Al-Quds Al-Arabi

... والحديث عن مخطط ضد نظام الحكم ترك أموراً غير واضحة

-

■ عمان - أف ب:ترك الإعلان عن كشف مخطط لزعزعة نظام الحكم في الأردن، مع وجود ولي العهد الســابق الأمير حمزة في الصورة، أمورًا غير واضحة وتســاؤلات وطرح السؤال: من هم المتورطون؟ ووفقاً لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أعتُقــل 14 إلى 16 شــخصاً بالإضافة إلى رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد. في هذه الأثناء، وُضع ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين قيد الإقامة الجبرية.

وباســم عوض الله، الذي يحمل الجنسية الســعودية أيضًا كان وزير تخطيط أســبق، تلقّى تعليمه فــي الولايات المتحدة، وكان قريبًا من العاهل الأردني، لكنّه كان شخصية جدلية. ترأس الديوان الملكي عام 2007 وكان مديرا لمكتب الملك عام 2006. وأدّى عوض الله دورًا رئيسيًا في إدارة الوضع الاقتصادي في المملكة، وتعرّض لانتقادات شديدة لدوره في برنامج الخصخصة ما دفع عدداً كبيراً من الأردنيين لكرهه. أما الشريف حسن بن زيد، الذي يحمل هو الآخر الجنسية السعودية، فشغل سابقاً منصب مبعوث العاهل الأردني إلى السعودية. ولم تُعرف هوية باقي الموقوفين.

ماذا كان هدفهم؟

يستبعد أن يكون نحو 20 شخصاً قادرين على تنظيم انقلاب للوصول إلى الســلطة، وإن كانت الفرضية طرحتها الصحافة الأمريكية. لكن قد يتعلق الأمر بالتحريض ضد سياســات الملك الاقتصادية والاجتماعي­ة لإضعافه. ويقــول مدير مركز القدس للدراسات السياســية عريب الرنتاوي «أستبعد تمامًا محاولة انقلاب والدليل مجموعة الأشــخاص التــي تم القبض عليها لا تســتطيع عمل انقلاب». وأضــاف «لا يمكن عمــل انقلاب دون تأييد وحدات رئيســية من القوات المســلحة والأجهزة الأمنية والمخابرات وهذه كلها كان لهــا موقف موحد خلف الملك». وقال الصفدي الأحد إن الأجهزة الأمنية تابعت «على مدى فترة طويلة نشاطات وتحركات لســمو الأمير حمزة بن الحسين والشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله وأشخاص آخرين». وتابع ان تلك النشــاطات والتحركات «تستهدف أمن الوطن واستقراره، ورصدت تدخــات واتصالات مع جهات خارجية حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن» الأردن.

ووفقــاً للأســتاذ في جامعة ســانت لويس فــي مدريد بارا ميكائيل فان هدف هذه المجموعة هو «إثارة الغضب الشعبي ضد الملك». ويأتي هذا الوضــع المعقد في ظل مواجهة الأردن جائحة كورونا التي استدعت إغلاق المدارس والجامعات وفرض حظر تجوال يومي الساعة السابعة مساء، وحظر شامل يوم الجمعة ما فاقم مشــكلة الفقر والبطالة وأدى لاحتجاجات صغيرة قبل نحو أسبوعين.

حضور كبير للأمير حمزة بين العشائر؟

ســمى الملك عبد الله الأمير حمزة وليًا لعهده عام 1999 بناءً على رغبة والده الراحل الملك حســن، لكنّــه نحّاه عن المنصب عــام 2004 ليســمي لاحقا ابنه الأمير حســن وليًــا للعهد عام 2009. ويبدو أن الأمير لم ينسَ ذلك. ويقول الرنتاوي إن الأمير حمزة )41 عاماً) «يغرد منذ فترة خارج الســرب ويطرح مواقف وتطورات ورؤى أقرب إلى صوت المعارضة والحراك الشــعبي منها إلى الأصوات الرسمية». ويضيف «لا يمكن أن تكون عضوًا في أســرة حاكمة، وفي نفس الوقت رمزًا معارضًا للدولة». فقد انتقد الأمير حمزة ما وصفه بأنه «فساد وعدم كفاءة» في إدارة الدولة.

ويقــول المحلل السياســي لبيــب قمحاوي «هناك إشــارات واضحة لزيارات الأمير حمزة للعشائر، وهو لديه شعبية كبيرة جداً خصوصاً لدى أوساط الشباب». وأضاف «هذا فُسر كمحاولة لاختراق قاعدة القوة للنظام ... وفُسر على انه تعدٍ على استقرار النظام بشكل او بآخر».

ويرى الخبراء أنه ما من خطر يهــدد الملك. ويقول الرنتاوي «الجيــش والأمــن والمخابرات فــي موقف موحد خلــف الملك،

ليس هناك خطر على الملك». واضاف «الإحســاس بالخطر كان في الســاعات الأولى لقلة المعرفة بما حدث لأنــه لم تكن هناك معلومات، لكن عندما انكشفت القصة فوراً زال الشعور بالخطر أو القلــق». ويتفق قمحاوي مع الرنتــاوي ويقول «لا أعتقد أنه كان هناك أي خطر على الملك، والجيش والشــرطة والمخابرات تحت سيطرة الملك بشــكل كامل». ويقول مدير مركز «الفينيق» للدراسات الاقتصادية والمعلومات­ية أحمد عوض «الملك والنظام السياسي لم يكن ولن يكون في خطر». ويضيف «الجيش والأمن والمخابرات 100% تحت ســيطرة الملك وهو صاحب الصلاحيات في تعيين قادة الأجهزة الأمنية والعســكري­ة ولا أعتقد أن هناك أي اختراق».

يســتبعد الخبراء تدخل جهات خارجية، فالجميع يدعم الملك رسميًا. ويقول الرنتاوي «اســتبعد تورط لاعب خارجي رئيسي بشــكل حاســم في الأمر». ويضيف أن فكرة «المؤامرة الخارجية التي تحدثــت عنها الحكومــة )...( وان هناك طرفًــا خارجيًا لم تحدده. ما لــم تحدده او تفصــح عنه ســتبقى روايتها ضعيفة وقابلة للطعن والتشــكيك». من جهته، يقول قمحاوي «أشــك ان يكون هنــاك أي تدخل خارجي في الموضوع، الموضوع محلي 100 في المئة». واضاف «المشــكلة هي صراع قوى داخل العائلة المالكة فقط». وأشار قمحاوي إلى ان «رد فعل السعودية كان سريعا جدا لأنهــا أرادت أن تنفي أي علاقة لها، لان شــخصيتين تم اعتقالهما يحملان الجنسية السعودية وقريبان من الحكم في السعودية». وهل يُنهي تعهد الأمير حمزة بالإخلاص للملك الأزمة؟ فقد حُلــت الأزمة داخل العائلة المالكة لكن جذورها ســتبقى، فالأمير حمزة لم يســحب كلامه حول الفســاد وعدم الكفاءة في إدارة الدولــة. ويقول عوض «ما جرى هو حــل عائلي في اتجاه احترام محددات الدســتور... لكن ليس حلا للأزمة السياســية في البلد». ويضيف أن «الأزمة لم تنته، الأزمة ســتبقى واستمرار العمل في المســتقبل بنفس الطريقة الســابقة في إدارة شــؤون البلاد غالبــا لن ينجح». وتابع «يجب ان تكون هناك طرق أخرى بالتحول إلى مزيد من الإصلاحات الديمقراطي­ة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom