Al-Quds Al-Arabi

حرب أم تفاوض: خيارات مصر والسودان

-

■ الخرطــوم ـ الأناضول: حــراك محموم لــدول مصر والســودان وإثيوبيا في ســبيل تحقيق مكاســب بملف ســد «النهضــة» الذي يشغل بال الجميع لاعتبارات عدة، وسط تعثر المفاوضات بشأنه.

وتطابقــت رؤى مصــر والســودان مؤخرا بشأن مقترح وســاطة رباعية تضم الاتحادين الأفريقي والأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة، مقابل رأي إثيوبي يؤكد المضي قدما في الملء الثاني للسد ورفض الوساطة الرباعية.

ولم تنجــح المفاوضات بعاصمــة الكونغو الديمقراطي­ة كينشاســا، في تجسير الهوة بين الدول الثــاث، بل على العكــس باعدت بينها وحمّــل كل طــرف منها الآخر مســؤولية تعثر التفاوض.

وأجريت المفاوضات الوزارية برعاية رئيس الكونغــو الديمقراطي­ة فليكس تشيســكيدي، الذي يــرأس أيضــا الدورة الحاليــة للاتحاد الأفريقــي، في أيام 4 و5 و6 من أبريل/نيســان الجاري.

وبــاءت المفاوضات بالفشــل، إذ لم تتمكن البلــدان الثلاثة من التوصل إلــى نقطة اتفاق يمكن الانطلاق منها نحو حل نهائي لملف السد.

وتصــر أديس أبابا على الملء الثاني للســد في يوليو/تمــوز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق،

فيما تتمســك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه نهر النيل، البالغتــن 55.5 و18.5 مليار متر مكعب، حسب الترتيب.

كبير المفاوضين الســوداني­ين بملف الســد، مصطفى حســن الزبير، ذكر السبت، أن بلاده لن تشــارك في مفاوضات عقيمة حول الســد، أثبت الواقع عدم جدواها، دون تغيير منهجية وآلية التفاوض.

وأضاف الزبير، وهو رئيس الجهاز الفني في وزارة الري والموارد المائية: «إذا وافق الاتحاد الأفريقي على تغيير منهجيــة وآلية التفاوض لتكون أكثر فاعلية سنشــارك، وما عدا ذلك لن نشارك».

وأفاد بأن مهمــة «الأطراف الدولية المقترحة من قبل الســودان هي القيام بدور الوســاطة، لضمان الحياد وتوفر الخبرة الفنية والقانونية والعمليــة فــي تســوية النزاعــات الدولية المشابهة، وتنفيذ بنود الاتفاق مستقبلا».

واســتطرد: «لذلك نحن نتمســك الآن بعدم القيام بالمــلء الثانــي قبل الوصــول لاتفاق قانوني ملزم».

ولــوح طرفــا الأزمــة )الســودان ومصر( بخيارات أخرى، عقب فشــل جولة مفاوضات كينشاســا، وتركا البــاب مفتوحــا أمام هذه الخيارات التي ســينتهجان­ها إذا مضت إثيوبيا في مسعاها.

وحســب محللين، فــإن حديث الســودان ومصر عن الخيارات في هذا التوقيت )اقتراب

موعــد الملء الثانــي( يجعل إمكانيــة قيام أي طرف منهما بتنفيذ خطوة يحفظ بها مصلحته واردا، أو أنهما قد بحثا هذه الخيارات، بما فيها الخيار الأصعب )العسكري(.

وفــي 7 أبريل / إبريل الجــاري قال الرئيس المصــري عبد الفتــاح السيســي، إن التعاون والاتفاق )بملف ســد النهضة( أفضل للجميع، داعيا إلى معرفة عواقب المواجهات العسكرية.

ووصف السيســي، في كلمة بثها التلفزيون الرســمي، الإثيوبيين بـ«الأشقاء» قائلا إنه «لا يجب الوصــول لمرحلة أنك تمــس نقطة مياه من مصر» مشــيرا إلى انفتاح القاهرة على كل الخيــارات. وفي اليــوم ذاته قــال وزير الري الســوداني ياســر عباس، في مؤتمر صحافي في الخرطــوم إن «كل الخيارات مفتوحة» أمام بــاده للتعامل مع أزمة الســد، ومــن ضمنها اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي.

وقال المحلل السياسي الســوداني عبد الله رزق، إن مــا يلفت الانتباه، هو التقارب الوثيق بين السودان ومصر في هذه المرحلة من النزاع المتطــاول حول الســد، والذي تجســد بنحو خاص في المناورات الجوية المشتركة.

وأضــاف أن «ذلك يشــي باحتمــال دخول السودان بجانب مصر، حربا افتراضية وشيكة ضد إثيوبيا، كتعبير عن وحدة الرؤية والموقف والمصلحة، وهو جديد الخرطوم أيضا، في هذه المرحلة المتقدمة من النزاع.»

وأردف: «فشــل مفاوضــات الكونغــو )الديمقراطي­ة( يعني ضمن أمور أخرى، فشــل محــاولات الضغط علــى الجانــب الإثيوبي، الموصوف بالتعنت، بخصوص تقديم تنازلات .»

وتابع: «قد يعزى هذا الفشل لتوازن القوى العسكرية بين طرفي النزاع )مصر والسودان( مــن ناحيــة، وإثيوبيــا التي قبلــت التحدي وأعلنت اســتعداده­ا لأســوأ الاحتمالات، من الناحية الأخرى .»

وأوضح أن «هذا التطور في الموقف التكتيكي يحتم على الأطراف العودة للتفاوض بحســن نية، مجــددا، بعيدا عن لغــة التهديد وقعقعة السلاح».

 ??  ?? قيادات عسكرية سوادنية ومصرية خلال فعاليات تدريب مشترك بين البلدين
قيادات عسكرية سوادنية ومصرية خلال فعاليات تدريب مشترك بين البلدين

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom