Al-Quds Al-Arabi

«واشنطن بوست»: الخطر على الملك عبد الله ليس من المؤامرات لكن من حاشية تدعوه لتكميم المعارضة

-

وصف المعلق ديفيد إغناطيوس في صحيفة «واشــنطن بوست» المشهد في الأردن، مستشــهدًا بعبارة من مســرحية شكســبير هنري الرابع «الهم يسكن رأس من يلبس التاج» وفي هذه الحالة رأس من يلبس تاج الأردن.

وقال «ربما كان هناك انقلاب حقيقي وسط شائعات التي انتشرت حول ملــك الأردن عبد الله الثاني وأخيه غير الشــقيق الأمير حمزة بن حســن. ولكن ما هو واضح أننا كنا نشــاهد حلقة مثيرة ولكن أردنية من مسلســل «التــاج» والتي أصابت فيها السياســة الفوضوية المعروفــة بين العائلات الحاكمة، العائلة الهاشمية.

ويرى الكاتــب أن الملمح المثير للقلق في كل هذا هــو أن الحادث الأردني يشــير إلى إصابة الملك عبد الله بهوس «الأعــداء المفترضين» على منصات التواصل الاجتماعي والذي زعزع اســتقرار الشرق الأوسط، من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر.

ففي يوم الثلاثاء منع النائب العام الأردني نشر أي شيء يتعلق بأحداث الســبت والأحد والخلاف داخل العائلة المالكة أو يناقش الحالة، وهو آخر مثال عن فزع أصاب عائلة عربية مالكة. ولو اســتمر الحال فإنه ســيحول الأردن من ديكتاتورية ناعمة ولطيفة إلى شريرة.

ويبدو أن الهاشميين توصلوا يوم الإثنين إلى تسوية خلافاتهم في «عناق عائلي» وقام الأمير حســن، /74 عاماً/ الذي عزله شقيقه الملك حسين بشكل مؤلم قبل أســابيع من وفاته 1999 مفضلاً ابنه الأكبر عبد الله، بالتوســط والوصــول لهدنة بين الملك الحالي والأمير حمزة، الذي كان ولياً للعهد حتى 2004. وفي رسالة وقعها حمزة يوم الإثنين، عبر فيها عن احترام وطاعة قال فيها إن «مصالح البلد يجب أن تكون فــوق الجميع. وعلينا الوقوف جمعياً خلف جلالته وجهوده لحماية الأردن ومصالح الوطنية».

لكن أنصاره واصلوا الثرثرة على منصات التواصل الاجتماعي بتسجيل صوتي له يوم الســبت رافضاً المبعوث من القصر مما دعا الملك للقلق. وقال إغناطيــوس إن عمان يمكنها المنافســة مع قلعة إلســينور في مســرحية «هاملــت» أو رومــا «يوليوس قيصر» كمركــز للدسيســة. فالقصر محاط بالحاشية المتواطئة والأمراء والأميرات الطامحين وشيوخ العشائر كثيري الطلب والجيران الذين لا يتوقفون عن التدخل في شــؤون البلد. ولم يكن لدى الملك المــال الكافي لكل خزائن العائلة، ولهذا كان الفســاد في المناصب العليا حقيقة واقعة.

ومع أن الملك عبد الله يحكــم البلاد منذ 22 عاماً إلا أن القصور التي تعلم تلال عمان لا تزال مســكونة بذكريات الملك الراحل حســن، والده الجذاب. وأعطى الملك حسين ذكرياته الخاصة عن عبارة شكسبير «الهم يسكن رأس من يلبس التاج».

وفي مقال كتبه الكاتب قبل 40 عاماً نشــرته «وول ستريت جورنال» عدد فيه عدداً من محاولات الاغتيال وأحاديث المؤامرة التي لم تتوقف في عمان والتي كان بعضها حقيقياً. وتهديد حمــزة للملك عبد الله نابع على ما يبدو من كونه يشــبه كثيراً والــده الراحل. وفاقم الأمير هــذا القلق من علاقاته في السنوات الأخيرة مع شــيوخ القبائل ولحضوره الواضح على منصات التواصل الاجتماعي. ووصل القلــق ذروته بزيارة من رئيس هيئة الأركان اللواء يوسف الحنيطي له يوم الســبت وطلب منه الصمت، وهو ما زاد من انزعاجه أكثر. ومــا زاد حركة عجلة القيل والقال، الناس الذين تم اعتقالهم فــي وقت زيارة قائد الجيش للأمير حمزة. وضمت شــخصين من عشــيرة المجالي القوية، ومديراً ســابقاً للديوان الملكي ورجل أعمال له روابط قوية مع ولي العهد السعودي.

و»أخبرنــي عدد من الأردنيين المطلعين شــكهم بأن هــذا كان عبارة عن عصيان ضد الملك ولكنه قدم بالضرورة الذريعة». وأشــار الكاتب إلى ورقة

صعبة أخرى، وهي مدير المخابرات أحمد حسني، وهو مثل سابقيه شركسي يعرف بلقبه العثماني «باشــا» وهو في منصبه منذ أقل من عامين، ويقارن بعض الأردنيين أســلوبه القاسي بأسلوب ســلفه اللطيف عدنان الجندي، فالباشا موالٍ للملك عبد الله وبشكلٍ مفرط.

ويقــول الكاتب إن العائلات الملكية تعطي صورة عن الاســتقرا­ر ولكنها تخفي وراءهــا مظاهر قلق عميقة. فعائلة آل ســعود مثــاً، طالما كانت لها منافســة أخوية مع الهاشــميي­ن في الأردن، لأن الرياض تخشى من تعامل المسلمين مع الهاشــميي­ن الذين ينتمون إلى بيت النبي بأنهم حرس الأماكن المقدسة الحقيقيون. وربما كان الأمير محمد بن سلمان، المثال الأوضح الميال للإصلاح الذي خرّب على أحلامه للمملكة بالاستماع إلى حاشيته وحديثها عــن المؤامرات ضده على منصات التواصــل الاجتماعي وما قاد لمقتل جمال خاشقجي.

ومهما كان الحديث التآمري الذي يطن في عمان، فالخطر الأكبر والمحتمل على الملك عبد الله نفسه، لو استمع للأصوات التي تدعوه لتكميم المعارضة وســحق المعارضين المحتملين وتحطيم أســاس الأردن الحديث، وملك غير حكيم من يختار هذا الطريق.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom