Al-Quds Al-Arabi

اختارت الشر

-

خذلنا الجميع

قال الدكتورأحم­د السيد الصاوي في "المشهد"، إنه ليس ضد العمل العســكري ولكن يراه خيارا أخيرا، إذا ما وضع ظهرنا لحائط الرغبة الشــريرة في جعل مصر رهينة لســد ظاهر الهدف من بنائه توليد الكهرباء ومكنونه هو التحكم في تدفق مياه النيل. عدة أطراف سعت علانية حينا وخفية أحيانا للإبقاء على الحلم الحبشي حيا، ولاسيما منذ الدور المصري الحاســم في معركة التحرر الوطنــي داخل القارة السمراء، كانت هناك الولايات المتحدة الأمريكية ومازالت، كان هناك الكيان الصهيوني ومــازال، كانت هناك إيطاليا، وإن على استحياء، وهؤلاء جميعا يمثلون حلف الأطلسي، ويســتقطبو­ن خبراء من كل جنسياته في هندسة الري، ثم لحق بهــؤلاء تركيا وقطر ورأســمالي­ون عرب يبحثون عن فرص للاســتثما­ر الزراعي، في بلد واســع الأرجاء، ووافر الموارد المائيــة، أصبح لدينا مزيج من أنصار "بناء الســد" مع اختلاف الأهداف، ما بين استراتيجية، تستهدف حصار مصر وإفقارهــا، وهذا أمر ليس بحاجة لشــرح أو براهين، وأهداف ربح أنانيــة لا تدرك العواقب الكارثية على بلد، إن قدر الإله مماته فلن ترى الشرق يرفع الرأس بعده. ما الذي يثير الريبة؟ إن بعض الأطــراف الضالعة تاريخيا في بناء سد النهضة "صامتة" صمت القبور، طوال فترات المفاوضات، وحتى عندما لوحت مصر بأنها قد تضطر للتدخل عســكريا لحمل إثيوبيا على عدم التصرف بشــكل فردي للتحكم بنهر دولي. واشــنطن صامتة ولم تبد أي تحــرك إيجابي تجاه دعوة السودان بأن تكون ضمن الوساطة الرباعية الاتحاد الأوروبي، "أكلت القطة لســانه الذرب". تــل أبيب كأنها لا تسمع ولا ترى، بل إنها زودت إثيوبيا بمنظومة دفاع جوي لحماية الســد من أي هجوم لتدميره )2019(. الأمم المتحدة "ودن من طين وأخرى من عجين".

سيناريو حرب الكويت

مضى الدكتور أحمد الســيد الصاوي، محــذراً من عواقب الصمت الدولي علــى الجريمة الإثيوبية، هــؤلاء جميعا في صمتهم ما يريب وكأنهم يشــجعون إثيوبيا على المضي قدما في اســتفزاز دول المصب وكأنهم ينتظرون أن نقدم على عمل عســكري، حتى يتدخلوا. لو نشبت حرب من هذا النوع فإنها لــن تنتهي في وقت قصيــر، ولن تكون محدودة الخســائر، بالنســبة لكل أطرافها، فالإنفاق العســكري ســيبتلع موارد هائلة لبلدان هي مدينة جميعا للصنــدوق والبنك الدوليين. هناك مخاطر لا يمكــن إغفالها مثل ردة فعل الاتحاد الافريقي، الذي تهيمــن عليــه ردة فعــل عنصرية "زنجية/ســوداء" ضــد هيمنة "البيــض" وقد جــرى توجيه هــذه "العنصرية الاضطهادية" تجاه العرب الأفارقة، باعتبارهم وفقا لدعايات البيض الأوروبيــ­ن تجار رقيق اســتعبدوا الأفارقة. وهناك معضلات جانبية مثل موقف إريتريا التي يتحســس أفورقي من أن تغلب عليهــا هويتها العربية، وكذلــك جنوب افريقيا التي تتطلع لزعامة افريقيا وترافقها عقدة الزنوجة رغما عما بذلته مصر تاريخيا لتحريرها مــن براثن الحكم العنصري. هل ســنكون إزاء تدخل يحاكي ما جرى عندما دخلت العراق للكويــت؟ هل ســنعود لســيناريو قريب من عــدوان 1956 الذي نشــب فيه قتال على أرض ســيناء فتدخلت بريطانيا وفرنسا، بزعم الفصل بين المتحاربين، ولتأمين الملاحة في قناة السويس؟ إذا كانت كل هذه التخوفات والحسابات تدور في ذهن المراقب السياســي، ففوقها مئات من الأســئلة وملايين من المعلومات التفصيلية، وقوائم لا نهاية لها من الحســابات تدور في ذهن الدولة المصرية، بما فيها حسابات القوة الذاتية وتحركات وأهداف الصامتين المريبين.

يستخفون بنا

نبقى مع النازلــة التي حلت بالمصريــن إذ أكد الدكتور عمرو هاشــم ربيع في "الشــروق"، أن أي شعب بوسعه أن يتحمل لوقــت احتلال جزء من أراضيــه، أو حتى حصاره غذائيا، لكنــه لا يقوى على نقص المياه إلا بثورة عطشــى تجــاه كل من يحتجز المياه. وفي دولة كمصر مناخها شــبة صحراوي وتنضــب فيه مــوارد المياه، يصبــح النيل هو شريان حياة، ومن ثم فإن العبث به، كأن يقال إن الاتفاقات الموقعة استعمارية، أو يجب العدول عنها، أو أن بلدان المنبع حرة في أن تفعل ما تريد لأن المياه تســقط في أراضيها، كل تلــك الذرائع لم تعد مقبولة وفق القانــون الدولي. إثيوبيا المكابــرة تريد أن تتحكم في مصيــر ملايين المصريين، وهي التي يســقط على أراضيها بســبب الأمطار نحو 936 مليار م3 ســنويا، بينمــا مصر بلد فقيــر للغاية مــن حيث مياه الأمطار. وحجز المياه على الحدود الإثيوبية السودانية لن يفيد البلاد في الزراعة، أو حتى مياه الشــرب؛ لأن السكان يعيشــون على 4600 م فوق ســطح البحر، في حين أن سد النهضة يقع على مســتوى 600 م فوق ســطح البحر فقط، وهو خارج نطاق التجمع الســكني الأكبــر في البلاد، الذي يبعد مئــات الكيلومترا­ت عــن موقع الســد. وحدها تبدو الكهرباء هي الهدف من بناء الســد. وحتــى الكهرباء التي ســوف تنتج من الســد كأقصى إنتاج هي 5000 ميغاوات، فلن تحتاجها إثيوبيا، إلا لغرض التصدير عبر تعاقدات تفي بتكلفة النقل؛ إذ أن تكلفة النقل إلى الداخل الإثيوبي مرتفعة وتقدر بنحو 3 مليارات دولار، حسب المسؤولين الإثيوبيين أنفســهم، ولربما تحتاج لإقامة 6 ســدود أخرى كي تكتفي البلاد من الكهرباء سهلة النقل.

كل الخيارات مفتوحة حســب رأي عبد القادر شــهيب في "الأخبــار": إذا نقصــت مياه النيــل نقطة واحــدة.. هذا هو التحذيــر الجديد الــذي وجهه الرئيس السيســي لإثيوبيا، حتى لا تخطئ في الحســاب وهي تتعامل معنا في أزمة ســد النهضة، وحتى لا تمضي في تعنتها الذي أفشــل كل محاولات مصر والسودان على مدى سنوات للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بخصوص ملء وتشغيل الســد، بما يضمن عدم إلحاق أذى وضرر بِنَا نحن والســودان­يين، منبها الإثيوبيين إلى أن التعاون معا أفضل لهم من الصراع، الذي ستكون له تداعياته الخطيرة على اســتقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين، كما قال الرئيس السيســي مــن قبل. لقد اخترنا منــذ وقت مبكّر التعاون مع إثيوبيا حول نهر النيل الذي لم يهبه الله لإثيوبيا وحدها، كما يقول آبي أحمد رئيــس الوزراء الإثيوبي، وإنما وهبه لكل دول حوضه ومن بينها مصر دولة المصب.. وسعينا إلى توثيق هذا التعاون في اتفاق ينظم تشــغيل الســد بما لا يضر، بِمَا يفيد إثيوبيا ولا يضر بنا نحن والســودان­يين.. لكن إثيوبيا ظلت تراوغ لكي تستهلك الوقت بحيل تفاوضية حتى تمضي في اســتكمال بناء الســد، لأنها أرادت أن تفرض الأمر الواقــع لرغبتها التي أفصحت عنها مؤخــرا مع اقتراب موعد الملء الثاني، وهي التحكم فــي مياه النيل الأزرق، لأنها تنظر إليه بوصفه بحيرة خاصة ملكا لها، وليس نهرا دوليا لجميع من يتشــاركون فيه حقوقا يقرها القانــون الدولي، لا يمكن لدولة المنبع أن تناقضها، كان هذا هو خيارنا لأننا نعي وندرك خطــورة خيار الصراع، الذي يخلف آثــارا تمتد المعاناة منها ســنوات طويلة، بل إننا لم ننفض يدنا حتى من هذا الخيار، رغم التعنــت الإثيوبي المثير للاســتفزا­ز خــال مفاوضات كينشاسا، ورغبة رئيس الكونغو رئيس الاتحاد الافريقى في إنقاذ الفرصة الأخيرة، من الفشل.

حافة الهاوية

اليوم والكلام مــا زال للدكتور عمرو هاشــم ربيع وفي مجتمع متطور ونامٍ مثل مصر، لم تعــد الرقعة الزراعية أو الكتلة السكانية كما كانت في الماضي. بعبارة أخرى، زادت الرقعة الزراعية فأصبحت حســب تقديرات وزارة الزراعة 9.4 مليون فدان، وأصبح التركز الســكاني قابلا للتشــتت بســرعة كبيرة، وبعيدا عن الوادي والدلتــا، فبدلا من أن يكون 95 % من السكان يقطنون هذا الوادي الضيق كما كان في السابق، أصبحت تلك النسبة تتناقص لصالح الانتشار المكاني، بفعل الزيادة السكانية، والتوسع العمراني الناتج عنها، ما يشي بوجود 25% تقريبا يعيشون خارج الوادي والدلتا. هناك مشروعات كثيرة لتحلية مياه البحر، وإعادة الاستخدام لمياه الصرف الصحي والزراعي واستغلال مياه الأمطار والميــاه الجوفية، وكلها لن تغني عن نهر النيل على الإطلاق، فحصة مصر من النيل 55.5 مليار م3 ســنويا، أي إنه يشــكل نحو 94% من جملة الموارد المائية العذبة، وأن الزراعة تســتهلك النســبة الأكبر من الموارد المائية المتاحة بمعدل 76.82%. وبمقارنة الرقــم 59.25 مليارم3 الخاص بحجــم المــوارد المائية العذبــة، وبالرقــم 80.25 مليار م3 والخاص بالاســتخد­امات حســب إحصاءات وزارة الرى عام 2018، يتبين أن الفجــوة المائية في مصر تقدر بنحو 21 مليار م3، أي ما يقرب من نصف مــا يرد لمصر من النيل. كل يوم يدق ناقوس الخطر، وإثيوبيــا لا تبالي بالتحذيرات، التي ســتهدد اســتقرار المنطقة لــو نقصت الميــاه، وردت مصر العدوان عليها بضرب الســد كله أو بعضه دفاعًا عن النفس، وذودا لحقوقها، التي هي أصلا لم تعد تكفي شعبها. الرهان الإثيوبي على طول صبر مصر خاســر لا محالة، فهل ستتراجع قبل أن تصل الأمور لحافة الهاوية؟

أباطيل حبشية

تزعم إثيوبيــا التي لا يثــق الدكتور عمار علي حســن فــي حكامها، أنها ستخســر مليار دولار حــال تأجيل الملء الثانــي، بدون أن تدري أنها إن ذهبــت إليه عنوة، وفرضا لأمر واقع، فقد تخســر كل ما دفعته في السد، بل تفتح بابا، على مدار كل الســنين المقبلة، إلى ضرب كل سد تبنيه وهو في مهده. أكد الكاتب في "المصري اليوم"، أن النيل بالنسبة لمصر والســودان وجود وحيــاة، والتضحية مــن أجله لا حدود لها. إن وصف وزير خارجيتنا مفاوضات كينشاســا بأنها «الفرصة الأخيــرة» حول الســد الإثيوبي، يجب أن يكــون كلاما باتّا جازمــا قاطعا، فإطالة أمــد التفاوض بلا جدوى تعني تمكين أديس أبابا مــن تحقيق أهدافها، فمصر والســودان أعطيا إثيوبيا كل فرص الحل الســلمي، الذي يُجنِّب المنطقة كلها الخطر، لكن يبــدو أنها تريده. لقد عدنا من جديد نسمع في الأيام الأخيرة عبارة «التفاوض لتحديد طريقة المفاوضــا­ت»، بينمــا إثيوبيا تبني الســد، وتؤكد تشغيله في أغســطس/آب بعد ملئه، وذهبت إلى كينشاسا لكسب مزيد من الوقت حتى تصل إلى هدفها. التفاوض ليس غاية في حد ذاته، والانسحاب النهائى منه وارد، ووقتها لن يكون أمام مصر والسودان سوى الخيار الأخير. إن التعنت الإثيوبي بعرقلة المفاوضات، وكسب الوقت والتلويح ببيع المياه واعتزام البــدء في الملء الثانــي، يؤكد بوضوح أنه حتى لو اتسمت أديس أبابا بمرونة الآن، ونزلت إلى ما تريد مصر والسودان، وهو قانوني ومنطقي، فليس هناك ما يمنع الإثيوبيين مســتقبلًا، وبعد الملء الكامل، من اتخاذ ما يضر، بل ما يُهلك الحرث والنسل.

أعداء بعد محبة

أكد فاروق جويدة في "الأهــرام"، أن أمريكا ما كانت تفكر في سحب قواتها من الخليج، لولا أنها تركت خلفها قوة إســرائيلي­ة قــادرة على القيام بدورهــا.. وهنا لا يمكن أن نتجاهل أن الدور الإســرائي­لي لن يرث الدور الأمريكي وحده، ولكنه ســوف يزاحــم أدوارا أخرى، في مقدمتها الــدور المصري.. وقد ظهرت بوادر ذلك كله في قناة بن غوريون بديلة لقناة الســويس، والتعاون مع إثيوبيا فــي بناء وحماية ســد النهضــة. إن قناة الســويس وضعت العالم كله أمام واقــع جديد، حين توقفت التجــارة العالمية أمام ســفينة جنحت.. مصر تحيطها أزمات كثيــرة وعداوات أكثر، وهناك أطراف لا تريد لمصر الأمن والاســتقر­ار.. كما أن جيش مصر يُقلق كثيرا من القوى الإقليمية والدولية، والشــيء الغريب أن العالم يعرف المخاطر التي ســتلحق بمصر من ســد النهضة، ومــا زال البعض يســاند إثيوبيا في مواقفها المتشــددة.. أمريكا مازالت مترددة في دعم موقف مصر والسودان في قضية ســد النهضة، وهي قادرة على أن تمارس ضغوطا أكبر وأعنف على شــطط وجنون آبي أحمد.. كما أن موقف دولة مثل الصين يتسم بالغموض وعدم الشــفافية، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي، يخشى من صحوة مصر وقوة جيشــها.. وحتى بعض الأشقاء تغيرت مواقفهم، وبدأ كل طــرف يرتب أوراقه ويبحث عن مصالحه. وانتهى الكاتــب إلى أننا نعيش في عالم تخلى عن كل ثوابــت الأخلاق في الســلوك والمواقف والمشــاعر، وأن الشــعوب لا بد أن تحافــظ على كل ما يحمي ترابها ووجودها ومصالحها.

الجيش يستطيع

وشدد فاروق جويدة على أنه ليست هناك صداقات أبدية، وليســت هناك عداوات بلا نهاية وفي السياسة لا مكان لأخلاق أو ضمائر أو مشــاعر، وأن المصالح هي التي تحدد المســارات والأهــداف والمواقف، وأن علينا أن نجعل مصالحنا تســبق كل شيء.. وأن ما كان يقال عن الإخوة والثوابت أشــياء انتهى زمانها، وأن أعداء الأمس صاروا أحبابــا، وأحباب الأمــس فرقت بينهم الأهواء والمصالح.. هناك خوف دائم لدى أطراف دولية كثيرة من صحوة مصر بحكم التاريخ والموقع والبشــر والمكانة.. ولكن الشــيء المؤكد أن مصــر مؤهلة لدور ومســؤوليا­ت تتناسب مع مكانتها وشــعبها.. الشعب المصري لابد أن يدرك ما يواجهه من التحديات، جنوبا في مصــدر حياته وشــمالا في مصدر رخائــه، وغربا في أمنه واســتقرار­ه، وشــرقا حيــث دروس التاريخ مازالت شــاهدة على تراب ســيناء.. إن العالم حولنا يتغير ويشــهد انقســامات حادة، والجميع يبحث عن مصالحه، ومصر لا تصلح أبــداً لأن تكون تابعا لأحد.. إنها دائما تقود، وهي بحكم التاريخ والموقع والدور، لا بد أن تحافظ على تفردها.. إنها قطعة ربانية لا مثيل لها والعالم كله يعرف ذلك، ولهذا تتجه الأنظار إليها، وهي لا يمكن أن تكون خارج السياق.. ولا بد أن تحفظ دورها الذي عاشت عليه تاريخاً وحضارة.

شهر الرحمة

أيام قليلة تفصلنا عن رمضــان، الذي تذكره محمود عبد الراضي في "اليوم الســابع": "شهر المحبة والمغفرة والرحمة والخير، حيث تتلهف القلوب شــوقًا لبشــائر هذا الشــهر الكريم، لتصفو النفــوس، وتتعلق بربها، وتســود أجواء المحبة والخير، وتملأ شوارعنا مشاهد البهجــة والفرحــة. رمضــان فرصة عظيمة لمحاســبة الأنفس، وإصلاح ما أفسدناه في الأشهر الماضية، فرصة كبيرة لصلة الرحــم والتواصل والتراحم، فرصة لجمع القريب والبعيد، والقــرب للمولى عز وجل. عظموا هذا الشــهر بالعبادة، والتقــرب إلى الله، وقــراءة القرآن الكريم والصلاة، وأقضــوا أوقاتكم في العمل والطاعة، وكونوا ســببا في رسم البســمة على الوجوه، انشروا الخير والمحبة، ومدوا أياديكم للمحتاجين، اغنوهم عن الســؤال في هذا الشــهر الكريم، كونوا ســببا لسعادة أســرة بســيطة، ودعوا يومكــم بالرضا والســعادة والســام الداخلــي. أعطوا ظهوركم لهــؤلاء المحبطين الذين ينشرون أجواء الإحباط بين الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي، لا تلتفوا لمن يكتب: "مش حاسس رمضان الســنة دي" "رمضان مالهش طعــم"، وهكذا.. هــؤلاء المحبطون دأبوا على تصدير الطاقات الســلبية لغيرهم، فلا تمنحوهم الفرصة لتعكير صفوكم بفرحتكم بهذا الشهر الكريم، انشــغلوا عنهم بالدخول في أجواء رمضــان الروحانيــ­ة، وعظموا شــعائر هذا الشــهر الكريم. زينوا منازلكم وشــوارعكم، واسعدوا صغاركم بالفوانيس، واجعلوا أجواء هذا الشــهر مختلفة، حتى تخالط السعادة شغاف القلوب، وترفرف أجواء المحبة في منازلنا. احرصوا على صلاة التراويح في المساجد، مــع الالتــزام بالإجــراء­ات الاحترازية، واســتمتعو­ا بالدروس الدينية التي تذاع علــى إذاعة القرآن الكريم وبعض الفضائيــا­ت، واجعلوا تراتيــل القرآن الكريم تصدح فــي المنــازل، ولا تحرمــوا آذانكــم من صوت النقشبندي مع نسمات كل فجر جديد".

لا تنسوا لبنان

لا تغيب مأساة اللبنانيين عن ذهن الدكتور محمود خليل في "الوطــن": "الاحتجاجات لا تتوقف من جانب اللبنانيين على تــردي الأوضاع المعيشــية. عــراكات المواطنين هناك تتم لأتفه الأســباب، فهنا خناقة على «كيس ســكر» وهناك معركــة على رغيف الخبــز. لم يعد للمدخــرات هناك قيمة تذكر، بعد أن أصبــح الدولار يعــادل آلاف الليرات، وليت المواطن يستطيع الحصول على مدخراته أو راتبه بسهولة، في ظل الشــح النقدي داخل البلاد. العملة الصعبة خرجت من لبنان ولــم تعد، وتركــت وراءها حالة غير مســبوقة مــن التضخم والغــاء، الذي ينوء به ظهــر المواطن. يفكر اللبنانيون باستمرار في الاحتجاج من أجل دفع المسؤولين إلى الدخول في مواجهة مع الأســباب الحقيقية للمشكلات التــي يعاني منها لبنان، خصوصاً على مســتوى الاقتصاد والمعايش، فالمســؤول­ون يعلمون أكثر مــن غيرهم الطريقة التي خرجــت بها الأمــوال من لبنــان، ليترك أهلــه نهباً للضغوط المعيشــية. المســؤولو­ن يعلمون أيضاً كيف نخر الفســاد في أعمدة الدولة، حتى كاد بناؤها ينهار. المواطن ليس أمامه ســوى الاحتجاج.. فماذا يفعل الناس أمام شح السلع والغلاء وانهيار سعر العملة المحلية؟ من جانبها ترى الحكومــة اللبنانية أن الاحتجاجــ­ات تعمق من الجراحات الاقتصاديـ­ـة التي يعانيهــا لبنان، وتلمح إلــى أن خروج الناس واحتشادهم في الشــوارع وقطع الطرق، وغير ذلك من أشكال للتعبير عن الغضب، تضيف مشكلات جديدة إلى ما هو قائم. لكن لو نظر المســؤولو­ن اللبنانيون نظرة أكثر موضوعية إلى الأحوال فســوف يجدون أنفسهم عاجزين عن كبح جماح الانهيار في العملة المحلية «الليرة»، مع عجز مقابل عن حماية الاحتياطــ­ي الدولاري اللبناني، الذي يتم استهلاكه في شراء السلع الأساسية التي يحتاجها الناس، طبقاً للســعر الرســمي للصرف )1500 ليرة(. الفارق طبعاً كبير بين الســعر الرســمي للورقة الخضراء )1500 ليرة( والسعر الذي تباع به في السوق السوداء بما يقرب من )12 ألف ليرة(.

مسؤولية الجميع

لا جدال والــكلام لعلي هاشــم في "فيتــو"، أن الإعلام لا تقــل مهمته أهمية عــن غيره من مؤسســات الدولة؛ في مواجهة الإهمال والفســاد والتجــاوز­ات، فعليه يقع عبء صناعة الوعــي ومســاعدة الدولة في تبنــي الأولويات، وكشف المفســدين والمهملين. كما ينبغي إطلاق يد الأجهزة الرقابية وبالأخص الجهاز المركزي للمحاســبا­ت المنوط به متابعة الشــؤون المالية في الجهــات الحكومية وتصويب أخطائها، فور اكتشــافها، بدون إبطاء حتى لا يفلت المجرم بما اقترفت يداه. ومن الفســاد أيضا اتخــاذ قرار صحيح، لكن في غير وقته؛ أو الإبطاء في اتخاذه، وهنا يجب الوقف الفوري لأي قــرارات خاطئة يتخذها أي مســؤول تحقيقاً لمبدأ الرقابة الســابقة لا اللاحقــة. الاعتراف بقصور بعض التشــريعا­ت يبدو ضرورياً عند الشــروع في أي إصلاح؛ فمثل هذه الثغرات اتخذها البعض مطية للإفســاد وخدمة لمصالحه، كما صارت المجاملات فساداً أكبر حذر منه الرئيس السيسي نفسه ودعا لتجنبها.. ولا سبيل في رأيي للخلاص منها، إلا بمزيد من الإجــراءا­ت الحمائية التي تضمن وضع الرجل المناسب في المكان المناســب الذي يستحقه. المعركة مع الفســاد والإهمال من أوجب واجبات الوقت، ولا سبيل لكسبها إلا بنسف غابة التشــريعا­ت التي تسمح بالفساد، وتفتح الأبواب أمامه واســعة؛ ومن ثم يأتي البرلمان كرأس حربة في تلك الحرب، التــي باتت الأجواء مهيأة الآن تماماً أكثر من أي وقت مضي لاجتثاث الفســاد من جذوره، بفضل ما نراه من إرادة سياســية جادة وراغبة فــي مواجهة أي قصور أو فســاد أو تقاعس للوقاية من آثامه باهظة الكلفة، التي لا تتحملهــا الأجيال الحاضرة وحســب، بل الأجيال القادمة أيضاً، وهي كلفة ترهق الموازنة العامة، وترفع تكلفة الخدمات على المواطــن؛ الأمر الذي يزيــد معاناته ويترك آثاراً سلبية في نفســه، ويعمق إحساسه بالظلم ويقلل من دوافعه ورغبته في الإنجاز وأداء الواجبات، ويوسع نطاق الجريمة، ويهدد بانهيار منظومة الأخلاق.

ربما يرفض

نتوجــه نحو الهند بصحبة عــاء عريبي في "الوفد": "البرلمان الهنــدي، وأغلبه من طائفة الســيخ، اتخذ منذ فترة قراراً على قدر كبير مــن الأهمية، هذا القرار أنصف المرأة المســلمة بشكل كبير، ورفع عنها ظلماً بينا كان يشل حياتها، البرلمان منع الرجل الهندي المســلم من التطليق الشفوي، وألزمه بالتطليق الورقي، وحذّر البرلمان الرجل مــن التطليق بالثلاثة، أي أن يقول لهــا: أنت طالق ثلاث مــرات، وأقر عقوبــة الحبس لمن يطلق زوجته شــفوياً. الرجل المســلم فــي الهند، مثل ســائر البلــدان العربية والإســامي­ة، كان يطلق زوجته شفوياً، يلقي عليها يمين الطلاق ويرحل أو ترحل هي، ولم تكن الحكومة تســجل حالات الطلاق، وبعد فترة اكتشــفت الحكومة الهندية أن الطلاق الشفوي، يسبب مشــاكل كبيرة للمرأة، يجعلها مثل البيــت الوقف، لا هي حرة ولا هــي متزوجة، وتظل معلقة لأن الأستاذ شفوي لم يذهب للمأذون. هذه المشكلة تعاني منها المرأة المســلمة في جميع بلدان العالم، بعض الأزواج يرمون يمين الطلاق شــفوياً ويرحلون، وبسبب

شــدة الخلافات بينهمــا، لا يذهب الرجل إلى تســجيل الطلاق، وتظــل المرأة معلقــة، وقد يتلاعــب بردها قبل انتهــاء العدة، وللخروج من هذه الأزمــة تلجأ المرأة إلى القضاء أو لمســاومة الرجل أو إلى الخلع. حالات الطلاق ليســت قليلة، وأصبحت تمثل عبئاً على المحاكم، طوابير من النســاء تنتظر القرار: الخــاص، والنفقة، وغيرها. البعض اقترح تشريع قانون يلزم الرجل بتطليق زوجته كتابياً خلال أسبوع من إلقاء يمين الطلاق، خلال الأسبوع تستقبل لجنة في دار الإفتاء لحالات الشفوي للمراجعة، تستمع، وتناقش، وتراجع، وتمنح الزوجين فرصة حتى نهاية العدة، عندما تتأكد استحالة التوفيق بينهما يوقع الرجل علــى وثيقة طلاق يلتــزم فيها قانوناً: بتســديد نفقة للأولاد شــهرية، ومصروفات المدارس والجامعات، والكســوة، والعلاج لا قدر الله، وتلزم المرأة خلال فترة الحضانــة بتوفير مناخ هــادئ لرؤية الرجــل لأولاده، وإمكانية انتقالهم إلى منزله وقضاء نهاية الأسبوع معه".

شهيد أم خائن؟

واصل عمــرو الليثي البحث في قضيــة مقتل الدكتور أشرف مروان.. في "المصري اليوم"، حيث استكمل شهادة الســيدة منى عبدالناصر زوجة الراحل أشــرف مروان، التي قالت له: «نعم، أعتقد أنه دفع حياته ثمنًا للمذكرات التــي كتبها، وهذه المذكــرات كان يقرؤها لــي، ولم تكن تلك المذكرات للحكي، وإنما كانت عبارة عن دراســة.. هو يأتي بالوثائــق من هنا ومن هناك، وكان يعيش اللحظة، ويذهب ليبحث عن الشــيء الذي يكذبها، أو يؤكدها، أي أنها توثيــق، وكان معه فريق يعمل على ذلك. ولم يقل لي ما إذا كان فيها دوره مع المخابرات المصرية ضد المخابرات الإســرائي­لية.. كان كتومــا، فالآن في عصر التجســس والتكنولوج­يا، لو عندك شــيء تريد عملــه بمفردك إذا أردت أن تفعله فــا تحلم، لأنه يمكــن أن يفتضح أمرك. وأعتقد أنه تمت تصفيته من أجل المذكرات والانتقام منه، ولكن الأســاس انتقام لأن الذي فعله لم يكن سهلًا عليهم تقبله، فقــد نفذ الأوامــر التي قيلت له بشــدة وبمنتهى الكفاءة: افعل هــذا.. حاضر.. نفذ هذا حاضر..». وتنتهي هنا شــهادة السيدة منى عبدالناصر.. ومما لا شك فيه أن شهادة الســيدة منى عبدالناصر كانت من أهم الشهادات في قضية مقتل دكتور أشــرف مروان. هذه القضية التي حاورت فيها الجميع، وســألت مئات الأسئلة، ويكفي ما حدث وما نشرته صحيفة الـTimes"" البريطانية، التي أكدت أن ما جاء في تحقيقي عن وفاة دكتور أشرف مروان أســهم في تغيير مجرى التحقيقات من واقعة انتحار إلى جنايــة قتل، وكذلك تم نقــل القضية من شــرطة west ministerفـ­ـي «اســكوتلان­ديارد» إلــى إدارة الجرائم المخصصة في فيلادلفيا، ويبقى السؤال مطروحًا من قتل أشــرف مروان.. وتبقى الإجابة حائرة.. وتبقى الحكاية مســتمرة، ويبقى الفصل الأخير، بدون أن يُسدل الستار عليه لحين إشعار آخر.. ربما يكون من خلال حكم تاريخي إذا استطاعت السلطات الإنكليزية الحصول على ما يثبت الجريمة.. وربمــا تكون الكلمة الأخيرة فــي الحكاية من خلال معلومات جديدة من الأجهــزة الأمنية في أي دولة تزيح الســتار عن الأسرار وتكشف المســتور في حكاية أشــرف مروان، الذي أتصور أنه رغم كل ثقافته وخبرته الاســتخبا­راتية، ما كان يتمنى أبدا أن تكون نهايته بتلك الطريقة المفزعة، وإن كنت أعتقد أنه توقع ذلك.

لا يخشى الفقر

تقدم أحمد مهران المحامي ببلاغ للنائب العام، ضد الفنان محمد رمضان، يتهمــه بالتعليق على أحــكام القضاء بعد صدور حكــم يتضمن تغريم محمد رمضــان لصالح الطيار المصــري. وجاء في البــاغ، "لما كانت المبادئ الدســتوري­ة توجب على الــكل احترام أحكام القضاء، وكانت الســلطة القضائية هي إحدى السلطات الثلاث داخل الدولة المصرية، وكان المشرّع المصري قد حدد صور الطعن، أو التعليق على أحــكام القضاء في القوانين المصريــة.. والأمر الذي يوجب على الأفراد طريقة معينة وفق آليات قانونية محددة صور الطعــن أو التعليق على أحكام القضــاء، وأنه لا مناص من اللجوء للقضاء المصــري، لرفض حكم قضائــي أو الطعن عليه " اســتئناف، نقض" بطلب وقف تنفيذه أو إلغائه. "لما كان ذلــك وكان الممثل المصري المدعو محمد رمضان قد خرج علينا معقبا على حكم قضائي صادر من المحكمة الاقتصادية بأحقية المدعي طيار مصري ســابق والمتضرر من تصرفات المدعى عليه، التي شــكلت ضررا جســيما فــي حق المدعي اســتوجب معه حق الطيار المدعي فــي التعويض بمبلغ 6 ملايين\ جنيه، إلا أن المدعى عليه والمشــكو في حقه في هذا البلاغ خرج معقبًا على حكم القضاء بالاســتهز­اء والإهانة، وتعمد تصدير صورة للــرأي العام أنه فوق أحكام القضاء، وأن أحكام القضاء لا يعيرها اهتماما، ولا تشكل بالنسبة له الردع الكافي عن تصرفاته غير المســؤولة. وأضاف، حيث ظهر في مشــهد تصويري داخل حمام السباحة، وهو يلقي بالأموال في الهواء وداخل المــاء معبرا عن رده على الحكم القضائي، ومعلنا تحديــا صارخا لأحكام القضاء والقانون المصري، ومن ثم نرفع الأمر لسيادتكم بضرورة فتح تحقيق عاجل مع المدعو محمد رمضان، وســرعة اتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه حفاظًا على هيبــة الدولة وهيبة القضاء المصري واحترام سيادة القانون.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom