Al-Quds Al-Arabi

اكتشاف المدينة الذهبية المفقودة في الأقصر المصرية

-

■ الأقصــر )مصــر( ـد ب أ:اكتشــفت البعثة المصرية برئاســة الدكتور زاهي حــواس، المدينة المفقودة تحت الرمــال والتي كانت تســمى «صعود آتون» والتي يعود تاريخها إلــى عهد الملك أمنحتب الثالث.

وأشــارت البعثة المصرية، في بيان صحافــي أمس الخميس، إلى استمرار استخدام المدينة من قبل توت عنخ آمون، أي منذ 3000 عام.

وقــال الدكتور زاهي حواس، إن العمل بدأ في هذه المنطقة للبحث عن المعبد الجنائزي الخاص بالملك تــوت عنخ آمون، لأنه تم العثور على معبدي كل من «حورمحب» و»آي» من قبل.

وأكد فى البيان، أن البعثة عثرت على أكبر مدينة على الإطلاق في مصر والتي أسسها أحد أعظم حكام مصر وهو الملك «أمنحتب الثالث» الملك التاسع من الأسرة الثامنة عشرة، الذي حكم مصر من عام 1391 حتى 1353 ق.م. وقد شاركه ابنه ووريث العرش المستقبلي أمنحتب الرابع «أخناتون» آخر ثماني سنوات من عهده.

وأضاف حــواس أن هــذه المدينة هــي أكبر مســتوطنة إدارية وصناعية في عصــر الإمبراطور­يــة المصرية على الضفــة الغربية للأقصر، حيث عثر فيها علــى منازل يصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ثلاثة أمتار ومقسمة إلى شوارع.

وأضاف: «لقد كشفنا عن جزء من المدينة يمتد غرباً، بينما يعد دير المدينة جزءاً منها.» وحســب البيان، فقد كانت أعمال التنقيب التي تتم في المنطقة من خلال بعثة أثرية مشتركة من مركز الدكتور زاهي حوس لعلوم المصريات، في مكتبة الإســكندر­ية ووزارة الســياحة والاثار المصرية، قد بدأت في المنطقة في أيلول/ ســبتمبر 2020. وفي

غضون أسابيع، بدأت تشكيلات من الطوب اللبن بالظهور في جميع الاتجاهات، وكانت دهشة البعثة كبيرة حينما اكتُشفت أن الموقع هو مدينة كبيرة في حالة جيدة من الحفظ، بجدران شبه مكتملة، وغرف مليئة بأدوات الحياة اليومية، وقد بقيت الطبقات الأثرية على حالها منذ آلاف السنين، وتركها السكان القدماء كما لو كانت بالأمس.

ووفــق البيان، قالــت الدكتورة «بيتســي بريان» أســتاذة علم المصريات في جامعة جون هوبكنز، إن اكتشاف هذه المدينة المفقودة هو ثاني اكتشاف أثري مهم بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.

وأضافت أن «اكتشــاف هــذه المدينة لم يمنحنا فقــط لمحة نادرة عن حياة قدمــاء المصريين في عصــر الإمبراطور­يــة، ولكنه أيضاً سيساعدنا في إلقاء الضوء على أحد أعظم الألغاز في التاريخ ولماذا قرر إخناتون ونفرتيتي الانتقال إلى العمارنة».وتقع منطقة الحفائر بين معبد رمسيس الثالث في مدينة هابو، ومعبد أمنحتب الثالث في ممنون.

وحسب البيان، بدأت البعثة المصرية العمل في هذه المنطقة بحثاً عن معبــد توت عنخ آمون الجنائــزي، وكان الملك «آي» خليفة توت عنخ آمون هو من قــام ببناء معبده على موقع تم تجاوره لاحقاً على جانبه الجنوبي بمعبد رمسيس الثالث في مدينة هابو.

وكان الهــدف الأول للبعثة هو تحديد تاريخ هذه المدينة، حيث تم العثور على نقوش هيروغليفية على أغطيــة خزفية لأواني النبيذ، وتخبرنا المراجع التاريخيــ­ة أن المدينة كانت تتألف من ثلاثة قصور ملكية للملك أمنحتب الثالث، بالإضافة إلى المركز الإداري والصناعي للإمبراطور­ية.وأكــد عدد كبير من الاكتشــاف­ات الأثرية على تاريخ المدينة مثل الخــواتم والجعارين والأواني الفخارية الملونة والطوب اللبن الذي يحمل أختام خرطوش الملك أمنحتب الثالث، وبعد سبعة أشــهر فقط من التنقيب، تم الكشــف عن عدة مناطق أو أحياء بتلك المدينة.

وعثرت البعثة في الجــزء الجنوبي على المخبــز ومنطقة الطهي وأماكن إعداد الطعام كاملة مع الأفــران وأواني التخزين الفخارية، والذي كان يخدم عدداً كبيراً من العمال والموظفين.

ووفقاً للبيان، تم اكتشــاف عدد كبير مــن قوالب الصب الخاصة بإنتــاج التمائم والعناصر الزخرفية الدقيقــة، وهذا دليل آخر على النشاط الواسع في المدينة لإنتاج زخارف كل من المعابد والمقابر.

وعثــرت البعثة في جميع أنحاء مناطــق الحفائر على العديد من الأدوات المستخدمة في النشاط الصناعي مثل أعمال الغزل والنسيج، كما تم اكتشــاف ركام المعادن والزجاج، لكن المنطقة الرئيســية لمثل هذا النشــاط لم يتم اكتشــافها بعد. كما تم العثور على دفنتين غير مألوفتين لبقــرة أو ثور داخل إحدى الغرف، ومــازال البحث جارياً لتحديد طبيعة هذه الدفنات والغرض منها. كما تم العثور على دفنة رائعة لشخص ما بذراعيه ممدودتين إلى جانبه، وبقايا حبل ملفوف حول ركبتيه، ويعد موقع ووضع هذا الهيكل العظمي غريباً نوعاً ما، وهناك المزيد من البحث حول هذا الأمر.

كما تم العثور على إناء يحتوي على غالونين من اللحم المجفف أو المسلوق )حوالي 10 كغم( ويحمل نقوشاً قيمة يمكن قراءتها: «السنة 37 لحوم مسلوقة لعيد حب سد الثالث من جزارة حظيرة «خع» التي صنعها الجزار إيوي». وهذه المعلومات القيمة لا تعطي فقط اســمي

شخصين كانا يعيشان ويعملان في المدينة، بل تؤكد أن المدينة كانت نشطة وتحدد زمن مشاركة الملك أمنحتب الثالث مع ابنه أخناتون.

كما عثــرت البعثة أيضاً على نص منقوش علــى طبعة ختم يقرأ: «جم با أتون»؛ أي مقاطعة أتون الســاطع، وهذا اســم معبد قد بناه الملك أخناتون في الكرنك، كما تم الكشــف عن مقبــرة كبيرة لم يتم تحديد مداها بعد.

واكتشــفت البعثــة مجموعة مــن المقابر المنحوتة فــي الصخور بأحجام مختلفة والتي يمكن الوصول إليها من خلال سلالم منحوتة في الصخر، وهناك سمة مشتركة لبناء المقابر في وادي الملوك ووادي النبــاء. ومازال العمل جارياً، وتتوقع البعثة الكشــف عن مقابر لم تمسها يد مليئة بالكنوز.

وتتيح أعمال التنقيب المســتمرة لعلماء الآثار الوصول إلى طبقة النشاط الأصلية للمدينة، حيث تم كشف النقاب عن معلومات ستغير التاريخ وتعطينا نظرة ثاقبة فريدة عن عائلة توت عنخ آمون.

ويقدم اكتشــاف المدينة المفقودة أيضاً فهماً أعمق للحياة اليومية للمصريين القدماء من حيث أسلوب بناء وديكورات المنازل والأدوات التي اســتخدموه­ا وكيفيــة تنظيم العمل، وقد تم الكشــف عن ثلث المنطقة فقط حتى الآن، وستواصل البعثة أعمال التنقيب، بما في ذلك المنطقة التي تم تحديدها على أنها الموقع المحتمل لمعبد توت عنخ آمون الجنائزي.

واختتم حــواس قائلاً:» لدينا الكثير مــن المعلومات حول المقابر والمعابد، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تكشــف أســراراً عن حياة ملوك العصر الذهبي لمصر».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom