Al-Quds Al-Arabi

فشل جولة مفاوضات سدّ النهضة ومصر والسودان تتهمان إثيوبيا بـ«التعنت»

واشنطن «تشجع على استئناف الحوار»... والقاهرة والخرطوم ستتوجهان للمؤسسات الدولية

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

انضمت، أمس الثلاثاء، جولة المفاوضات الثلاثية في كينشاسا لعشــرات الجولات التي عقدتها مصر والسودان وإثيوبيا بشأن ســد النهضة الإثيوبي، على مدار 10 ســنوات، وفشلت جميعها في التوصل لســبيل للخروج من الأزمة باتفاق ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد دون التأثير على دول المصب.

وكان رئيس الكونغو فليكس تشيســكيدي، دعا الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جلسة مفاوضات مباشرة، باعتباره رئيس الدورة الحالية للاتحــاد الأفريقي، واســتمرت المفاوضــا­ت الأحد والإثنين، بواقع 4 جلسات يوميا.

السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجيــة المصرية، قال إن جولــة المفاوضات التي عقدت في كينشاسا حول سد النهضة الإثيوبي خلال يومي 4 و 5 إبريل/ نيســان الجاري، لم تحقق تقدما ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

وأضاف في بيان أمس أن إثيوبيا رفضت المقترح الذي قدمه الســودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودهــا الكونغو الديمقراطي­ــة التي ترأس الاتحاد الأفريقي للتوسط بين الدول الثلاث.

وتابع: رفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحــا­ت والبدائــل الأخرى التــي طرحتها مصر وأيدها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشــاركة فــي المفاوضات كمراقبــن مــن الانخراط بنشــاط فــي المباحثات والمشــارك­ة في تســيير المفاوضات وطــرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية.

غياب الإرادة السياسية

وزاد: رفضت إثيوبيا مقترحــاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلســة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمه الســودان بهــدف اســتئناف المفاوضــا­ت بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشــاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشــك قدر المرونة والمســؤول­ية التي تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة في التوصل إلى اتفاق حول ســد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشــل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

واعتبــر أن هــذا الموقف يكشــف مجــدداً غياب الإرادة السياســية لدى إثيوبيا للتفاوض بحســن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآليــة تفاوضية شــكلية وغير مجديــة، وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه.

وأكد أن بلاده شــاركت في المفاوضات التي جرت في كينشاسا من أجل إطلاق مفاوضات تجري تحت قيادة جمهورية الكونغــو الديمقراطي­ة وفق جدول زمني محدد للتوصل لاتفاق عــادل ومتوازن وملزم قانوناً حول ســد النهضــة، إلا أن الجانب الإثيوبي تعنــت ورفض العــودة للمفاوضــا­ت، وهو موقف

معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة.

واختتم بيانه بالإشــارة إلى أن وزير الخارجية المصري ســامح شــكري أكد خلال الاجتماعات التي عقدت في كينشاســا تقدير مصــر للجهد الذي بذله الرئيــس فيليكــس تشيســكيدي في هذا المســار، واستعداد مصر لمعاونته ودعمه في مساعيه الرامية لإيجاد حل لقضية سد النهضة بالشكل الذي يراعي مصالح الدول الثلاث ويعزز الاستقرار في المنطقة.

تنسيق مصري سوداني

شــكري علق على فشــل جولة المفاوضات، وقال إن مصر تنظر لقضية سد النهضة الإثيوبي باهتمام بالــغ، وترصد الموقــف وتتعامل معــه وفقا لحجم الضرر، ولن تقبل بأي مساس بحقوقها المائية، مثلما أشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام.

وبين في تصريحــات متلفزة، أن هناك تنســيقا كاملا بين مصر والســودان وســوف نبدأ بالتوجه للمؤسســات الدوليــة المؤثرة، مثــل مجلس الأمن والجمعية العامة للأم المتحــدة والاتحاد الأوروبي، لإطلاعهم على هذه التطورات ووضع كل طرف أمام مسؤولياته.

وتابع: الموقف الإثيوبي يكشف عن غياب الإرادة السياســية لدى أديس أبابا للتفاوض بحســن نية حول قضية الســد، ولا بد أن يكــون المجتمع الدولي مقتنعــا بذلــك، وفاعلا لهــذه القضية منعــا لعدم الانزلاق لأي توتر.

وكانــت وزارة الخارجية المصريــة اعتبرت في بيان، أن جولــة مفاوضات كينشاســا تمثل فرصة أخيرة للتوصل لاتفاق ملزم بشــأن ملء وتشــغيل السد يحافظ على مصالح الدول الثلاث.

تعطيل التوافق

كذلك قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الســوداني­ة، منصور بولاد، إن تعنت إثيوبيا عطل التوافــق حــول منهجية مشــتركة لمفاوضات ســد النهضة. وأوضح، أمس، أن هناك تباعدا بين مواقف وفود الســودان ومصر وإثيوبيا، وخلافا كبيرا على مضمون البيان الختامي المشــترك لجولة مفاوضات الســد، التــي اســتضافته­ا الكونغــو، يومي الأحد والإثنين، بحثا عن حل للأزمة المستمرة منذ سنوات.

وأضاف أن بلاده ســترفض البيان المشترك لو لم يتضمن مــا تم التوافق حوله، والنقاط الخلافية بين البلدان الثلاثة حول منهجية التفاوض، مؤكدا عزم الخرطوم على إصدار بيان منفرد إذا لم يتم التوافق على بيان مشــترك، يعبر عما حــدث في اجتماعات العاصمة الكونغولية كينشاسا.

وشــدد على أن: تعنــت الموقــف الإثيوبي عطل التوافــق حــول منهجية مشــتركة لمفاوضات ســد النهضة.

وأيضــاً أوضحت وزيرة الخارجية الســوداني­ة، مــريم الصــادق المهــدي، أن الموقــف الإثيوبي في مفاوضات ســد النهضة خــرق للقانــون الدولي، مشيرة إلى اعتماد الموقف الإثيوبي حول سد النهضة

سياسة فرض الأمر الواقع. ولفتت إلى وجود تقارب مصري سوداني في المواقف بشأن سد النهضة.

وفي وقت ســابق، قالت الخارجية الســوداني­ة إن إثيوبيا رفضت طلبا بتأجيــل موعد بدء المرحلة الثانيــة من ملء الســد، والمقررة فــي يوليو/ تموز المقبل، وتوقعت انتهاء المفاوضات دون التوصل إلى أي تفاهمات أو اتفاق.

في الموازاة، قالــت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشــنطن تتفهم أهمية مياه النيل لكل من السودان ومصر وإثيوبيا، مؤكدة أنها تشــجع على استئناف الحوار المثمر بشأن سد النهضة.

وأضافت في بيان، الثلاثاء، أن واشنطن تواصل دعم الجهود البناءة من إثيوبيا ومصر والســودان للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة.

وكانت الخلافات سيطرت على الاجتماع الوزاري المغلق بين السودان ومصر وإثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، وتمثلت الخلافات في دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في المرحلة المقبلة، حيث يدعو الســودان ومصر لتوســيع الوساطة، لتشــمل واشــنطن والمنظمــة الدوليــة والتكتــل الأوروبي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي بهدف البناء على ما تحقق في جولات التفاوض السابقة، وحسم القضايا العالقــة والوصول إلى اتفــاق عادل ملزم بشأن ملء وتشغيل الحاجز المائي، وهذه وجهة نظر ترفضها أديس أبابا، وتدعو لاختيار مراقبين حسب المسارات التفاوضية.

ورفضت إثيوبيا في المباحثات مقترح الســودان بتشــكيل لجنــة رباعية تضــم الاتحــاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وهيئة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، وتمسكت بالوســاطة الأفريقية فقــط، وســط تمســك ســوداني مصــري بمقترح الخرطوم، حسب الخارجية السودانية.

«وقف الاستفزازا­ت»

وتتضمن المطالبات المصرية والسودانية أن يلتزم الطــرف الإثيوبي بوقف الاســتفزا­زات، وأن يتعهد بعدم اتخاذ أي أعمال خاصة ببــدء الملء الثاني، أو أي خطوات تضــر دولتي المصب لحين حســم ملف التفاوض، وتوقيــع اتفاق قانوني ملزم بمشــاركة وضمانات دولية.

و لم تقدم إثيوبيا أي ضمانات بشأن الملء الثاني للسد في يوليو/تموز المقبل، ولم تستجب للمطالبات الأخــرى، بل طرحت علــى طاولــة المفاوضات بند تقاســم المياه، مما يكشف أن الســد لم يعد مرتبطًا بتوليــد الطاقة، إنمــا بالمســاعي الإثيوبية لإعادة تقاسم مياه النيل.

وتبنــي إثيوبيا الســد على النيــل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في الســودان لتشكيل نهر النيل الذي يعبر مصــر. وترى أنه ضروري لتحقيق التنميــة الاقتصادية، في حين تعتبــره مصر تهديدا حيويا لهــا، إذ تحصل علــى 90٪من ميــاه الري والشــرب من نهر النيل. ودخلت الدول الثلاث مصر والســودان وإثيوبيا في مفاوضات شــاقة طوال 9 سنوات فشلت خلالها في الوصول لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom