Al-Quds Al-Arabi

السيسي خلال لقاء لافروف: عدم حل قضية سدّ النهضة سيؤثر سلباً على أمن واستقرار المنطقة

مصر تعول على علاقات روسيا بإثيوبيا للمساعدة على التوصل لاتفاق

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

جدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تأكيده أمس الإثنين، أن « عدم حل قضية ســد النهضة من شــأنه أن يؤثر بالســلب على أمن واســتقرار المنطقة بالكامل» وذلك خلال استقباله وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف.

وحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، فقد استقبل السيســي لافروف بحضور سامح شكري وزير الخارجيــة، وميخائيل بوغدانوف، نائــب وزير الخارجية الروسي.

وأكد الرئيس المصري، وفــق البيان «الحرص على تعزيز علاقــات الشــراكة الممتدة مع روســيا الاتحاديــ­ة في إطار التطور المســتمر الذي تشــهده تلك العلاقــات، والذي تكلل بإبرام اتفاقية الشــراكة الاســترات­يجية الشاملة وتصديق البرلمــان المصري عليها مؤخــراً، والتي تفتــح آفاقاً جديدة رحبة للتعــاون الثنائي بين البلدين الصديقين في العديد من المجالات والمشروعات المشــتركة، بالإضافة إلى تلك الجاري تنفيذها، خاصة مشروع إنشــاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورســعيد، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية».

«الارتقاء بالتعاون»

أما لافــروف فقد أبــدى «حرص روســيا علــى الارتقاء بالتعاون المثمر والوثيــق القائم بين البلدين الصديقين على مختلــف الأصعدة، فضلاً عــن الأهمية التي توليها روســيا لاستمرار التنسيق والتشاور مع مصر بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وتقديرهم لدور مصر بقيادة السيســي كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا» تبعاً للبيان الرسمي.

وأضاف المتحدث أن اللقاء «شــهد التباحث حول عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقــا­ت الثنائية بين البلدين، ومنها التعاون على الصعيدين العســكري والأمنــي، بما فيها آلية التعاون المشــترك فــي مجال الأمن ومكافحــة الإرهاب على مســتوى الأجهزة المعنية، بالإضافة إلى الجهود المشــتركة لاســتئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر والمشاورات الجارية في هــذا الإطار، فضلاً عن مشــروع محطة الضبعة النوويــة، والإعــداد للــدورة القادمة للجنــة الاقتصادية المشتركة».

كما تمت «مناقشــة تطورات أهم الملفــات الإقليمية، حيث أكد السيسي الموقف الاســترات­يجي الثابت لمصر القائم على اســتعادة الأمن والاستقرار وإرســاء عناصر استدامته في دول المنطقة المتأثــرة بالنزاعات، وإعادة بناء مؤسســاتها الوطنية لفتح آفاق التنمية».

الموقف من ليبيا

وفيما يتعلق بمستجدات القضية الليبية، أشار السيسي إلى «الجهود المصرية القائمة لدعم السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة في ليبيــا في مختلف المحافــل الثنائية والإقليمية والدولية، ودفع كافة مســارات تســوية القضية عســكرياً

وسياسياً واقتصاديا» مشــدداً على ضرورة إخلاء ليبيا من المرتزقة وتقويــض التدخلات الأجنبية غير المشــروعة في الشــأن الليبي التي تســاهم في تأجيج الأزمة، للمســاعدة علــى الوصــول إلــى إجــراء الاســتحقا­ق الانتخابي في ديسمبر)كانون الأول( المقبل».

وطبقاً للبيان فقد «أشــاد وزير الخارجية الروسي بالدور المصري الحيوي لتسوية الأزمة الليبية، والجهود الشخصية للسيســي في هذا الإطار، والتي عززت المسار السياسي لحل القضيــة الليبية، وهو الأمر الذي يرســخ دور مصر كركيزة أساســية للأمن والاســتقر­ار في محيطها الإقليمــي، مؤكداً حرص روســيا على مواصلة التعاون والتنسيق المكثف بين البلدين في هذا الملف الهام».

كما «شــهد اللقاء تبادل الرؤى بشــأن تطــورات الموقف الحالي لقضية سد النهضة، حيث أكد السيسي على استمرار مصر في إيلاء هذا الموضوع أقصى درجات الاهتمام في إطار الحفاظ علــى حقوق مصر التاريخية في ميــاه النيل، وذلك باعتبارها مسألة أمن قومي بالنســبة لمصر، وذلك من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني شــامل وملــزم بين الدول الثلاث بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، وشدد على أن عدم حل هذه السيسي خلال لقاء لافروف أمس القضية من شأنه أن يؤثر بالسلب على أمن واستقرار المنطقة بالكامل».

أما لافروف فقد أكد «موقف بلاده الثابت برفض المســاس بالحقوق المائيــة التاريخيــ­ة لمصر في ميــاه النيل ورفض الإجــراءا­ت الأحادية في هذا الصــدد، معرباً عــن التقدير للجهود الحثيثــة والمخلصة التي تبذلها مصر في هذا الإطار، وتطلــع بلاده إلــى التوصل إلــى حل يحقــق مصالح كافة الأطراف من خلال المفاوضات في أقرب وقت ممكن».

وقبل اجتماعه مع السيسي عقد لافروف مؤتمرا صحافياً مع شــكري حيث أكد الوزير الروســي أن بــاده «اقترحت مســاعدة فنية وتقنية في محادثات ســد النهضة الإثيوبي، لكنها لم تقم بوساطة».

وشــدد على أنه «يجب علــى الاتحاد الأفريقــي أن يحل الأزمة».

وبين أنه «يجــب التوصل لاتفاق بشــأن ســد النهضة، بين كل من مصر والســودان وإثيوبيا يضمن مصالح جميع الأطراف».

أما شــكري فقد أكــد أن «نهر النيل أمر وجــودي لدولتي المصب مصر والســودان» مشــددا على أن بــاده «لن تقبل

بالإجراءات الأحادية» في إشــارة إلى المــلء الثاني لخزان الســد الذي تريد إثيوبيا أن تقوم به في يوليو/ تموز المقبل، دون الالتزام بالتوصل لاتفاق أولا.

وتابع: «نتمسك بضرورة التوصل لاتفاق ملزم بشأن سد النهضة، والمســار الأفريقي للتفاوض متعثر، وروسيا تتفهم أهمية قضية ســد النهضة لمصر وأهميــة الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة» لافتا إلى أن بلاده «تعول على علاقات روســيا بإثيوبيا للمساعدة على التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة».

وزاد: «موســكو لها القدرة على أن تؤكــد لكافة الأطراف علــى ضــرورة التوصل لحــل». وأضاف: «نرى أن المســار الأفريقي للأسف يتعثر نظرا للتعنت الإثيوبي».

الرباعية الدولية

وبشأن إشــراك أطراف دولية في الوساطة المتعلقة بأزمة ســد النهضة، قال إن «المقتــرح الخاص بتفعيــل الرباعية الدولية بشأن سد النهضة من شأنه تنشيط المفاوضات.»

وكان شــكري أكد أن مؤسسات مصر لديها خططً للتعامل مع كافة السيناريوه­ات المحتملة بشأن سد النهضة، موضحا

أن «مصر تتعامل مع الأمــور وفقا لتطورها، وأن البلاد لديها القدرة للتصدي بكل عزيمة».

وتابع، في تصريحات متلفزة أمــس، أن «مراحل التحرك المصري لحل أزمة ســد النهضة تتم وفقا لجدول زمني محدد، وبدأت مع الدول الشــريكة والمنظمات الدولية» مشددا على أنه في «حال حــدوث ضرر على مصر بالانتقاص من حقوقها المائية فإنه يعتبر عملا عدائيا، وأن هناك أسلوبا في القانون الدولي للتصدي له ».

وأوضــح أن «هذا الأســلوب يبدأ من خــال المفاوضات بالإجراءات الدبلوماسي­ة والسياســي­ة، وتدخل أطراف لها تأثير على المشهد، وتنتهي بالإرادة والعزيمة للدولة المتأثرة ذات الحق، حيث تتخذ الإجراء الذي تراه مناسبا».

الخط الأحمر

وأضاف أن «السيســي كان واضحًا بشــأن الخط الأحمر لإثيوبيا إذا شــرعت في عمليــة الملء الثانيــة» موضحًا أن الرئيــس المصــري «كان يتحدث في إطــار الاهتمام بحماية الأمن المائي المصري، فــي حال حدوث الضرر في حصة مصر من المياه».

وتابع : « في حال لم تتعرض حصة مصر من المياه للخطر جراء الملء الثاني، فإنه أمر محمود، لكنه لا يمنع أن تســتمر إثيوبيــا فــي التعنت وتتخذ خطــوات أحاديــة، ولا تمتثل للقوانين الدولية والأعراف بين الدول».

ولفت إلــى أن «مصر متضامنة مع الســودان وتعمل معه ويحاولان أن يتــم الملء الثاني عبر التفــاوض مع إثيوبيا» مؤكدًا أن «التوصل لاتفاق ليــس بالأمر الصعب حيث إن كل طرف يعلم جيدا كيف يحقق مصالحه المائية».

ولفت إلى أنه «إذا ألحق الملء الثاني لســد النهضة ضررا بدولتي المصب فســتتخذ مصر الإجــراءا­ت الكفيلة لحماية أمنهــا القومي والمائي، وأن مصر ترغــب في التوصل لاتفاق ملزم وقانوني بشأن ملء وتشــغيل سد النهضة، قبل عملية الملء الثانية التي تسعى لها إثيوبيا في يوليو/ تموز المقبل».

وتابع: «محادثات كينشاسا لم تســتكمل بسبب التعنت الإثيوبي» مضيفا «يمكن لروسيا التأثير على أديس أبابا لحل الأزمة وتخفيــف حدة التوترات في شــرق لأفريقيا والقرن الأفريقي».

وكانت القاهرة والخرطوم رفضتا عرضا إثيوبيا بمشاركة معلومات حول الملء الثاني لسد النهضة، واعتبرتاه «غطاء» لتمرير قرار التعبئة في يوليو/ تموز المقبل.

وقالت الــوزارة المصرية في بيان: «المقتــرح الإثيوبي لا يعدو كونه محاولة مكشــوفة لاستخلاص إقرار مصري على المرحلة الثانية من الملء حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة».

وأكدت أن مصــر «ترفض أي إجــراءات أحادية تتخذها إثيوبيــا ولن تقبل بالتوصل لتفاهمــات أو صيغ توفر غطاء سياسيا وفنيا للمســاعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب )مصر والسودان)».

وتصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في يوليو/ تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، فيما تتمســك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن اســتمرار تدفق حصتيهما الســنوية مــن مياه نهر النيل، البالغتين 55.5 و18.5 مليار متر مكعب بالترتيب.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom