Al-Quds Al-Arabi

قرية «الرميمين» في الأردن: جمالها الساحر يأسر الناظرين

- )الأناضول(

■ البلقــاء - من ليث الجنيــدي: على بعد 15 كيلو مترا إلى الشــمال الشرقي من مدينة السلط، مركز محافظة البلقاء الأردنية )وســط( تقع قرية الرميمــن، مــكان الباحثين عن جمــال الطبيعة الخلابة، التي تزينها الخضرة الدائمة لأشجارها الحرجية، ومتعة لا تنقطع، يضفيها صوت مياهها العذبة من شلالاتها وينابيعها، دائمة الجريان.

مــا إن يدخل زائرها المــكان، حتى يجد حفاوة استقبال وترحيب من أهلها وساكنيها من المسلمين والمسيحيين، الذين يعيشون على مساحة صغيرة لا تتجاوز الـ6 كيلو مترات، فالألفة والمودة عنوان العلاقة بينهم، ولا مكان للتمييز.

شــالات «الرميمــن» معلم القريــة الأبرز، لا يحتاج من يقصده إلى دليل، جمال منظرها يأسر الناظرين، ويخلق في نفســه حالة من الطمأنينة والارتياح، والاستمتاع بلوحة فنية طبيعية، أبدع الخالق رسم تفاصيلها.

على ضفافها تتربع بقايا مطحنة الدقيق، التي تعــود للعهد العثماني، تم إنشــاؤها لاســتغلال جريــان الماء في عمليــة توليــد الطاقة وتحقيق كفايتهم مــن منتجاتهم المحلية، بل تعدى ذلك إلى المناطــق المحيطة بالرميمين، ما يــدل على الإبداع وحســن التدبيــر والتفكير في عملية اســتغلال الموارد المتاحة لديهم.

وذكــرت «الرميمــن» فــي ســجلات الدولة العثمانية في النصف الأول من القرن الســادس عشــر، وتحتوي على العديد من البيوت التراثية القديمة.

اختلفــت الروايات في ســبب تســمية القرية الأردنية بهذا الاسم، إلا أن البعض يؤكد أنه عائد إلى أشــجار الرمان التي تشــتهر بها بســاتينها المنتشــرة على مجاري المياه فيها، وتتميز بمذاقها الجميل.

التســعيني «ســلطي الصايغ» من كبار رجال القريــة ويعد بمثابــة مختار للمســيحيي­ن، وهو موســوعة تاريخية لحجم المعلومات الهائلة التي يعرفها عن المنطقة.

منزل الصايــغ يحتوي على العديد من الأواني التراثيــة التي اشــتهر بها الأردنيــو­ن منذ قديم الزمــان، مثل «محماســة القهــوة » ومنقل الفحم ودلال القهوة النحاســية، وقلما تجدها في بيوت بعض الأردنيين من الجيل الحديث.

مرتديا الزي الأردني القديم من شــورة )غطاء الرأس( ودشداش )ثوب( وقمباز )جاكيت يلبس فوق الثوب( تحدث الصايــغ بمنتهى الإلمام بأدق التفاصيل والتطورات التي شهدتها الرميمين.

وقال: «كانت المنطقة تحتــوي على 6 طواحين للقمح، ثم تطــور الوضع وجــاءت البوابير، ثم جاءت معاصر الزيتون الحجرية.»

وأضاف «هــذه البلــد أطعمت خبــزا بحجم محافظة البلقاء )في إشــارة لكرم أهــل القرية( الكلمــة المليحــة )الطيبة( كانــت دائما موجودة عندنا، ونطعم المارة بالشوارع».

وتابــع: «أبــرز ما يميــز الرميمين بســاتينها ورمانها ومشمشــها وخضارها )...( ما في تفرقة بيننا المســيحيي­ن والمســلمي­ن، الكنيســة بجانب المسجد».

رئيس المجلس المحلي للقرية، لطفي الخرابشة، أوضــح أن «الرميمين تتميز بجمالهــا وطبيعتها الخلابــة وأشــجارها وينابيعهــ­ا وخضرواتها، وخاصة منطقة الشلالات».

واعتبر أن منطقة الشــالات «تفتقر للخدمات، وعلى وزارة الســياحة أن توفر لها تلك النواقص من بنية تحتية ومنتجعات سياحية».

ولفت إلــى أن «الســياح يأتون إليهــا من كل مناطق العالم، ولكن عندمــا لا يجدون الخدمات وإهمال المنطقة فإنهم لا يعودون».

خالد الخشــمان، رئيس بلدية السلط الكبرى، والتي تتبع لها منطقة الرميمين، أشــار في حديثه للأناضول أنــه «منذ فترة تزيد على 6 ســنوات، بــدأت البلدية الاهتمــام المطلق بالســياحة، من خلال إطلاق مجموعة من المشــاريع الســياحية، وبدأت بتســجيل المدينة )الســلط( علــى قائمة التــراث العالمــي ...()». وزاد «في الســلط هناك ســياحة تراثية، وقد ركزنا على السياحة الدينية في المناطق المحيطة بالمدينة، ثم السياحة البيئية واهتمت البلدية منطقة زي وجلعاد والرميمين».

وأردف «كمــا اهتمت البلدية بتحســن البنى التحتيــة اللازمة للســياحة من فتــح الطرقات والتوســعة، ثم بــدأت بإيجاد مناطــق خضراء وخاصة بمنطقة الرميمين».

ومضى الخشــمان قائلا «عملنا على تحســن الواقع البيئي وتوســعة الخدمات فيها، وحاولنا وصل الطرق الرئيســية بالطرق الفرعية؛ وصولا إلى شلالات الرميمين».

وأوضــح أن «الرميمــن هي وجهة ســياحة متميزة، وتشــكل مثــالا على التآخي الإســامي المسيحي».

وتحتــوي محافظــة البلقاء علــى العديد من المواقع السياحة والأثرية التي يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم، ومن أبرزها صرح الشهداء الأتراك، الذي يرقد فيه رفات 300 جندي عثماني، قضوا في الحرب العالميــة الأولى )1918– )1914 دفاعاً عن بلادهم في مواجهة الإنكليز.

 ??  ?? رجل القرية الصايغ في منزله
رجل القرية الصايغ في منزله
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom