«المعمول» و«الفتوش»: غلاء يسرق فرحة اللبنانيين بالفصح ورمضان
■ بيــروت - مــن نعيــم برجــاوي: هــذا العام، ســرقت الأزمــة الاقتصادية فرحــة اللبنانيين، ســواء بعيــد الفصح لدى الطوائف المســيحية، أو بقرب حلول شــهر رمضان لدى الطوائــف الإســامية، حيث خلــت معظم شــوارع البلاد من الزينة، وكادت مظاهر الفرح تختفي بين الناس.
وبخلاف الســنوات الماضيــة، فإن بلدية بيــروت لم تُزيّن شــوارع العاصمة في ظل تقشــف مالي قاسٍ فرضته الأزمة الاقتصاديــة، في حين شــكّل غلاء أســعار الحلويات صدمة لمعظم اللبنانيين.
ومنذ أواخر 2019 تتصاعد فــي لبنان أزمة اقتصادية هي الأســوأ منــذ انتهاء الحــرب الأهليــة، عــام 1990 إذ أدت إلى انهيار مالي غير مســبوق وانخفاض القدرة الشــرائية لمعظم المواطنين.
وعلى مدى 18 شــهرا، تدهورت العملة اللبنانية تدريجيا، حتى وصل سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد في السوق الســوداء )غير الرسمية( منتصف مارس / آذار الماضي، إلى 15 ألف ليرة، قبل أن ينخفض إلى 11500.
وضع صعب جدا
«أبــو هيثــم» وهو لبنانــي في الســتين من عمــره، قال إن «هنــاك فرقا كبيــرا بين ما نعيشــه خلال هذا العــام وما كنا عليه في العام الماضي، كنا نستطيع شراء ما نريده للاحتفال بالأعياد، لكن اليوم اختلف الأمر كليا».
ووصفت «إحسان» سيدة خمسينية، الوضع الاقتصادي بأنه «صعب جدا» مضيفة أن «بعض المواطنين لا يستطيعون تأمــن طعامهم في ظل الغــاء، لا نعلم كيف يمكن أن تمر تلك المحنة».
وكما الســلع الغذائية، زادت أســعار الحلويات هذا العام
نحو 4 مرات مقارنة بالعام الماضي، فمثلا بلغ سعر كيلوغرام الواحــد من حلويات «المعمول» نحو 160 ألف ليرة، بينما كان حوالي 35 ألف ليرة عام 2020.
و«المعمــول» هو من أشــهر الحلويات في لبنــان، وتناوله يعد من العادات والتقاليد لدى الطوائف المسيحية، خلال عيد الفصح )4 و 5 أبريل/ نيســان الجــاري( ويتكون من عجينة حلوة المذاق على شــكل أكواز محشــوة بالفســتق الحلبي أو الجوز أو التمر.
وحسب إحصاءات غير رسمية، يشــكل المسيحيون 30.6 بالمئة من إجمالي عدد ســكان لبنــان، البالغ قرابة 4.2 ملايين داخــل البــاد و1.3 مليــون خارجه، فيما تبلغ نســبة المســلمين 69.4 في المئة، بين سُنة وشيعة.
مواد مستوردة
شــارحا ســبب الارتفــاع الكبيــر فــي أســعار الحلويــات، قــال أحمد الدقســي، مديــر أحــد أشــهر محال الحلويــات فــي بيــروت، إن «معظــم المــواد الأوليــة التــي تدخــل فــي صناعة الحلويات، لا سيما المعمول، مســتوردة من الخارج، وبالتالي فإن الموردين يحتسبون سعرها بالدولار أو وفق ما يعادله بالليرة اللبنانية.»
وتابــع أن «الظروف المعيشــية الصعبة وارتفاع الأســعار انعكــس ســلبا علــى إقبال النــاس علــى الحلويــات أو على الكميــات التي يشــترونها مقارنة بالعام الماضــي، فيما بات بعضهم يعتبر أنها أصبحت من الكماليات.»
واســتدرك: «لكــن، وعلــى الرغــم مــن كل ذلك، فــإن الناس يحاولــون ألا يحرموا أنفســهم من الحلويــات، لا ســيما وأننا فــي زمــن عيــد الفصــح، كمــا قــد شــارف حلول شــهر رمضان )يبدأ في الأسبوع المقبل)».
وكمــا «المعمــول» فــإن «الفتــوش» وهــو الطبــق الفتوش الرئيس على مائدة إفطار المســلمين في لبنان خلال رمضان، زادت أيضــا تكلفــة تحضيــره بنحــو 210 بالمئــة عــن العام الماضي، ما ينذر بحرمان كثير من العائلات من هذا الطبق.
و«الفتــوش» ذو فائدة صحية، وهــو يتألف من 14 مكونا هــي: البنــدورة والحامــض والثــوم والبقدونــس والنعنــع
والبقلــة والفجــل والبصــل والخيار والخــس، بالإضافة إلــى زيــت الزيتــون والسماق والملح والخبز المقلي. وحسب دراســة أعدها «مرصــد الأزمــة» لــدى الجامعة الأمريكية في بيروت، فــإن كلفــة تحضيــر «الفتــوش» لعائلة من 5 أشخاص هذا العام ستكون حوالــي 18,500 ليرة مقارنة بـ6,000 ليرة عام 2020 ونحو 4,500 ليرة في 2019. وأفادت الدراســة بأن «قيمة هذه التكلفة على مدى شهر تســاوي 555 ألف ليــرة، أي ما يوازي 82 فــي المئة من قيمة الحــد الأدنى للأجــور )675 ألف ليرة( مما يعنــي أن أكثرية العائلات في لبنان ســتعاني مــن تأمين الســلع والمكونات الأساسية لموائدها خلال رمضان».
تضاعف عدد المحتاجين
وفي محاولة للتخفيف من حدة المعاناة المعيشــية، وكي لا تتحول إلى أزمة غذائية، تستعد جمعيات أهلية لاستقبال رمضان مــن خلال تحضير وجبــات إفطــار وتوزيعها على المحتاجين، الذين تضاعفت أعدادهم مع تصاعد الأزمة. وحســب تقريــر «لجنــة الأمم المتحــدة الاجتماعيــة والاقتصادية لغربي آســيا» (الإسكوا( ارتفع معدل الفقر في لبنان، خــال 2020، إلى 55 بالمئة مقارنة بـ28 بالمئة في 2019 بينما تزايــد معدل الذين يعانون من الفقر المدقع ثلاثة مرات، )الأناضول(