Al-Quds Al-Arabi

سدّ النهضة: مصر تجدد تحذيراتها وإثيوبيا تتمسك بالملء الثاني

شكري يؤكد اللجوء إلى مجلس الأمن في مرحلة لاحقة

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

جدد الرئيس المصــري، عبد الفتاح السيســي، أمس الأربعــاء، تحذيره لإثيوبيا من المســاس بأي نقطة مياه من حصة مصر مــن مياه النيل، مؤكــدا أن كل الخيارات مفتوحة، وأن التعاون أفضل، فيما أعلنت إثيوبيا تمسكها بالملء الثاني للسد.

وزاد في كلمة خلال افتتــاح مجمع الإصدارات المؤمنة والذكيــة فــي العاصمة الإداريــة الجديــدة أن «موقف الدولة المصرية من مشروع سد النهضة كان موقفا مشرفا واحترمنا رغبة الشعوب في أن يكون لها شكل من أشكال التنمية».

ووجه رسالة للمســؤولي­ن في إثيوبيا قائلا: «لا داعي لمرحلة تمســون فيها نقطة مياه من مصر. الخيارات كلها مفتوحة والتعاون أفضل».

وزاد: «ســبق وقلت إن مصر تقدر التنمية بشــرط أن لا تمس مصالحهــا، وكلامنا لــم يتغير، ولــم نقل كلاما ونتراجع عنه».

وأضاف: «نحترم التنمية في إثيوبيا لتحســن أحوال الشــعب الإثيوبي، في إطــار أن يكون هــذا الأمر بدون المساس بمصالح مصر، وهذا الكلام واضح».

وأكد أنه «سيظل يســتخدم لفظ الأشقاء خلال حديثه عن إثيوبيا».

وتابع: «رد فعل الأشــقاء وتعنتهم في مفاوضات سد النهضة يحتم علينــا التعلم من التحديات والمشــكلا­ت ورأينــا حجم تكلفة المواجهة، أرجو أن الجميع في المنطقة يدرك حجم المواجهة، التعــاون والاتفاق أفضل كثيرا من أي شيء».

وتابع: «نواصل التنسيق الكامل في السودان، ونؤكد

للعالم عدالة القضية في إطار القانون الدولي، والأعراف الدوليــة ذات الصلــة بحركة المياه عبر الأنهــار الدولية والتحــرك أكثر والتنســيق أكثر والأشــقاء فــي الدول العربية الأفريقية يتم إطلاعهم على الأمر.»

«التعاون أفضل»

ووجه رســالة إلى إثيوبيا بضرورة التعاون في ملف ســد النهضة، قائلا: «التعاون أفضــل ونعمل مع بعضنا للتنمية. أنا لمست خلال السنوات الماضية في الأشقاء في إثيوبيا الشعور بعدم الراحة، أنا أتحدث عن الرأي العام، علينا جميعا التعاون في مفاوضات سد النهضة والقضية عادلة».

وتابع: «نهر النيل من عند الله، وما فعله الله لن يغيره البشر».

سامح شــكري، وزير الخارجية المصري قال إن «مصر بصدد التنسيق مع الأشقاء في السودان لاتخاذ خطواتً منســقة ومكثفة لتوضيــح الموقف والتعنــت الإثيوبي خلال مفاوضات ســد النهضة وإطلاع الشركاء الدوليين والمنظمات الدولية على هذا التطــور الخطير وأثره على الســلم والأمن في منطقــة القرن الأفريقــي وأيضا على المستوى الدولي».

وجاء كلام شــكري ضمن تصريحــات صحافية على هامــش زيارته القصيــرة إلــى العاصمة الســوداني­ة الخرطوم، مســاء أمس الأول الثلاثاء، والتي اســتمرت

لعدة ســاعات فقــط حيــث كان قادمــاً مــن العاصمة الكونغولية كينشاســا التي استضافت جولة مفاوضات سد النهضة على مدار يومين برعاية الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيســكيدي، بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.

وأضاف شــكري: «مــن ضمن الخيــارات المتاحة، هو التحرك إلــى مجلس الأمن الدولي، وعقب تعثر جلســة المفاوضات الأخيرة نتطلع في البداية إلى تفاعل رئاســة الاتحاد الأفريقــي، وما قــد يتخذه من إجــراءات لعقد مكتــب الاتحاد على مســتوى الرؤســاء للإحاطة بآخر التطورات وخطورتها، وأيضاً التوصل من خلال رؤساء الدول والحكومات إلى توجيه يؤكــد مرة أخرى أن هذه المفاوضات وهذا المسار مَعني بالتوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم حول ملء وتشغيل ســد النهضة، وهو الأمر الذي حاولــت إثيوبيا التنصــل منه ورفضــت أن تعتمده في البيان الختامي الذي كان مطروحاً ».

وأوضــح أن «التوجه إلى مجلس الأمــن الدولي يأتي في مرحلة لاحقة ومتطــورة عقب تناول القضية في إطار الاتحاد الأفريقــي، وأن هناك ثقة كبيــرة وتقديرا بالغا للجهود التي بذلتهــا دولة الكونغو الديمقراطي­ة في إطار استعادة المســار التفاوضي بين الدول الثلاث، ولكن من المؤسف أن التعنت الإثيوبي أعاق ذلك الجهد».

وواصــل: «من المؤكد أن الأيام المقبلة ســوف تشــهد مشاورات مع رئاســة الاتحاد الأفريقي، ثم بعد ذلك يتم العمل فــي إطار إطلاع كل الشــركاء الدوليــن على هذا التطور وتنبيــه المجتمــع الدولي للخطــورة والمخاطر المتصلة بعدم التوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم.»

وأكد أن «اللجــوء إلى مجلس الأمن فــي تلك القضية ســيتم عقب تنســيق وتقييم للأمور كافــة، وأن مجلس الأمن متــاح دوماً اللجوء له بحكم مســؤوليات­ه وبحكم ضرورة إطلاعــه على التطورات لحماية الســلم والأمن الدولي» مشــيراً إلى «اتخاذ تلك الخطــوة العام الماضي ولكــن لا يزال الأمر يتــم تقييمه، ونضع كامــل ثقتنا في الرئيس الكونغولي والــذي يترأس الاتحاد الأفريقي في الوقت الراهن، ونتطلع إلى إمكانية دفع المسار نحو الأمام وعدول إثيوبيا عن هذا التعنت والتنصل من مسؤولياتها ومن الولاية الخاصة بالمسار الأفريقي، وفي الوقت نفسه، ســوف تكون القضية واضحة أمام شركائنا الدوليين من قبل جهد مشترك مصري ـ سوداني.»

رغبة جادة

وأوضح السيســي أن مصر والســودان «كان لديهما العزم والرغبة الجــادة خلال المفاوضات، وأبدى البلدان مرونــة بالغة للتوصل إلى اســتئناف المفاوضات، ولكن تمت إعاقة ذلك من قبــل الجانب الإثيوبي، وكان واضحاً أن إثيوبيا لا ترغب في العــودة إلى مفاوضات، أو ترغب في مفاوضات غيــر مُجدية وخارجة عــن نطاق الولاية والاختصاص الذي حدده مكتب الاتحــاد الأفريقي على مستوى القمة».

وأَوضح أن «هناك تنســيقا وثيقا بين مصر والسودان بشأن قضية ســد النهضة، انطلاقاً من المصلحة المشتركة والمصير المشترك بين البلدين:، مشــدداً على «الاستمرار في العمل والتنسيق الوثيق بينهما».

«لن نتخلى عن ذلك»

إلى ذلك، أكــد وزير المياه والري الإثيوبي، سيلشــي بيكيلي، أن بلاده ســتواصل ملء خزان السد الذي تبلغ ســعته 74 مليار متر مكعب، خلال موســم الأمطار المقبل الذي يفترض أن يبدأ في حزيران/يونيو أو تموز/يوليو.

وقال في مؤتمــر صحافي «مع تقدم البنــاء يتم ملء» السد. وأضاف «لن نتخلى عن ذلك.»

وبين أن اجتماع كينشاســا بشأن ســد النهضة الذي انتهى بالفشــل أمس الأول الثلاثاء، شهد توضيح موقف إثيوبيــا. وأوضح أن بلاده تنتظر قــرار رئيس الكونغو الديمقراطي­ــة بصفته رئيســا للاتحاد الأفريقي، بشــأن استئناف المفاوضات.

وزاد أن الدعــوة لرباعيــة دوليــة للمشــاركة فــي المفاوضات تعتبر تخطيا لدور الاتحاد الأفريقي، وتنتقص من سيادة أفريقيا، حسب تعبيره.

واعتبر أن ما أثير من تأثير عملية الملء الســابقة غير حقيقي، ومناف لما شهده السودان العام الماضي.

وأكد أن إثيوبيا ســتخزن 13.5 مليــار متر مكعب من المياه، وهو نصيبها وحقها المشروع من مياه النيل.

وأوضحــت وزارة الميــاه والــري الإثيوبيــ­ة، أمس الأربعاء، أن موقفها بشــأن دور المراقبين هو الاســتمرا­ر بالشكل الحالي، بدون تجاوز دورهم كمراقبين فقط.

وقالت إن أي محاولة لعرقلة الملء الثاني لسد النهضة تمثل خسارة كبيرة لإثيوبيا، التي ســتفقد مليار دولار، كمــا قالت إنه لا يمكــن تغيير الملء الثانــي، لأنها عملية مرتبطة بمرحلة البناء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom