Al-Quds Al-Arabi

الطمأنينة في شهر الرحمة في الجزائر ومواسم الفرح والزهور في تونس

-

ســتحل أزمات شــهر رمضان، التي ظهرت بوادرها مثل كل سنة قبل الميعاد. بدأت قارورات الزيت ذات ســعة الخمسة لترات تعود تدريجيا. مع زيادة ســعرها، فلا يهم، وســنأكل لحوما بيضاء مجمدة من ديوان الحبوب، حتى نتفادى ارتفاع ســعر اللحوم البيضــاء، الذي بدأ «قبل الهنا بسنة». وسنأكل لحما إسبانيا حلالا، هنيئا مريئا. وسنتهافت على مختلف الحلويــات الرمضانية، من حقنا كل ذلــك، خاصة بعدما طمأن وزير التجارة عموم المســتهلك­ين، في تصريحه لوكالة الأنباء الجزائر، بضمان وفرة المنتجات في الأسواق الوطنية. ويرتقب تسويق كمية تقدر بأكثر مــن مليون طن من الخضراوات والفواكــه، إلى جانب مخزونات للسكر والزيت، التي تقدر بـ 24 ألف طن و25 ألفا على التوالي.

وأرجع الوزير الندرة المسجلة في مادة الزيت إلى ارتفاع المواد الأولية في السوق الدولية وارتفاع قيمة الشحن، مما أدى إلى ارتفاع سعر المادة )بالجملــة( من 570 إلى 590 ، وهو ما قلــص هامش الربح لعدد كبير من تجار الجملة الذين انسحبوا من العملية، المهم أنه زاد في طمأنة المستهلك أن «الدولة تكفلت، من خلال الخزينة العمومية بتعويض الفارق وإعادة ضبط الأسعار لمستوى 570 دينار جزائري. إن غدا لناظره قريب.

طمأنة أخرى للمستهلك، لكنها جزئية تخص سكان العاصمة وحدهم، طمأنة وزيــر الموارد المائية «ســكان مدينة الجزائر بأنــه لا انقطاع لماء الشرب خلال رمضان وسيكون التزود بهذه المادة الحيوية يوميا. وباقي المواطنين ممن يعيشون ندرة في المياه طول السنة لا أحد يهتم لطمأنتهم، فالبعيد عن المدن والمركز بعيد عن الاهتمام والتنمية وشرب الماء.

والسؤال الذي يطرح الآن، من يطمئن المواطنين بحالة الأمن والأمان والسكينة، من يطمئنهم على سلامة أبنائهم من القتل والموت في البحار، من يطفئ نيران والدي الشاب سهيل لبيض بن عدة، المعروف بـ»سهيل الصغيــر» مغني الراي، الذي «حــرڤ» مع مجموعة مــن أصدقائه إلى اســبانيا. حيث تناقلت وســائل التواصل الاجتماعي تفاصيل الحادثة وتضــارب الأخبار عن وفاته أم بقائه حيــا. وبعدها تضاربت الآراء عن ظهور جثته من عدم ظهورها، لكن أمواج البحر حســمت الجدل وأعادته إلــى أرض الوطن جثــة هامدة بعدمــا رمته على شــواطئ مدينة عين تموشنت؟!

من يعيــد الروح لوالدته الثكلى وهو وحيدهــا، صورها وهي تنادي البحر لإعادة ابنها وصراخها وانهيارها أمام الشاطئ يبكي الحجر. هكذا بعد دعوة فجرية بأن يجد ابنه ميتا أو حيا، يصرح والد الشــاب سهيل لمختلف القنــوات والمواقع، أنه وجده، لكن ماذا عــن البقية من لم يظهر لهم أثر. تلاشى حلم الشاب الصغير على مقربة من الشواطئ الإسبانية، وكان قد أرسل رســالة صوتية لطمأنة والدته، لكن عطبا أصاب القارب وانقلــب. وانقلبت حياة الأهل في الجزائر، علينــا أن تقتصد في ازهاق الأرواح، الروح البشــرية ما أغلاها وما أكرمهــا. أصبحت بفعل الإهمال وعدم الاهتمام أرخص «الأشياء». نحتاج لموانئ سلام بالعدل وتساوي الفرص ورحيل من نزعوا منا الأمل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom