Al-Quds Al-Arabi

سوريا: تنظيم «الدولة الإسلامية» يهدد مصالح الغاز الروسية شرقي سلمية

توسع السيطرة الروسية على حقول النفط والغاز والفوسفات يفتح شهية خلايا تنظيم «الدولة» للانتقام من روسيا التي تسببت بهزيمته بشكل رئيسي في عام 2017 في البادية السورية.

- منهل باريش

عززت قوات النظام السوري وحلفاؤها مواقعها على الطرق الحيوية التي تربط شمال وشـرق البلاد بالعاصمة دمشق. وسحب النظام عـدد كبيرا من القطعات العسكرية المتمركزة على جبهات منطقة «خفض التصعيد» في إدلــب، وتوجهت لـتـأمـن الخــواصــ­ر الــرخــوة عـلـى طريق سلمية-خناصر وطريق دمشق-دير الزور.

ويعاني الطريقان من هجمات تنظيم «الدولة الإسلامية» المتكررة، حيث شهد الطريق الأول عـددا متكررا من الهجمات على قوافل النفط الخام التي تنقلها شركة القاطرجي. ويعتبر مقطع الطريق بين أثريا والشيخ هلال أكثر المناطق المستهدفة بين سلمية وخناصر. في حين، تعتبر منطقة الشولا في ريف دير الـزور الجنوبي أشد المناطق خطورة بالنسبة لقوات النظام المتحركة بين دير الزور ودمشق. فقد شهدت عشرات الهجمات، قتل خلالها عناصر التنظيم المئات من جنود النظام وعناصر الميليشيات الإيرانية.

وشـهـدت ناحية عقيربات فـي منطقة سلمية فـي ريـف حماة الشرقي هجوما لتنظيم «الدولة» صباح الأربعاء، قتل خلاله عــددا من المدنيين والعسكريين، ونصب عناصر التنظيم حواجز طيارة، بعد تسللهم إلى المنطقة، وقاموا بإيقاف العابرين على الــدراجــ­ات النارية، وإعـدامـهـ­م. وهــذا ما أكدته وسائل إعلام النظام، بدون الإشارة إلى هوية القتلى أو المختطفين. وقد تحققت «القدس العربي» من مقتل شخص واحد فقط.

ونشرت شبكة أخبار بري المحلية شريطا مصورا لأحـد المدنيين الناجين، ووصف المتحدث الذي أصيب وتعرض لإطلاق نار، ان عناصر من تنظيم «الدولة» قاموا بتصفية المدنيين الذين يقومون بجمع فطر الكمأة التي تشتهر بها منطقة البادية في فصل الربيع. وأشــارت الشبكة إلى أن التنظيم اعتقل 60 مدنيا من أهالي ريف بلدة السعن.

وبعد ساعات على بث الشريط، أكدت مصادر محلية لصحيفة «القدس العربي» إطلاق سراح 54 مدنيا من العمال الموسميين الذين يقومون بجني فطر الكمأة، واستمرار اعتقال ستة أشخاص فقط من ميليشيات الدفاع الوطني في سلمية. وما زال مصيرهم مجهولا حتى الآن.

في السياق، شكك عدد من أهالي سلمية في أن يكون تنظيم «الدولة» خلف العملية واتــهــم أشــخــاص على مـوقـع التواصل الاجتماعي فيسبوك الميليشيات الإيرانية في المنطقة انها خلف ما حصل، في حين اعتبر آخــرون أن ما يحصل هو جـزء من التنافس على المنطقة داخــل ميليشيات النظام نفسها. ونوه البعض إلى أن «إطلاق سراح العشرات يعني ان داعش غير متورطة ولــو كانت الفاعلة لمـا تركت أحــدا على قيد الحياة.» مذكرين بالهجوم على قرية المبعوجة القريبة، والتي ارتكبها تنظيم «الدولة» بحق المدنيين والمقاتلين المنتسبين إلى الدفاع الوطني في القرية، وقتل التنظيم نساء وأطفالا. ويتزامن ما حصل في رسم الدويزين مع الذكرى السنوية السادسة لمجـزرة المبعوجة )31 آذار/مـــارس 2015) والتي قتل فيها 46 بينهم طفل دون سن الثالثة من العمر وستة من ميليشيا الدفاع الوطني. وهو ما أعاد الريبة والخوف إلى نفوس أهل سلمية لشعورهم أنهم سيبقون ورقـــة مـسـاومـة فــي الــصــراع الــســوري، يستقوي النظام بأعدائه من التنظيمات المتطرفة من أجل إبقاء اسماعيليي سوريا في بيت طاعته.

وجاءت حادثة ناحية عقيربات بعد أيام قليلة على إعلان النظام إرساله تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، إذ رصـدت «القدس العربي» مطلع الشهر إرســال عـدة أرتـال لتعزيز نقاط البادية السورية في ريف حماة الشرقي والرقة الجنوبي، وسحب قوات النظام قوات من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والفيلق الخامس من ريف حماة الشمالي ومـن نقاط متأخرة على طريق حلب-دمشقالدولي/ .ويهدفالنظا­م وحلفاؤه إلى تأمين الطريقين الوحيدين الذين يربطان شرق سوريا بوسط البلاد.

ويترافق تحرك تنظيم «الدولة» باتجاه بادية سلمية بعد شهر من سيطرة الفيلق الخامس الذي يقوده العميد سهيل الحسن المـدعـوم من روسيا على الحقل الغازي، والذي كان ينتج نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز. وهو يتألف من خمسة حقول، فازت شركة هيسكو بأربعة، وهي الشركة التي يملكها رجل الأعمال السوري المصنف على

لوائح العقوبات، جورج حسواني، الحامل للجنسية الروسية. وقامت قــوات النمر )العميد الحسن( بطرد ميليشيا فاطميون الأفغانية بعد تمركزها في الحقل منذ عام .2017

عـزا الكثير من أبناء منطقة سلمية ما حصل في رسم الدويزين إلى أنه رد فعلي إيراني على السلوك الروسي في السيطرة على حقول النفط والغاز في عموم سوريا وفـــي حــقــول مثلث تـقـاطـع المحـافـظـ­ات )حماة-الرقة-حمص(. لكن أيا من الناجين وأقربائهم لم يرجح تلك الفرضية واعتبروا أن تنظيم «الدولة» هو من قام باعتقالهم والاحتفاظ بعناصر الميليشيات فقط أو قتلهم وتــرك الآخـريـن، والـافـت إن صح ذلك، هو تراجع في طريقة تعاطي التنظيم مع أبناء سلمية الاسماعيلي­ين. ورجح عدد من أبناء المنطقة في اتصالات مع «القدس العربي» ان عناصر التنظيم هم من أبناء المنطقة ولا يريدون تكرار حادثة المبعوجة عام 2015.

وكـان عناصر التنظيم هاجموا مزرعة الروضة بالقرب من قرية طهماز في ريف عقيربات الشرقي، الصيف الماضي وقتلوا ثلاثة عناصر من ميليشيا محلية، تتبع للدفاع الوطني، يتزعمها طلال المدري، وجيه عشيرة الفنير وهـي إحــدى أفخاذ قبيلة الموالي. واتهم أهالي المنطقة النظام بانه «سحب حواجزه في المنطقة وفتح الباب لداعش للهجوم على المزرعة».

هـنـاك الكثير مـن الآراء والـتـأويـ­ات والاجتهادا­ت ومردها إلى تداخل المنطقة من الناحية المذهبية، فسلمية ما زالت تعتبر ثقل الطائفة الإسماعيلي­ة في سوريا، ومع ذلك فإن البدو أو العشائر العربية تنتشر في ريفها الشرقي والشمالي والجنوبي، كما تضم المنطقة عددا من القرى والبلدات العلوية، أهمها صبورة وهي معقل ميليشيا أسـسـهـا نــائــب مــديــر إدارة المخــابــ­رات الجوية، اللواء أديــب سلامة، وتتبع لها

باقي الميليشيات المحلية. وتتهم الميليشيا صراحة من قبل أبناء منطقة سلمية انها تسببت بمجزرة المبعوجة بعد ان سحبت حاجزها من شرق المنطقة لتسهيل حركة التنظيم وشن هجوم كبير يخلط الأوراق في المنطقة ويبعد الاتهامات عن الميليشيات بعمليات الخطف والسرقة التي تقوم بها ضد المدنيين.

الثابت الوحيد، في كل ذلـك، أن مثلث تلاقي المحافظات، الممتد من أثريا في الرقة شمالا، إلى السعن غربا في محافظة حماة، وصولا إلى بلدة السخنة، أضحى بالفعل مركز نشاط وتـواجـد لتنظيم «الـدولـة» الإسلامية. وتقدر المساحة بنحو ثلاثة كيلو مترات مربعة، يعتبر حقل توينان الغازي على أطرافها الجنوبية، ويحتفظ الحقل بطريق باتجاه تدمر، فيما يعتبر الطريق من الحقل إلى سلمية في غاية الخطورة بسبب حركة التنظيم هناك وخلو المنطقة من أي حاضرة سكانية مسافة 50 كم.

ويعتبر مثلث نشاط التنظيم المذكور أهم منطقة حقول غازية في محافظة حمص، فإضافة إلى حقل توينان، توجد إلى الغرب منه محطة الغاز الحامضي، ومعمل غاز شمال المنطقة الوسطى، وهي مناطق نشاط خلايا تنظيم «الـدولـة الإسـامـيـ­ة». ومع توسع السيطرة الروسية على حقول النفط والغاز، والفوسفات سابقا، فان التواجد الروسي أصبح أكثر عرضة لهجوم التنظيم بشكل تلقائي.ويفتح التواجد الروسي شهية خلايا التنظيم للانتقام من روسيا التي تسببت بهزيمته بشكل رئيسي في عام 2017 في البادية السورية.

أخيرا، يترتب على الــروس نشر مزيد مـن الـقـوات فـي المثلث المـذكـور، مـن أجل البدء باستثمار الغاز والنفط السوري، كما انها بحاجة إلى تأمين الطريقين الحيويين الواصلين إلى الرقة ودير الزور، وكل ذلك يحتاج إلى موارد بشرية كبيرة تمتلكها إيران وحدها ويفقدها النظام بالتأكيد.

 ??  ?? قوات روسية في سوريا
قوات روسية في سوريا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom