؟ أهكذا تريدون رؤية الفلسطينيي­ن، بلا كرامة وطنية؟ يتبــن أن التقدميين والمتنوريـ­ـن في مواقفهم يتبنــون الطريقة التــي يرى فيهــا نتنياهو العربــي النموذجــي. هنا لا يوجد يســار ولا يمين. أشــار نتنياهو وجود أيوب قره آخر في المحيط، فجئتم مسرعين.

أكثر مما يكشــف عباس مواقفــه، فردكم يكشف طبيعة نظرتكم للعرب. كونوا شاكرين، حتى إن الديمقراطي­ين الكبار الموجودين بينكم يريــدون حلفاء مثــل عباس، ومســتعدون لتقســيم شعبهم ويســارعون للحصول على الشرعية من فاشيين لا تريدون الجلوس معهم حتى للحظة واحدة. ولإبراز السلوك النفاقي هذا حاولوا أن تسألوا أنفسكم ما ردكم لو أراد

رئيس «ميرتس» شــرعية من عنصريين مثل هؤلاء؟ ولكن لا حاجة إلى افتراضات نظرية، لأنكم حولتم غانتس إلى كيس اللكمات المثالي بعد أن ارتبط مع متهم بمخالفات جنائية.

هــذا هو جوهــر النفاق: إذا ســارع عربي للارتبــاط مع متهم بمخالفــات جنائية، الذي هو أيضاً محرض ومقســم، ســيعدّ شــجاعاً ومثيــراً للانفعال. في المقابــل، تزدرون أيمن عودة وأحمد الطيبي وســامي أبو شــحادة، الذين يقفون بقامة وطنية منتصبة على رأس حربة ضد نتنياهو ومحيطه العنصري. الحكم العســكري انقضى من العالــم، لكن روحه ما زالت تعشــعش في نفوســكم. أنتم تفضلون العربي الجيد الــذي لا يخفي انتماءه الوطني فقط، بل أيضــاً الفخور بأنــه عربي في دولة اليهود «عرب إسرائيل».

الاحتفــال يقترب مــن النهايــة، واليوم ســيتم افتتاح مرحلة الإثباتــا­ت في محاكمة نتنياهو. ســيدرك عباس الذي احتفلتم على ظهــره حقيقة أن كل شــيء كان هــراء، وأن نتنياهو زعيم أعرج. وفي اللحظة التي تكون مناسبة له سيتخلى عنه. وبدلاً من تحذيره أن يتصرف بحكمة وألا يتخلى عن أبناء شــعبه، أنتم تبهرون عيونه بأضــواء المجد الخيالي. عباس يغــرق في الوحل الموجــود في محيط نتنياهو، ثم تصفقون له. هذا حرام عليكم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom