Al-Quds Al-Arabi

عز الدين المناصرة عاش وهو ظامئ إلى «عنب الخليل»

- الرباط ـ «القدس العربي» من عبد اللطيف الوراري:

عــن عمــر يناهــز 74 عامــاً، توفــي فجــر أمس الاثنين الشــاعر الفلســطين­ي عزالديــن المناصــرة ‪2021( 1946(-‬ متأثــراً بإصابتــه بفيروس كورونا، حســبما ذكرت وكالــة الأنبــاء الفلســطين­ة «وفا». وبرحيله يترجّل عن دنيانا آخر شــهود القضية؛ فقد كان أحد شــعراء الثورة الفلسطينية الأساسيين، إلى جانب محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، واقترن اســمه بأدبيّــات المقاومة الفلســطين­ية، منذ ديوانه الأول «يا عنب الخليل» (القاهرة 1968( حيث بدأ مســيرته الشــعرية ووضعه الناقد الفلسطيني إحسان عباس ضمن رواد الحركة الشعرية الحديثة. واشتهر بقصيدتيه «جفرا» و«بالأخضر كفَناه» اللتين غنّاهما مارســيل خليفة عندما كان الالتزام الفني في أوجه، وكان الشاعر نفسه يحارب في صفوف الثورة الفلسطينية بعد عودته إلى بيروت عام 1982.

امتهن الشاعر الراحل الصحافة الثقافية، سواء في الإذاعة الأردنيــة ‪-1973(، )1970‬أو في منابر منظمة التحريــر الفلســطين­ية )مجلة «فلســطين الثورة،» «جريدة المعركة »، مجلة «شؤون فلسطينية .)»

ونظراً إلى تخصّصه الأكاديمي فــي النقد الثقافي المقــارن، أي منذ حصولــه على الدكتــورا­ه فى النقد الحديث والأدب المقارن مــن جامعة صوفيا البلغارية عــام 1981، فقد ألّف عــز الدين المناصــرة كتباً عدة، أصبحت مراجع أساســية في مجال هــذا النقد، مثل: «المثاقفة والنقــد المقــارن» 1988، و«النقــد الثقافي المقــارن» 2005»، و«الهُويّــات والتعدديــ­ة اللغوية: قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن» 2004، و«علم التناص والتــاص: نحو منهج عنكبوتــي تفاعلي» .2014

ومنذ أن عُلم بخبر وفاته، احتشدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بصوره الشخصية وأغلفة كتبه، أو صوره مــع أقربائــه وأصدقائه، الذين شــيّعوه بعبــارات مؤثرة، ورثوا من خلالها نبوءات الشــاعر وروحه الثقافية المقاوِمة ونشاطه الأكاديمي الإنساني الدؤوب:

عزالدين المناصرة منشــد فلسطين الحزين وشاعر الميثولوجي­ــا الكنعانيــ­ة الجميل.. مــات )محمد علي شمس الدين(.

الصديــق عز الديــن المناصرة، الشــاعر والمثقف الفلســطين­ي والعربــي الكبير، وداعــاً. رحيل مفجع جديد وخســارة فادحة للشــعر والثقافــة العربية. )فخري صالح( عزالدين المناصرة

من حقّ فلسطين أن تحزن ففي أقل من شهرين يغادرنا شاعران كبيران: مريد البرغوثي في ‪2021/02/ 14‬ وعز الدين المناصرة في ‪2021/04/ 04‬ وداعًــا لمــن أنشــدا لفلســطين أجمــل القصائد والأناشيد. )محمود شقير(

الدكتور المناصرة أحد أربعة شعراء شكلوا إضافة للشعر العربي والفلســطي­ني، وقد تجايلوا معا، وهم يمثلون جيل الستينيات في الشتات: محمد القيسي، أحمد دحبــور، مريد البرغوثي. رحلوا وقد تركوا إرثا شــعريا ونثريا، ونقديا، أغنى حركة الشعر العربي، ومثّل إضافة فلســطينية للشــعر العربــي. أبوكرمل كان أســتاذ جامعيا لامعا، وناقدا، وباحثا، وإنســانا عصاميا، تعلّم وشــقّ طريقه باســتقلال­ية، ونزاهة،

وكبرياء. )رشاد أبو شاور(

لقد غــادرت الجزائر وقســنطينة حزينــا بعد أن حاصرك ســلطان الجهلة وســدنة الضغينة والدين السياســي، لكنك لم تنس أبدا أن تصحب في رحلتك القاسية حيزية التي صالحتك مع أرض أحببتها بقوة. )واسيني الأعرج(

فتحت عيني، فوجدت أن كورونا أسقطت عز الدين المناصرة. محزن أن يسقط مقاتل مثله بكورونا. حفظت في شــبابي ديوانه «عنب الخليل» كله. أما هو فقد كتب في ما بعد عن مجموعتى الأولى الضئيلة «قصائد أخيرة» بمودة ومحبة.

عــز الدين جــزء أصيل مــن ذاكرتنــا، وجذر من جذورنا.

لكنه ضاع بين الأجيال الشــعرية. ضاع بين محمود درويش ومن تلاه. أحاول في ذهني الآن أن أجد المكان الملائم لسراجه المنير. )محمد زكريا(

يا عنــب الخليل ! صرت مــرا أكثر فأكثــر )محمد بنطلحة( سيحنّ إلى ملمس أصابعك الدافئة عنبُ الخليل صهيلٌ جديد تخنقــه يدُ المــوت، ويلتحق بقوافل الصاعدين إلى الشّــمس. وداعــاً عزالدين المناصرة. رافقتــكَ معجباً بشــعرك الصافي المكتنز بســرديّته الخاصّــة، وحاورتكَ من موقــع الصحافيّ الذي وجدَ فيك الثراء المعرفيّ، والخــروجَ الدائم عن النصوص الأدبيّة والسياســيّة الموقّرة، وزاملتكَ في كلية الآداب في جامعــة فيلادلفيا، فكنــتَ فــي كلّ أحوالك نبيلاً ومأهولاً بمجرّات الندى.

لترقد روحك بسلام. سنشتاق إليك كثيراً، وسيحنّ إلى ملمس أصابعــك الدافئة عنبُ الخليل. )موســى برهومة(

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom