Al-Quds Al-Arabi

قبائل سورية تعيد إحياء عرف عشائري قديم للحد من الفوضى والنزاعات

- أنطاكيا - «القدس العربي»:

دفعت الفوضى الأمنية التي تسود المحافظات الشرقية السورية، الناجمة عن طبيعــة النزاعات العشــائري­ة والوجود الهش لقوات وأجهزة «قســد» الشــرطية والأمنية، دفعت بعشــائر وقبائل من المنطقة إلى توقيع «مضبطة» )عرف عشائري قديم( لحل الخلافات والتجاوزات التي تحصل في المنطقة.

ووقعت على المضبطة 18 عشيرة سورية وممثلون عن عشائر كردية وعن ايزيديين وســريان وآشــور، من أبرزها: «الجبور، البكارة، طي، الشرابين، العكيدات، المشــاهدة، الدليــم، المعامــرة، الولدة، النعيم، حــرب، عدوان، الخواتنة، شمر، العبيد، والطفيحيين .»

وحول هذا العُرف )المضبطة( العشــائري، أوضح المتحدث الرسمي باسم «مجلس القبائل والعشائر السورية» أن هذا العرف يعود تاريخياً إلى مرحلة ما قبل الإسلام، في المنطقة العربية، بحيث تنظم «المضبطة» العلاقات وتحدد طريقة فض النزاعات بين العشــائر العربية. وأوضح لـ«القدس العربي» أنه

مــع ضعف الدولة تتولى العشــائر تطبيق القانون، قائــاً: «مع غياب القوة المركزية، يزداد العبء على شــيوخ وقضاة العشــائر لفرض الأمن، وبسبب الفوضى التي تسود شرقي سوريا، أعادت العشائر تفعيل «المضبطة «وتسجل المحافظات الشرقية الســورية، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطي­ة )قسد( والنظام، زيادة في حوادث الشــجار والاقتتال بين العائلات، نتيجة الخلافات الفردية وتجدد ثأر قديم.

وقبل أيام، أودى شــجار نشــب بين عائلتين في ريف الحســكة الشمالي بحياة ثمانية أشخاص، بينهم امرأة، وذلك بسبب خلاف على دخول حصان إلى أرض زراعية. وحســب مصادر محلية، نشــب شجار مســلح بين عائلة «حســو» وعائلة «الحلّاب» وهما من عشيرة الراشد الطائية، التي تتوزع في مناطق متفرقة، بينها قرية الدلاوية، أدى إلى مقتل ثمانية أشــخاص، مما دفع بشيخ عشيرة «شمر» الشيخ حميدي دهام الجربا، إلى التدخل لفرض الصلح على العائلتين.

وفي أواخر آذار/مارس الماضي، قُتل شــخص وأصيــب 3 آخرون، نتيجة اقتتال بين عائلات من عشــيرة الكســار فــي قرية الطكيحــي التابعة لبلدة الشحيل الخاضعة لسيطرة «قسد» في ريف دير الزور الشرقي، بسبب مشادة كلامية. وفي شــباط/ فبراير الماضي، اندلعت اشتباكات مسلحة في بلدة تل براك في ريف الحســكة، بين مسلحين من عائلة الخرنوب من جهة، ومسلحين مــن عائلة العطيات من حهــة أخرى، حيث بدأ الأمر بمشــادة كلامية وتطور لاســتخدام السلام بين الطرفين، الأمر الذي أدى لسقوط جرحى بين الطرفين، وقبلها شــهدت بلدة صور في ريف دير الزور، اقتتالاً عشائرياً أيضاً، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين.

وأشار رئيس حزب «السلام الديمقراطي» الذي يُعد من الأحزاب المؤسسة لـــ «الإدارة الذاتيــة» طلال محمد لـ«القــدس العربي» إلــى وجود قوانين تضبط حمل السلاح في مناطق سيطرة «قسد» مشيراً إلى أن مناطق سيطرة الأخيرة تعد من أقل المناطق التي تسجل فوضى أمنية. في المقابل، قال الكاتب والسياسي الســوري، مهند الكاطع، من الحســكة، إن من الواضح أن هناك زيادة وتيرة الاقتتال العائلي والعشائري في مناطق سيطرة «قسد» والنظام.

وأضاف لـ«القدس العربي» أنه في معظم الحوادث تنأى «قســد» بنفسها عن التدخل أو تهدئة الوضع، خاصة عندما يكون القتال بين عشــائر عربية فيما بينها أو عوائل كردية فيما بينها، على الرغم من امتلاكها لجهاز شــرطة مدنية )الأســايش( إضافة إلى دوريات وميليشــيا­ت عســكرية منتشرة في جميع مناطق ســيطرتها. ووصف رئيس «الهيئة السياســية في محافظة الحسكة» محمود الماضي، مناطق ســيطرة «قســد» بأنها «مناطق فلتان أمني» لا تغيب عنها حوادث الشــجار بين العائلات، وعمليات الخطف والســلب والســطو المسلح. وأشــار لـ«القدس العربي» إلى قيام العشائر قبل أيام بالتوقيع على مضبطة لحل الخلافات، معتبراً أن اللجوء إلى مثل هذه التقاليد العشــائري­ة القديمة يؤكد غياب كل أشكال السلطة الحديثة التي تدعي «قسد» امتلاكها.

وقال الصحافي الكردي، شيرزان علو، إن المسؤولية القانونية تحتم على كل طرف سوري مسيطر، أن يكون مســؤولاً عن أي خلل يمس السلم الأهلي في مناطق سيطرته، وعليه تقع مسؤولية حماية المدنيين والحفاظ على السلم الأهلي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom