Al-Quds Al-Arabi

تونس تستعد لمفاوضات صعبة مع «صندوق النقد الدولي»

-

■ تونس - الأناضول: تســتعد تونس، اعتباراً من منتصف أبريل/نيســان الجاري، للدخــول فــي مفاوضات مع «صندوق النقــد الدولي» للحصول علــى قرض جديد، في وقت يتوقع خبراء محليون أن تكون المفاوضات «صعبة وغير مضمونة النتائج».

وفي أبريــل/ نيســان 2016، وافق مجلس الصنــدوق على تســهيل إئتماني )قرض مشروط( لتونس بقيمة 2.8 مليار دولار لمدة 4 سنوات، لكنها لم تتلق إلا 1.6 مليار دولار، بســبب عجز الحكومــة على تنفيــذ مجموعة من الإصلاحــا­ت الهيكلية التي اشــترطها الصندوق مقابل حصولها على كامل التسههيل.

وبالنســبة للــدول النامية، عادة مــا يفرض الصندوق شــروطا ضمــن «إصلاحات اقتصاديــة ومالية ونقديــة»، لقاء إفراجه عن قروض تطلبها تلــك الدول، ويريد صرف شرائح القرض، بناء على ما يتحقق فعلا من إصلاحات.

ويقول محمد الصادق جبنون، الاستشــار­ي في الاســتثما­ر والمتحدث باســم حزب «قلب تونس»، أن «هنــاك صعوبة مرتقبة في التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الذي يطلب التزاما صارما ودقيقا من جميع الأطراف».

وأوضــح أن التفــاوض الآن لا يجــري فقــط مــع الحكومة التونســية، بــل أيضا مع المنظمــات الوطنية «اتحاد الشــغل» وهو أكبــر نقابة عمالية، و»منظمــة الأعراف» وهي اتحاد أصحاب الأعمال ، و»اتحاد الفلاحين»، وأيضا مع رئاسة الجمهورية.

وأشــار إلــى أن «صنــدوق النقــد يطلــب توفير المنــاخ السياســي لتحســن الوضع الاقتصــاد­ي، كما يطلب التســريع في عمليــة التلقيح ضد كورونا الــذي أصبح عنصراً اقتصادياً إلى جانب العنصر الصحي».

ولأن اقتصاد تونس يمر في ظروف ســيئة، رأى الخبيــر أن «المفاوضات المقبلة التي ستجرى يوم 15 أبريل، ستكون الأصعب، وهي غير مضمونة النتائج».

وفــي 26 فبراير/شــباط الماضــي، دعا الصندوق الســلطات التونســية إلى ضرورة خفض فاتورة الأجور )البالغة 17.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي( والحد من دعم الطاقة، وإعطاء أولوية الإنفاق لقطاعات الصحة والاستثمار والحماية الاجتماعية.

وانكمش الاقتصاد التونســي بنســبة 8.8 العام الماضي، ويتوقع صندوق النقد نموا إيجابيا بنسبة 3.1 في المئة فقط العام الحالي.

وأكد جبنون أن «تونس مطالبة بتقديم حزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية، فيها خريطة طريق واضحة نحو الاســتقرا­ر السياســي وتعديل الوضع الاجتماعي وتجاوز الأزمة الاقتصادية».

وفي حال فشــلت المفاوضات مع الصندوق «فإن البلاد ستكون في وضعية مشابهة للوضعية اللبنانية»، حســب قول الخبير، الذي أضاف «هناك إشــكالية في تمويل عجز الميزانية الذي وصل إلى 7.3 في المئة من الناتج المحلي، وأيضا الانعكاســ­ات الاجتماعية الصعبــة التي نراهــا الآن نتيجة فيروس كورونا.. مع كل هذه الإشــكالي­ات، ليس هناك بوادر لانفراجها».

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي محســن حسن أن المفاوضات مع «صندوق النقد الدولي» ستكون بشروط صعبة حسب آخر بيان أصدره الصندوق.

ويشــير إلى أن المشــكلة تتمثل بأن الصنــدوق «فقد الثقة» في الحكومات التونســية المتعاقبــ­ة، والتــي «لــم تنفــذ تعهداتهــا التــي التزمــت بهــا بخصــوص الإصلاحــا­ت الاقتصاديـ­ـة». وشــدد على أن «المفاوضات ســتكون صعبة جــداً نظراً لغيــاب الوفاق السياسي والتوافق حول حزمة الإصلاحات».

وتوقع حســن أن يعطي الصنــدوق تونس «فرصة أخرى»، مشــيرا إلى أن الحكومة الحاليــة «تقوم بمجهود كبير من خلال العمل على برنامج إنقاذ اقتصادي شــبه جاهز وعلى مستوى رؤيتها للإصلاحات».

وتابــع «لــو أغلق صندوق النقــد الدولي باب إقــراض تونس، فإن بقية المؤسســات العالميــة ســتأخذ نفــس الاتجاه، وخــروج تونــس للســوق العالمية لغــرض الاقتراض ســيصبح شــبه مســتحيل». ولفت إلى أن «التهديد بالإفلاس، حقيقــي، لأن التصنيف السيادي لتونس سيتراجع وتصنيف موديز سينزل إلى مستوى «سي» لتصبح تونس بلد عالي المخاطر وغير قادرة على سداد ديونها»

وأوضــح حســن أن «المقصود ليــس الإفلاس الداخلــي، بل عدم القدرة على تســديد خدمة الدَين الخارجي والمقدر بـ 16 مليار دينار )5.7 مليار دولار) «.

الدولار يساي 2.8 دينار تونسي(.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom