Al-Quds Al-Arabi

ثلاثة ملفات تشغل الشارع الأردني: نتائج التحقيقات وسيناريو «استجلاب معارضين في الخارج» والخطوة «التالية» مع «جهات خارجية»

- عمان- «القدس العربي» من بسام البدارين:

الهدوء والترقب هو سيد الموقف بالنسبة للشارع الأردني بعد نحو خمســة أيام عصيبة كان محور النقاش فيها المخطط الذي يســتهدف زعزعة الأمن والاســتقر­ار، فــي الوقت الذي قدمت فيه الرســالة التي وجهها الملك عبد الله الثاني لمواطنيه مســاء الأربعاء، مســاهمة فعالة ومنتجة في ترتيب أوراق أو بعض أوراق تداعيات ونتائج هذا المخطط الذي حبس أنفاس الأردنيين منذ عصر السبت الماضي.

حديــث الملك الأردني كان لــه بصمة كبيرة في اتجاه، أولاً تفســير ســبب وجــود جهــات فــي الداخل والخــارج تحــاول زعزعــة الأمن والاســتقر­ار عبر التأشــير المباشــر إلى أن الأردن يدفع ثمــن مواقفه، والتلميح إلى أن تلك المواقــف تحديداً قد يكون لها علاقه بملف مدينة القدس والقضية الفلسطينية.

المســألة الثانيــة، بعض الأوراق بعد حســم ملف الأميــر حمزة في إطار الرعاية الملكية والالتزام بالنهج الهاشــمي القائم على التســامح ومعالجة الشــؤون العائلية والدولية بهــدوء وروية، في الوقت الذي تســتمر في التحقيقات، وســتتخذ الدولة لاحقاً خطــوات وإجراءات معيارها المصالح العامة والأساسية بعد ظهور نتائج التحقيقات.

إلى ذلك، يســتمر بوضوح طرح الأســئلة، خصوصــاً على منصات التواصل. يســأل الأردنيون بشــغف عن ما تم التوصل إليه حتى الآن على الأقل من التحقيقات الأولية.

الســؤال يتكرر عبر منصــات الأردنيين ومنابرهــم الإلكتروني­ة عن مصير رئيس الديوان الملكي الأســبق الدكتور باســم عوض الله، الذي يعتبر الشخصية الأبرز من نحو 18 موقوفاً ومعتقلاً تم إخضاعهم في العملية الأمنية التي أعلنت مساء السبت ضمن سياق مؤامرة على أمن واستقرار الأردن.

لــم تتحدث الحكومــة، ولم تصــدر بيانات لها علاقــة بدور عوض اللــه أو مصيــره الآن، أو كيفيــة إدارة التحقيقات بســرية كاملة. ولم يعد الشارع الأردني يســأل عن ملف الأمير حمزة، فقد تم ترتيبه، كما أوضح الملك شــخصياً في رســالة علنية، لكن الســؤال يتعاظم حول طبيعة تلك الاتجاهات التي قيل رســمياً عدة مرات بأنها خارج الأردن وتخطط لإيذاء الدولة.

السؤال الثالث الأهم قد يكون له علاقه الآن بطبيعة تصرف الدولة الأردنيــة إزاء مــا يســمى بالمعارضــ­ة الخارجيــة بعد اعتقــال العديد

من الشــخصيات المتقاعدة من موظفين ســابقين بتهمــة التواصل مع المعارضــة الخارجيــة، والتي لم يكــن لها إطار جماعــي أو منظم حتى اللحظة في الماضي، كما يعلم الجمهور أو حتى وفقاً للرواية الرسمية حتى الآن.

بعــض الأوســاط القانونيــ­ة تشــير إلــى أن إثبــات تــورط أي من المعارضــن في الخــارج بمحاولة زعزعــة الأمن والاســتقر­ار في إطار قانونــي دقيق ومــدروس يمكن أن يؤدي لاحقاً إلــى خطوات قانونية وسياســية ذات بعــد دولي مع الدول التي تســتضيف وتســمح لهم بالمشــارك­ة بمخططات تآمرية على الأردن، خلافاً لكل قوانين وأعراف اللجوء السياســي، حيث إن بعــض المعارضين في الخــارج يتمتعون باللجوء السياسي في عدة بلدان صديقة للأردن.

الترجيحــا­ت القانونيــ­ة هنــا تشــير إلــى أن إثبــات وقائــع تتعلق بمحاولات للتدخل من قبل أشخاص في المعارضة الخارجية، يحملون صفة اللجوء السياســي، يمكن أن تؤدي لاحقاً في إطار قانوني منظم وعميــق إلى تقــديم طلبــات لمحاكمة أو اســتلام واســتجلاب هؤلاء الأشــخاص، وتحميلهم مســؤولية الجرائم التي ترتكــب أو يتآمرون بارتكابها داخل الأردن. ويبدو أن الســلطات الأردنية لا تريد الخوض كثيراً في هذا الملف تحديداً، وبكيفية التصرف، وإن كان من الأهداف المتوقعة بعد انتهاء نتائج التحقيقات.

التأشــير على أن بعض المعارضين من الذيــن يحملون صفة اللجوء السياســي يخالفون فــي الواقع القانونــي اليوم عبر دعــم مؤامرات داخــل الأردن متطلبــات وشــروطاً وأعرافــاً دولية لهــا علاقه بصفه اللاجــئ السياســي، مما قــد يمكــن الســلطات الأردنية مــن المطالبة باســتدعاء بعض هؤلاء أو إخضاعهم للتحقيق ضمن صيغة قانونية متفق عليها وفقاً للعلاقات الدبلوماسي­ة والقانونية بين الدول.

تنتهــي عموماً أزمة اعتقالات الســبت الماضي فــي الأردن في إطار جهد عميــق يفصل بين الأوراق ويتجنب خلطهــا ويؤطر لعملية أمنية انتهــت تحقيقاتها تحت ظل القانون، وســتقود إلى محاكمات لاحقاً. أما نتائجها فسيتم الفصل فيها واتخاذ إجراءات على أساس معادلة مصالــح الدولة والمجتمع فــي الأردن، وفقاً لما صرح بــه الملك عبد الله الثاني شخصياً.

على المستوى الشــعبي اختفت الكثير من مظاهر التشنج والتوتر، وحيــاة الأردنيين تعود إلى طبيعتها، وهــي هادئة تماماً ولا يوجد أي شــكل من أشــكال الأنماط الأمنيــة المبالغ بهــا في الشــارع الأردني، وإن كانت عملية التحقيق تســتمر في إطار من الكتمان والســرية كما يقتضي القانون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom