Al-Quds Al-Arabi

هل حسمت مواجهات ربع نهائي دوري أبطال أوروبا من جولة الذهاب؟

- لندن - «القدس العربي»: عادل منصور

أوفـت مواجهات ذهـاب الـدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، بكل الــوعــود، بــوصــول الإثـــارة والتشويق إلــى مـراحـل تحذير المــشــاه­ــدة لأصـــحـــ­اب الـقـلـوب الضعيفة، والـعـكـس بالنسبة لعشاق المستديرة المجنونة ومن يبحثون عن أجــود وأرقــى فنون الـلـعـبـة، بـالاسـتـم­ـتـاع بمـعـارك الثمانية الكبار الطامعين في أمجد وأعـــرق كــؤوس الـقـارة العجوز، وهو ما حدث منتصف الأسبوع الماضي، بسهرات فاقت توقعات الجميع، وأخرى حُسمت بالخبرة والفوارق الفردية كما توقع أغلب النقاد والمتابعين.

نبدأ بتسليط الضوء على أم المــعــار­ك، التي جمعت الكبيرين ريال مدريد وليفربول على ملعب «ألفريدو دي ستيفانو»، وانتهت بنفس سيناريو ونتيجة نهائي كييف ،2018 بانتصار النادي الميرينغي بثلاثية مقابل هدف، في مباراة صُنفت واعتبرت على أنها كانت «من طرف واحد»، للطريقة التي تفوق بها زين الدين زيدان على نظيره الألماني يورغن كلوب، رغم أنهم هناك في الجزء الأحمر لمدينة نهر الميرسيساي­د، كانوا ينتظرون الكثير من أفضل مدرب في العالم في آخر عامين وكتيبته، على الأقل، لرد اعتبار هذا الجيل من اللاعبين والثأر لهزيمة النهائي، لكن مـا حــدث على أرض الملعب كان صادما بالنسبة لهم، بعودة النسخة الباهتة، التي قادت الفريق إلى الهاوية، أو بالمصطلح الكروي «قـاع الحضيض»، بعد الوصول إلـــى قــمــة الــنــجــ­اح والمجــــد في الموسمين الماضيين، ويمكن القول، إن هـذه المــرة بـالـذات، لن يهضم جمهور ليفربول شماعة تأثر الفريق بالغيابات، وذلك لتشابه الظروف مع المنافس الإسباني، ولو أن الأخير كان مدربه الجزائري الأصـل في موقف لا يُحسد عليه بالمعنى الحرفي، بعد الطعنات التي تعرض لها قبل المباراة، بخسارة

أسـمـاء بحجم القائد سيرخيو راموس بداعي الانتكاسة التي ألمت به أثناء مشاركته في لقاء إسبانيا وكوسوفو في تصفيات أوروبـا المؤهلة لكأس العالم، وتبعه النائب الفرنسي رافاييل فاران بالإصابة بوباء كورونا قبيل ساعات من الذهاب إلى ملعب المباراة، جنبا إلى جنب مع مستشفى المصابين الــتــي تـضـم الــزجــاج­ــي إيـديـن هازارد وداني كاربخال وفيدريكو فالفيردي مـن أصــل 52 إصابة ضربت الأسماء المتاحة في القائمة منذ بداية الموسم.

مع ذلـك لم يرفع زيــزو الراية البيضاء أو يُظهر حتى مؤشرات استسلامه للضغوطات والظروف القهرية، بـل يـبـدع فـي الابتكار والـبـحـث عــن حـلـول مــن خــارج الــصــنــ­دوق، خـصـوصـا فــي ما يخص تنويع إستراتيجية اللعب، تارة بالاعتماد على ثلاثة مدافعين في الدفاع، وتــارة أخـرى بأربعة في الخط الخلفي، بحسب رؤيته لظروف كل مباراة، ما ساعده على ضـرب عصفورين بحجر واحـد، منها تعقيد مهمة خصومه في قــراءة أفـكـاره، ومنها أيضا حل المعادلة الصعبة، بتجهيز اللاعبين عـلـى تطبيق أكـثـر مــن أسـلـوب لعب بنفس التناغم والدقة، على عكس كلوب، الذي ما زال يعيش على أطـال الموسم الماضي، رغم عــدم قـــدرة اللاعبين على تنفيذ أفكاره، والدليل على أنه لم يتعلم مـن أخطائه منذ بـدايـة الموسم، عليك عـزيـزي الـقـارئ مشاهدة أول هــدف استقبله الفريق في اللقاء الافتتاحي للبريميرلي­غ أمام ليدز، حيث جاء بتمريرة بينية في ظهر ألكسندر أرنولد، على إثرها انفرد جاك هاريسون بالحارس أليسون بيكر، وغالطه بتسديدة بالقدم اليمنى سكنت الشباك، تماما كما فعلها العبقري توني كــروس في لحظة ضـرب الدفاع الأحمر بالتمريرة التي سجل منها فينيسيوس جونيور الهدف الأول.

بالطبع مـا حــدث فـي أمسية الثلاثاء لم يكن صدفة، خاصة عندما نعرف أن زيدان تتلمذ على يد فيلسوف الأساطير مارسيلو بييلسا، بقضاء فترة معايشة مع العجوز الأرجنتيني في تجربته مع

مارسيليا، ليثقل مهاراته التدريبية بـخـبـرات بييلسا المتراكمة في عالم التدريب قبل شهور قليلة من توليه مهمة الفريق الأول للريال في ولايته الأولــى، وهـذا يوضح لنا كيف استفاد التلميذ من أفكار أســتــاذه، الـــذي كــان سباقا في كشف ثـغـرات حامل اللقب في ضـربـة بــدايــة المــوســم، بإعطاء دروس مجانية للمدربين في كيفية تحويل ضغط ليفربول المتقدم إلـى نقطة ضعف يمكن استغلها بفتح شـــوارع خلف الظهيرين، خصوصا من ناحية الظهير الأيمن الإنكليزي ترينت ألكسندر أرنولد، الـذي يبصم على واحـد من أسوأ مواسمه، بشرط التسلح بمايسترو يملك من الجودة ما يكفي لإرسال الكرة بالمليمتر، فما بالك عندما يتوافر لزيدان ثنائي بوزن كروس ومودريتش؟ تكون النتيجة التحكم والهيمنة التي فرضها ريال مدريد على ضيفه الإنكليزي، الذي لم يجد سوى فرصة واحدة لتهديد مرمى تيبو كـورتـوا، ومـن حُسن الحظ استغلها محمد صلاح، بتسجيل هــدف الإبــقــا­ء على آمـــال فريقه

في إياب «آنفيلد» مساء الأربعاء المقبل.

درس تكتيكي

يُحسب لزيدان نجاحه في خلط أوراق كلوب، بالاعتماد على الرسم التكتيكي ‪3--3، 4‬مع ضغط متقدم لحرمان المنافس من رفاهية التمرير والبناء بأريحية، على عكس ما كان متوقعا، بأنه سيبدأ بثلاثة في الدفاع للتعامل مع سرعات ثلاثي هجوم ليفربول، مع تركيز على الهجمات المعاكسة، واكتمل مخطط المـدرب الفرنسي، بالحالة الفنية والبدنية المتواضعة التي كان عليها أكثر من لاعب في صفوف الريدز، أبـرزهـم نابي كيتا، الــذي حضر إلى الملعب بجسده، أو ربما تأثر بحديث مدربه واعتقد أنها مجرد مباراة ودية بسبب صغر مساحة الملعب، لكن هذا لا يمنع حقيقة، أن الشوط الأول كشف فارق الخبرة والجــــود­ة الـشـاسـع بينه وبـن كروس أو مودريتش، وهذا وضح في استيعابه المتأخر في عملية الضغط من الأمام، ومثله البرتغالي ديـيـغـو جــوتــا، بضعف واضــح في أداء مهامه في إستراتيجية المـــدرب بالضغط المستمر على حامل الـكـرة مـن المنافس بداية مـن خطوطه الدفاعية. ومــا زاد الطين بلة، أن مشاركة الإسباني تياغو ألكانتارا على حساب كيتا، لم تعط أي إضافة ملموسة، هذا بخلاف سهولة اختراق الدفاع في ظل المستوى الكارثي الذي وصل إليه أرنـولـد، مع تراجع مستوى روبرتسون وعــدم تمـرس كاباك وفيليبس على هكذا مواعيد، وأمام منافس يحظى بعلاقة خاصة مع هذه البطولة على وجه التحديد، لما يملكه من كاريزما وهيبة محيرة للعقول في ليالي ذات الأذنين.

هـــذا تقريبا مــا رســـم ملامح ونتيجة مباراة الذهاب، كما تفاخر زيـدان في حديثه مع الصحافيين بعد المباراة قائلا: «المباراة أظهرت شخصية ريـال مدريد وحضوره فـي دوري الأبــطــا­ل،» تأكيدا أن الأسـمـاء والغيابات لا تعني أي شيء بالنسبة للميرينغي عندما يتعلق الأمر بموقعة حياة أو موت في بطولته المفضلة، ولو أن هذا لا يمنع حقيقة، أن الانتصار طُبخ على يد محاربين، كان ينبغي عليهم تقديم أفضل ما لديهم على مدار 90 دقيقة، وفعلوا ذلك، ربما بدقة فاقت خيال زيـزو، والحديث عن

الجوكر ناتشو، الـذي تفانى في التضحية لتقمص دور سيرخيو راموس، ونفس الأمر فعله ميليتاو بعد استدعائه بــدلا مـن فــاران، وكذلك فيرلاند ميندي، هو الآخر قــدم مـبـاراة كبيرة أمــام صـاح، ونجح في عزله عن ماني وجوتا، باستثناء لحظة الارتــبــ­اك التي سجل منها الفرعون هدف حفظ ماء وجه الريدز، أما العلامة الفارقة، فــكــان الــبــراز­يــلــي فينيسيوس جونيور، الذي افتتح رصيده في قلوب المشجعين، بعرض سينمائي وثنائية قد تحوله إلى «غالاكتيكو» حقيقي في المستقبل القريب، وكل ما سبق، يعكس شخصية المدرب وقدرته على تحضير لاعبيه لمثل هذه المباريات، من دون أن يترك بصمته، بإعطاء زعماء التدريب فــي أوروبـــــ­ا، دروســــا لا تمحى من الـذاكـرة، والـسـؤال الآن: هل استوعب كلوب الدرس؟ أم سيكرر نفس الأخــطــا­ء الـسـاذجـة التي تسببت في هزيمته مرتين بنفس النتيجة أمام الأصلع الماكر؟ هذا ما سنعرفه مساء الأربعاء، ولو أنه بالنظر إلى ما قدمه كلا الفريقين في المباراة الأولـى، سيكون ليفربول وكلوب بحاجة إلى عصا سحرية، لإحداث معجزة تحاكي ريمونتادا برشلونة في العام 2019.

خطيئة فليك

في اليوم التالي للقمة الإسبانية الإنكليزية، توجهت الأنظار نحو قلعة «آليانز آريـنـا»، للاستمتاع بالنهائي المكرر الآخر بين صاحب الأرض بـايـرن ميونيخ وضيفه

ووصيفه فـي النسخة الأخيرة باريس سان جيرمان، في مباراة بـدأت بالشكل المتوقع والمنتظر، في ظل معاناة المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو مع لعنة الإصـــابـ­ــات، الــتــي حـرمـتـه من رباعي خط الدفاع الأساسي، ما أجـبـره على الـدفـع بعبدو ديالو وكيمبيمبي وكولن داغبا وميتشل باكر بعد إصابة ماركينيوس عقب توقيعه على هدف التقدم الثاني، فضلا عن صداع غياب المايسترو فـيـراتـي وشـريـكـه على الـدائـرة باريديس، وكانت النتيجة، تعرض الفريق الباريسي لما يمكن وصفه بالحصار فـي الـدقـائـق الأولــى، حتى بعد هز شباك مانويل نوير بهدف كيليان مبابي الأول، لكن ما خدم مصالح البوش وساعده على استغلال ثغرات ونقاط ضعف بطل السداسية، ما فعله المدرب هانزي فليك، باختياراته العجيبة في تشكيلته الأساسية، كما فعل بالدفع بلوكاس هيرنانديز في مركز الظهير الأيسر، تاركا سولي كمحور دفاع ثان بجوار دافيد ألابا وعلى اليمين بافارد، فضلا عن عدم توفيقه بإشراك ليون غوريتسكا منذ البداية. ولعلنا لاحظنا الفارق الكبير في أداء البايرن بعد تدخل فليك فـي نهاية الـشـوط الأول، بإشراك ألفونسو ديفيز وجيروم بـواتـيـنـ­غ عـلـى حــســاب سولي وغوريتسكا، ولولا تعملق الحارس الـكـوسـتـ­اريـكـي كـيـلـور نـافـاس بتصدياته الرائعة، لأخذت المباراة منحنى آخر بعودة المباراة إلى نقطة الصفر، بتعادل البايرن بعد أن كان متأخرا بهدفين نظيفين في أول 28 دقيقة، ورغم الضغط الهائل الذي تعرض له باريس سان جيرمان، إلا أن بوتشيتينو، لم يلعب مباراة دفـاعـيـة بحتة، لكن كما يُقال «أجاد استخدام أدواته المتاحة»، بالإصرار على إزعاج دفاع البايرن، بموجات هجومية مستمرة، واحدة منها أوقفها نوير بأعجوبة قبل هدف مبابي القاتل، معتمدا على حلول نيمار جونيور وأنخيل دي ماريا الإبداعية، لوضع مبابي في موقف يسمح له بممارسة هوايته المفضلة داخــل مربع العمليات، إلى جانب ذلك، تعامل بوتشيتينو بشكل جيد مع التفاصيل البسيطة ومعركة الركض، مثل تغيير مويس كين بـدي مـاريـا، لمساعدة داغبا فـي وقــت الــغــارا­ت الـقـادمـة من ناحية ألونسو، وفي نفس الوقت، لاستغلال طاقته ومجهوده في النواحي الهجومية، وتقريبا هذه جُـل العوامل التي يحتاجها أي فريق لتخطي البايرن، التوفيق وتألق حارس واستغلال أنصاف الفرص وبـذل مجهود مضاعف، وهذا كان واضحا على وجه مبابي وحركته فـي المشي بعد إطـاق صافرة النهاية، لكن هذا لا يعني أن المهمة قد حُسمت، حيث سيتعين على الفريق الباريسي تقديم ملحمة أكثر شراسة في «حديقة الأمراء»، لانــتــزا­ع بطاقة الـتـرشـح للدور نصف النهائي، من المنافس الذي عادة من يفوز عليه يتوج بالبطولة، كما حدث مع 9 أبطال في آخر 20 نسخة، والأهم من ذلك، سيحتاج تفادي الأخطاء التي تسببت في هدفي حامل اللقب، أبرزها مشاكل المراقبة في الكرات الثابتة وفي العرضيات عموما، وإلا لن تكون مفاجأة بعودة الطوفان البافاري بهدفين في عاصمة الضوء، حتى في غياب قوته الضاربة روبرت ليفاندوسكي. العالم الموازي

فـي العالم المـــوازي للنهائيين المكررين، سارت الأمور كما يُخطط لـهـا ممثلو الـبـريمـي­ـرلـيـغ، بفوز مانشستر سيتي على بوروسيا دورتمـونـد بهدفين مقابل هدف، في مباراة تبدو ظاهريا أنها كانت معقدة على السكاي بلوز، لتأخر هدف الفوز حتى اللحظات الأخيرة من عمر الوقت الأصلي، لكن في حقيقة الأمــر، كـان من الممكن أن تنتهي بمهرجان أهداف، بعد تألق الثلاثي ريـاض محرز وكيفن دي بروين وفل فودن، ونجاحهم في خلق ما لا يقل عن 5 فرص محققة بنسبة 100٪، في المقابل أضاع الفريق الألماني فرصة واحــدة لا تـعـوض، والمـدهـش أنها ضاعت بأقدام هالاند في انفراد صريح مع الحارس إيدرسون، فقط عانى السيتي مــن صـــداع الـتـوتـر في بعض الأوقـــات، خوفا من تكرار سيناريو ليون والفصول الباردة التي أطاحت بالفريق من البطولة أمـــام منافسين أقــل منه جـودة وخــبــرة، لكن بـوجـه عـــام، يمكن القول إن متصدر البريميرلي­غ قد حسم بطاقة التأهل للدور نصف النهائي بشكل عملي، إلا إذا ظهر البوروسيا بـصـورة مغايرة في إيــاب «سيغنال أيـدونـا بــارك»، خاصة بعد وضوح فارق الجودة والخبرة بين الفريقين في أول 90 دقيقة، تماما كما وضحت بين تشلسي وبـورتـو في مباراتهما معا التي جرت في اشبيلية مساء الأربعاء، وانتهت بثنائية مايسون ماونت وبن تشيلويل، بسيناريو شبه كربوني لسيناريو قهر أتلتيكو مدريد في «واندا ميتروبوليت­انو» في ذهـاب ثمن النهائي، لتقارب الأفكار بين كونسيساو ودييغو سيميوني، خاصة في النواحي الدفاعية واللعب على الهجمات المعاكسة، ليضع الفريق اللندني قـدمـا فــي نـصـف الـنـهـائـ­ي قبل مـوقـعـة «ســتــامــ­فــورد بــريــدج»، كأفضل رد على حملة السخرية التي تعرض لها توماس توخيل والفريق بعد السقوط المهين أمام صـاحـب المـركـز قبل الأخـيـر في جـدول ترتيب أندية البريميرلي­غ وست بروميتش ألبيون، والذي وصل قوامه إلى خماسية مقابل اثنين في قلب «ستامفورد بريدج»، فهل يُـسـدل الستار على الــدور ربع النهائي بتأهل الفائزين في جولة الذهاب كما حدث في ثمن النهائي؟ أم سنكون على موعد مع أول ريمونتادا في مراحل خروج المغلوب؟

 ??  ?? بنزيما والريال تفوقا على صلاح وليفربول
بنزيما والريال تفوقا على صلاح وليفربول
 ??  ?? مبابي ونيمار تألقا لسان جيرمان أمام البطل البايرن
مبابي ونيمار تألقا لسان جيرمان أمام البطل البايرن
 ??  ?? تشيلويل يطير فرحا بتسجيل الهدف الثاني لتشلسي
تشيلويل يطير فرحا بتسجيل الهدف الثاني لتشلسي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom